إذا قلت: [خالد صَحَفِيّ]، فقد نسبته إلى الصحيفة. والنحاة يقولون: [صَحَفِيّ] منسوب، و[الصحيفة] منسوب إليه.
ويلحق آخرَ المنسوب ياءٌ مشدّدة، مكسورٌ ما قبلها،كما رأيت في كلمة [صحفِيّ].
قاعدة كلّيّة لا تتخلّف:
تُحذف تاء التأنيث في النسب، قولاً واحداً، فيقال في نحو: [فاطمة وطلحة]: [فاطميّ وطلحيّ]. قال ابن يعيش: [إذا نسبت إلى اسم في آخره تاء التأنيث حذفتها، لا يجوز غير ذلك].
الأحكام:
1- إذا نسبت إلى اسم مختوم بألف ممدودة:
فإن كانت الهمزة زائدة للتأنيث، قُلبتْ واواً(1). ففي نحو: [حمراء وبيضاء وزرقاء] تقول: [حمراويّ وبيضاويّ وزرقاويّ]. وفيما عدا ذلك، تَبقى الهمزة همزةً، على حالها. ففي: [كساء ورداء وحرباء] تقول: [كِسائيّ ورِدائيّ وحِربائيّ](2)
ويدخل في هذا نحو: [سقاية - بناية - غاية] ففي النسب إليها يقال: [سقائيّ - بنائيّ - غائيّ](3).
2- إذا نسبت إلى اسم مختوم بألف:
¨ فإن كانت ثالثة، قُلِبت واواً مهما يكن أصلها. ففي نحو: [عصا وفتى] تنسب فتقول: [عَصَوِيّ وفَتَوِيّ].
¨ وإن كانت رابعة فصاعداً، حُذِفت. ففي النسبة إلى: [ملْهى وحُبلْى وبَرَدى وجَمَزَى (سير سريع) ومصطفى وجمادى ومستشفى...]، تَحْذف الألف فتقول: [مَلْهِيّ وحُبْلِيّ(4) وبَرَدِيّ وجَمَزِيّ ومُصْطَفِيّ وجُمادِيّ ومستشفِيّ...].
3- إذا نسبت إلى ما ينتهي بياء:
¨ فإن كانت ياؤه ثالثة، نحو: [الشَّجِيْ](5)، و[العَمِيْ] قُلِبت واواً، فيقال: [شَجَوِيّ وعَمَوِيّ].
¨ وإن كانت رابعة فصاعداً، حُذِفت. ففي النسبة إلى: [القاضي والمعتدي والمستعلي والزاوية]، تقول: [القاضِيّ(6) والمعتدِيّ والمستعلِيّ والزاويّ].
4- إذا كان الاسم مما يُحذف أوّله أو آخره: فأَعِد المحذوف ثم انسب.
ففي نحو: [عِدَة - صفة - زِنَة - شِيَة - دِيَة]، تعيد المحذوف ثم تنسب فتقول: [وَعْدِيّ - وَصْفِيّ - وَزْنِيّ - وَشْيِيّ - وَدْيِيّ].
وفي نحو: [ابن(7)، وبنت أيضاً - أخ، وأخت أيضاً - أب - سنة - مئة - لغة - يد - دم - شفة...] تعيد المحذوف، ثم تنسب فتقول: [بنويّ - أخويّ - أبويّ - سنويّ - مئويّ - لغويّ - يدويّ - دمويّ - شفويّ، وشفهيّ أيضاً].
5- في حالة النسب إلى اسم ثلاثي مكسور ثانيه، نحو: [إبِل ونمِر...]: يُترك اللفظ على حاله، فيقال: [إبلِيّ ونَمِرِيّ]. أو يفتح الثاني فيقال: [إبَلِيّ ونَمَرِيّ].
6- وفي حالة النسب إلى اسم قبل آخره ياءٌ مشدّدة مكسورة، نحو: [هيِّن - ليِّن - ميِّت...]، يُترَك اللفظ على حاله فيقال: [هَيِّنِيّ - لَيِّنِيّ - مَيِّتِيّ...]. أو يُخفف التشديد فيقال: [هَيْنِيّ - لَيْنِيّ - مَيْتِيّ...].
7- النسبة إلى المختوم بياء مشددة:
¨ إن كان قبل الياء المشددة حرف واحد، نحو: [طيّ وحيّ] رددت الياء إلى أصلها، ونسبت فقلت: [طَوَوِيّ وحَيَوِيّ](.
¨ فإن كان قبل الياء المشددة حرفان، جعلت الحرف الثالث واواً ثم تنسب، ففي نحو:[عَلِيّ ونَبيّ وعَدِيّ وقُصَيّ] تقول: [عَلَويّ ونَبَويّ وعَدَويّ وقُصَويّ](9).
¨ وإن كان قبل الياء المشددة ثلاثة أحرف فصاعداً، نحو: [الكرسيّ والشافعيّ] تركت اللفظ على حاله. فالنسبة إلى الكرسيّ: كرسيّ، والنسبة إلى الشافعيّ: شافعيّ. ومن سياق الكلام يتبين المراد.
8- النسبة إلى المثنى والجمع:
إذا نسبت إلى المثنى والجمع، فانسب إلى مفردهما. فكتابان وزَيدان ومعلِّمون وأقلام وزينبات، تَنسب إليها فتقول: [كتابيّ وزّيديّ ومعلّميّ وقلميّ وزَينبيّ...].
أما ما يُنقَل من المثنى والجمع فيُجعَل اسم علَم، ومن ذلك مثلاً: [زَيدان وحَسَنان وعابِدون وخَلدون]، فأسهل ما تفعله عند النسبة إليه، أن تبقيه على لفظه، فتقول: [زَيدانيّ وحسَنانيّ وعابِدُونيّ وخَلْدونيّ...].
قاعدة ذات خطر:
كان بين الأئمة اختلاف في جواز النسبة إلى جمع التكسير، فمنهم مانع ومُجيز، حتى كان عصرنا هذا، فحَسَمَ ذلك مجمعُ اللغة العربية بالقاهرة، فأجاز النسبة إلى جمع التكسير، إذ قال: [ويرى المجمع أن يُنْسَب إلى لفظ الجمع عند الحاجة...]. وعلى ذلك، يجوز لك أن تقول في النسبة إلى البساتين والدُوَل والحقوق والأنصار: [بساتينيّ ودُوَلِيّ وحقوقيّ وأنصاريّ...]. وذلك إذا أردت تجنُّبَ اللبس، وبيانَ أنك إنما تريد النسبة إلى الجمع، لا إلى المفرد(10).
أخيراً، إذا دعت الحاجة إلى النسبة إلى جمع المؤنث السالم، وكان الثاني ساكناً وألف الجمع رابعة، جاز حذف تاء الجمع وقلب الألف واواً، نحو:
بيضة - بيضات - بيضويّ،
وحدة - وحدات - وحدويّ،
ثورة - ثورات - ثورويّ
9- إذا نسبت إلى العلم المركّب، فانسب إلى أي طرفيه يكون أوضح لمرادك، ففي نحو: [عبد المطلب وابن عباس وأبي بكر وأم كلثوم...] تنسب إلى الطرف الثاني فتقول: [مطَّلبيّ وعباسيّ وبكريّ وكلثوميّ...] لأنك لو نسبت إلى [عبد وابن وأب وأمّ] لما تبين قصدك.
فإن كان العلم مركّباً تركيباً مزجيّاً، نحو: بعلبكّ وحضرموت... جاز لك أن تبقيه على حاله، فتقول: [بعلبكّيّ وحضرموتيّ...].
10- النسبة إلى ذي الحرفين:
من استقصاءات كتب الصناعة، بحثُها في النسبة إلى الكلمات ذوات الحرفين، وقولها: النسبة إلى [لَوْ: لَوِّيّ] و[لا: لائيّ] و[كم: كَمِّيّ (بالتشديد) وكَمِيّ (بالتخفيف)].
11- النسبة إلى الأوزان الأربعة: [فَعِيل وفَعِيلة] و[فُعَيْل وفُعَيْلَة]:
يصحّ لك إذا نسبت إلى هذه الأوزان الأربعة، أن تُبْقِي لفظها على حاله(11). ودونك نماذج من ذلك:
الوزن
المثال
المثال بعد النسبة
فَعِيل
عَقِيل - جميل - أمير - كريم
عَقِيليّ - جميليّ- أميريّ-كريميّ
فُعَيْل
عُقَيل - نُمَير- أُوَيس- كُلَيب
عُقَيليّ- نُمَيريّ- أُوَيسيّ- كُلَيبيّ
فَعِيلَة
طبيعة - بديهة - سليقة - جليلة
طبيعيّ - بديهيّ - سليقيّ - جليليّ
فُعَيْلة
رُدَيْنَة - نُوَيْرَة - أُمَيْمَة - حُمَيْمَة
رُدَيْنِيّ - نُوَيْرِيّ - أُمَيْمِيّ - حُمَيْمِيّ
ويلحق بهذه الأوزان الأربعة - من ناحية جواز إبقاء اللفظ على حاله عند النسب - وزنان هما: [فَعُول وفَعُولَة]، ففي النسبة إلى: [سَلول وحَلوب وحَمولة]، تقول: [سَلُولِيّ وحَلُوبيّ وحَمُوليّ...].
* * *
نماذج من النسب، ما بين قياسيّ وغير قياسيّ
تنبيه على قاعدة كليّة: [لا نسبة إلا بعد حذف التاء] (اِحذفْ ثم انسبْ)
1- الداعِيْ: النسبةإليه: [الداعِيّ]. وذلك أن الاسم المنتهي بياء تُحذَف ياؤه إذا كانت رابعة. وقد حُذِفت هنا؛ والياء المشدّدة التي تراها في آخره، إنما هي ياء النسب.
هذا؛ على أن من الجائز أيضاً قلب يائه واواً. وبناءً على هذا الجواز يصحّ أن يقال: [الداعَوِيّ]. وقس عليه القاضي والساعي والرامي... إذ تقول في النسبة إليها: [القاضَوِيّ - الساعَوِيّ - الرامَوِيّ]، كما تقول أيضاً: [القاضِيّ - الساعِيّ - الرامِيّ].
2- بَدَوِيّ: نسبةٌ غير قياسية إلى: [البادية]، إذ القياس: بادِيّ أو بادَوِيّ، كما رأيت آنفاً. يقول ابن يعيش في عدم قياسيتها: [كأنهم بنَوا من لفظه اسماً على (فَعَلٍ) حملوه على ضده وهو: الحَضَر]. وقال الرضيّ: [القياس إسكان العين لكونه منسوباً إلى البَدْو].
3- المستَمْلِيْ: اسم فاعل من الفعل: [استملَى - يستملِي]، والنسبة إليه [مستملِيّ]، وذلك بناءً على أن الاسم المنتهي بياء تُحذف ياؤه، إذا كانت رابعة فصاعداً، وقد جاءت هنا سادسة، فحُذفت. وأما الياء المشددة في آخره فهي ياء النسب.
4- السماء: النسبة إليها [سمائيّ]، وهي نسبة قياسية. وذلك أن الاسم الممدود، إذا كانت همزته منقلبة عن أصل - وهذا متحقق في كلمة سماء - إذ أصل همزتها الواو، لأنها من [سما - يسمو]، بقيت همزةً على حالها.
هذا؛ على أن من الجائز أيضاً قلبَ همزته واواً. وبناءً على هذا الجواز يصح أن يقال: [سماوِيّ]. وقس عليه نحو: [كساء - رداء - قضاء]... إذ يقال في النسبة إليها: [كسائيّ - ردائيّ - قضائيّ] ويجوز أن يقال أيضاً: [كساويّ - رداويّ - قضاويّ].
5- النساء: جمع، واحدُه [نِسوة]. ولقد كانت كتب النحو من قبلُ، تُوجِب أن تكون النسبة إلى المفرد، وتمنع النسب إلى الجمع، وبناءً على هذا،كانوا يقولون إن النسبة إلى [النساء] هي [نِسْوِيّ]، لأن المفرد نِسوَة.
وكان المساكين من أبناء الأمة يرون في ذلك صعوبة، فينسبون إلى الجمع - على السليقة - فيقولون: [نسائيّ]، فيهدَّدون بهُوْلةٍ بَصْرِيّة، تأبى إلا أن النسبة إلى الجمع غلط!! فإذا تيمم المساكين ما يظنونه صواباً،لم يقولوا [نِسْوِيّ]، بل قالوا: [نَسَوِيّ]!! فيقهقه رافعو الهُوْلة ويخزى الدراويش الخائفون!!
ولقد (فكّها الله)، إذ أصدر مجمع اللغة العربية بالقاهرة قراراً يُجيز النسبة إلى جمع التكسير، وعلى ذلك يصحّ أن تقول: [نِسْوِيّ] ناسباً إلى المفرد، و[نسائيّ]، ناسباً إلى الجمع.
6- الشتاء: أجاز العلماء أن يقال في النسبة إلى الشتاء: [شَتَوِيّ وشَتْوِيّ]، فكلاهما جائزٌ صحيح. وقد نصّ الجوهريّ في الصحاح على ذلك فقال: [وجمع الشتاء أَشْتِيَة، والنسبة إليها: شَتْوِيٌّ وشَتَوِيٌّ].
7- غَنيّ: النسبة إليه: غنَويّ، وهي نسبة قياسية. وذلك أن الياء المشددة إذا سبقها حرفان، فُكّ تشديد الياء، وحُذفت الياء الأولى وقُلبت الياء الثانية واواً. ومثله: نبيّ - عليّ - قصيّ فإن النسبة إليها: نبويّ - علويّ - قصويّ... وأوجز من هذا أن يقال: نجعل الحرف الثالث واواً ثم ننسب.
8- طائِيّ: نسبة غير قياسية إلى [طَيِّئ]، إذ القياس عندهم [طَيْئِيّ]. قال سيبويه: [لا أظنهم قالوا: طائيّ إلا فراراً من طيْئِيّ]. وقال ابن يعيش: [جعلوا مكان الياء ألفاً تخفيفاً].
9- شَفَهِيّ وشَفَوِيّ أيضاً: نسبة إلى [شَفَة]، وإنما جاز فيها وجهان، لاعتقاد أن الأصل هو: شفهة، فالنسبة إليه إذاً [شَفَهِيّ]، أو أنه: شَفَوَة، فالنسبة إليه إذاً [شَفَوِيّ]. وبين الرأيين جاز الوجهان.
10- الوَحدة: النسبة إليها [وَحْدِيّ]، ولكن أبناء الأمة جميعاً جَرَوا على أن يقولوا: [وَحْدَوِيّ]، حتى استقر هذا الاستعمال في الأذهان، ودار على الألسنة دون سواه.
والذي يُلاحَظ في نسبتهم هذه، أنهم يَجلبون قبل ياء النسب، واواً من الفراغ. وهذا غير وارد في النسب!! فالعربي حين ينسب مثلاً إلى [حمراء] فيقول: [حمراويّ]، إنما يقلب الهمزة واواً، ولا يأتي بالواو من الفراغ. وكذلك الأمر إذ يَنْسب إلى [القاضي] فيقول: [قاضويّ]، فإن هذه الواو، قد كانت في الأصل ياءً، ثم قُلِبت واواً، وهكذا...
وقد يقول قائل: إن [وحدويّ] نسبةٌ إلى [وحدات]، والنسبة إلى [وحدات] هو: [وحدويّ]. وذلك أن مما يُجيزون في الجمع، أن تُحذَف التاء فقط، وتُقلب الألف واواً. ومنه قولهم: [ثورويّ] في النسبة إلى [ثورات].
وفي الجواب يقال: هذا يصح في تخريج [ثورويّ]، لأن الثورات تتعدد، ولكنه لا يصح في تخريج [وحدوي]، ذاك أن الأمة لا تسعى إلى وحدات!! وإنما تسعى إلى وحدة واحدة!! فإذا لم يُنْظَر إلى هذا، جاز أن يقال: [وحدوي].
11- سقاية: النسبة إليها [سقائيّ]؛ ويقول سيبويه في تعليل ذلك ونحوه: [لأنك حذفت الهاء (أي: التاء المربوطة) ولم تكن الياء لتثبت بعد الألف (أي: لا يقال: سقاي) فأبدلت الهمزة مكانها](12).
وقس على هذا ما ينتهي بياء قبلها ألف زائدة، نحو: [بداية - دعاية - غاية - نهاية - وقاية...]، فإن النسبة إليها: [بدائيّ - دعائيّ - غائيّ - نهائيّ - وقائيّ...].
12- التربية: النسبة إليها [تربويّ]، وهي نسبة قياسية. وذلك أنها اسمٌ ثانيه ساكن ورابعه ياء. وما كان كذلك، أجازوا حذف يائه ثم النسب، أي [تربيّ] كما أجازوا قلب يائه واواً. فيقال مثلاً في النسبة إلى: راعية - قاضية - رامية - تصفية - تعبية - تنمية: [راعيّ - قاضيّ...] كما يقال: [راعويّ - قاضويّ - رامويّ - تصفويّ - تعبويّ - تنمويّ...].
13- الأعمى: النسبة إليه [أَعْمَوِيّ]، وهي نسبة قياسية. وذلك أنه اسم مختوم بألف، ثانيه ساكن وألفه رابعة. وما كان كذلك يجوز في النسبة إليه أن تَحذف ألفَه، فتقول: أعمِيّ، وأن تقلبها واواً، فتقول: أعْمَوِيّ، وأعماويّ أيضاً.
14- ذو القلب العَمِي (أي: الجاهل): النسبة إلى [العَمِي] هي [عَمَوِيّ]. وهي نسبة قياسية. وذاك أنه اسم ثلاثي منتهٍ بياء، وما كان كذلك فمنهاج النسبة إليه قلبُ حرفه الأخير واواً، مهما يكن أصل هذا الحرف الأخير. وعلى ذلك تنسب إلى [الشَّجِيْ] فتقول: [شَجَوِيّ]، وهذا أصل حرفه الأخير واو، إذ هو من الشجو، على حين نسبتَ إلى العَمِيْ فقلت: عَمَويّ، وهذا أصل حرفه الأخير ياء.
15- الشِّيَة: العلامة، وهي الوشي، ولكن حذفت واوها. والنسبة إليها [وشْيِيّ]. وهي النسبة التي اختارها الأخفش، مخالفاً بذلك ما ذهب إليه سيبويه من أن النسبة إليها [وِشَوِيّ].
وإذ قد كان قول كليهما حجة، فقد أخذنا في كتابنا برأي الأخفش، لسهولة ما يذهب إليه، إذ هو الأصل في اللفظ.
ومثل ذلك أن تنسب إلى [الدِّيَة] فتقول: [ودْيِيّ]، إذ الأصل [الودْي].
16- عشواء: صفة مؤنثة. والنسبة القياسية إليها: [عشواويّ]. إذ كل اسم ينتهي بألف ممدودة للتأنيث، تقلب همزته واواً عند النسب؛ من ذلك: حمراء - زرقاء - بيضاء، فإن النسبة إليها: [حمراويّ - زرقاويّ - بيضاويّ...]. غير أن المستقر في أذهان الناس، والدائر على ألسنتهم، هو: [عشوائيّ]، خلافاً للقياس.
وأظن ذلك هو السبب في أنْ نظر مجمع اللغة العربية بالقاهرة في صحة استعمال [عشوائيّ]؛ وقد أقرّ ذلك، لما فيه من الخفة، إذا قيس إلى ما في لفظ عشواويّ من الثقل، ثم لأن مِن العرب مَن كان يُثبت الهمزة في نحو هذا فيقول مثلاً: حمرائيّ كما يثبتها في التثنية فيقول: حمراءان.
17- رئيس ورئيسيّ: تناول أستاذ لغويّ مسألة النسبة إلى كلمة [رئيس]، منذ نحو ثلاثين عاماً، فعاب استعمالَها. قال: [قل: هو الأمر الرئيس بين الأمور، وهي القضية الرئيسة بين القضايا. ولا تقل: الأمر الرئيسيّ والقضية الرئيسية].
ولقد بحث مجمع اللغة العربية بالقاهرة في المسألة، ثم أصدر قراراً ينص على صحة استعمال كلمة [رئيسيّ] في النسب، وبيّن الفرق بين أن يوصَف الأمر بأنه [رئيس]، وبين أن يوصَف بأنه [رئيسيّ]، وأن هذا غير ذاك. وعلى ذلك، يكون كلاهما صحيحاً تبعاً لموضعه من العبارة، ومحله منها.
18- نورانيّ: نسبة إلى [النور]، على غير قياس، إذ القياس: [نُورِيّ]. وقدسُمِعتْ زيادةُ الألف والنون في كلمات بعينها، منها: صيدلانيّ - طبرانيّ - فوقانيّ - تحتانيّ - وحدانيّ - ربّانيّ- صمدانيّ - بَرّانيّ... وللأئمة آراء مختلفة في هذه الزيادة. فالرازي يقول إن النون تبدل من الهمزة، في نحو: [صنعاء - صنعانيّ]، وابن منظور يقول: [والنون من زيادات النسب... وليس من قديم الكلام وفصيحه]، وابن الأثير يقول في النهاية: [وزيادة الألف والنون للتأكيد]. ويرى سيبويه هذه الزيادة للتخصيص، قال [وشعراني ولحياني ورقباني إذا خُصّ بكثرة الشعر وطول اللحية وغلظ الرقبة].
ومهما يدُر الأمر، فإن زيادة الألف والنون للنسبة، ليست قياسية. فيُحفظ ما جاء من ذلك ويستعمل، ولكن لا يقاس عليه.
* * *
ويلحق آخرَ المنسوب ياءٌ مشدّدة، مكسورٌ ما قبلها،كما رأيت في كلمة [صحفِيّ].
قاعدة كلّيّة لا تتخلّف:
تُحذف تاء التأنيث في النسب، قولاً واحداً، فيقال في نحو: [فاطمة وطلحة]: [فاطميّ وطلحيّ]. قال ابن يعيش: [إذا نسبت إلى اسم في آخره تاء التأنيث حذفتها، لا يجوز غير ذلك].
الأحكام:
1- إذا نسبت إلى اسم مختوم بألف ممدودة:
فإن كانت الهمزة زائدة للتأنيث، قُلبتْ واواً(1). ففي نحو: [حمراء وبيضاء وزرقاء] تقول: [حمراويّ وبيضاويّ وزرقاويّ]. وفيما عدا ذلك، تَبقى الهمزة همزةً، على حالها. ففي: [كساء ورداء وحرباء] تقول: [كِسائيّ ورِدائيّ وحِربائيّ](2)
ويدخل في هذا نحو: [سقاية - بناية - غاية] ففي النسب إليها يقال: [سقائيّ - بنائيّ - غائيّ](3).
2- إذا نسبت إلى اسم مختوم بألف:
¨ فإن كانت ثالثة، قُلِبت واواً مهما يكن أصلها. ففي نحو: [عصا وفتى] تنسب فتقول: [عَصَوِيّ وفَتَوِيّ].
¨ وإن كانت رابعة فصاعداً، حُذِفت. ففي النسبة إلى: [ملْهى وحُبلْى وبَرَدى وجَمَزَى (سير سريع) ومصطفى وجمادى ومستشفى...]، تَحْذف الألف فتقول: [مَلْهِيّ وحُبْلِيّ(4) وبَرَدِيّ وجَمَزِيّ ومُصْطَفِيّ وجُمادِيّ ومستشفِيّ...].
3- إذا نسبت إلى ما ينتهي بياء:
¨ فإن كانت ياؤه ثالثة، نحو: [الشَّجِيْ](5)، و[العَمِيْ] قُلِبت واواً، فيقال: [شَجَوِيّ وعَمَوِيّ].
¨ وإن كانت رابعة فصاعداً، حُذِفت. ففي النسبة إلى: [القاضي والمعتدي والمستعلي والزاوية]، تقول: [القاضِيّ(6) والمعتدِيّ والمستعلِيّ والزاويّ].
4- إذا كان الاسم مما يُحذف أوّله أو آخره: فأَعِد المحذوف ثم انسب.
ففي نحو: [عِدَة - صفة - زِنَة - شِيَة - دِيَة]، تعيد المحذوف ثم تنسب فتقول: [وَعْدِيّ - وَصْفِيّ - وَزْنِيّ - وَشْيِيّ - وَدْيِيّ].
وفي نحو: [ابن(7)، وبنت أيضاً - أخ، وأخت أيضاً - أب - سنة - مئة - لغة - يد - دم - شفة...] تعيد المحذوف، ثم تنسب فتقول: [بنويّ - أخويّ - أبويّ - سنويّ - مئويّ - لغويّ - يدويّ - دمويّ - شفويّ، وشفهيّ أيضاً].
5- في حالة النسب إلى اسم ثلاثي مكسور ثانيه، نحو: [إبِل ونمِر...]: يُترك اللفظ على حاله، فيقال: [إبلِيّ ونَمِرِيّ]. أو يفتح الثاني فيقال: [إبَلِيّ ونَمَرِيّ].
6- وفي حالة النسب إلى اسم قبل آخره ياءٌ مشدّدة مكسورة، نحو: [هيِّن - ليِّن - ميِّت...]، يُترَك اللفظ على حاله فيقال: [هَيِّنِيّ - لَيِّنِيّ - مَيِّتِيّ...]. أو يُخفف التشديد فيقال: [هَيْنِيّ - لَيْنِيّ - مَيْتِيّ...].
7- النسبة إلى المختوم بياء مشددة:
¨ إن كان قبل الياء المشددة حرف واحد، نحو: [طيّ وحيّ] رددت الياء إلى أصلها، ونسبت فقلت: [طَوَوِيّ وحَيَوِيّ](.
¨ فإن كان قبل الياء المشددة حرفان، جعلت الحرف الثالث واواً ثم تنسب، ففي نحو:[عَلِيّ ونَبيّ وعَدِيّ وقُصَيّ] تقول: [عَلَويّ ونَبَويّ وعَدَويّ وقُصَويّ](9).
¨ وإن كان قبل الياء المشددة ثلاثة أحرف فصاعداً، نحو: [الكرسيّ والشافعيّ] تركت اللفظ على حاله. فالنسبة إلى الكرسيّ: كرسيّ، والنسبة إلى الشافعيّ: شافعيّ. ومن سياق الكلام يتبين المراد.
8- النسبة إلى المثنى والجمع:
إذا نسبت إلى المثنى والجمع، فانسب إلى مفردهما. فكتابان وزَيدان ومعلِّمون وأقلام وزينبات، تَنسب إليها فتقول: [كتابيّ وزّيديّ ومعلّميّ وقلميّ وزَينبيّ...].
أما ما يُنقَل من المثنى والجمع فيُجعَل اسم علَم، ومن ذلك مثلاً: [زَيدان وحَسَنان وعابِدون وخَلدون]، فأسهل ما تفعله عند النسبة إليه، أن تبقيه على لفظه، فتقول: [زَيدانيّ وحسَنانيّ وعابِدُونيّ وخَلْدونيّ...].
قاعدة ذات خطر:
كان بين الأئمة اختلاف في جواز النسبة إلى جمع التكسير، فمنهم مانع ومُجيز، حتى كان عصرنا هذا، فحَسَمَ ذلك مجمعُ اللغة العربية بالقاهرة، فأجاز النسبة إلى جمع التكسير، إذ قال: [ويرى المجمع أن يُنْسَب إلى لفظ الجمع عند الحاجة...]. وعلى ذلك، يجوز لك أن تقول في النسبة إلى البساتين والدُوَل والحقوق والأنصار: [بساتينيّ ودُوَلِيّ وحقوقيّ وأنصاريّ...]. وذلك إذا أردت تجنُّبَ اللبس، وبيانَ أنك إنما تريد النسبة إلى الجمع، لا إلى المفرد(10).
أخيراً، إذا دعت الحاجة إلى النسبة إلى جمع المؤنث السالم، وكان الثاني ساكناً وألف الجمع رابعة، جاز حذف تاء الجمع وقلب الألف واواً، نحو:
بيضة - بيضات - بيضويّ،
وحدة - وحدات - وحدويّ،
ثورة - ثورات - ثورويّ
9- إذا نسبت إلى العلم المركّب، فانسب إلى أي طرفيه يكون أوضح لمرادك، ففي نحو: [عبد المطلب وابن عباس وأبي بكر وأم كلثوم...] تنسب إلى الطرف الثاني فتقول: [مطَّلبيّ وعباسيّ وبكريّ وكلثوميّ...] لأنك لو نسبت إلى [عبد وابن وأب وأمّ] لما تبين قصدك.
فإن كان العلم مركّباً تركيباً مزجيّاً، نحو: بعلبكّ وحضرموت... جاز لك أن تبقيه على حاله، فتقول: [بعلبكّيّ وحضرموتيّ...].
10- النسبة إلى ذي الحرفين:
من استقصاءات كتب الصناعة، بحثُها في النسبة إلى الكلمات ذوات الحرفين، وقولها: النسبة إلى [لَوْ: لَوِّيّ] و[لا: لائيّ] و[كم: كَمِّيّ (بالتشديد) وكَمِيّ (بالتخفيف)].
11- النسبة إلى الأوزان الأربعة: [فَعِيل وفَعِيلة] و[فُعَيْل وفُعَيْلَة]:
يصحّ لك إذا نسبت إلى هذه الأوزان الأربعة، أن تُبْقِي لفظها على حاله(11). ودونك نماذج من ذلك:
الوزن
المثال
المثال بعد النسبة
فَعِيل
عَقِيل - جميل - أمير - كريم
عَقِيليّ - جميليّ- أميريّ-كريميّ
فُعَيْل
عُقَيل - نُمَير- أُوَيس- كُلَيب
عُقَيليّ- نُمَيريّ- أُوَيسيّ- كُلَيبيّ
فَعِيلَة
طبيعة - بديهة - سليقة - جليلة
طبيعيّ - بديهيّ - سليقيّ - جليليّ
فُعَيْلة
رُدَيْنَة - نُوَيْرَة - أُمَيْمَة - حُمَيْمَة
رُدَيْنِيّ - نُوَيْرِيّ - أُمَيْمِيّ - حُمَيْمِيّ
ويلحق بهذه الأوزان الأربعة - من ناحية جواز إبقاء اللفظ على حاله عند النسب - وزنان هما: [فَعُول وفَعُولَة]، ففي النسبة إلى: [سَلول وحَلوب وحَمولة]، تقول: [سَلُولِيّ وحَلُوبيّ وحَمُوليّ...].
* * *
نماذج من النسب، ما بين قياسيّ وغير قياسيّ
تنبيه على قاعدة كليّة: [لا نسبة إلا بعد حذف التاء] (اِحذفْ ثم انسبْ)
1- الداعِيْ: النسبةإليه: [الداعِيّ]. وذلك أن الاسم المنتهي بياء تُحذَف ياؤه إذا كانت رابعة. وقد حُذِفت هنا؛ والياء المشدّدة التي تراها في آخره، إنما هي ياء النسب.
هذا؛ على أن من الجائز أيضاً قلب يائه واواً. وبناءً على هذا الجواز يصحّ أن يقال: [الداعَوِيّ]. وقس عليه القاضي والساعي والرامي... إذ تقول في النسبة إليها: [القاضَوِيّ - الساعَوِيّ - الرامَوِيّ]، كما تقول أيضاً: [القاضِيّ - الساعِيّ - الرامِيّ].
2- بَدَوِيّ: نسبةٌ غير قياسية إلى: [البادية]، إذ القياس: بادِيّ أو بادَوِيّ، كما رأيت آنفاً. يقول ابن يعيش في عدم قياسيتها: [كأنهم بنَوا من لفظه اسماً على (فَعَلٍ) حملوه على ضده وهو: الحَضَر]. وقال الرضيّ: [القياس إسكان العين لكونه منسوباً إلى البَدْو].
3- المستَمْلِيْ: اسم فاعل من الفعل: [استملَى - يستملِي]، والنسبة إليه [مستملِيّ]، وذلك بناءً على أن الاسم المنتهي بياء تُحذف ياؤه، إذا كانت رابعة فصاعداً، وقد جاءت هنا سادسة، فحُذفت. وأما الياء المشددة في آخره فهي ياء النسب.
4- السماء: النسبة إليها [سمائيّ]، وهي نسبة قياسية. وذلك أن الاسم الممدود، إذا كانت همزته منقلبة عن أصل - وهذا متحقق في كلمة سماء - إذ أصل همزتها الواو، لأنها من [سما - يسمو]، بقيت همزةً على حالها.
هذا؛ على أن من الجائز أيضاً قلبَ همزته واواً. وبناءً على هذا الجواز يصح أن يقال: [سماوِيّ]. وقس عليه نحو: [كساء - رداء - قضاء]... إذ يقال في النسبة إليها: [كسائيّ - ردائيّ - قضائيّ] ويجوز أن يقال أيضاً: [كساويّ - رداويّ - قضاويّ].
5- النساء: جمع، واحدُه [نِسوة]. ولقد كانت كتب النحو من قبلُ، تُوجِب أن تكون النسبة إلى المفرد، وتمنع النسب إلى الجمع، وبناءً على هذا،كانوا يقولون إن النسبة إلى [النساء] هي [نِسْوِيّ]، لأن المفرد نِسوَة.
وكان المساكين من أبناء الأمة يرون في ذلك صعوبة، فينسبون إلى الجمع - على السليقة - فيقولون: [نسائيّ]، فيهدَّدون بهُوْلةٍ بَصْرِيّة، تأبى إلا أن النسبة إلى الجمع غلط!! فإذا تيمم المساكين ما يظنونه صواباً،لم يقولوا [نِسْوِيّ]، بل قالوا: [نَسَوِيّ]!! فيقهقه رافعو الهُوْلة ويخزى الدراويش الخائفون!!
ولقد (فكّها الله)، إذ أصدر مجمع اللغة العربية بالقاهرة قراراً يُجيز النسبة إلى جمع التكسير، وعلى ذلك يصحّ أن تقول: [نِسْوِيّ] ناسباً إلى المفرد، و[نسائيّ]، ناسباً إلى الجمع.
6- الشتاء: أجاز العلماء أن يقال في النسبة إلى الشتاء: [شَتَوِيّ وشَتْوِيّ]، فكلاهما جائزٌ صحيح. وقد نصّ الجوهريّ في الصحاح على ذلك فقال: [وجمع الشتاء أَشْتِيَة، والنسبة إليها: شَتْوِيٌّ وشَتَوِيٌّ].
7- غَنيّ: النسبة إليه: غنَويّ، وهي نسبة قياسية. وذلك أن الياء المشددة إذا سبقها حرفان، فُكّ تشديد الياء، وحُذفت الياء الأولى وقُلبت الياء الثانية واواً. ومثله: نبيّ - عليّ - قصيّ فإن النسبة إليها: نبويّ - علويّ - قصويّ... وأوجز من هذا أن يقال: نجعل الحرف الثالث واواً ثم ننسب.
8- طائِيّ: نسبة غير قياسية إلى [طَيِّئ]، إذ القياس عندهم [طَيْئِيّ]. قال سيبويه: [لا أظنهم قالوا: طائيّ إلا فراراً من طيْئِيّ]. وقال ابن يعيش: [جعلوا مكان الياء ألفاً تخفيفاً].
9- شَفَهِيّ وشَفَوِيّ أيضاً: نسبة إلى [شَفَة]، وإنما جاز فيها وجهان، لاعتقاد أن الأصل هو: شفهة، فالنسبة إليه إذاً [شَفَهِيّ]، أو أنه: شَفَوَة، فالنسبة إليه إذاً [شَفَوِيّ]. وبين الرأيين جاز الوجهان.
10- الوَحدة: النسبة إليها [وَحْدِيّ]، ولكن أبناء الأمة جميعاً جَرَوا على أن يقولوا: [وَحْدَوِيّ]، حتى استقر هذا الاستعمال في الأذهان، ودار على الألسنة دون سواه.
والذي يُلاحَظ في نسبتهم هذه، أنهم يَجلبون قبل ياء النسب، واواً من الفراغ. وهذا غير وارد في النسب!! فالعربي حين ينسب مثلاً إلى [حمراء] فيقول: [حمراويّ]، إنما يقلب الهمزة واواً، ولا يأتي بالواو من الفراغ. وكذلك الأمر إذ يَنْسب إلى [القاضي] فيقول: [قاضويّ]، فإن هذه الواو، قد كانت في الأصل ياءً، ثم قُلِبت واواً، وهكذا...
وقد يقول قائل: إن [وحدويّ] نسبةٌ إلى [وحدات]، والنسبة إلى [وحدات] هو: [وحدويّ]. وذلك أن مما يُجيزون في الجمع، أن تُحذَف التاء فقط، وتُقلب الألف واواً. ومنه قولهم: [ثورويّ] في النسبة إلى [ثورات].
وفي الجواب يقال: هذا يصح في تخريج [ثورويّ]، لأن الثورات تتعدد، ولكنه لا يصح في تخريج [وحدوي]، ذاك أن الأمة لا تسعى إلى وحدات!! وإنما تسعى إلى وحدة واحدة!! فإذا لم يُنْظَر إلى هذا، جاز أن يقال: [وحدوي].
11- سقاية: النسبة إليها [سقائيّ]؛ ويقول سيبويه في تعليل ذلك ونحوه: [لأنك حذفت الهاء (أي: التاء المربوطة) ولم تكن الياء لتثبت بعد الألف (أي: لا يقال: سقاي) فأبدلت الهمزة مكانها](12).
وقس على هذا ما ينتهي بياء قبلها ألف زائدة، نحو: [بداية - دعاية - غاية - نهاية - وقاية...]، فإن النسبة إليها: [بدائيّ - دعائيّ - غائيّ - نهائيّ - وقائيّ...].
12- التربية: النسبة إليها [تربويّ]، وهي نسبة قياسية. وذلك أنها اسمٌ ثانيه ساكن ورابعه ياء. وما كان كذلك، أجازوا حذف يائه ثم النسب، أي [تربيّ] كما أجازوا قلب يائه واواً. فيقال مثلاً في النسبة إلى: راعية - قاضية - رامية - تصفية - تعبية - تنمية: [راعيّ - قاضيّ...] كما يقال: [راعويّ - قاضويّ - رامويّ - تصفويّ - تعبويّ - تنمويّ...].
13- الأعمى: النسبة إليه [أَعْمَوِيّ]، وهي نسبة قياسية. وذلك أنه اسم مختوم بألف، ثانيه ساكن وألفه رابعة. وما كان كذلك يجوز في النسبة إليه أن تَحذف ألفَه، فتقول: أعمِيّ، وأن تقلبها واواً، فتقول: أعْمَوِيّ، وأعماويّ أيضاً.
14- ذو القلب العَمِي (أي: الجاهل): النسبة إلى [العَمِي] هي [عَمَوِيّ]. وهي نسبة قياسية. وذاك أنه اسم ثلاثي منتهٍ بياء، وما كان كذلك فمنهاج النسبة إليه قلبُ حرفه الأخير واواً، مهما يكن أصل هذا الحرف الأخير. وعلى ذلك تنسب إلى [الشَّجِيْ] فتقول: [شَجَوِيّ]، وهذا أصل حرفه الأخير واو، إذ هو من الشجو، على حين نسبتَ إلى العَمِيْ فقلت: عَمَويّ، وهذا أصل حرفه الأخير ياء.
15- الشِّيَة: العلامة، وهي الوشي، ولكن حذفت واوها. والنسبة إليها [وشْيِيّ]. وهي النسبة التي اختارها الأخفش، مخالفاً بذلك ما ذهب إليه سيبويه من أن النسبة إليها [وِشَوِيّ].
وإذ قد كان قول كليهما حجة، فقد أخذنا في كتابنا برأي الأخفش، لسهولة ما يذهب إليه، إذ هو الأصل في اللفظ.
ومثل ذلك أن تنسب إلى [الدِّيَة] فتقول: [ودْيِيّ]، إذ الأصل [الودْي].
16- عشواء: صفة مؤنثة. والنسبة القياسية إليها: [عشواويّ]. إذ كل اسم ينتهي بألف ممدودة للتأنيث، تقلب همزته واواً عند النسب؛ من ذلك: حمراء - زرقاء - بيضاء، فإن النسبة إليها: [حمراويّ - زرقاويّ - بيضاويّ...]. غير أن المستقر في أذهان الناس، والدائر على ألسنتهم، هو: [عشوائيّ]، خلافاً للقياس.
وأظن ذلك هو السبب في أنْ نظر مجمع اللغة العربية بالقاهرة في صحة استعمال [عشوائيّ]؛ وقد أقرّ ذلك، لما فيه من الخفة، إذا قيس إلى ما في لفظ عشواويّ من الثقل، ثم لأن مِن العرب مَن كان يُثبت الهمزة في نحو هذا فيقول مثلاً: حمرائيّ كما يثبتها في التثنية فيقول: حمراءان.
17- رئيس ورئيسيّ: تناول أستاذ لغويّ مسألة النسبة إلى كلمة [رئيس]، منذ نحو ثلاثين عاماً، فعاب استعمالَها. قال: [قل: هو الأمر الرئيس بين الأمور، وهي القضية الرئيسة بين القضايا. ولا تقل: الأمر الرئيسيّ والقضية الرئيسية].
ولقد بحث مجمع اللغة العربية بالقاهرة في المسألة، ثم أصدر قراراً ينص على صحة استعمال كلمة [رئيسيّ] في النسب، وبيّن الفرق بين أن يوصَف الأمر بأنه [رئيس]، وبين أن يوصَف بأنه [رئيسيّ]، وأن هذا غير ذاك. وعلى ذلك، يكون كلاهما صحيحاً تبعاً لموضعه من العبارة، ومحله منها.
18- نورانيّ: نسبة إلى [النور]، على غير قياس، إذ القياس: [نُورِيّ]. وقدسُمِعتْ زيادةُ الألف والنون في كلمات بعينها، منها: صيدلانيّ - طبرانيّ - فوقانيّ - تحتانيّ - وحدانيّ - ربّانيّ- صمدانيّ - بَرّانيّ... وللأئمة آراء مختلفة في هذه الزيادة. فالرازي يقول إن النون تبدل من الهمزة، في نحو: [صنعاء - صنعانيّ]، وابن منظور يقول: [والنون من زيادات النسب... وليس من قديم الكلام وفصيحه]، وابن الأثير يقول في النهاية: [وزيادة الألف والنون للتأكيد]. ويرى سيبويه هذه الزيادة للتخصيص، قال [وشعراني ولحياني ورقباني إذا خُصّ بكثرة الشعر وطول اللحية وغلظ الرقبة].
ومهما يدُر الأمر، فإن زيادة الألف والنون للنسبة، ليست قياسية. فيُحفظ ما جاء من ذلك ويستعمل، ولكن لا يقاس عليه.
* * *