جرّبيني منْ قبلِ انْ تزدَريني | وإذا ما ذممتِني فاهجرِيِني |
ويَقيناً ستندمينَ على أنَّكِ | من قبلُ كنتِ لمْ تعرفيني |
لا تقيسي على ملامحِ وجهي | وتقاطيعِه جميعَ شؤوني |
أنا لي في الحياةِ طبعٌ رقيقٌ | يتنافى ولونَ وجهي الحزين |
قبلكِ اغترَّ معشرٌ قرأوني | من جبينٍ مكَّللٍ بالغُصونٍ |
وفريقٌ من وجنتينِ شَحوبين | وقدْ فاتتِ الجميعَ عُيوني |
إقرأيني منها ففيها مطاوي النفسِ | طُراً وكلُّ سرٍّ دَفين |
فيهما رغبةٌ تفيضُ . وإخلاصٌ | وشكٌّ مخامرٌ لليقين |
فيهما شهوةٌ تثورُ . وعقلٌ | خاذِلي تارةً وطوراً مُعيني |
فيهما دافعُ الغريزةِ يُغريني | وعدوى وراثةٍ تَزويني |
أنا ضدُّ الجمهور في العيشِ | والتفكيرِ طُرّاً . وضدُّه في الدِّين |
كلُّ ما في الحياةِ من مُتَع العيشِ | ومن لذَّةٍ بها يزدهيني |
التقاليدُ والمداجاةُ في الناسِ | عدوٌّ لكلِّ حُرٍّ فطين |
أنجِديني : في عالمٍ تَنهشُ " الذُئبانُ " | لحمي فيه .. ولا تُسلِميني |
وأنا ابن العشرين مَنْ مرجِعٌ لي | إنْ تقضَّتْ لذاذةَ العشرين |
إبسِمي لي تَبسِمْ حياتي ، وإنْ كانتْ | حياةً مليئةً بالشُّجون |
أنصِيفيني تُكفِّري عن ذُنوبِ | الناسِ طُرّاً فإنهمْ ظلموني |
إعطِفي ساعةً على شاعرٍ حر | رقيقٍ يعيشُ عيشَ السجين |
أخذتني الهمومُ إلّا قليلاً | أدركيني ومن يديها خذيني |
ساعةً ثم أنطوى عنكِ محمولاً | بكُرهٍ لظُلمةٍ وسكون |
حيث لا رونقُ الصباح يُحييِّني | ولا الفجرُ باسماً يُغريني |
حيثُ لا " دجلةٌ " تلاعبُ جنبيها | ظِلالُ النخيلِ والزيِّتون |
حيثُ صَحبي لا يملكونَ مُواساتي | بشيءٍ إلّا بأنْ يبكوني |
مَتِّعيني قبلَ المماتِ فما يُدريكِ | ما بعدَه وما يُدريني |
وَهبي أنَّ بعدَ يوميَ يوماً | يقتضيني مُخلِّفاتِ الدُّيون |
فمَنِ الضامنونَ أنَّكِ في الحشرِ | إذا ما طلَبتِني تجديني |
فستُغرينَ بالمحاسنِ رُضواناً | فيُلقيكِ بين حُورٍ وعِين |
وأنا في جهنَّمٍ معَ أشياخٍ | غواةٍ بِغيَّهمْ غمروني |
أحرَجتني طبيعتي وبآرائِهم | ازدَدْتُ بَلةً في الطين |
بالشفيعِ " العُريان " استملكي خيرَ | مكانٍ . وأنتِ خيرُ مكين |
ودعيني مُستعرضاً في جحيمي | كلَّ وجهٍ مُذمَّمٍ ملعون |
وستُشجينَ إذ ترينَ معَ البُزلِ | القناعيسِ حيرةَ ابن اللبون |
عن يساري أعمى المعرَّةِ و " الشيخُ " | الزهاويُّ مقعداً عن يميني |
إئذَني لي أنزِلْ خفيفاً على صدركِ | عذْباً كقطرةٍ من مَعين |
وافتحي لي الحديثَ تستملحي خفَّةَ | رُوحي وتستطيبي مُجوني |
تعرِفي أنني ظريفٌ جديرٌ | فوقَ هذي " النهود" أنْ ترفعني |
مؤنِسٌ كابتسامةٍ حولَ ثغريكِ | جذوبٌ كسحرٍ تلكَ العيون |
إسمحي لي بقُبلةٍ تملِكيني | ودعي لي الخَيارَ في التعيين |
قرِّبيني من اللذاذةِ ألمَسْها | أريني بداعةَ التكوين |
إنزليني إلى " الحضيضِ " إذا ما شئتِ | أو فوقَ ربوةٍ فضعيني |
كلُّ مافي الوجودِ من عقباتٍ | عن وصولي إليكِ لا يَثنيني |
إحمليني كالطفلِ بين ذِراعيكِ | احتضاناً ومثلَه دَّلليني |
وإذا ما سُئلتِ عني فقولي | ليسَ بِدعاً إغاثةُ المسكين |
لستُ أُمّاً لكنْ بأمثالِ " هذا " | شاءتِ الأُمهات أنْ تبتليني |
أشتهي أنْ أراكِ يوماً على ما | ينبغي مَن تكشُّفٍ للمصُون |
| وفاضَ الغرامُ أنْ تعذُريني |
" اِلطمِيني "إذا مَجُنتُ فعمداً | |
| لُطفاً بخُصلةٍ قيِّديني |
| |