برق الضاد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

برق الضاددخول

منتدى ادبي شامل يعني بفروع الادب العربي


descriptionقصائد للشاعرة نازك الملائكة Emptyقصائد للشاعرة نازك الملائكة

more_horiz
عاشقة الليل
 
ظلامَ الليــلِ يا طــاويَ  أحزانِ  القلوبِ
أُنْظُرِ الآنَ فهذا  شَبَحٌ  بادي  الشُحـــوبِ
جاء يَسْعَى ، تحتَ أستاركَ ، كالطيفِ  الغريبِ
حاملاً في كفِّه العــودَ  يُغنّـــي للغُيوبِ
ليس يَعْنيهِ سُكونُ الليـلِ  في  الوادي  الكئيبِ
* * *
هو ، يا ليلُ ، فتاةٌ شهد  الوادي  سُـــرَاها
أقبلَ  الليلُ  عليهــا فأفاقتْ   مُقْلتاهـــا
ومَضتْ تستقبلُ الوادي بألحــانِ  أساهــا
ليتَ آفاقَكَ تــدري ما تُغنّـي  شَفَتاهــا
آهِ يا ليلُ ويا ليتَــكَ تـدري  ما  مُنَاهــا
* * *
جَنَّها الليلُ فأغرتها الدَيَاجــي والسكــونُ
وتَصَبَّاها جمالُ  الصَمْــتِ ، والصَمْتُ  فُتُونُ
فنَضتْ بُرْدَ نَهارٍ لفّ مَسْــراهُ  الحنيـــنُ
وسَرَتْ طيفاً حزيناً فإِذا الكــونُ  حزيــنُ
فمن العودِ نشيجٌ ومن الليـــلِ  أنيـــنُ
* * *
إِيهِ يا  عاشقةَ  الليلِ  وواديـــهِ  الأَغــنِّ
هوَ ذا  الليلُ صَدَى وحيٍ  ورؤيـــا  مُتَمنِّ
تَضْحكُ الدُنْيا وما  أنتِ سوى  آهةِ  حُــزْنِ
فخُذي  العودَ  عن  العُشْبِ  وضُمّيهِ   وغنّـي
وصِفي  ما  في  المساءِ  الحُلْوِ  من  سِحْر   وفنِّ
* * *
ما الذي ، شاعرةَ  الحَيْرةِ ،  يُغْري  بالسمـاءِ ؟
أهي أحلامُ الصَبايا  أم  خيالُ  الشعـــراء ؟
أم هو  الإغرامُ  بالمجهولِ  أم  ليلُ  الشقــاءِ ؟
 أم ترى الآفاقُ  تَستهويكِ  أم سِحْرُ  الضيـاءِ ؟
عجباً  شاعرةَ  الصمْتِ  وقيثارَ   المســـاء
* * *
طيفُكِ الساري شحـوبٌ وجلالٌ  وغمـوضُ
لم يَزَلْ  يَسْري  خيالاً  لَفَّـه  الليلُ  العـريضُ
فهو  يا  عاشقةَ  الظُلْمة  أســـرارٌ   تَفيضُ
آه  يا  شاعرتي  لن  يُرْحَمَ   القلبُ   المَهِيـضُ
فارجِعي لا تَسْألي  البَرْقَ  فما  يدري  الوميضُ
* * *
عَجَباً ، شاعرةَ   الحَيْرةِ ، ما  سـرُّ  الذُهُـولِ ؟
ما الذي  ساقكِ  طيفاً  حالِماً  تحتَ  النخيـلِ ؟
مُسْنَدَ  الرأسِ  إلى  الكفَينِ  في  الظلِّ  الظليـلِ
مُغْرَقاً  في  الفكر  والأحزانِ  والصمتِ  الطويلِ
ذاهلاً عن  فتنةِ  الظُلْمة  في   الحقلِ   الجميـلِ
* * *
أَنْصتي  هذا  صُراخُ  الرعْدِ ، هذي  العاصفاتُ
فارجِعي لن تُدْركي  سرّاً  طوتْهُ  الكائنــاتُ
قد جَهِلْناهُ وضنَــتْ بخفايــاهُ  الحيــاةُ
ليس  يَدْري  العاصـفُ  المجنونُ  شيئاً  يا  فتاةُ
فارحمي قلبَكِ ، لــن تَنْطِقُ  هذي  الظُلُماتُ
4-4-1945

descriptionقصائد للشاعرة نازك الملائكة Emptyرد: قصائد للشاعرة نازك الملائكة

more_horiz

أغنية حب للكلمات
 
َفيمَ نخشَى الكلماتْ
وهي أحياناً أكُُفٌّ من ورودِ
بارداتِ العِطْرِ مرّتْ عذْبةً فوق خدودِ
وهي أحياناً كؤوسٌ من رحيقٍ مُنْعِشِ
رشَفَتْها، ذاتَ صيفٍ، شَفةٌ في عَطَشِ
* * *
فيم نخشى الكلماتْ ؟
إنّ منها كلماتٍ هي أجراسٌ خفيّهْ
رَجعُها يُعلِنُ من أعمارنا المنفعلاتْ
فترةً مسحورةَ الفجرِ سخيّهْ
قَطَرَتْ حسّا وحبّاً وحياةْ
فلماذا نحنُ نخشى الكلماتْ؟
* * *
نحنُ لُذْنا بالسكونِ
وصمتنا، لم نشأ أن تكشف السرَّ الشِّفاهُ
وحَسِبنا أنّ في الألفاظ غُولاً لا نراهُ
قابعاً تُخْبئُهُ الأحرُفُ عن سَمْع القرونِ
نحنُ كبّلنا الحروف الظامئهْ
لم نَدَعْها تفرشُ الليلَ لنا
مِسْنداً يقطُرُ موسيقَى وعِطْراً ومُنَى
وكؤوساً دافئهْ
* * *
فيم نخشى الكلماتْ؟
إنها بابُ هَوىً خلفيّةٌ ينْفُذُ منها
غَدُنا المُبهَمُ فلنرفعْ ستارَ الصمتِ عنها
إنها نافذةٌ ضوئيّةٌ منها يُطِلّ
ما كتمناهُ وغلّفناهُ في أعماقنا
مِن أمانينا ومن أشواقنا
فمتى يكتشفُ الصمتُ المملُّ
أنّنا عُدْنا نُحبّ الكلماتْ؟
* * *
ولماذا نحن نخشَى الكلماتْ ؟
الصديقات التي تأتي إلينا
من مَدَى أعماقنا دافئةَ الأحرُفِ ثَرّهْ ؟
إنها تَفجؤنا، في غَفْلةٍ من شفتينا
وتغنّينا فتنثالُ علينا ألفُ فكرهْ
من حياةٍ خِصْبة الآفاقِ نَضْرهْ
رَقَدَتْ فينا ولم تَدْرِ الحياةْ
وغداً تُلْقي بها بين يدينا
الصديقاتُ الحريصاتُ علينا، الكلماتْ
فلماذا لا نحبّ الكلماتْ؟
* * *
فيمَ نخشى الكلماتْ؟
إنّ منها كلماتٍ مُخْمليات العُذوبَهْ
قَبَسَتْ أحرفُها دِفْءَ المُنى من شَفَتين
إنّ منها أُخَراً جَذْلى طَروبهْ
عَبرَت ورديّةَ الأفراح سَكْرى المُقْلتين
كَلِماتٌ شاعريّاتٌ، طريّهْ
أقبلتْ تلمُسُ خَدّينا، حروفُ
نامَ في أصدائها لونٌ غنيّ وحفيفُ
وحماساتٌ وأشواقٌ خفيّهْ
* * *
فيمَ نخشى الكلماتْ؟
إن تكنْ أشواكها بالأمسِ يوماً جرَحتْنا
فلقد لفّتْ ذراعَيْها على أعناقنا
وأراقتْ عِطْرَها الحُلوَ على أشواقنا
إن تكن أحرفُها قد وَخَزَتْنا
وَلَوَتْ أعناقَها عنّا ولم تَعْطِفْ علينا
فلكم أبقت وعوداً في يَدَينا
وغداً تغمُرُنا عِطْراً وورداً وحياةْ
آهِ فاملأ كأسَتيْنا كلِماتْ
* * *
في غدٍ نبني لنا عُشّ رؤىً من كلماتْ
سامقاً يعترش اللبلابُ في أحرُفِهِ
سنُذيبُ الشِّعْرَ في زُخْرُفِهِ
وسنَرْوي زهرَهُ بالكلماتْ
وسنَبْني شُرْفةً للعطْرِ والوردِ الخجولِ
ولها أعمدةٌ من كلماتْ
وممرّاً بارداً يسْبَحُ في ظلٍّ ظليلِ
حَرَسَتْهُ الكلماتْ 
* * *
عُمْرُنا نحنُ نذرناهُ صلاةْ
فلمن سوف نُصلِّيها ... لغير الكلماتْ ؟
(1954)

descriptionقصائد للشاعرة نازك الملائكة Emptyرد: قصائد للشاعرة نازك الملائكة

more_horiz
غرباء
 
أطفئ  الشمعةَ  واتركنا   غريبَيْنِ   هنـا
نحنُ  جُزءانِ  من الليلِ  فما  معنى   السنا?
 يسقطُ الضوءُ على وهمينِ في جَفنِ المساءْ
يسقطُ الضوءُ على بعضِ شظايا من رجاءْ
سُمّيتْ نحنُ وأدعوها  أنا:
مللاً. نحن هنا مثلُ الضياءْ
غُربَاءْ
اللقاء  الباهتُ   الباردُ   كاليومِ   المطيـرِ
كان  قتلاً  لأناشيدي  وقبرًا   لشعـوري
دقّتِ الساعةُ  في  الظلمةِ  تسعًا  ثم  عشرا
وأنا من ألمي أُصغي وأُحصي. كنت حَيرى
أسألُ  الساعةَ  ما  جَدْوى   حبوري
إن نكن نقضي الأماسي, أنتَ أَدْرى,
غُربَاءْ
مرّتِ الساعاتُ كالماضي يُغشّيها  الذُّبولُ
كالغدِ المجهولِ لا أدري  أفجرٌ  أم  أصيلُ
مرّتِ الساعاتُ والصمتُ كأجواءِ الشتاءِ
خلتُهُ  يخنق  أنفاسي  ويطغى  في  دمائي
خلتهُ يَنبِسُ في نفسي يقولُ
أنتما تحت  أعاصيرِ  المساءِ
غُربَاءْ
أطفئ الشمعةَ  فالرُّوحانِ  في  ليلٍ كثيفِ
يسقطُ النورُ على وجهينِ في لون الخريف
أو لا  تُبْصرُ ?  عينانا  ذبـولٌ  وبـرودٌ
أوَلا  تسمعُ ? قلبانا  انطفاءٌ   وخُمـودُ
صمتنا أصداءُ إنذارٍ  مخيفِ
ساخرٌ من أننا سوفَ نعودُ
غُربَاءْ
نحن من جاء بنا اليومَ ? ومن أين  بدأنـا ?
 لم يكنْ يَعرفُنا  الأمسُ  رفيقين .. فدَعنـا
نطفرُ الذكرى كأن لم تكُ يومًا من صِبانا
 بعضُ حـبٍّ  نزقٍ  طافَ  بنا  ثم  سلانا
آهِ لو نحنُ رَجَعنا حيثُ كنا
 قبلَ أن نَفنَى وما زلنا كلانا
غُربَاءْ
( 1948)



privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى