تمهيد :
يعتبر مفهوم التغذية الراجعة من المفاهيم التربوية الحديثة التي ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين ، غير أنها لاقت اهتماما كبيرا من التربويين وعلماء النفس على حد سواء . وكان أول من وضع هذا المصطلح هو : " نوبرت واينر " عام 1948 م . وقد تركزت في بدايات الاهتمام بها في مجال معرفة النتائج ، وانصبت في جوهرها على التأكد فيما إذا تحققت الأهداف التربوية والسلوكية خلال عملية التعلم ، أم لا . ومما لا شك فيه أن التغذية الراجعة ومعرفة النتائج مفهومان يعبران عن ظاهرة واحدة .
تعريف التغذية الراجعة :
عرف البعض التغذية الراجعة بأنها عبارة عن استجابة ضمن نظام يعيد للمعطى : ( الاستجابة التي يقدمها المتعلم ) جزءا من النتائج .
وعرفها التربويون وعلماء النفس أمثال " جودين وكلوزماير " وغيرهما بأنها المعلومات التي تقدم معرفة بالنتائج عقب إجابة الطالب .
وعرفها " مهرنز وليمان " على أنها تزويد الفرد بمستوى أدائه لدفعه لإنجاز أفضل على الاختبارات اللاحقة من خلال تصحيح الأخطاء التي يقع فيها .
وباختصار يمكن القول إن التغذية الراجعة هي إعلام الطالب نتيجة تعلمه من خلال تزويده بمعلومات عن سير أدائه بشكل مستمر ، لمساعدته في تثبيت ذلك الأداء ، إذا كان يسير في الاتجاه الصحيح ، أو تعديله إذا كان بحاجة إلى تعديل . وهذا يشير إلى ارتباط مفهوم التغذية الراجعة بالمفهوم الشامل لعملية التقويم باعتبارها إحدى الوسائل التي تستخدم من أجل ضمان تحقيق أقصى ما يمكن تحقيقه من الغايات والأهداف التي تسعى العملية التعليمية التعلمية إلى بلوغها .
أسس التغذية الراجعة :
من خلال المفهوم السابق للتغذية الراجعة يمكن حصر الأسس ، أو العناصر الأساس التي ترتكز عليها على النحو التالي :
1 ـ النتائج : وتعني أن يكون الطالب قد حقق عملا ما .
2 ـ البيئة : وهو أن يحدث النتاج في بيئة تعكس معلومات في حجرة الدراسة . بمعنى أن يوجه المعلم الانتباه تجاه المعلومات المنعكسة .
3 ـ التغذية الراجعة : وتعني المعلومات المرتبطة بهذه النتائج والتي يتم إرجاعها للطالب . حيث تعمل كمعلومات يمكن استقبالها وفهمها .
4 ـ التأثير : ويقصد به أن يتم تفسير المعطى ( المعلومات ) واستخدامه أثناء قيام الطالب بالاشتغال على الناتج التالي .
ونستنتج مما سبق أن التغذية الراجعة هي عبارة عن معلومات تقدم للطالب بعد أن يقوم بالعمل المكلف به .
من الأمثلة على ذلك :
لدينا جملتان إحداهما تمثل التغذية الراجعة ، والأخرى تمثل التغذية القبلية ، فكيف يتم التمييز بينهما ؟
أ ـ يقول المعلم لطلابه : كونوا جاهزين الإشارة بأصبعكم إلى الحرف الذي يمثل الصوت الذي أنطقه .
ب ـ ثم يقول : إنني أرى أن معظمكم يركز بصره على الحرف الذي يوافق الصوت الذي نطقت به .
يلاحظ من العبارتين السابقتين أن : عبارة ( ب) هي التي تمثل التغذية الراجعة ، لأنها تتبع عملا ما يقوم به التلاميذ ، إنها معلومات ذات علاقة بالعمل .
أما العبارة ( أ ) فإنه يمكن تصنيفها على أنها تغذية راجعة قبلية .
ومن خلال ذلك يمكن تعريف التغذية الراجعة القبلية بأنها عبارة عن معلومات تسبق العمل ، وتوجه الطالب إلى الإعداد لذلك العمل .
مثال آخر يوضح الفرق بين التغذية الراجعة ، وغيرها من عمليات الربط بين النتائج والوسائل التي تؤدي إلى الربط بين المشاعر وحالة معينة .
أ ـ لقد قام الطلاب بعمل جيد في تزيين حجرة الصف .
ب ـ هل أنتم سعداء لأن حجرة الصف تبدو جميلة جدا .
في المثال السابق نجد أن عبارة ( أ ) تقدم مثالا واضحا دالا على التغذية الراجعة . حيث إنها تقدم معلومات تتعلق بالنتائج ، وهي تزيين الفصل .
أما عبارة ( ب ) ما هي إلا وسيلة لربط مشاعر الطلاب بحالة معينة . فالشعور في هذا الموقف هو " السعادة الغامرة التي شعر بها الطلاب " ، والحالة هي " حجرة دراسة مزينة باللوحات والوسائل التعليمية " .
إن المعلم في الحالة التي أشرنا إليها آنفا يريد من طلابه أن ينشئوا علاقة بين المشاعر السعيدة ، وحجرة الدراسة الجميلة . فإذا استطاع الطالب أن يربط جملة المعلم بعمله في تزيين صفه ، فإن الجملة يمكن أن تصبح تغذية راجعة ، ولكن المعلم لم يقدم تغذية راجعة واضحة ، لأن العمل لم يذكر بوضوح .
ومن خلال ما سبق يمكن طرح السؤال التالي :
س ـ متى تكون الجملة ، أو العبارة تغذية راجعة ؟
التغذية الراجعة يجب أن تكون متعلقة بالعمل . فإذا أخبرنا شخص ما بأن العرب والمسلمين أصحاب حضارة ، فإننا نشعر بالرضا والسرور ، ولكنه عندما يذكر أننا لم نقم بأي عمل يترتب عليه انتماؤنا لتلك الحضارة ، فإن ذلك لا يشير بالضرورة إلى أن كل جملة تعزز ، أو تقلل من شأن الذات هي تغذية راجعة . بل إن التغذية الراجعة يجب أن ترتبط بعمل ما كما ذكرنا سابقا . كما يجب علينا الربط بين العمل وبين المعلومات المقدمة ، وعندئذ تكون تلك المعلومات التي نقدمها للآخرين تغذية راجعة .
ومما سبق يتأكد لنا أن التمييز بين التغذية الراجعة ، والجملة الإيجابية ، أو السلبية أمر مهم وضروري في حجرة الدراسة ، فالتغذية الراجعة تخبر الطالب عن عمل قام به ، أما الجملة الإيجابية فإنها يمكن أن تزيد من سروره ، ولكن لا يتوقع أن تُحدث تغييرا في سلوكه .
أهمية التغذية الراجعة :
للتغذية الراجعة أهمية عظيمة في عملية التعلم ، ولا سيما في المواقف الصفية . إذ أنها ضرورية ومهمة في عمليات الرقابة والضبط والتحكم والتعديل التي ترافق وتعقب عمليات التفاعل والعلم الصفي . وأهميتها هذه تنبثق من توظيفها في تعديل السلوك وتطويره إلى الأفضل . إضافة إلى دورها المهم في استثارة دافعية التعلم ، من خلال مساعدة المعلم لتلميذه على اكتشاف الاستجابات الصحيحة فيثبتها ، وحذف الاستجابات الخاطئة أو إلغاؤها .
إن تزويد المعلم لتلاميذه بالتغذية الراجعة يمكن أن يسهم إسهاما كبيرا في زيادة فاعلية التعلم ، واندماجه في المواقف والخبرات التعلمية . لهذا فالمعلم الذي يُعنى بالتغذية الراجعة يسهم في تهيئة جو تعلمي يسوده الأمن والثقة والاحترام بين الطلاب أنفسهم ، وبينهم وبين المعلم ، كما يساعد على ترسيخ الممارسات الديمقراطية ، واحترام الذات لديهم ، ويطور المشاعر الإيجابية نحو قدراتهم التعلمية والخبراتية .
ومما تقدم يمكن إجمال أهمية التغذية الراجعة في المواقف الصفية على النحو التالي :
1 ـ تعمل التغذية الراجعة على إعلام المتعلم بنتيجة عمله ، سواء أكانت صحيحة أم خاطئة .
2 ـ إن معرفة المتعلم بأن إجاباته كانت خاطئة ، والسبب في خطئها يجعله يقتنع بأن ما حصل عليه من نتيجة ، كان هو المسؤول عنها .
3 ـ التغذية الراجعة تعزز قدرات المتعلم ، وتشجعه على الاستمرار في عملية التعلم .
4 ـ إن تصحيح إجابة المتعلم الخطأ من شأنها أن تضعف الارتباطات الخاطئة التي تكونت في ذاكرته بين الأسئلة والإجابة الخاطئة .
5 ـ استخدام التغذية الراجعة من شأنها أن تنشط عملية التعلم ، وتزيد من مستوى دافعية التعلم .
6 ـ توضح التغذية الراجعة للمتعلم أين يقف من الهدف المرغوب فيه ، وما الزمن الذي يحتاج إليه لتحقيقه .
7 ـ كما تُبين للمتعلم أين هو من الأهداف السلوكية التي حققها غيره من طلاب صفه ، والتي لم يحققوها بعد ، وعليه فقد تكون هذه العملية بمثابة تقويم ذاتي للمعلم ، وأسلوبه في التعليم .
خصائص التغذية الراجعة :
يفترض التربويون وعلماء النفس أن للتغذية الراجعة ثلاث خصائص هي :
1 ـ الخاصية التعزيزية :
تشكل هذه الخاصية مرتكزا رئيسا في الدور الوظيفي للتغذية الراجعة ، الأمر الذي يساعد على التعلم ، وقد ركز أحد الباحثين على هذه الخاصية من خلال التغذية الراجعة الفورية في التعليم المبرمج ، حيث يرى أن إشعار الطالب بصحة استجابته يعززه ، ويزيد احتمال تكرار الاستجابة الصحيحة فيما بعد .
2 ـ الخاصية الدافعية :
تشكل هذه الخاصية محورا هاما ، حيث تسهم التغذية الراجعة في إثارة دافعية المتعلم للتعلم والإنجاز ، والأداء المتقن . مما يعني جعل المتعلم يستمتع بعملية التعلم ، ويقبل عليها بشوق ، ويسهم في النقاش الصفي ، مما يؤدي إلى تعديل سلوك المتعلم .
3 ـ الخاصية الموجهة :
تعمل هذه الخاصية على توجيه الفرد نحو أدائه ، فتبين له الأداء المتقن فيثبته ، والأداء غير المتقن فيحذفه ، وهي ترفع من مستوى انتباه المتعلم إلى الظواهر المهمة للمهارة المراد تعلمها ، وتزيد من مستوى اهتمامه ودافعيته للتعلم ، فيتلافى مواطن الضعف والقصور لديه . لذلك فهي تعمل على تثبيت المعاني والارتباطات المطلوبة ، وتصحح الأخطاء ، وتعدل الفهم الخاطئ ، وتسهم في مساعدة المتعلم على تكرار السلوك الذي أدى إلى نتائج مرغوبة ، وهذا يزيد من ثقة المتعلم بنفسه ، وبنتائجه التعلمية .
تأثير التغذية الراجعة :
التغذية الراجعة عبارة عن معلومات نراها ونسمعها أو نشمها أو نتذوقها أو نحس بها ، وهي كمعلومات لا تشبه الناتج ، ولا تشبه استجاباتنا للتغذية الراجعة . غير أن المعلومات ( المعطى ) تؤثر على المتعلم من حيث الآتي :
1 ـ تعزز الأعمال ، أو التصرفات التي يقوم بها المعلم ، وهذا التعزيز يزيد من قوة العمل .
2 ـ تقدم لنا معطى معينا ( معلومات ) يمكن استخدمها لتعديل العمل ، أو تصحيحه ، مما يدفع المتعلم إلى تنويع مفرداته المستخدمة ، ويتجنب التكرار ، ويسمى هذا النوع بالتغذية الراجعة التصحيحية ، حيث إنها تقدم معلومات يمكن استخدامها لتوجيه التغيير . ويمكن تصنيف التغذية الراجعة التصحيحية ، والتغذية الراجعة المؤكِّدة على أنها راجعة إخبارية .
3 ـ تعزيز المشاعر : يمكن أن تعمل التغذية الراجعة على زيادة مشاعر السرور ، أو الألم عند المتعلم .
أنواع التغذية الراجعة :
للتغذية الراجعة أشكال وصور كثيرة ومتعددة ، فمنها ما يكون من النوع السهل الذي يتمثل في ( نعم أو لا ) ، ومنها ما يكون أكثر تعقيدا وتعمقا ، كتقديم معلومات تصحيحية للاستجابات كالتي أشرنا إليها سابقا ، ومنها ما يكون من النمط الذي تتم فيه إضافة معلومات جديدة للاستجابات . وقد قدم الباحث ( هوكنج ) تصنيفا لأنواع التغذية الراجعة وفق أبعاد ثنائية القطب ، وذلك على النحو الآتي :
1 ـ تغذية راجعة حسب المصدر ( داخلية ـ خارجية ) :
تعتبر التغذية الراجعة من أهم العوامل التي تؤثر في المتعلم ، فهي تشير إلى مصدر المعلومات التي تتوافر للمتعلم حول طبيعة أدائه لمهارة ما . فمصدر هذه المعلومات إما أن يكون داخليا ، وإما أن يكون خارجيا ، وتشير التغذية الراجعة الداخلية إلى المعلومات التي يكتسبها المتعلم من خبراته وأفعاله على نحو مباشر . وعادة ما يتم تزويده بها في المراحل الأخيرة من تعلم المهارة ، ويكون مصدرها ذات المتعلم .
أما التغذية الراجعة الخارجية فتشير إلى المعلومات التي يقوم بها المعلم ، أو أي وسيلة أخرى بتزويد المتعلم بها ، كإعلامه بالاستجابة الخاطئة ، أو غير الضرورية ، التي يجب تجنبها أو تعديلها ، وغالبا ما يتم تزويد المتعلم بها في بداية تعلم المهارة .
2 ـ التغذية الراجعة حسب زمن تقديمها ( فورية ـ مؤجلة ) :
فالتغذية الراجعة الفورية تتصل وتعقب السلوك الملاحَظ مباشرة ، وتزود المتعلم بالمعلومات ، أو التوجيهات والإرشادات اللازمة لتعزيز السلوك ، أو تطويره أو تصحيحه .
أما التغذية الراجعة المؤجلة هي التي تعطَى للمتعلم بعد مرور فترة زمنية على إنجاز المهمة ، أو الأداء ، وقد تطول هذه الفترة ، أو تقصر حسب الظروف .
3 ـ التغذية الراجعة حسب شكل معلوماتها ( لفظية ـ مكتوبة ) :
يؤدي تقديم التغذية الراجعة على شكل معلومات لفظية ، أو معلومات مكتوبة إلى استجابة المتعلمين إلى اتساق معرفي لديهم .
4 ـ التغذية الراجعة حسب التزامن مع الاستجابة ( متلازمة ـ نهائية ) :
تعني التغذية الراجعة التلازمية : المعلومات التي يقدمها المعلم للمتعلم مقترنة بالعمل ، وأثناء عملية التعلم أو التدريب ، وفي أثناء أدائها .
في حين أن التغذية الراجعة النهائية تُقدم بعد إنهاء المتعلم للاستجابة ، أو اكتساب المهارة كليا .
5 ـ التغذية الراجعة الإيجابية ، أو السلبية :
التغذية الراجعة الإيجابية : هي المعلومات التي يتلقاها المتعلم حول إجابته الصحيحة ، وهي تزيد من عملية استرجاعه لخبرته في المواقف الأخرى .
والتغذية الراجعة السلبية تعني : تلقي المتعلم لمعلومات حول استجابته الخاطئة ، مما يؤدي إلى تحصيل دراسي أفضل .
6 ـ التغذية الراجعة المعتمدة على المحاولات المتعددة ( صريحة ـ غير صريحة ) :
التغذية الراجعة الصريحة : هي التي يخبر فيها المعلم الطالب بأن إجابته عن السؤال المطروح صحيحة ، أو خاطئة ، ثم يزوده بالجواب الصحيح في حالة الإجابة الخاطئة ، ويتطلب منه أن ينسخ على الورق الجواب الصحيح مباشرة بعد رؤيته له .
أما في التغذية الراجعة غير الصريحة فيُعْلم المعلم الطالب بأن إجابته عن السؤال المطروح صحيحة أو خطأ ، ولكن قبل أن يزوده بالجواب الصحيح في حالة الإجابة الخطأ ، ثم يعرض عليه السؤال مرة أخرى ، ويطلب منه أن يفكر في الجواب الصحيح ، ويتخيله في ذهنه ، مع إعطائه مهلة محددة لذلك ، وبعد انقضاء الوقت المحدد ، يزوده المعلم بالجواب الصحيح ، إن لم يتمكن الطالب من معرفته .
المعلمون وإعطاء التغذية الراجعة :
إن من مهام المعلمين في غرفة الصف أن يقدموا معلومات التغذية الراجعة الضرورية ، أو الإشارة إليها لطلابهم ، وعليهم أن يتأكدوا من أن الطالب يستطيع أن يلاحظ العلاقة بين العمل والمعلومات المقدمة إليه في التغذية الراجعة . فإن كانت البيئة المثيرة معقدة أو جديدة ، أو كان العمل معقدا أو جديدا فإنه يتعين على المعلم أن يخطط لكيفية توجيه الطلاب لإدراك معلومات التغذية الراجعة المهمة . كما يتعين على المعلمين أيضا أن يحاولوا كلما أتيحت لهم الفرصة أن يقدموا معلومات التغذية الراجعة بعد أداء العمل مباشرة . وإذا تعذر ذلك كما هو الحال داخل غرفة الصف ، عندئذ فإنه يجب على المعلم أن يخطط لطرق تجعل الطلاب يتذكرون أعمالهم لكي يقدم لهم معلومات التغذية الراجعة في وقت تكون فيه الأعمال ما زالت حية ، أو حاضرة في الذاكرة .
دور المعلم في إدارة الظروف التي تؤثر في التغذية الراجعة :
يعد دور المعلم في إدارة الظروف التي تؤثر على التغذية الراجعة ، أو يجعلها أكثر مناسبة لتزويد الطلاب بالمعلومات اللازمة ، بعد تقديم العمل الذي يكلفون به ، دورا هاما ومفيدا ، لذا من أجل تحقيق هذا الدور يجب مراعاة التالي :
1 ـ التأكد من استيعاب الطلاب لمعلومات التغذية الراجعة .
إن من الضروري على المعلم الجيد ألاّ يفترض أن الطلاب يستوعبون التغذية الراجعة لمجرد أنها قريبة منهم ، بل إنه يقدم معلومات التغذية الراجعة من خلال تركيز انتباه الطلاب عليها ، ومن خلال توجيه الطلاب أثناء تقديمها .
2 ـ التأكد من أن الطلاب يفهمون العلاقة الرابطة بين أعمالهم وما يقدمه المعلم من تغذية راجعة .
قد يظن المعلم أحيانا أن ما يقدمه لطلابه من تغذية راجعة أنها واضحة بالنسبة لهم ، لكونها واضحة بالنسبة له ، لكن الأمر مختلف جدا ، فغالبا ما تكون المعلومات التي يقدمها المعلم للطلاب غير واضحة لهم ، لذلك يجب عليه أن يستخدم كلمات تحدد العمل بشكل واضع ، يمكّن الطلاب من الاستفادة منه .
3 ـ إعلام الطالب بالهدف المرغوب تحقيقه :
عندما يعرف الطالب الهدف أو الغاية من العمل الذي يكلف به ، فإنه يستطيع أن يخطط لاستراتيجته التعلمية ، ويستطيع أيضا أن يبحث بين المثيرات الكثيرة عن المعلومات المهمة . أن معرفة الهدف تعتبر مهمة بالنسبة للسلوك والانضباط والتعلم الأكاديمي ، وعلى الطالب أن يعرف السلوك المتوقع منه .
4 ـ على المعلم مراعاة اتساق تقديم التغذية الراجعة في الحال كلما أمكن ذلك .
من الصعوبة بمكان ، إن لم يكن مستحيلا أن يقدم المعلم لكل طالب تغذية راجعة فورية عندما يكون عدد طلابه ما يقرب من ( 15 ) خمسة عشر طالبا أو أكثر في حجرة الدراسة . لذلك نقدم بعض الاقتراحات التي قد تساعد الطلاب على ربط التغذية الراجعة مع العمل حتى عندما يتم تأجيلها :
أ ـ عند تعيين مهمة جديدة ينبغي شرحها فورا للطلاب ، كحل الأمثلة المتعلقة بها ، والتحدث عما ستفعله أثناء العمل .
ب ـ أن يطلب المعلم من الطلاب حل عدد من الأمثلة مع مراقبته لهم ، ومناقشة الأخطاء وكيفية تصحيحها .
ج ـ قبل تعيين العمل الجديد عليه التأكد من أن الطلاب يستطيعون أن يحلوا الأمثلة بنجاح .
د ـ إن يعطي المعلم الطلاب فرصة لتصحيح محاولاتهم التدريبية ، ويتعين عليه أن يختار بشكل عشوائي عددا من الوراق لإعادة تفقدها ، والتأكد من أن تصحيح الطلاب لها بشكل صحيح .
هـ ـ عندما يعيد المعلم الأوراق التي قام بتصحيحها ، يجب عليه أن يخصص وقتا لمناقشتها ، وعندما يتم تأجيل التغذية الراجعة ، فإن الطلاب غالبا ما ينسون العمل ، لذا يحتاج المعلم لمساعدتهم في تذكّره .
الغرض من تقديم المعلم التغذية الراجعة :
ينبني على تقديم المعلم التغذية الراجعة لطلابه مقاصد وأغراض أهمها :
1 ـ التأكيد على صحة الأداء ، أو السلوك المرغوب فيه ، مع مراعاة تكراره من قبل الطلاب ، لتحديد أداء ما ، على أنه غير صحيح ، وبالتالي عدم تكراره من الطلاب في حجرة الدراسة ، وهو ما يعرف بالتغذية الراجعة المؤكِّدة ، وقد أشرنا إليها سابقا .
2 ـ أن يقدم المعلم معلومات يمكن استخدامها لتصحيح أو تحسين أداء ما ، وهذا ما يعرف بالتغذية الراجعة التصحيحية ، وقد أشرنا إليها سابقا أيضا .
3 ـ توجيه الطالب لكي يكتشف بنفسه المعلومات التي يمكن استخدامها لتصحيح ، أو تحسين الأداء ، وهذا ما يعرف بالتغذية الراجعة التصحيحية الاكتشافية .
ويلاحظ أن الأنواع الثلاثة الأول موجهة لتغيير ، أو تعزيز معلومات الطالب .
4 ـ زيادة الشعور بالسعادة ( الشعور الإيجابي ) المرتبط بالأداء الصحيح ، كي تتولد لدى لطالب الرغبة لتكرار الأداء ، وزيادة الشعور بالثقة والقبول ، وهذا ما يعرف بالثناء .
5 ـ زيادة الشعور بالخجل ، أو الخوف ( الشعور السلبي ) كي لا يتعمد الطالب إلى تكرار تصرف ما ، وهو ما يعرف بعدم القبول .
وهذان النوعان موجهان لتعزيز ، أو تغيير مشاعر الطالب .
شروط التغذية الراجعة :
لكي تتاح الفرص للمعلم من استخدام التغذية الراجعة في المواقف الصفية ، وتحقيق الأهداف المرجوة في عمليات التحسين والتطوير إلى يُراد إحداثها في العملية التعليمية التعلمية ، فلا بد أن تتوافر الشروط التالية :
1 ـ يجب أن تتصف التغذية الراجعة بالدوام والاستمرارية .
2 ـ يجب أن تتم التغذية الراجعة في ضوء أهداف محددة .
3 ـ يتطلب تفسير نتائج التغذية الراجعة فهما عميقا ، وتحليلا علميا دقيقا .
4 ـ يجب أن تتصف عملية التغذية الراجعة بالشمولية ، بحيث تشمل جميع عناصر العملية التعليمية التعلمية ، وجميع المعلمين على اختلاف مستوياتهم التحصيلية والعقلية والعمرية .
5 ـ يجب أن يُستخدم في عملية التغذية الراجعة الأدوات اللازمة بصورة دقيقة .