الشاهد قوله : يا أسمَ حيث أن أصلها يا أسماء ورخمها بحذف الألف والهمزة ، وهذا رأي
سيبوبهِ (1) .
وإن كان المرخم منتهيا بألف التأنيث المقصورة نحو : ليلى ، وسلمى تقول : يا ليلَ ويا سلمَ بحذف الألف وفتح آخر الكلمة .
والمنادى العلم المرخم إما أن يكون مفردا ، أو مركبا ن فإن كان مفردا فمنه ما يحذف منه حرف واحد وهو نوعان : أصل وزائد .
أما الأصل فنحو : حارث ، ومالك ، وعامر ، وعند الترخيم تقول : يا حارِ ، ويا مالِ ، ويا عامِ بحذف الحرف الأخير من الكلمة وبناء آخر الكلمة بعد الحذف على الكسر . والزائد إما أن يكون للتأنيث نحو : طلحة ، فتقول يا طلحَ .
وإما أن يكون للإلحاق كما في معزى وهو علم تقول : يا معزَ .
أو للتكثير كما في بعثرى وهو علم أيضا تقول : يا بعترَ .
وقد يحذف من المنادى المرخم حرفان زائدان وهما الألف والنون مثل : عمران ، ومروان ، وعثمان وسلمان ، فنقول : عمر ، ومرو ، وعثم ، وسلم .
61 ـ ومنه قول الفرزدق :
يا مروَ إن مطيتي محبوسة ترجو الحِباء وربها لم ييأس
الشاهد : قوله : يا مروَ ، حيث حذف الألف والنون للترخيم ، وفتح أخر الكلمة بناء على الحركة الموجودة على حرف الواو قبل الترخيم .
وإن كان العلم مركبا نحو : بعلبك ، حذف منه الجزء الثاني فتقول : يا بعلَ .
ــــــــــــ
1 ـ انظر الكتاب ليسيبويه طبعة بولاق ج1 ص 337 .
نماذج من الإعراب
56 ـ ومنه قول الشاعر :
أ فاطمَ قبل بينك متعيني وحسبك إن منعتك أن تبيني
57 ـ ومنه قول أبن أحمر :
أبو حنش يؤرقنا وطلقٌ وعمار وآونة أثالا
58 ـ ومنه قول الشاعر :
أبا عروَ لا تبعد فكل ابن حرة سيدعوه داعي ميِتة فيجيب
59 ـ ومنه قول النابغة الذبياني :
كليني لهم يا أميمةَ ناصب وليل أقاسيه بطيء الكواكب
60 ـ ومنه قول الشاعر :
يا أسمَ صبرا على ما ناب من حدث إن الحوادث ملقِيّ ومنتظَر
61 ـ ومنه قول الفرزدق :
يا مروَ إن مطيتي محبوسة ترجو الحِباء وربها لم ييأس
ثانيا ـ الاستغاثة
تعريفها :
نداء من يُخلِّص من شدة ، أو يعين على دفع مشقة .
نحو : يا لَلمؤمن لِلمظلوم ، يا لَلناس لِلفقير .
أحرف النداء التي تستعمل في الاستغاثة .
لا يستعمل في نداء المستغاث به سوى حرف النداء " يا " ، كما أنه لا يجوز حذفها من نداء
الاستغاثة .
مكونات جملة الاستغاثة :
تتكون جملة الاستغاثة من ثلاثة أجزاء :
1 ـ حرف النداء " يا " .
2 ـ المستغاث به : وهو من يُستنصَر به لتخليص المستنصِر من الشدة ، ويكون مجرورا في الأغلب الأعم بلام مفتوحة .
3 ـ المستغاث له : ويكون مجرورا بلام مكسورة
نحو : يا لَلكرام لِلمحتاجين .
يا : حرف نداء مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
للكرام : اسم مجرور باللام المفتوحة في محل نصب ، لأنه منادى ، والجار والمجرور متعلق بحرف النداء ، لأنه تضمن معنى الفعل المحذوف : أدعو أو
أنادي .
للمحتاجين : اسم مجرور بلام مكسورة ، وعلامة جره الياء ، لأنه جمع مذكر سالم ، والجار والمجرور متعلق بحرف النداء .
أحوال المستغاث به : للمستغاث ثلاثة أحوال :
1 ـ أن يجر بلام مفتوحة غالبا كما أوضحنا آنفا .
2 ـ جواز حذف اللام ، والتعويض عنها بألف في آخر المستغاث .
نحو : يا قوما للمظلوم . ويارجلا للفقير .
يا قوما : يا حرف نداء ، وقوما منادى مبني على الضم المقدر منع من ظهوره الفتحة المناسبة للألف ، في محل نصب ، والألف عوض عن لام الجر المحذوفة ، حرف مبني لا محل له من الإعراب .
للفقير : جار ومجرور متعلقان بحرف النداء " يا " لأنه متضمن معنى الفعل أنادي .
ـ كما يجوز زيادة هاء السكت عند الوقف .
نحو : يا قوماه للمظلوم . وإعرابه كسابقه ، وهاء السكت حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
3 ـ قد يبقى المستغاث على حاله كالمنادى .
نحو : يا قوم للمظلوم ، ويا مؤمن للفقير .
يا قوم : يا حرف نداء ، وقوم منادى مبني على الضم في محل نصب .
فوائد وتنبيهات :
1 ـ لقد ذكرنا أن لام الجر التي في أول المستغاث غالبا ما تكون مبنية على الفتح ، وقلنا غالبا لأنه يجب بناؤها على الكسر في موضعين : ـ
أ ـ إذا كان المستغاث معطوفا ، ولم يتكرر معه حرف النداء .
نحو : يا لَلشباب ولِلشابات للوطن .
62 ـ ومنه قول الشاعر :
يبكيك ناء بعيد الدر مغترب يا لَلكهول ولِلشباب للعجب
يا : حرف نداء مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
للشباب : اللام حرف جر مبني على الفتح لا محل له من الإعراب ، والشباب اسم مجرور ، وعلامة جره الكسرة الظاهرة في محل نصب منادى ، والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء " يا " .
وللشابات : الواو حرف عطف مبني على الفتح ، واللام حرف جر مبني على الكسر ، الشابات اسم مجرور باللام ، وعلامة جره الكسرة ، وهو معطوف في محل نصب .
ب ـ إذا كان المستغاث يا المتكلم وجب كسر لام الجر .
نحو : يا لِي للمظلوم .
يا لي : يا حرف نداء ، لي اللام حرف جر مبني على الكسر ، ويا المتكلم ضمير متصل مبني على السكون في محل جر ، وعلامة جره الكسرة المقدرة منع من ظهورها علامة البناء الأصلي ، وهو في محل نصب منادى ، والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء .
2 ـ إذا كان المستغاث مبنيا في الأصل بقي على حالة بنائه ، وقدرت عليه علامة الإعراب . نحو : يا لهذا للعاجز ، ويا لك للغريق .
يا لهذا : يا حرف نداء ، لهذا اللام حرف جر مبني على الفتح ، وهذا اسم إشارة مجرور بالكسرة المقدرة منع من ظهورها علامة البناء الأصلي ، وهو في محل نصب منادى ، والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء " يا " .
غير أنه يلاحظ من الإعراب السابق لاسم الإشارة " هذا " التكلف الواضح ، والتعقيد الذي وقع فيه كثير من النحاة ، ونرى ويرى بعض المعربين غير ذلك ، وذلك على النحو التالي :
يا لهذا : يا حرف نداء ، لهذا : اللام حرف جر زائد ن وهذا اسم إشارة منادى مبني على السكون في محل نصب . وبهذا نكون قد أخرجنا الجار والمجرور من التعلق ، لأن اللام زائدة .
ثالثا ـ المستغاث له :
هو من يستغيث من أجل تخليصه من الشدة ، ودفعها عنه ، ويجر بلام مكسورة .
نحو : يا للناس للفقير ، ويا للشباب للوطن .
فـ " للفقير " هو ما يعرف بالمستغاث له ، ويعرب جارا ومجرورا .
فوائد وتنبيهات :
1 ـ ذكرنا سابقا أن لام المستغاث له يجب بناؤها على الكسر ، كذلك يجب بناؤها على الفتح إذا كان المستغاث له ضميرا غير ياء المتكلم .
نحو : يا للمعين لنا .
يا للمعين : يا حرف نداء ، للمعين اللام حرف جر ، ومعين اسم مجرور في محل نصب منادى ، والجار والمجرور متعلقان بـ " يا " .
لنا : اللام حرف جر مبني على الفتح ، و " النا " ضمير متصل مبني على السكون في محل جر ، والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء ، أو الفعل المحذوف .
2 ـ إذا كان الاسم الواقع بعد المستغاث غير مستغاث له ، بل مستغاث عليه ، أي يطلب الانتصار عليه ، وليس له ، حذفنا اللام ، وجررنا بحرف الجر " من " .
نحو : يا لله من الكاذب .
63 ـ ومنه قول الشاعر :
يا للرجال ذوي الألباب من نفر لا يبرح الشرف الردى لهم دينا
يا لله : يا حرف نداء ، لله اللام حرف جر ، ولفظ الجلالة اسم مجرور ، وعلامة جره الكسرة ، وهو في محل نصب منادى ، والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء .
من الكاذب : من حرف جر مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، الكاذب اسم مجرور بمن وعلامة جره الكسرة ، والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء .
3 ـ لقد مر معنا أن لام المستغاث في الأغلب الأعم واجبة الفتح ، ولام المستغاث له واجبة الكسر ، والغرض من ذلك هو التفريق بين اللامين ، لأن اللام الأولى واقعة في غير موضعها ، لأن المنادى لا يحتاج إلى لام للدخول عليه ، ولورود اللام في غير موضعها كانت أولى بالتغيير ، لهذا فتحت بدلا من الكسر الذي هو أصل حركتها ، وعلى العكس من ذلك ، فاللام الواقعة في أول المستغاث لام واقع في مكانها ، وجارية على الأصل في استعمالها فبقيت لها حركتها الأصلية وهي الكسر .
4 ـ يجوز في تابع المستغاث المعرب وجهان :
أ ـ مراعاة المحل ، وبذلك جواز نصب التابع .
نحو : يا لأبطالِ العربِ الشجعانَ للأوطان .
يا لأبطال : يا حرف نداء مبني على السكون ، لأبطال اللام حرف جر مبني على الفتح ، وأبطال منادى منصوب بالفتحة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الكسرة الناتجة عن حرف
الجر ، والجار والمجرور متعلقان بحرف النداء ، وأبطال مضاف ، والعرب مضاف إليه مجرور بالكسرة .
الشجعان : صفة لأبطال منصوب على المحل بالفتحة الظاهرة .
ب ـ مراعاة اللفظ ، وبذلك جواز الجر .
نحو : يا لأبطالَ العربِ الشجعانِ للأوطان .
فـ " الشجعان " صفة لأبطال مجرور على اللفظ ، وعلامة جرها الكسرة الظاهرة .
5 ـ أما تابع المستغاث المبني في الأصل ، فيعرب تابعا على اللفظ ، أي يجب فيه الجر . نحو : يا لَهذا المؤمنِ للمظلوم .
يا لهذا : يا حرف نداء ، لهذا اللام حرف جر مبني على الفتح ، وهذا اسم إشارة مبني على السكون مجرور بالكسرة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بعلامة البناء الأصلي في محل نصب منادى .
المؤمن : بدل من اسم الإشارة مجرور على اللفظ .
6 ـ إذا كان السم الواقع بعد اللام غير عاقل فلا يصح أن يكون مستغاثا به ، لذلك جاز فتح اللام وكسرها .
نحو : يا لَلعار ، ويا لِلعجب .
فإذا اعتبرنا اللام مفتوحة كما في المثال الأول كان الاسم مستغاثا به ، أي مجرورا باللام في محل نصب منادى ، والتقدير : يا عار احضر فهذا أوانك .
أما إذا اعتبرنا اللام مكسورة كما في المثال الثاني ، كان الاسم مستغاثا له ، أي : مجرورا باللام فقط ، ويكون معناه : يا لقومي للعار .
ثانيا ـ الندبة
تعرفها : هي نداء المتفجع عليه ، أو المتوجع من .
مثال المتفجع عليه : وا محمدُ ، وا عليُّ .
ومنه قول الشاعر يرثي عمر بن عبد العزيز :
حملت أمرا عظيما فاصطبرت به وقمت فيه بأمر الله يا عمرا
وا : حرف نداء وندبة مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
محمد : منادى مندوب مبني على الضم في محل نصب .
ومثال المتوجع منه : وا مصيبتاه ، وا حسرتاه .
64 ـ ومنه قول الشاعر :
فوا كبداه من حب من لا يحبني ومن عبرات ما لهن فناء
65 ـ ومنه قول المتنبي :
وا حر قلباه ممن قلبه شَبِمُ ومن بسمي وحالي عنده سقم
وا مصيبتاه : وا حرف نداء وندبة مبني على السكون لا محل له من الإعراب ,
مصيبتاه : مصيبتا منادى مندوب مبني على الضم المقدر منع من ظهوره الفتحة المناسبة الألف في محل نصب ، والهاء هاء السكت حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
حروف النداء المستعملة للندبة :
لا يستعمل من حروف النداء للندبة سوى حرفي النداء " وا " ، و " يا " .
أما الأول فيستعمل بدون شروط .
والثاني يجب ألا يكون هناك لبس عند استعماله ، ومنه بيت جرير السابق الذي يرثي فيه عمر بن عبد العزيز .
فوائد وتنبيهات :
1 ـ المندوب حكمه حكم المنادى من حيث الإعراب .
ينصب إذا كان مضافا ، أو شبيها بالمضاف ، أو نكرة غير مقصودة .
ويبنى على الضم إذا كان علما مفردا ، ويبنى على ما يرفع به إذا كان نكرة مقصودة ، أو علما
مثنى ، أو مجموعا جمع مذكر سالما .
2 ـ الغالب في المندوب زيادة ألف في آخره مفتوح ما قبلها ، كما يزاد هليها هاء عند الوقف كما مثلنا سابقا ، ومنه : وا سيداه ، وا رأساه ، وا حسرتاه .
كما أن الألف المذكورة قد تزاد على المضاف إلى المندوب .
نحو : وا حر قلباه ، وا عبد المجيداه .
وا : حرف نداء وندبة مبني على السكون .
عبد المجيداه : منادى مندوب منصوب الفتحة ، وهو مضاف ، والمجيد مضاف إليه مجرور بالكسرة المقدرة منع من ظهورها حركة المنسبة على الألف ، والألف حرف زائد مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، والهاء للسكت حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
ومن شروط زيادة ألف المندوب ألاّ تؤدي إلى لبس ، فإذا أدت إلى إليه لزم الأتيان بحرف مد آخر . نحو : وا أخاكِ .
وهذا تفجع على " أخ " مضاف إلى ضمير المخاطبة ، فإذا زدنا الألف قلنا :
وا أخاكا . فالتبس الأمر بـ " أخ " المضاف إلى ضمير المخاطب ، لذلك وجب القول : وا أخاكي .
وا : حرف نداء وندبة مبني على السكون .
أخاكي : منادى مندوب منصوب الألف ، لأنه من الأسماء الستة ، وأخا مضاف ، والكاف ضمير متصل مبني على الكسر في محل جر مضاف إليه ، والياء حرف زائد مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
3 ـ إذا كان المندوب مضافا إلى ياء المتكلم الساكنة ، جاز حذفها ، وجيء ألف الندبة مفتوحا ما
قبلها .
نحو : وا غلامي . تقول : وا غلاما .
وا : حرف نداء وندبة مبني على السكون .
غلاما : منادى منصوب بالفتحة المقدرة منع من ظهورها حركة المناسبة للألف ، والألف حرف زائد مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، وغلام مضاف ، والياء المحذوفة في محل جر مضاف إليه .
كما يجوز فتح " ياء " المتكلم ، وزيادة ألف الندبة بعدها مع " هاء " السكت ، أو بدونها .
نحو : واغلامياه ، أو وا غلاميا .
ويجوز إبقاء " الياء " دون حذف ، أو تغيير .
نحو : وا غلامي ، وا حسرتي .
4 ـ أما إذا كان المندوب المضاف إلى ياء المتكلم منتهيا بألف مثل : موسى ، ومصطفي ، وليلى وجب إبقاء الياء مع بنائها على الفتح .
نحو : وا موسايَ ، وا مصطفايَ ، وا ليلايَ .
كما يجوز إلحاق ألف الندبة ، وها السكت .
نحو : وا موساياه ، وامصطفاياه ، وا ليلاياه .
5 ـ فإذا كان المندوب المنتهي بألف غير مضاف إلى ياء المتكلم ، وأريد زيادة ألف الندبة وجب حذف ألفه الأصلية .
نحو : وا موساه ، وا مصطفاه ، وا ليلاه .
وا موساه : وا حرف نداء وندبة ، موسى منادى مندوب مبني على الضم المقدر منع من ظهوره التعذر على الألف المحذوفة ، والألف الموجودة حرف زائد مبني على السكون لا محل له من الإعراب ، والهاء للسكت حرف مبني على السكون .
نحو : وا غلاميا
نماذج من الإعراب
62 ـ ومنه قول الشاعر :
يبكيك ناء بعيد الدر مغترب يا لَلكهول ولِلشباب للعجب
63 ـ ومنه قول الشاعر :
يا للرجال ذوي الألباب من نفر لا يبرح الشرف الردى لهم دينا
64 ـ ومنه قول الشاعر :
فوا كبداه من حب من لا يحبني ومن عبرات ما لهن فناء
65 ـ ومنه قول المتنبي :
وا حر قلباه ممن قلبه شَبِمُ ومن بجسمي وحالي عنده سقم