[ltr]
سورة الضياع
عبد الله السماوي
أتسربل بشوقي
فينتحب ظلي طويلا
يحوم حولي كالدائرة
فتنتحر الجهات
الاربع
تنتابني رغبة مجنونة
في التحليق
الى حيث يسكن لهاث
أصابعي
مغلقة هذه المسامات
حد الرتق بخيط المستحيل
فيا سهم العدم الناتئ في خاصرتي
قدَني الى نصفين
روي نهمك
من ملح شواطئي
ذرني
كالرماد في رمالك
ورتل على حطامي سورة الضياع
هناك قرب شاطئ اللهب
ربما
أنبت من جديد
معزوفة على ناي راعٍ حزين
أو رقعة
في ثوب يتيم
قصيدة بلغة بسيطة وبتركيبة بلاغية ليست بالمعقدة ولكنها ساحرة جاذبة للجمال من كل الأطراف جعلت من المقطوعة لحنا جماليا قلّ نظيره وخاصة عندما تعلقت الحروف بعنوانها المتوغل في مضمونها فتشكلت وإياه بتركيبة جوانية للنص عتقت مدلول الضياع بكافة أشكاله
العنوان بحد ذاته بوصلة القصيدة من حيث انتقاء المفردات التي وظفت لهذه الفكرة فلم يأتنا ب مفردات تقليدية يستخدمها كل من شعر بالضياع وإنما ربطها ب نفس ديني إلا وهي مفردة( السورة ) فهنا الموقف ليس تشكيلا آنيا بل امتداد مستطرد لكل الحياة على امتداد أزمتها معه لأن السور القرآنية وكما هو معروف جدا ليست لموقف آني أبدا وإنما شريعة
فالضياع لديه انطلاقا من هذه المفردة ليس إلا شريعة حياة استوجب منه أن يجعل منه صورة لماهية حياته
هذه المقطوعة الأدبية بمجملها لوحة فينة رمزية ساحرة تعتقت فيها مشاعر رجل شرقي قابل المستحيل في صدفة ما فهام بالشوق وانقلبت في ناظريه الموازين وانعدم التوازن فكان الضياع فقد ربط الشاعر ضياعه بمفرادت قاسية صادمة
كالرمال واللهب وما أصعب المزيج هنا هو الاحتراق بحد ذاته في كينونة الضياع ليأتي الانتحاب للظل ( انتحاب الظل ) مدلول نفسي عميق فهل كان قبلا رجل وبعد الضياع أصبح ظلا أم هو ظل في ظل وآتاه الضياع ليكمل ما نقص من الرواية وهناك نظرة أخرى لهذه الصورة والتي ربما هي أن ما في داخله غير الظاهر حيث أن المشاعر المتضاربة التي خلفها الضياع جعلت منه ظلا لا يراه الناس إلا تحت أشعة الضياع الذي أراده الشاعر مخفيا إلا عن نفسه المصارعة بانهزام لهذا الضياع
ناهيك أن الظل بالعادة لا يكون دائري وهذا يعني أن ( الظل) مدلول عميق لما أبعد من الفكرة فقد استوجب ناحية سميائية عميقة خاصة أن هذا الظل أحاطه كدائرة فالنفس الشاعرة إذن سويداء ومحور الضياع ومقيدة به وفعل الانتحار بحد ذاته هو فقدان الأمل واليأس فما أقدر الشاعر على الربط العميق بين دائرة الضياع وانتحار الجهات
وهي صور متلاحقة ليبين للمتلقي عمق الألم المتناسل في الروح والنفس من جراء قصف الضياع لصبره
وهنا تومئ صورة الشاعر المخزون في النفس من خلال الرغبة المجنونة في التحليق ( إلى أين يا ترى ؟ )
وضح الشاعر الطريق ولكنه لم يبرزه تماما ( لهاث الأصابع ) صورة فينة معبرة جدا ولكنها غير واضحة المعالم وتفتح للمتلقي أبواب السؤال
هل لهاث أصابعه الورق والكتابة ونزف الحروف أم لهاثها لمسات الشوق فوق وجه الحبيب
وما بينهما صورة منعكسة من الخارج للداخل وربما يرسم بلهاث أصابعه صورة الحبيب المستحيل
على ورق فيكون للجنون معنى مختلف جدا بنكهة الاشتعال
ليعود مرة أخرى لليأس برماد المستحيل
فيا سهم العدم الناتئ في خاصرتي
قدَني الى نصفين
سهم العدم وهو الشوق لحبيب مستحيل والخاصرة نزيف متواصل أما النصفان فهو ال هنا وال هناك
الروح والجسد الرغبة وصراعها الواقع والخيال وما أعمقك أيها السماوي في تصوير الجرح بطريقة فنية تجعل المتلقي أمام صورة واضحة المعالم لهذا النزيف المتواصل وكأنه في خارطة تشير لكل الطرق
ما بين أنغام المفردات وكأنها صوت ناي حزين ولحن غريب تظهر تشكيلة فنية راقية معرض صوري بالغ الدقة في التصوير ملح الشواطئ واليتم رديفان لحياة ملؤها الألم والحزن والنزف
هناك قرب شاطئ اللهب
ربما
أنبت من جديد
معزوفة على ناي راعٍ حزين
أو رقعة
في ثوب يتيم
حتى الاقتراب من المحبوب مطلق الألم
فمتى كان اللهب ينبت ولكنه الحب إلا أن النماء جاء بأسلوب مختلف لما نعتده قبلا
سينضج معزوفة ( ناي حزين ) ويعود هنا الحزن مطبقا حتى في القرب أو رقعة ( وليس مساحة كاملة ) في ثوب يتيم
هنا اكتملت الصورة بكل ماهيتها وكينونتها
أصبح القرب والبعد وجهان لعملة واحدة ألا وهي الضيــــــــــــــاع فكيف لا يكون سورة
أبدعت شاعرنا القدير في رسم ملامح الضياع بأجمل تصوير
دمت بكل تقدير ولمزيد من الابداع
[/ltr]
سورة الضياع
عبد الله السماوي
أتسربل بشوقي
فينتحب ظلي طويلا
يحوم حولي كالدائرة
فتنتحر الجهات
الاربع
تنتابني رغبة مجنونة
في التحليق
الى حيث يسكن لهاث
أصابعي
مغلقة هذه المسامات
حد الرتق بخيط المستحيل
فيا سهم العدم الناتئ في خاصرتي
قدَني الى نصفين
روي نهمك
من ملح شواطئي
ذرني
كالرماد في رمالك
ورتل على حطامي سورة الضياع
هناك قرب شاطئ اللهب
ربما
أنبت من جديد
معزوفة على ناي راعٍ حزين
أو رقعة
في ثوب يتيم
قصيدة بلغة بسيطة وبتركيبة بلاغية ليست بالمعقدة ولكنها ساحرة جاذبة للجمال من كل الأطراف جعلت من المقطوعة لحنا جماليا قلّ نظيره وخاصة عندما تعلقت الحروف بعنوانها المتوغل في مضمونها فتشكلت وإياه بتركيبة جوانية للنص عتقت مدلول الضياع بكافة أشكاله
العنوان بحد ذاته بوصلة القصيدة من حيث انتقاء المفردات التي وظفت لهذه الفكرة فلم يأتنا ب مفردات تقليدية يستخدمها كل من شعر بالضياع وإنما ربطها ب نفس ديني إلا وهي مفردة( السورة ) فهنا الموقف ليس تشكيلا آنيا بل امتداد مستطرد لكل الحياة على امتداد أزمتها معه لأن السور القرآنية وكما هو معروف جدا ليست لموقف آني أبدا وإنما شريعة
فالضياع لديه انطلاقا من هذه المفردة ليس إلا شريعة حياة استوجب منه أن يجعل منه صورة لماهية حياته
هذه المقطوعة الأدبية بمجملها لوحة فينة رمزية ساحرة تعتقت فيها مشاعر رجل شرقي قابل المستحيل في صدفة ما فهام بالشوق وانقلبت في ناظريه الموازين وانعدم التوازن فكان الضياع فقد ربط الشاعر ضياعه بمفرادت قاسية صادمة
كالرمال واللهب وما أصعب المزيج هنا هو الاحتراق بحد ذاته في كينونة الضياع ليأتي الانتحاب للظل ( انتحاب الظل ) مدلول نفسي عميق فهل كان قبلا رجل وبعد الضياع أصبح ظلا أم هو ظل في ظل وآتاه الضياع ليكمل ما نقص من الرواية وهناك نظرة أخرى لهذه الصورة والتي ربما هي أن ما في داخله غير الظاهر حيث أن المشاعر المتضاربة التي خلفها الضياع جعلت منه ظلا لا يراه الناس إلا تحت أشعة الضياع الذي أراده الشاعر مخفيا إلا عن نفسه المصارعة بانهزام لهذا الضياع
ناهيك أن الظل بالعادة لا يكون دائري وهذا يعني أن ( الظل) مدلول عميق لما أبعد من الفكرة فقد استوجب ناحية سميائية عميقة خاصة أن هذا الظل أحاطه كدائرة فالنفس الشاعرة إذن سويداء ومحور الضياع ومقيدة به وفعل الانتحار بحد ذاته هو فقدان الأمل واليأس فما أقدر الشاعر على الربط العميق بين دائرة الضياع وانتحار الجهات
وهي صور متلاحقة ليبين للمتلقي عمق الألم المتناسل في الروح والنفس من جراء قصف الضياع لصبره
وهنا تومئ صورة الشاعر المخزون في النفس من خلال الرغبة المجنونة في التحليق ( إلى أين يا ترى ؟ )
وضح الشاعر الطريق ولكنه لم يبرزه تماما ( لهاث الأصابع ) صورة فينة معبرة جدا ولكنها غير واضحة المعالم وتفتح للمتلقي أبواب السؤال
هل لهاث أصابعه الورق والكتابة ونزف الحروف أم لهاثها لمسات الشوق فوق وجه الحبيب
وما بينهما صورة منعكسة من الخارج للداخل وربما يرسم بلهاث أصابعه صورة الحبيب المستحيل
على ورق فيكون للجنون معنى مختلف جدا بنكهة الاشتعال
ليعود مرة أخرى لليأس برماد المستحيل
فيا سهم العدم الناتئ في خاصرتي
قدَني الى نصفين
سهم العدم وهو الشوق لحبيب مستحيل والخاصرة نزيف متواصل أما النصفان فهو ال هنا وال هناك
الروح والجسد الرغبة وصراعها الواقع والخيال وما أعمقك أيها السماوي في تصوير الجرح بطريقة فنية تجعل المتلقي أمام صورة واضحة المعالم لهذا النزيف المتواصل وكأنه في خارطة تشير لكل الطرق
ما بين أنغام المفردات وكأنها صوت ناي حزين ولحن غريب تظهر تشكيلة فنية راقية معرض صوري بالغ الدقة في التصوير ملح الشواطئ واليتم رديفان لحياة ملؤها الألم والحزن والنزف
هناك قرب شاطئ اللهب
ربما
أنبت من جديد
معزوفة على ناي راعٍ حزين
أو رقعة
في ثوب يتيم
حتى الاقتراب من المحبوب مطلق الألم
فمتى كان اللهب ينبت ولكنه الحب إلا أن النماء جاء بأسلوب مختلف لما نعتده قبلا
سينضج معزوفة ( ناي حزين ) ويعود هنا الحزن مطبقا حتى في القرب أو رقعة ( وليس مساحة كاملة ) في ثوب يتيم
هنا اكتملت الصورة بكل ماهيتها وكينونتها
أصبح القرب والبعد وجهان لعملة واحدة ألا وهي الضيــــــــــــــاع فكيف لا يكون سورة
أبدعت شاعرنا القدير في رسم ملامح الضياع بأجمل تصوير
دمت بكل تقدير ولمزيد من الابداع
[/ltr]