التضمين
نوع من المجاز ، لأن اللفظ لم يوضع للحقيقة والمجاز معا ، والجمع بينهما مجاز خاص يعرف بالتضمين ، وهو على وجه الخصوص : أن يتضمن فعل معنى فعل آخر ، وبذلك قد ينتقل الفعل إلى أكثر من درجة ، فإن كان لازما يصبح بالتضمين متعديا ، وإن كان متعديا لمفعول به ، فإنه يتعدى بالتضمين لأكثر .
والأفعال المتضمنة معنى بعض كثيرة ، ومنها على سبيل المثال الآتي : ـ
أتمَّ : 143 ـ نحو قوله تعالى : { فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم }1 .
تعدى " أتم " بحرف الجر " إلى " لتضمنه معنى " فأدوا " .
أحب : 144 ـ نحو قوله تعالى : { فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي }2.
فـ " حب " مفعول به لأحببت ، لأنه تضمن معنى آثرت .
تخشى : 145 ـ نحو قوله تعالى : { وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه }3 .
الناس " مفعول به لتخشى ، لتضمنه معنى تستحي ، أي : وتستحي الناس والله أحق أن تستحييه .
سمع : 146 ـ نحو قوله تعالى : { وإن يقولوا تسمع لقولهم }4 .
فضمن تسمع معنى تصغي ، فتعدى لمفعوله باللام في قوله : لقولهم .
ومن الأفعال المتعدية لمفعولين عن طريق التضمين التالي :
وصَّى : نحو قوله تعالى : { ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا }5 .
قيل : ضمن " وصينا " معنى " ألزمنا " فتعدى لاثنين ، الثاني : إحسانا ، وقيل مصدر {6} . زوَّج : 147 ـ نحو قوله تعالى : { وزوجناهم بحور عين }7 .
ـــــــــــــــــــــــ
1 ـ 4 التوبة . 2 ـ 32 ص
3 ـ 37 الأحزاب . 4 ـ 4 المنافقون .
5 ـ 15 الأحقاف . 6 ـ البحر المحيط ج8 ص60 .
7 ـ 54 الدخان .
زوج يتعدى بنفسه إلى المفعولين ، وتعدى في الآية إلى المفعول الثاني بـ " الباء " لتضمنه معنى قرناهم {1} .
رابعا ـ تضمن بعض الأفعال معنى الظن
هناك قول يتضمن معنى الظن ، ويشترط في هذا القول أن يكون الفعل مضارعا مسبوقا باستفهام ، وأن يكون للمخاطب ، وفي هذه الحالة يمكن لفعل القول أن يعمل عمل " ظن " ، فينصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر .
نحو : أتقول محمدا مسافرا ، وأتقول أخاك ناجحا .
أما إذا اختل شرط من الشروط السابقة ، وجب رفع المفعولين باعتبارهما مبتدأ وخبر ، وهما في محل نصب مقول القول .
خامسا ـ هناك أفعال تنصب مفعولين ليس أصلهما المبتدأ غير التي ذكرنا ، ومن هذه الأفعال :
آتي ـ آجر ـ بخس ـ بلّغ ـ بوأ ـ اتبع ـ جرم ـ جزى ـ حذّر ـ أحضر ـ أحل ـ أخسر ـ خوّف ـ أرهق ـ أدخل ـ زوّج ـ زاد ـ سلب ـ سمّى ـ سام ـ أصلى ـ أضل ـ أغشى ـ غشّى ـ قدّر ـ كتم ـ كلّف ـ لقّى ـ ملأ ـ منع ـ أنذر ـ أنسى ـ أنكح ـ ذرّ ـ أورث ـ أورد ـ وصّى ـ وعد ـ واعد ـ وفّى ـ ولّى ـ اختار ـ صدّق ـ وغيرها كثير {2} .
ـــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ انظر الجمل ج4 ص210 .
2 ـ انظر دراسات لأسلوب القرآن الكريم القسم الثالث ج2 ص293 وما بعدها .
نماذج من الإعراب
143 ـ قال تعالى : { فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم } 4 التوبة .
فأتموا : الفاء حرف عطف ، وأتموا فعل أمر مبني على حذف النون ، والواو في محل رفع فاعل ، والجملة معطوفة على ما قبلها .
إليهم : جار ومجرور متعلقان بأتموا .
عهدهم : عهد مفعول به منصوب ، وهو مضاف ، والضمير المتصل في محل جر بالإضافة .
إلى مدتهم : جار ومجرور ، ومدة مضاف ، والضمير المتصل في محل جر بالإضافة ، وشبه الجملة متعلق بمحذوف في محل جر بدل من إليه .
144 ـ قال تعالى : { فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي } 32 ص .
فقال : الفاء حرف عطف ، وقال فعل ماض مبني على الفتح ، والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقدير هو . إني : إن واسمها في محل نصب .
أحببت : فعل وفاعل ، وحب هنا متضمنة معنى آثر فيتعدى بعن ، والجملة الفعلية في محل رفع خبر إن . وإن وما بعدها في محل نصب مقول القول .
وجملة قال وما بعدها معطوفة على ما قبلها .
حب الخير : حب مفعول به للفعل أحببت ، أو مفعول مطلق ، وقيل مفعول من أجله ، وحب مضاف ، والخير مضاف إليه .
عن ذكر : جار ومجرور متعلقا بأحببت ، وذكر مضاف .
ربي : مضاف إليه ، ورب مضاف ، وياء المتكلم في محل جر بالإضافة .
وقد ذكر أحد المعربين القدامى أن " حب الخير " فيه أوجه كثيرة منها : 1 – أنه مفعول أحببت ، لأنه بمعنى آثرت ، و " عن " على هذا بمعنى " على "
2 ـ أن حب مصدر على حذف الزوائد ، والناصب له أحببت .
3 ـ أنه مصدر تشتهي ، أي : حباً مثل حب الخير .
4 ـ أنه ضمن معنى أنبأت ، فلذلك تعدى بـ " عن " .
5 ـ أن حببت بمعنى لزمت .
6 ـ أن أحببت من أحب البعير إذا سقط وبرك من الإعياء ، والمعنى قعدت عن ذكر ربي ، فيكون حب الخير على هذا مفعولاً من أجله ، وعن ذكر ربي متعلقان بأحببت ، والإضافة من إضافة المصدر إلى المفعول ، أي : عن أن أذكر ربي ، أو إلى الفاعل ، والتقدير : عن أن يذكرني ربي .
145 ـ قال تعالى : { وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه } 37 الأحزاب .
وتخشى : الواو للحال أو عاطفة ، تخشى فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة ، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت . الناس : مفعول به منصوب بالفتحة .
وجملة تخشى في محل نصب حال ، أو معطوفة على ما قبلها .
والله : الواو حالية أو عاطفة ، وكونها حالية أحسن ، والله مبتدأ مرفوع بالضمة .
أحق : خبر مرفوع بالضمة ، والجملة الاسمية في محل نصب حال .
أن تخشاه : أن حرف مصدري ونصب ، وتخشى فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف ، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت ، والضمير المتصل في محل نصب مفعول به ، وأن وما بعدها في تأويل مصدر مؤول في محل رفع بدل اشتمال من لفظ الجلالة ، ويجوز أن يكون المصدر المؤول منصوباً على نزع الخافض متعلق بأحق ، وقال أبو البقاء يجوز أن يكون المصدر المؤول في محل رفع مبتدأ ، وأحق خبره مقدم عليه ، والجملة من المبتدأ والخبر في محل رفع خبر لفظ الجلالة .
146 ـ قال تعالى : { وإن يقولوا تسمع لقولهم } 4 المنافقون .
وإن يقولوا : الواو حرف عطف ، وإن حرف شرط جازم لفعلين ، ويقولوا فعل
الشرط مجزوم ، وعلامة جزمه حذف النون ، وواو الجماعة في محل رفع فاعل .
تسمع : فعل مضارع مجزوم جواب الشرط ، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت . لقولهم : جار ومجرور متعلقان بتسمع ، وتسمع متضمن معنى تصغي ، وقول مضاف ، والضمير المتصل في محل جر بالإضافة .
وجملة إن يقولوا معطوفة على ما قبلها .
قال تعالى : { ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا } 15 الأحقاف .
ووصينا : الواو حرف استئناف ، ووصينا فعل وفاعل .
الإنسان : مفعول به منصوب بالفتحة ، وجملة وصينا لا محل لها من الإعراب مستأنفة مسوقة لبيان العبرة في اختلاف حال الإنسان مع أبويه .
بوالديه : جار ومجرور متعلقان بوصينا ، ووالد مضاف ، والضمير المتصل في محل جر بالإضافة .
إحساناً : مفعول به أول منصوب بالفتحة على تضمين وصينا معنى ألزمنا ، ويجوز أن يكون إحساناً مفعول مطلق منصوب لفعل محذوف تقديره يحسن ، أي : وصيناه أن يحسن إليهما إحساناً ، وقيل أن إحساناً منصوب على أنه مفعول من أجله ، والتقدير : وصيناه بهما إحساناً منا إليهما .
147 ـ قال تعالى : { وزوجناهم بحور عين } 54 الدخان .
وزوجناهم : الواو حرف عطف ، وزوجناهم فعل وفاعل ومفعول به ، والجملة عطف على يلبسون .
بحور : جار ومجرور متعلقان بزوجناهم . عين : نعت مجرور لحور .
سادسا ـ المشبه بالمفعول به :
يجوز في معمول الصفة المشبهة إذا كان معرفة الرفع لأنه فاعل .
نحو : محمد حسنٌ وجهُهُ .
فإن قصد به المبالغة حولنا الإسناد عن الفاعل إلى الضمير المستتر في الصفة المشبهة ، والعائد إلى ما قبلها ، ونصبنا ما كان فاعلا تشبيها له بالمفعول به .
فنقول : محمد حسنٌ وجهَهُ ، أو : حسنٌ الوجهَ .
فـ " فوجهَهُ ، أو الوجهَ " مشبه بالمفعول به منصوب بالفتحة ، ولا يصح أن نعتبرها مفعولا به ، لأن الصفة المشبهة لازمة لا تتعدى لمعمولها ، ولا يصح نصبه على التمييز ، لأن الاسم معرفة بإضافته إلى الضمير ، أو بـ " أل " التعريف ، والتمييز لا يكون إلا نكرة .
سابعا ـ هناك علامتان يجب توفرهما في الفعل المتعدي إلى المفعول به ، أوأكثر ، هما :
1 ـ أن يصح اتصاله بضمير الغائب " الهاء " . نحو : كتبه ، أرسله ، كافأه .
إذ إن الفعل اللازم لا يصح اتصاله بذلك الضمير .
فلا نقول : ذهبته ، وجلسته .
2 ـ أن يصاغ منه اسم مفعول تام على وزن " مفعول " .
نحو : كتب ـ مكتوب ، أكل ـ مأكول ، ضرب ـ مضروب .
ولا يصح أن يصاغ من الفعل اللازم ، فلا نقول : مذهوب ، ومجلوس .
ثامنا ـ يجوز في أفعال القلوب " ظن " وأخواتها حذف أحد مفعوليها ، أو حذف المفعولين معا .
148 ـ فمثال الأول قوله تعالى : { اتخذوه وكانوا ظالمين }1 . أي اتخذوه إلها .
ـــــــــــــــ
1 ــ 148 الأعراف .
ومنه قول عنترة :
ولقد نزلت فلا تظني غيره مني بمنزلة المحب المكرم
فحذف أحد المفعولين ، والتقدير : فلا تظني غيره حاصلا .
غير أن حذف أحد المفعولين عند أكثر النحويين ممتنع ، لأنه لا يجوز الاقتصار على المفعول الأول ، لأن الشك والعلم وقعا في المفعول الثاني ، وهما معا كالاسم الواحد ، ومضمونهما معا هو المفعول به في الحقيقة ، فلو حذفت أحدهما كأن حذفت بعض أجزاء الكلمة الواحدة إلا أن الحذف وارد مع القرينة .
ومثال الثاني : 149 ـ قوله تعالى : { أين شركائي الذين كنتم تزعمون }1 .
فالمفعولان محذوفان : أحدهما عائد للموصول ، أي : تزعمونهم شركاء .
وقدرهما ابن هشام في المغنى بقوله : تزعمون أنهم شركاء . أي من " أن " ومعموليها ، لأن زعم في الغالب لا يقع على المفعولين صريحا ، بل على أن
وصلتها . 150 ـ ومنه قوله تعالى : { وإن هم لا يظنون }2 .
فحذف المفعولين ، وحذفهما جائز ، والتقدير : يظنون ما هو نافع لهم .
تاسعا ـ إذا كان المفعول به تابعا لجواب " أما " وجب تقديمه على عامل الفعل ـ " لا " الناهية ـ إذا انعدم الفاصل بين " ما " والجواب .
151 ـ نحو قوله تعالى : { فأما اليتيم فلا تقهر }3 .
وقوله تعالى : { وأما السائل فلا تنهر }4 .
فـ " اليتيم ، والسائل " كل منهما منصوب بالفعل بعده ، والفاء غير فاصلة بين الفعل ومعموله ، ولا مانعة {5 } .
ــــــــــــــــــ
1 ـ 62 القصص . 2 ـ 178 البقرة .
3 ـ 9 الضحى . 4 ـ 10 الضحى .
5 ـ إملاء ما من به الرحمن ج2 ص155 .
نماذج من الإعراب
148 ـ قال تعالى : { اتخذوه وكانوا ظالمين } 148 الأعراف .
اتخذوه : اتخذ فعل ماض ، وواو الجماعة في محل رفع فاعل ، والهاء في محل نصب مفعول به أول ، والمفعول به الثاني محذوف تقديره : إلهاً .
والجملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب مسوقة لتكون جواباً عن سؤال نشأ من سياق الكلام ، أي : فكيف اتخذوه ؟ .
وكانوا : الواو حرف عطف ، وكان واسمها في محل رفع .
ظالمين : خبرها منصوب بالياء ، والجملة معطوفة على ما قبلها .
149 ـ قال تعالى : { أين شركائي اللذين كنتم تزعمون } 62 القصص .
أين : اسم استفهام في محل نصب على الظرفية المكانية متعلق بمحذوف في محل رفع خبر مقدم .
شركائي : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة ياء المتكلم ، وياء المتكلم في محل جر بالإضافة ، وجملة شركائي في محل نصب مقول قولٍ سابق . اللذين : اسم موصول في محل رفع صفة لشركائي .
كنتم : كان واسمها في محل رفع .
تزعمون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، وواو الجماعة في محل رفع فاعل ، ومفعولا تزعمون محذوفان تقديرهما : تزعمونهم شركائي .
والجملة الفعلية في محل نصب خبر كان .
وجملة كنتم تزعمون لا محل لها من الإعراب صلة الموصول .
150 ـ قال تعالى : { وإن هم إلا يظنون } 78 البقرة .
وإن : الواو للحال ، وإن نافية لا عمل لها . هم : ضمير في محل رفع مبتدأ .
إلا : أداة حصر لا عمل لها لتقدم النفي .
يظنون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، والواو في محل رفع فاعل ، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ " هم " .
ومفعولا ظن محذوفان ، وحذفهما جائز ، والتقدير : يظنون ما هو نافع لهم .
وجملة إن وما بعدها في محل نصب حال .
151 ـ قال تعالى : { فأما اليتيم فلا تقهر } 10 الضحى .
فأما : الفاء هي الفصيحة ، وأما حرف شرط وتفصيل .
اليتيم : مفعول به مقدم لتقهر . فلا : الفاء رابطة لجواب الشرط ، ولا ناهية .
تقهر : فعل مضارع مجزوم بلا ، وفاعله ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت .
حالات عمل أفعال القلوب
لأفعال القلوب من حيث العمل ثلاثة أحوال : ـ
أولا ـ الإعمال : ـ
بمعنى أنها تدخل على المبتدأ والخبر ، وتعمل فيهما النصب ، ويكونان مفعولين للفعل ، وقد مثلنا له سابقا ، وعملها واجب إذا تقدمت على معموليها ، أما إذا توسطت فعملها جائز . نحو : زيدا ظننت مسافرا .
أو إذا تأخر الفعل . نحو : زيدا مسافرا ظننت .
ففي هاتين الحالتين : يجوز إعمال الفعل ، ويجوز إهماله .
وفي حالة الإهمال يعرب الاسم الواقع قبل الفعل مبتدأ ، والجملة بعده في محل رفع خبر إذا كان الفعل متوسطا بين الاسمين ، وإذا كان الفعل متأخرا أعربا مبتدأ وخبرا .
ثانيا ـ الإلغاء :
وهو إبطال عمل أفعال القلوب بنوعيها في اللفظ ، وفي المحل معا إذا توسطت معمليها ، أو تأخرت عنهما .
نحو : محمد ظننت حاضر ، وعمرو حسبت متأخر .
ففي هذه الحالة يلغى عمل ظن وحسب ، وما دخل في بابهما من الأفعال ، ويشمل الإلغاء عدم العمل في لفظ الكلمة المعمول فيها ،وفي محلها أيضا .
فـ " محمد " مبتدأ ، وظننت جملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب ، و " مسافر " خبر . وقس على ذلك .
ثالثا ـ التعليق :
وهو إبطال عمل تلك الأفعال في اللفظ دون المحل ، وذلك إذا تلا الفعل ما له الصدارة في الكلام كالآتي :
1 ـ لام الابتداء . نحو : علمت لخالد موجود .
فقد علق عمل الفعل عن لفظ المعمول ، ولكنه لم يعلق في المحل أو التقدير ،
فيكون " خالد " مرفوعا لفظا منصوبا محلا .
152 ـ ومنه قوله تعالى : { ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق }1 . ومنه قوله تعالى : { والله يعلم إنك لرسوله }2 .
وقد منع بعض النحاة التعليق في باب أعلم خاصة ، والصحيح جوازه ، واستشهدوا عليه 21 ـ بقول الشاعر : بلا نسبة
حذار فقد نبئت إنك للذي ستجزى بما تسعى فتسعد أو تشقى
فعلق الفعل " نبئت " عن العمل لاتصال خبر إن باللام ، ولولا اتصال اللام بخبرها لكانت همزتها مفتوحة بعد الفعل نبأ .
2 ـ لام جواب القسم . نحو : علمت ليحضرن أخوك .
والتقدير : علمت والله ليحضرن أخوك .
22 ـ ومنه قول لبيد :
ولقد علمت لتاتين منيتي إن المنايا لا تطيش سهامها
فقد علق الفعل " علم " عن العمل في لفظ المعمول دون محله ، ولوعمل فيهما لكان التقدير : علمت منيتي آتية .
منيتي : مفعول به أول . والجملة الفعلية في محل نصب مفعول به ثان .
3 ـ لا النافية . نحو : ظننت لا محمد قائم ولا أحمد
ونحو : علمت لا طالب في الفصل ولا مدرس .
4 ـ ما النافية . 153 ـ نحو قوله تعالى : { لقد علمت ما هؤلاء ينطقون }3 .
وقوله تعالى : { ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص }4 .
ــــــــــــــــــ
1 ـ 102 البقرة . 2 ـ 1 المنافقون .
3 ـ 65 الأنبياء . 4 ـ 35 الشورى .
وقوله تعالى : { قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق }1 .
5 ـ إن النافية . نحو قوله تعالى : { وتظنون إن لبثتم إلا قليلا }2 .
6 ـ الاستفهام بالهمزة .
154 ـ كقوله تعالى : { وإن أدري أقريب أم بعيد ما تدعون }3 .
أو بأي . 155 ـ نحو قوله تعالى : { وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون }4 .
وقوله تعالى : { ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى }5 .
7 ـ الاستفهام بكم نحو قوله تعالى : ( ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن }6 .
8 ـ الاستفهام بأنَّى . 156 ـ نحو قوله تعالى : { ثم انظر أنى يأفكون }7 .
9 ـ الاستفهام بأيان . 157 ـ نحو قوله تعالى : { يسألون أيان يوم الدين }8 .
10 ـ الاستفهام بكيف . 158 ـ نحو قوله تعالى : { فستعلمون كيف نذير }9 .
وقوله تعالى : { ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل }10 .
11 ـ الاستفهام بما . 159 ـ نحو قوله تعالى : { وما أدراك ما الحاقة }11 .
وقوله تعالى : { وما أدراك ما ليلة القدر }12 .
12 ـ الاستفهام بمن .
160 ـ نحو قوله تعالى : { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله }13 .
13 ـ الاستفهام بهل .
161 ـ نحو قوله تعالى : { فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ }14 .
ــــــــــــــــــــــ
1 ـ 79 هود . 2 ـ 52 الإسراء . 3 ـ 109 الأنبياء .
4 ـ 227 الشعراء . 5 ـ 71 طه . 6 ـ 6 الأنعام .
7 ـ 75 المائدة . 8 ـ 12 الذاريات . 9 ـ 17 الملك .
10 ـ 1 الفيل . 11 ـ 3 الحاقة . 12 ـ 2 القدر .
13 ـ 87 الزخرف . 14 ـ 15 الحج .
14 ـ الاستفهام بماذا . نحو قوله تعالى : { يسألونك ماذا أحل لهم }1 .
وقوله تعالى : ( وما تدري نفس ماذا تكسب غدا }2 .
وما أضيف إلى اسم الاستفهام . نحو : علمت غلام أيهم أبوك .
وقد علق فعل الظن بـ " لعل " .
162 ـ نحو قوله تعالى : { وإن أدري لعله فتنه لكم }3 .
وقوله تعالى : { وما يدريك لعل الساعة قريب }4 .
قال أبو حيان : ولم أعلم أحدا ذهب إلى أن " لعل " من أدوات التعليق ، وإن كان ذلك ظاهر فيها {5} .
موقع الجملة المعلقة من الإعراب : ـ
ذكرنا أن التعليق يقع على لفظ المعمول دون محله ، لذلك فإن موقع الجملة المعلقة مع التعليق في تأويل المصدر مفعولا به للفعل المعلق {6} .
فإن كان الفعل مما يتعدى لمفعولين ، كانت الجملة المعلقة في موضع المفعول الأول والثاني ، وإن كان مما يتعدى لثلاثة كانت الجملة المعلقة في موضع الثاني والثالث . نحو : أعلمتك هل محمد في المدرسة .
وقد تسد الجملة المعلقة مسد المفعول الثاني فقط .
نحو : علمت خالدا أبو من هو .
أو مسد المفعول الثالث . نحو : أعلمتك عليا أبو من هو .
ولما كان التعليق لا يمنع من العمل في محل اللفظ ، جاز العطف بالنصب على المحل .
ـــــــــــــــــــ
1 ـ 4 المائدة . 2 ـ 4 المائدة .
3 ـ 111 الآنبياء . 4 ـ 17 الشورى .
5 ـ البحر المحيط ج6 ص345 .
6 ـ شرح الكافية ج2 ص260 .
23 ـ كقول كثير :
وما كنت أدري قبل عزة ما البكا ولا موجعات القلب حتى تولت
فقد عطف " موجعات " على موضع الجملة " ما البكا " ، فنصب موجعات ، وعلامة نصبها الكسرة لأنها جمع مؤنث سالم ، كما يجوز في " موجعات " الرفع عطفا على لفظ " البكا " .
نماذج من الإعراب
152 ـ قال تعالى : ( ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ) 102 البقرة .
ولقد : الواو حرف استئناف ، واللام جواب قسم محذوف ، وقد حرف تحقيق .
علموا : فعل وفاعل ، والجملة لا محل لها من الإعراب جواب القسم .
وجملة ولقد علموا لا محل لها من الإعراب مستأنفة مسوقة لبيان حالهم بعد تعلم السحر . لمن : اللام لام الابتداء وتفيد التوكيد ، ومن اسم موصول في محل رفع
مبتدأ . اشتراه : فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره : هو ، وهاء الغائب في محل نصب مفعول به ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة من .
ما له : ما نافية لا عمل لها ، أو حجازية ، تعمل عمل ليس ، له جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل رفع خبر مقدم على الوجه الأول ، أو في محل نصب خبر ما على الوجه الثاني .
في الآخرة : جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل نصب حال .
من خلاق : من حرف جر زائد ، وخلاق مبتدأ مؤخر ، أو اسم ما مرفوع محلا مجرور لفظا . وجملة ما وما بعدها في محل رفع خبر اسم الموصول .
وجملة لمن وما بعدها في حيز النصب سدت مسد مفعولي علموا المعلقة عن العمل.
21 ـ قال الشاعر :
حذار فقد نبئت أنك للذي ستجزى بما تسعى فتسعد أو تشقى
حذار : اسم فعل أمر مبني على الكسر بمعنى احذر ، والبعض يبنيه على السكون ، والأول أكثر ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت .
فقد نبئت : الفاء حرف دال على التعليل ، وقد حرف تحقيق ، ونبئت فعل مبني للمجهول ونائب فاعل ، وهو في الأصل مفعول به أول لنبئ .
إنك : إن حرف توكيد ونصب ، والكاف في محل نصب اسمها .
للذي : اللام هي المزحلقة تفيد التوكيد ، والذي اسم موصول في محل رفع خبر إن
ستجزى : السين حرف استقبال ، وتجزى فعل مضارع مبني للمجهول ، ونائب الفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول .
بما : الباء حرف جر ، وما اسم موصول في محل جر ، والجار والمجرور متعلقان بتجزى . تسعى : فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة ، وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره أنت ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة ما .
فتسعد : الفاء حرف عطف ، وتسعد فعل مضارع معطوف على تجزى مرفوع بالضمة الظاهرة ، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت .
أو تشقى : أو حرف عطف ، وتشقى عطف على تسعد .
الشاهد قوله : نبئت إنك للذي : حيث استخدم الشاعر الفعل نبأ ، وهو من أفعال القلوب ، وينصب ثلاثة مفاعيل ، غير أن الفعل تعدى إلى مفعول واحد فقط ، وهو نائب الفاعل المتصل بالفعل ، وعلق الفعل عن العمل في المعولين الثاني والثالث باللام المزحلقة الواقعة في جبر إن ، وتعليقه عن العمل فيهما يعنى إبطال عمل العامل في لفظهما مع كونه عاملا في محلهما ، لذا نقول إن " إن " ومعموليها في محل نصب بنبئ ، والدليل على تعليق عمل الفعل مجيء همزة " إن " مكسورة ، ولو عمل الفعل لجاءت همزتها مفتوحة .
22 ـ قال الشاعر :
ولقد علمت لتأتين منيتي إن المنايا لا تطيش سهامها (1)
ــــــــــــ
1 ـ ويروى صدر البيت في المعلقات السبع للزوزني ، وشرح المعلقات العشر للشنقيطي :
" صادفن منها غِرّة فأصبنها " .
ولقد : الواو حرف عطف ، واللام موطئة للقسم ، وقد حرف تحقيق .
علمت : فعل وفاعل . لتأتين : اللام واقعة في جواب القسم ، وتأتين فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة ، والنون حرف مبني لا محل له من الإعراب . منيتي : فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم ، وهو مضاف والياء في محل جر مضاف إليه .
والجملة الفعلية لا محل لها من الإعراب جواب القسم .
إن المنايا : إن حرف توكيد ونصب ، والمنايا اسمها منصوب الفتحة المقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر .
لا تطيش : لا نافية لا عمل لها ، وتطيش فعل مضارع مرفوع بالضمة .
سهامها : فاعل مرفوع ، وهو مضاف ، والضمير في محل جر مضاف إليه .
والجملة الفعلية في محل رفع خبر إن .
الشاهد قوله : علمت لتأنين منيتي ، حيث وقع الفعل الذي ينصب في الأصل مفعولين اصلهما المبتدأ والخبر وهو " علمت " قبل لا جواب القسم ، لذلك علق عن العمل في لفظ الجملة ، ولولا هذه اللام لنصب الفعل المفعولين ، وعليه كان يقول : ولقد علمت منيتي آتية . بنصب منية نصبا تقديريا على أنه المفعول الأول ، ونصب آتية نصبا ظاهرا على أنه المفعول الثاني ، ولكن وجود اللام منع النصب في اللفظ ، وجعله موجودا في المحل ، والليل على وجوده في المحل أنك
لو عطفت على محل جملة " لتأتين منيتي " لعطفت بالنصب .
153 ـ قال تعالى : ( لقد علمت ما هؤلاء ينطقون ) 65 الأنبياء .
لقد علمت : اللام جواب للقسم المحذوف ، وقد حرف تحقيق ، وعلمت فعل وفاعل . والجملة في محل نصب مقول قول محذوف في موضع الحال .
ما هؤلاء : ما حجازية نافي تعمل عمل ليس ، وهؤلاء في محل رفع اسمها .
ينطقون : فعل مضارع وفاعله ، والجملة في محل نصب خبر ما .
وجملة ما هؤلاء ينطقون في موضع المفعولين لعلمت .
قال تعالى : ( وتظنون إن لبثتم إلا قليلا ) 52 الإسراء .
وتظنون : الواو للحال ، وتظنون فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، وواو الجماعة في محل رفع فاعل ، والجملة في محل نصب حال .
إن لبثتم : إن نافية لا عمل لها ن ولبثتم فعل وفاعل .
إلا قليلاً : إلا أداة حصر لا عمل لها ، وقليلاً ظرف زمان متعلق بلبثتم ، وهو صفة لزمان محذوف ، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف ، والتقدير : لبثاً قليلاً .
154 ـ قال تعالى : { وإن أدري أ قريب أم بعيد ما تعودون } 109 الأنبياء .
وإن أدري : الواو للحال ، وإن نافية لا عمل لها ، وأدري فعل مضارع مرفوع ، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنا .
أ قريب : الهمزة للاستفهام ، وقريب خبر مقدم مرفوع .
أم بعيد : أم حرف عطف ، وبعيد عطف عليه مرفوع .
ما توعدون : ما اسم موصول في محل رفع مبتدأ مؤخر ، وتوعدون فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، وواو الجماعة في محل رفع فاعل ، وجملة توعدون لا محل لها من الإعراب صلة الموصول ، وأجاز العكبري أن يرتفع ما توعدون على أنه فاعل لقريب سد مسد خبره ، وقريب مبتدأ ، قال لاعتماده على الهمزة ، أو فاعلاً لبعيد لأنه أقرب إليه ، فتكون المسألة من باب التنازع .
وجملة أ قريب أم بعيد ما توعدون في محل نصب مفعول أدري المعلقة عن العمل . وجملة إن أدري وما بعدها في محل نصب حال .
155 . قال تعالى : { وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون } 227 الشعراء .
وسيعلم : الواو حرف استئناف ، والسين للاستقبال ، ويعلم فعل مضارع مرفوع بالضمة . الذين : اسم موصول في محل رفع فاعل .
وجملة سيعلم لا محل لها من الإعراب مستأنفة .
ظلموا : فعل وفاعل ، والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول .
أي منقلب : أي منصوبة على المفعولية المطلقة ، لأنها تعرب حسب ما تضاف إليه ، وقد علقت بعلم عن العمل ، والعامل فيها ينقلبون وليس يعلم ، لأن أسماء الاستفهام لا يعمل فيها ما قبلها ، وأي مضاف ، ومنقلب مضاف إليه .
ينقلبون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، وواو الجماعة في محل رفع فاعل .
وقد ذكر النحاس أن الاستفهام معنى وما قبله معنى آخر ، فلو عمل فيه لدخل بعض المعاني في بعض .( 1 )
156 . قال تعالى : { ثم انظر أنى يؤفكون } 75 المائدة .
ثم : حرف عطف يفيد الترتيب والتراخي .
انظر : فعل أمر مبني على السكون ، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت .
أنى : اسم استفهام بمعنى كيف في محل نصب على الحال .
يؤفكون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، وواو الجماعة في محل رفع فاعل .
وجملة انظر معطوفة على جملة انظر الأولى لا محل لها من الإعراب ، لأن الجملة المعطوف عليها مستأنفة ، والجملة الاستفهامية في محل نصب مفعول
انظر ، وقد علقت انظر عن العمل لفظاً فيما بعدها .
157 ـ قال تعالى : { يسألونك أيان يوم الدين } 12 الذاريات .
يسألونك : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، وواو الجماعة في محل رفع فاعل ،
ــــــــــــــ
1 – إعراب القرآن للنحاس ج3 ص 196 .
والكاف في محل نصب مفعول به أول .
أيان : اسم استفهام في محل نصب ظرف زمان متعلق بمحذوف خبر مقدم .
يوم الدين : يوم مبتدأ مؤخر ، وهو مضاف ، والدين مضاف إليه ، وجملة أيان في
محل نصب مفعول ثان ليسألون .
158 ـ قال تعالى : { فستعلمون كيف نذير } 17 الملك .
فستعلمون : الفاء هي الفصيحة ، والسين حرف استقبال ، وتعلمون فعل مضارع مرفوع بثبوت النون ، وواو الجماعة في محل رفع فاعل .
كيف : اسم استفهام مبني على الفتح في محل رفع خبر مقدم .
نذير : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المقدرة على ما قبل ياء المتكلم المحذوفة رسماً من الكلمة ، والجملة المعلقة في محل نصب مفعول تعلمون .
159 ـ قال تعالى : { وما أدراك ما الحاقة } 3 الحاقة .
وما : الواو حرف عطف ، وما اسم استفهام في محل رفع مبتدأ .
أدراك : فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر وجوباً تقديره أنت ، والكاف في محل نصب مفعول به ، وجملة أدراك خبر ما .
ما : اسم استفهام في محل رفع مبتدأ . الحاقة : خبر مرفوع بالضمة .
والجملة في محل نصب مفعولي أدراك الثاني والثالث ، لأن أدري ينصب ثلاثة مفاعيل ومعناه
أعلم ، وقد علقت أدراك عن العمل بالاستفهام .
160 ـ قال تعالى : { ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله } 87 الزخرف .
ولئن : الواو حرف عطف ، واللام موطئة للقسم ، وإن شرطية جازمة لفعلين .
سألتهم : فعل وفاعل ومفعول به ، والجملة في محل جزم فعل الشرط .
من خلقهم : من اسم استفهام في محل رفع مبتدأ ، وخلق فعل ماض ، والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو ، والضمير المتصل في محل نصب مفعول به ، والجملة في محل رفع خبر من ، وجملة الاستفهام المعلقة في محل نصب مفعول به ثان لسألتهم .
ليقولن : اللام جواب القسم ، وجواب الشرط محذوف على القاعدة ، ويقولن فعل مضارع مرفوع بثبوت النون المحذوفة لتوالي الأمثال ، والواو المحذوفة لالتقاء الساكنين في محل رفع فاعل ، والنون نون التوكيد الثقيلة .
الله : فاعل مرفوع بالضمة لفعل محذوف دل عليه موصول الاستفهام ، والتقدير : خلقنا الله ، والدليل على أن المرفوع فاعل فعله محذوف لا مبتدأ ، أنه جاء عند عدم الحذف ، كقوله تعالى الآنف الذكر : { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز الحكيم } .
على أن هذه الحجة قد تعارض بالمثل فيقال : والدليل على أنه مبتدأ أنه قد جاء كذلك كقوله تعالى : { قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر ـ إلى قوله ـ قل الله ينجيكم منها } . وعليه قال ابن هشام : " يقول بعضهم في : ( ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ) أن اسم الله سبحانه وتعالى مبتدأ أو فاعل ، والتقدير : أي الله خلقهم ، أو خلقهم الله ، والصواب الحمل على الثاني بدليل قوله تعالى : { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز الحكيم } ، " والمسألة خلافية " .
161 ـ قال تعالى : { فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ } 15 الحج .
فلينظر : الفاء حرف عطف ، واللام لام الأمر ، وينظر فعل أمر مجزوم باللام ،
وعلامة جزمه السكون ، والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو .
هل : حرف استفهام مبني على السكون لا محل له من الإعراب .
يذهبن : فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة .
كيده : فاعل مرفوع بالضمة ، والهاء في محل جر بالإضافة .
ما : اسم موصول في محل نصب مفعول به .
يغيظ : فعل مضارع مرفوع بالضمة ، والفاعل ضمير مستتر جوازاً تقديره هو ، وجملة يغيظ لا محل لها من الإعراب صلة الموصول .
وجملة هل يذهبن في محل نصب بينظر ، وجملة ينظر معطوفة على ما قبلها .