( مقاطع ) |
حاضنا سنبلة الوقت |
حاضنا سنبلة الوقت، ورأسي برج نار: |
ما الدّمُ الضّاربُ في الرّملِ، وما هذا الأفولُ؟ |
قُلْ لَنا، يا لَهَبَ الحاضِرِ، ماذا سنقولُ؟ |
مِزَقُ التّاريخِ في حُنجرتي |
وعلى وجهي أماراتُ الضّحيّهْ |
ما أَمَرَّ اللّغةَ الآنَ وما أضيقَ بابَ الأبجديّهْ. |
... |
حاضنًا سنبلةَ الوقتِ ورأسي برجُ نارٍ: |
أصديقٌ صار جلاداَ؟ |
أجار قال ما أبطأ هولاكو؟ |
من الطارق، جابٍ؟أعطه الجزية. |
أشكالُ رجالٍ ونساءٍ، صورٌ تمشي أشرنا وتساررنا |
خطانا خيطُ قتلٍ |
أترى قتلُك من ربك آتٍ؟ |
أم ترى ربك من قتلِك آتٍ؟ |
ضيعَّته الأحجيةْ فانحنى قوساً من الرعبِ على أيامه المنحنية |
لي أخٌ ضاع أبٌ جُنَّ وأطفاليَ ماتوا |
من أرجّي؟ |
هل أضم الباب؟ |
هل أشكو إلى سجادةٍ؟ |
داخ هات الحُقَّ وامنحه الشفاهَ من عطوس الفقهاء |
جُثَثٌ يقرؤُها القاتِلُ كالطُّرْفَةِ / أَهْراءُ عِظامٍ، |
رأسُ طِفْلٍ هذه الكتله،أم قطعةُ فَحْمٍ؟ |
جسَدٌ هذا الذي أشهدُ أم هيكلُ طينٍ؟ |
أَنحني، أرتُقُ عينين، وأَرفو خاصِره |
ربّما يُسعفُني الظنُّ ويَهديني ضياءُ الذّاكره |
غيرَ أنّي عبثًا أَسْتقرىءُ الخيطَ النَّحيلْ |
عبثًا أجمعُ رأسًا وذراعينِ وساقين، لكيْ |
أكتشفَ الشّخصَ القتيلْ |
لمن النملة تعطي درسها؟ |
ولما الدهشة؟ |
شعرٌ مزج هذا الشرر الفاجع بالعين |
انخطاف أن ترى بيتك مرفوعاً إلى الله شظايا |
صرختْ بومةُ عرافٍ على مئذنة |
نسجت من صوتها قوسَ قزح |
وبكت مخنوقةً حتى الفرح |
... |
حاضِنًا سنبلةَ الوقتِ ورأسي برجُ نارٍ: |
كَشَفَ البهلولُ عن أسرارِهِ |
كَشَفَ البهلولُ عن أسرارِهِ |
أَنّ هذا الزّمَنَ الثّائرَ دُكّانُ حِلّيٍ، |
أنّه مُسْتَنْقَعٌ من أنبياءْ |
كشفَ البهلولُ عن أَسْرارِهِ |
سيكونُ الصِّدقُ موتًاً |
ويكون الموتُ خُبْزَ الشّعراءْ |
والذي سُمّي أو صارَ الوطَنْ |
ليس إلاّ زمنًا يطفو على وجهِ الزَّمَنْ. |
كشف البهلول عن أسراره |
أين مفتاحك يا أُبْهَة الطوفان |
لطفاً أغرقيني وخذي آخِر شطأني |
خذيني سحرتني لجةٌ لاهبةٌ سحرتني قشةٌ تحترق |
سحرتني طرقٌ تجفلُ منها الطرق |
... |
حاضِنًا سنبلةَ الوقت ورأسي برجُ نارٍ: |
نسيتْ نفسيَ أشياء هواها |
نسيتْ ميراثها المكنون في بيت الصور |
لم تعد تذكر ما تلفظه الأمطار |
ما يكتبه حبر الشجر |
لم تعد ترسم إلا نورساً |
يقذفه الموج إلى حبل سفينة |
لم تعد تسمع إلا معدناً يصرخ ها صدر المدينة |
قمرٌ ينشق مربوطا إلى سرة غولٍ من شرر |
لم تعد تعرف أن الله والشاعر طفلان ينامان على خد الحجر |
نسيتْ نفسي أشياء هواها |
ولذا يرعبني الظل، الغد المرتسم، ولذا يملأني الريب |
ويستعصي عليَّ الحلم |
موثَقاً أركض من نار لنار غصت تحت العرق الدافق من جسمي |
وقاسمت الجدار أرقَ الليل |
خطى الليل وحوش |
ومراراً قلتُ للشعر الذي يرسب في ذاكرتي |
أيُّ منشار على عنقيَ يملي أية الصمت |
لمن أروي رمادي وأنا أجهل أن أنتزع النبض وأرميه |
على طاولةٍ وأنا أرفض أن أجعل من حزنيَ طبلاً للسماء |
فل أقل كانت حياتي بيت أشباحٍ وطاحون هوى |
... |
حاضناً سنبلة الوقت ورأسي برجُ نارٍ: |
شَجرُ الحبّ بقصّابينَ آخى |
شَجَرَ الموتِ ببيروتٍ، وهذي |
غابَةُ الآسِ تُؤَاسي |
غابةَ النَّفْي، - كما تدخلُ قَصّابينُ في خارطةِ |
العشْبِ، وتَسْتَقْطِرُ أحشاءَ السّهولْ |
دخلَتْ بيروتُ في خارطةِ الموتِ / قبورٌ |
كالبساتينِ وأشلاءٌ - حقولْ |
ما الذي يسكبُ قصّابينَ في صيدا، وفي صورٍ، |
وبيروتُ التي تَنسكبُ؟ |
ما الذي، في بُعدِه، يقتربُ؟ |
ما الذي يمزجُ في خارطتي هذي الدِّماءْ، |
يبسَ الصّيفُ ولم يأتِ الخريفْ |
والرّبيعُ اسْوَدَّ في ذاكرةِ الأرضِ / الشّتاءْ |
مثلما يرسمُه الموتُ: احتضارٌ أو نزيفْ |
زمنٌ يخرجُ من قارورةِ الجَبْرِ ومِن كفِّ القضاءْ |
زمنُ التّيه الذي يَرْتَجلُ الوقتَ ويجترّ الهواءْ، |
كيفَ، من أينَ لكم أن تعرفوهْ؟ |
قاتِلٌ ليس له وجْهٌ / له كلُّ الوجوهْ... |
حاضِنًا سنبلةَ الوقْتِ، ورأسي برجُ نارٍ: |
مُنْهَكٌ أَلْتفِتُ الآنَ وأَسْتشرفُ - ما تِلك الخِرَقْ؟ |
أتواريخٌ؟ أبلدانٌ؟ أَراياتٌ على جُرْفِ الغسَقْ؟ |
هُوذا أقْرأُ في اللّحظةِ أجيالاً وفي الجُثّةِ آلاف الجُثَثْ |
هوذا يغمرُني لُجُّ العَبَثْ؟ |
جسدي يُفْلِتُ من سَيْطرتي |
لم يعدْ وجهيَ في مِرْآتِهِ |
ودمي يَنْفُرُ من شَرْيانِهِ.. |
أَلأنّي لا أرى الضّوءَ الذي يَنقلُ أحلامي إليهْ؟ |
ألأنّي طَرَفٌ أقْصى من الكونِ الذي بارَكَهُ غيري وجَدّفْتُ |
عليهْ؟ |
ما الذي يَجْتَثُّ أعماقي ويمضي |
بين أدغالٍ من الرّغبة؟ بلدانٍ - محيطاتِ دموعٍ |
وسلالاتِ رموزٍ؟ |
بين أَعْراقٍ وأجناسٍ - عصورٍ وشعوبٍ؟ |
ما الذي يفصلُ عن نفسيَ نَفْسي؟ |
مَا الذي يَنقضُني؟ |
أَأَنا مُفْتَرقٌ |
وطريقي لم تعدْ، في لحظةِ الكشفِ، طريقي؟ |
أَأَنا أكثرُ من شخصٍ، وتاريخيَ مَهْوايَ، وميعادي |
حريقي؟ |
ما الذي يصعدُ في قَهْقَهَةٍ تصعدُ من أعضائيَ المختنقهْ؟ |
أَأَنا أكثرُ من شَخْصٍ وكلٌّ |
يسألُ الآخرَ: مَن أنتَ؟ ومِن أينَ؟ |
أأعضائيَ غاباتُ قتالٍ |
... في دمٍ ريحٍ وجسمٍ وَرقَهْ؟ |
أجُنونٌ؟ مَنْ أنا في هذه الظُّلمة؟ علِّمْني وأَرْشِدْنيَ |
يا هذا الجنونْ |
مَنْ أنا يا أصدقائي؟ أيّها الرّاؤون والمُسْتَضْعَفونْ |
ليتَني أقدِرُ أن أخرُجَ من جلديَ لا أعرفُ مَنْ كنتُ؟ |
ولا مَن سأكونْ؟ |
إنّني أبحثُ عن اسم وعن شيءٍ أسمّيهِ |
ولا شيءَ يُسمّى |
زمنٌ أعمى وتاريخٌ مُعَمَّى |
زَمَنٌ طَمْيٌ وتاريخٌ حُطامْ |
والذي يملكُ مملوكٌ، فسبحانَكَ يا هذا الظّلامْ. |
حاضِنًا سنبلةَ الوقتِ ورأسي بُرْجُ نارٍ: |
آخِرُ العَهْدِ الذي أمطَرَ سِجّيلاً يُلاقي |
أوّلَ العهدِ الذي يُمطِرُ نفْطًا |
وإلهُ النَّخْل، يجثو |
لإِلهٍ من حديدٍ، |
وأنا بين الإلهينِ الدّمُ المسفوحُ والقافلةُ المنكفِئَهْ |
أَتَقَرّى ناريَ المنطفئة |
وأرَى كيف أُداري |
موتيَ الجامحَ في صحرائِه، |
وأقولُ الكونُ ما ينسجُهُ حُلْميَ.. / تَنْحلُّ الخيوطْ |
وأرى نفسيَ في مَهْوى وأَسْترسل في ليلِ الهبوطْ |
طُرقٌ تكذِبُ، شُطآنٌ تَخونُ |
كيف لا يصعقُكَ الآنَ الجنونُ؟ |
هكذا أَنْتَبِذُ الآكِلَ والأكْلَ وأرتاحُ إلى كلِّ مَتَاهْ |
وعَزائي أنّني أُوغِلُ في حلميَ، - أَشْتَطُّ، أموجْ |
وأغنّي شهوةَ الرّفضِ، وأهْذي |
فَلَكُ الزُّهرةِ خلخالٌ لأِياميَ، والجَدْيُ سِوارٌ |
وأقولُ الزَّهرُ في تيجانِهِ |
شُرُفاتٌ... |
وعَزائي أنّني أخرجُ - أسْتَنْفِرُ أفْعال الخُروجْ. |
هكذا أَبْتدئُ |
حاضِنًا أرضي وأسرارَ هَواها، - |
جَسَدُ البحرِ لها حبٌّ له الشّمسُ يَدانْ |
جَسَدٌ مُستودَعُ الرَّعْدِ ومَرْساةُ الحنانْ |
جسدٌ وَعْدٌ أنا الغائبُ فيهِ |
وأنا الطّالِعُ مِن هذا الرّهانْ |
جَسَدٌ / غطّوا بضوءِ المطرِ العاشقِ وَجْهَ الأقحوانْ، |
وَلْيَكنْ... |
أحتضِنُ العصرَ الذي يأتي وأَمْشي |
جامِحًا, مِشْيةَ رُبّانٍ, وأختطُّ بِلادي، - |
إِصْعدوا فيها إلى أعلى ذُراها |
إهْبطوا فيها إلى أَغْوارِها |
لن ترَوْا خوفًا ولا قيدًا - كأنّ الطّيرَ غُصْنٌ |
وكأنَّ الأرضَ طِفْلٌ - والأساطيرَ نِساءْ |
حُلُمٌ؟ |
أُعطي لمن يأتون مِن بَعديَ أن يفتتحوا هذا الفضاءْ . |