الأصل أنْ يُذْكر الفاعل مع فعله، كنحو: [كَسَرَ خالدٌ الزجاجَ]. فإذا لم يُذكَر معه بل حُذِف(1) - فعند ذلك يُبنى الفعل للمجهول، فيقال: [كُسِرَ الزجاجُ]، فيُقام المفعول به مُقام الفاعل، فيصبح في الجملة عمدةً كما أنّ الفاعل في الجملة عمدة، ويُرفَع كما كان الفاعل قبل حذفه يُرفَع. ومن هنا أنهم اصطلحوا على أنْ يسمُّوه: [نائب فاعل](2).
فإذا كان الفعل مما ينصب مفعولين أو أكثر، فالأول منهما يُجعَل نائبَ فاعل. ففي نحو: [أَعطَى خالدٌ الفقيرَ درهماً]، تقول إذا بنيتَ للمجهول: [أُعطِيَ الفقيرُ درهماً].
فإذا بُنِيَ للمجهول فِعْلٌ لا مفعول له، كان المصدرُ ظاهراً أو مضمراً نائبَ فاعل. فمثال المصدر الظاهر، قوله تعالى: ]فإذا نُفِخَ في الصور نفخةٌ واحدة[ (الحاقّة 69/13) ومثال المضمر قوله: ]ونُفِخَ في الصور فصَعِقَ مَن في السماوات ومن في الأرض[ (الزمر39/68) أي: نُفِخَ في الصور نفخٌ محذوفٌ فاعلُه. أو [مجهولٌ فاعله، إنْ كان فاعله مجهولاً].
وقسْ على هذا جميع ما تمرّ به من كلامهم، تجدْه يصدق ولا يتخلف. وقد أوردنا مِن ذلك في النماذج الفصيحة ما فيه مَقْنَع.
تنبيه: جميع الأحكام التي مرَّت بك في بحث الفاعل، تراعى في نائب الفاعل، فلا نعيدها هنا.
* * *
نماذج فصيحة من استعمال نائب الفاعل
· ]ذلك يومٌ مجموعٌ له الناسُ[ (هود 11/103)
ذكرنا في بحث اسم المفعول، أنه (أي اسم المفعول) يرفع نائب فاعل. ومن ذلك ما ترى في هذه الآية. فـ [مجموعٌ]: اسم مفعول، و[الناس]: نائب فاعل. ونوجّه النظر إلى أنّنا إنّما أتينا بهذه الآية هنا، على سبيل التذكير بقاعدة ذات صلة بما نحن فيه من استعمال نائب الفاعل، وإلاّ فإنّ محلها من الوجهة المنهجية، في بحث اسم المفعول وما يتعلق به.
· ]ولما سُقط في أيديهم[ (الأعراف 7/149)
[سَقَطَ]: فعلٌ لازمٌ لا ينصب مفعولاً به، فلما بُنِيَ للمجهول فقيل:[سُقِطَ] - ولم يكن في الكلام مفعولٌ به يُجْعَل نائبَ فاعل - قدّرنا مصدراً مضمراً يكون هو نائبَ الفاعل، أي: [سُقِط في أيديهم سقوطٌ محذوفٌ فاعلُه، أو مجهولٌ فاعلُه](3).
ويقال الشيء نفسه في قوله تعالى مِن سورة (الفجر 89/23): ]وجيء يومئذٍ بجهنم[ وذلك أنّ [جاء] - هنا - فعلٌ لازم، لا ينصب مفعولاً به، فلما بُني للمجهول فقيل: [جيء] - ولم يكن في الكلام مفعولٌ به يُجعَل نائب فاعل - قدّرنا مصدراً مضمراً يكون هو نائبَ الفاعل، أي: [جيء بجهنم مجيءٌ محذوفٌ فاعلُه].
ومن اليَنبوع نفسه أيضاً ما جاء في سورة الزُمَر (39/69) ]وجيء بالنبيّين والشهداء وقُضِيَ بينهم بالحق[ أي: جيء بالنبيّين... مجيءٌ محذوف فاعلُه، وقُضِيَ بينهم... قضاءٌ محذوفٌ فاعلُه.
· قال الفرزدق يمدح زين العابدين، عليّ بن الحسين، رضي الله عنهما (الديوان2/179):
يُغضِي حياءً ويُغضَى مِنْ مهابتِهِ فما يُكَلَّمُ إلاّ حينَ يبتسمُ
[يُغْضِي]: فعلٌ مضارعٌ لازمٌ لا ينصب مفعولاً به، فلما بني للمجهول فقيل: [يُغْضَى]، ولم يكن في الكلام مفعول به يُجعَل نائب فاعل، قدّرنا مصدراً مضمراً يكون هو نائب الفاعل، أي: [يُغْضَى مِن مهابته إغضاءٌ مجهول فاعله].
هذا، على أنّ في البيت فعلاً آخر مبنيّاً للمجهول هو: [يُكَلَّمُ]، غير أنه فعلٌ متعدٍّ ينصب مفعولاً به، والأصل: [يكلِّم الناسُ زينَ العابدين]، فلما بني للمجهول، حُذِف فاعله وهو: [الناسُ]، وأُضمِر المفعول به وهو زين العابدين، فجُعِل نائبَ فاعل، فقيل: [يُكلَّم]، أي: [يُكلَّم هو].
· ]قُتِلَ الخرّاصون[ (الذاريات 51/10) (الخراصون: الكذابون).
[قَتَلَ]: فعلٌ متعدٍّ، والأصل: [قتل اللهُ الخرّاصين]. فلما بني للمجهول، حُذِفَ فاعله، ورُفِع المفعول به، وأُقيم مُقام الفاعل، فقيل: [الخراصون]، على أنه نائب فاعل.
· قال عنترة (الديوان /152):
نبِّئْتُ عَمْراً غيرَ شاكر نعمتي والكفرُ مَخْبَثَةٌ لنفس المُنعِمِ
الأصل: [نَبَّأَ الناسُ عنترةَ عمراً غيرَ شاكر]، ولما بُني الفعل للمجهول حُذِف الفاعل: [الناسُ] فقيل: [نُبِّئ]، وأقيم المفعول به الأوّل وهو التاء، ضمير المتكلم (أي: عنترة) مُقام الفاعل المحذوف، فأصبح في محل رفع نائب فاعل، وبقي المفعول الثاني [عمراً] منصوباً، على حاله.
· ]فإذا نُفِخَ في الصور نفخةٌ[ (الحاقة 69/13)
الأصل: [نَفَخَ إسرافيل في الصور نفخةً]، ثم بُنِي الفعل للمجهول فحُذِف الفاعل: [إسرافيل]، فقيل: [نُفِخَ]، وأقيم المصدر: [نفخة] مُقام الفاعل المحذوف، فرُفِع، على أنه نائب الفاعل: [نفخةٌ]. وقد جُعِل - هنا - المصدرُ الظاهرُ نائبَ فاعل. وفي ذلك تأييد لما قرّرناه من أن المصدر الذي يُجعل نائبَ فاعل، قد يكون ظاهراً، أو مضمراً مقدّراً.
· ]ونُفِخَ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض[ (الزمر39/68)
الأصل: كما قلنا في الآية السابقة: [نفخَ إسرافيلُ في الصور]، ثم بني الفعل للمجهول فحُذِف الفاعل: [إسرافيل]، فقيل: [نُفِخَ]، ولما لم يكن في الكلام مفعول به، جُعِلَ المصدرُ المضمر نائب فاعل، والتقدير: [نُفِخَ في الصور نفخٌ محذوفٌ فاعله]. وفي سورة (ق): آيةٌ أخرى، تماثل هذه الآية، هي قوله تعالى: ]ونُفِخ في الصور ذلك يوم الوعيد[ (ق 50/20) والتعليق على الآيتين هو هو، فلا نكرّر.
· ويقال الشيء نفسه، في قوله تعالى: ]فإذا نُقِرَ في الناقور[ (المدثر74/
(الناقور: هو الصور، والنقر: الصوت). فالأصل: [نَقَرَ إسرافيلُ في الناقور]. ثم حُذِف الفاعل [إسرافيل] وبُنِي الفعل للمجهول: [نُقِرَ]، ولما لم يكن في الكلام مفعول به، جُعل المصدرُ المضمر نائب فاعل، والتقدير: [نُقِر في الناقور نقْرٌ محذوف فاعله].
· قال الأعشى (الديوان /57):
عُلِّقْتُها عَرَضاً، وعُلِّقَتْ رجلاً غيري، وعُلِّقَ أخرى غيرها الرجلُ
الكلام عن [هُرَيرة] صاحبة الأعشى. وفي البيت ثلاثة أفعال مبنية للمجهول. هي: [عُلِّقتها وعُلّقت وعُلّق]. الفاعل فيها كلها هو الله تعالى. إذ الأصل: [علَّقني الله إيّاها، وعلَّقها الله رجُلاً غيري، وعلّق الله ذلك الرجلَ امرأةً أُخرى]. فالحديث عن واحدٍ من الأفعال الثلاثة يُغني عن الحديث عن الآخَرَيْن، لما بينها جميعاً من التشابه، ولذلك نجتزئ بالفعل الأول: [عُلِّقتُها = علقتُ هريرةَ].
فقد حُذف الفاعل وهو لفظ الجلالة. فبُني الفعل للمجهول: [عُلِّق]، وجُعِل المفعول الأول وهو ضمير المتكلم [التاء]، نائبَ فاعل. وأما ضمير الغائبة [ها]، فمحلّه نصبٌ على أنه المفعول به الثاني.
· قال طَرَفَة (الديوان /78):
فيالَكَ مِن ذي حاجةٍ حِيْلَ دونَها وما كلُّ ما يهوى امرؤ هو نائلُه
الأصل: [حالت الحوائلُ دونها]. ولما بني الفعل للمجهول وحُذف الفاعل قيل: [حِيلَ]. ولما لم يكن في الكلام مفعول به يُجعَل نائب فاعل، قدّرنا مصدراً مضمراً يكون هو نائب الفاعل، أي: [حيل دونها حُؤولٌ محذوفٌ فاعله].
هذا، على أن في القرآن نظيراً مماثلاً لما رأيت في بيت طرفة، وذلك قوله تعالى: ]وحِيل بينهم وبين ما يشتهون[ (سبأ 34/54) أي حيل بينهم وبين ما يشتهون حؤولٌ محذوفٌ فاعله.
فإذا كان الفعل مما ينصب مفعولين أو أكثر، فالأول منهما يُجعَل نائبَ فاعل. ففي نحو: [أَعطَى خالدٌ الفقيرَ درهماً]، تقول إذا بنيتَ للمجهول: [أُعطِيَ الفقيرُ درهماً].
فإذا بُنِيَ للمجهول فِعْلٌ لا مفعول له، كان المصدرُ ظاهراً أو مضمراً نائبَ فاعل. فمثال المصدر الظاهر، قوله تعالى: ]فإذا نُفِخَ في الصور نفخةٌ واحدة[ (الحاقّة 69/13) ومثال المضمر قوله: ]ونُفِخَ في الصور فصَعِقَ مَن في السماوات ومن في الأرض[ (الزمر39/68) أي: نُفِخَ في الصور نفخٌ محذوفٌ فاعلُه. أو [مجهولٌ فاعله، إنْ كان فاعله مجهولاً].
وقسْ على هذا جميع ما تمرّ به من كلامهم، تجدْه يصدق ولا يتخلف. وقد أوردنا مِن ذلك في النماذج الفصيحة ما فيه مَقْنَع.
تنبيه: جميع الأحكام التي مرَّت بك في بحث الفاعل، تراعى في نائب الفاعل، فلا نعيدها هنا.
* * *
نماذج فصيحة من استعمال نائب الفاعل
· ]ذلك يومٌ مجموعٌ له الناسُ[ (هود 11/103)
ذكرنا في بحث اسم المفعول، أنه (أي اسم المفعول) يرفع نائب فاعل. ومن ذلك ما ترى في هذه الآية. فـ [مجموعٌ]: اسم مفعول، و[الناس]: نائب فاعل. ونوجّه النظر إلى أنّنا إنّما أتينا بهذه الآية هنا، على سبيل التذكير بقاعدة ذات صلة بما نحن فيه من استعمال نائب الفاعل، وإلاّ فإنّ محلها من الوجهة المنهجية، في بحث اسم المفعول وما يتعلق به.
· ]ولما سُقط في أيديهم[ (الأعراف 7/149)
[سَقَطَ]: فعلٌ لازمٌ لا ينصب مفعولاً به، فلما بُنِيَ للمجهول فقيل:[سُقِطَ] - ولم يكن في الكلام مفعولٌ به يُجْعَل نائبَ فاعل - قدّرنا مصدراً مضمراً يكون هو نائبَ الفاعل، أي: [سُقِط في أيديهم سقوطٌ محذوفٌ فاعلُه، أو مجهولٌ فاعلُه](3).
ويقال الشيء نفسه في قوله تعالى مِن سورة (الفجر 89/23): ]وجيء يومئذٍ بجهنم[ وذلك أنّ [جاء] - هنا - فعلٌ لازم، لا ينصب مفعولاً به، فلما بُني للمجهول فقيل: [جيء] - ولم يكن في الكلام مفعولٌ به يُجعَل نائب فاعل - قدّرنا مصدراً مضمراً يكون هو نائبَ الفاعل، أي: [جيء بجهنم مجيءٌ محذوفٌ فاعلُه].
ومن اليَنبوع نفسه أيضاً ما جاء في سورة الزُمَر (39/69) ]وجيء بالنبيّين والشهداء وقُضِيَ بينهم بالحق[ أي: جيء بالنبيّين... مجيءٌ محذوف فاعلُه، وقُضِيَ بينهم... قضاءٌ محذوفٌ فاعلُه.
· قال الفرزدق يمدح زين العابدين، عليّ بن الحسين، رضي الله عنهما (الديوان2/179):
يُغضِي حياءً ويُغضَى مِنْ مهابتِهِ فما يُكَلَّمُ إلاّ حينَ يبتسمُ
[يُغْضِي]: فعلٌ مضارعٌ لازمٌ لا ينصب مفعولاً به، فلما بني للمجهول فقيل: [يُغْضَى]، ولم يكن في الكلام مفعول به يُجعَل نائب فاعل، قدّرنا مصدراً مضمراً يكون هو نائب الفاعل، أي: [يُغْضَى مِن مهابته إغضاءٌ مجهول فاعله].
هذا، على أنّ في البيت فعلاً آخر مبنيّاً للمجهول هو: [يُكَلَّمُ]، غير أنه فعلٌ متعدٍّ ينصب مفعولاً به، والأصل: [يكلِّم الناسُ زينَ العابدين]، فلما بني للمجهول، حُذِف فاعله وهو: [الناسُ]، وأُضمِر المفعول به وهو زين العابدين، فجُعِل نائبَ فاعل، فقيل: [يُكلَّم]، أي: [يُكلَّم هو].
· ]قُتِلَ الخرّاصون[ (الذاريات 51/10) (الخراصون: الكذابون).
[قَتَلَ]: فعلٌ متعدٍّ، والأصل: [قتل اللهُ الخرّاصين]. فلما بني للمجهول، حُذِفَ فاعله، ورُفِع المفعول به، وأُقيم مُقام الفاعل، فقيل: [الخراصون]، على أنه نائب فاعل.
· قال عنترة (الديوان /152):
نبِّئْتُ عَمْراً غيرَ شاكر نعمتي والكفرُ مَخْبَثَةٌ لنفس المُنعِمِ
الأصل: [نَبَّأَ الناسُ عنترةَ عمراً غيرَ شاكر]، ولما بُني الفعل للمجهول حُذِف الفاعل: [الناسُ] فقيل: [نُبِّئ]، وأقيم المفعول به الأوّل وهو التاء، ضمير المتكلم (أي: عنترة) مُقام الفاعل المحذوف، فأصبح في محل رفع نائب فاعل، وبقي المفعول الثاني [عمراً] منصوباً، على حاله.
· ]فإذا نُفِخَ في الصور نفخةٌ[ (الحاقة 69/13)
الأصل: [نَفَخَ إسرافيل في الصور نفخةً]، ثم بُنِي الفعل للمجهول فحُذِف الفاعل: [إسرافيل]، فقيل: [نُفِخَ]، وأقيم المصدر: [نفخة] مُقام الفاعل المحذوف، فرُفِع، على أنه نائب الفاعل: [نفخةٌ]. وقد جُعِل - هنا - المصدرُ الظاهرُ نائبَ فاعل. وفي ذلك تأييد لما قرّرناه من أن المصدر الذي يُجعل نائبَ فاعل، قد يكون ظاهراً، أو مضمراً مقدّراً.
· ]ونُفِخَ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض[ (الزمر39/68)
الأصل: كما قلنا في الآية السابقة: [نفخَ إسرافيلُ في الصور]، ثم بني الفعل للمجهول فحُذِف الفاعل: [إسرافيل]، فقيل: [نُفِخَ]، ولما لم يكن في الكلام مفعول به، جُعِلَ المصدرُ المضمر نائب فاعل، والتقدير: [نُفِخَ في الصور نفخٌ محذوفٌ فاعله]. وفي سورة (ق): آيةٌ أخرى، تماثل هذه الآية، هي قوله تعالى: ]ونُفِخ في الصور ذلك يوم الوعيد[ (ق 50/20) والتعليق على الآيتين هو هو، فلا نكرّر.
· ويقال الشيء نفسه، في قوله تعالى: ]فإذا نُقِرَ في الناقور[ (المدثر74/
(الناقور: هو الصور، والنقر: الصوت). فالأصل: [نَقَرَ إسرافيلُ في الناقور]. ثم حُذِف الفاعل [إسرافيل] وبُنِي الفعل للمجهول: [نُقِرَ]، ولما لم يكن في الكلام مفعول به، جُعل المصدرُ المضمر نائب فاعل، والتقدير: [نُقِر في الناقور نقْرٌ محذوف فاعله].
· قال الأعشى (الديوان /57):
عُلِّقْتُها عَرَضاً، وعُلِّقَتْ رجلاً غيري، وعُلِّقَ أخرى غيرها الرجلُ
الكلام عن [هُرَيرة] صاحبة الأعشى. وفي البيت ثلاثة أفعال مبنية للمجهول. هي: [عُلِّقتها وعُلّقت وعُلّق]. الفاعل فيها كلها هو الله تعالى. إذ الأصل: [علَّقني الله إيّاها، وعلَّقها الله رجُلاً غيري، وعلّق الله ذلك الرجلَ امرأةً أُخرى]. فالحديث عن واحدٍ من الأفعال الثلاثة يُغني عن الحديث عن الآخَرَيْن، لما بينها جميعاً من التشابه، ولذلك نجتزئ بالفعل الأول: [عُلِّقتُها = علقتُ هريرةَ].
فقد حُذف الفاعل وهو لفظ الجلالة. فبُني الفعل للمجهول: [عُلِّق]، وجُعِل المفعول الأول وهو ضمير المتكلم [التاء]، نائبَ فاعل. وأما ضمير الغائبة [ها]، فمحلّه نصبٌ على أنه المفعول به الثاني.
· قال طَرَفَة (الديوان /78):
فيالَكَ مِن ذي حاجةٍ حِيْلَ دونَها وما كلُّ ما يهوى امرؤ هو نائلُه
الأصل: [حالت الحوائلُ دونها]. ولما بني الفعل للمجهول وحُذف الفاعل قيل: [حِيلَ]. ولما لم يكن في الكلام مفعول به يُجعَل نائب فاعل، قدّرنا مصدراً مضمراً يكون هو نائب الفاعل، أي: [حيل دونها حُؤولٌ محذوفٌ فاعله].
هذا، على أن في القرآن نظيراً مماثلاً لما رأيت في بيت طرفة، وذلك قوله تعالى: ]وحِيل بينهم وبين ما يشتهون[ (سبأ 34/54) أي حيل بينهم وبين ما يشتهون حؤولٌ محذوفٌ فاعله.