( 44 )
المسيح واللصوص !
...
- أباه !
- تصرخ في العراء على الصليب ،
والآب مشغول بعيدا لا يجيب .
عبثا تنادى ( لاحياة لمن تنادى ) ..
أنت منذ الآن وحدك ، أنت فى البلوى يتيم ،
فايأس .. أبعد الصلب ثمة من رجاء ؟ !
الكأس لم تعبر ، وكم صليت ..
يا أبتاه فلتعبر !
لماذا الآب شاء ..
ما كنت دوما لاتشاء ! ؟
لا أنت تدرى ، لا أنا أدرى ، ولا يدرى أحد .
لكنَّ شيئاً واحداً ندريه : أنت الآن شاة سمروها للخشب .
- من هم ؟ !
- وما الجدوى ؟ انحيا يا قتيل ..
لو قلت من هم قاتلوك ؟ !
- ( هذا جناه أبى على )
- والآب .. مظلوم أبوك !
لكن رويدك ، بعد لم تصلب ،
ستصلب أنت منذ الآن ألفا كل يوم !
بقلادة في صدر كاهن ،
أو رُقْيَةٍ ما بين ثديي عاهرة ،
أيقونة في بيت قواد ، كتاب أو حجاب ..
في جيب لوطنى ، ستحمل كل أوساخ البشر ،
سنصير منشفة بماخور لتمسح فيك أيدى الداخلين ،
والخارجين !
- يا للهلاك !
- أنصت وكف عن الصراخ .
- الشوك غاص إلى عظام الجمجمة !
- ستكون أوشاك تغوص إلى نخاعك كل يوم :
سيباح منذ الآن باسمك كل شىء .
سيباح قتل الأبرياء ..
باسم المسيح !
سيراق بحر من دماء ..
باسم المسيح !
ستقام أبراج ، قصور من جماجم ..
باسم المسيح !
سيكون عهر ، خسة ، زيف ، رياء ، أى شىء ..
باسم المسيح !
أنت الضحية ..
حقا ، ولكن أنت مذنب ،
القاتل المقتول أنت !
- يا للهلاك !
- أنصت وكف عن الصراخ ،
ذاك المساء ..
لما جلست إلى العَـشَـاء
كانوا جميعاً جالسين ،
حتى يهوذا كان يجلس بينهم ،
ما أكثر الأتباع حين يُوَزَّعُ الخُبْزَ المعلم !
مَدُّوا اليك أكفهم - يا
غابة الأيدى - فغطوا المائدة ،
ومضيت تعطي باليمين وبالشمال ..
خبزا (كلوا خبزى !) وراحوا يأكلون ،
كانوا جميعاً يمضغون ويبلعون ويقسمون :
( لا .. لن نخونك يا معلم ) !
والآن من منهم معك ؟
يا أيها المصلوب من منهم هنا ؟
لاذوا جميعاً بالجحور ،
واذاك وحدك والصليب .
لا .. بل هنا لصان كل دُقَّ مثلك في صليب ،
شكراً لهم .. قد ميزوك عن اللصوص بتاج شوك !
- يا للهلاك !
- مهلا .. فما هذان باللصين .. لكن اللصوص ..
يأتون باسمك ، ثم باسمك يحكمون ،
في أرضنا أرض اللصوص !
فغداً نراهم يخرجون من الجحور ..
جيشا من الكهان : ( خذ ما تستطيع ،
إصعد على جثث الجميع ،
دُسْ فوق أعناق القطيع )
باسم المسيح !
وسيحفظون - جميعهم - عن ظهر قلب ..
ما خطه الأتباع عنك .
لو جئت أنت تجادل الكهان سوف يدوخونك :
سيقول لوقا : قال مرقص :
إن متى قال : يوحنا يقول :
( في البدء كان الأمر أخرس ! )
حتما ستخرس .
- يا للهلاك !
- سيكون آلاف اللصوص ..
فوق العروش أباطرة ،
باسم المسيح !
تيجانهم ذهب ، ثيابهم حرير ،
وفراشهم ريش النعام ،
وطعامهم لحم المسيح !
- لكننى سأعود يوما ..
- هل تصدق ما تقول ؟ !
- الآب قال بأننى حتما أعود ،
ملكا على أرض البشر ،
لتسود في الناس المسرة والسلام !
- لو عدت منذا يعرفك ؟
- سأقول جئت أنا المسيح .
- سيطالبونك بالدليل ؟
- ستكون في جيبى البطاقة والجواز!
- هذا قليل ..
ما أسهل التزوير للأوراق في عصر اللصوص ،
ولديهم ( الخبراء ) سوف يؤكدون ..
أن الهوية زائفة !
- لكن عليها الخَتْمُ - خَتْمُ الأب -
- يا بئس الدليل !
سيؤكد الخبراء أن الختم برهان على زيف الهوية .
- سأريهم هذي الثقوب ..
في جبهتى - أنظر - وفي الكفين ، في الرجلين .. جئت
أنا المسيح ..
سأقول جئت أنا المسيح !
- سيقول لوقا : قال مرقص :
إن متى قال : يوحنا يقول :
" فى البدء كان الأمر اصلب ،
والآن صار الصلب أوجب !"
حتما ستصلب من جديد .
هم في انتظارك - كل أتباعك ، قطعان اللصوص -
هم في انتظارك بالصليب .
ماذا ؟ أتبكى ؟ كل شىء مضحك حتى الدموع !
العصر يضحك من دموعك ، من دموعى ، عصرنا عصر
اللصوص
بل أنت .. حتى أنت لص ،
لو لم تكن ما كان في الأرض اللصوص
حتى أنا لص .. ألم أخدع طويلاً باللصوص ؟ !
( 45 )
- سيقال يا كيخوت فيك ..
ما قاله في الخمر مالك !
أبشر .. ففى القاموس آلاف الصفات ..
- إلاَّ صفه ..
لن يذكروها الآن في حمى الشماتة ،
( 46 )
السنديانة أسقطتها عاصفة ..
يا جيش حطابين هيا بالبلط
ويل لمنكود سقط !
- تخشى الشماتة يا قتيل ؟
أى الأنوف يسيغ رائحة العدو ..
ميتا ، وما للميت أعداء ، ولا حتى لميت أصدقاء ؟
- لكن بعض الناس كلبىّ الغريزة ،
لا يستطيب سوى الجِيَف ،
- ماذا يضير الشاة سلخ بعد ذبح ؟
الكلب مات .. فمن تقاليد اللصوص ،
قتل الكلاب ..
قبل الولوج إلى الغنيمة !
( 47 )
قالوا بأن الشر مرحلة انتقال ،
فإلاَمَ كان الانتقال ؟
أَمِنَ اللصوصِ إلى لصوص ؟ !
مرحى ( أبا زيد ) كأنك ما غزوت !
( 48 )
كانت عصابات اللصوص ..
من قبل تنظيم ( الهواة ) ،
واليوم ساد ( الاحتراف ) ،
ما أبشع النهب الممنطق في مذاهب !
( 49 )
رباعيتان
...
إن كان حقا قد أتى طوفان
من قبل أن نأتى لأن العصر كان
فظا خسيسا .. أبشرى يا أرضنا
حتما سيأتى عصرنا طوفان !
* * *
قالوا : لقد مرت عصور من جليد
بالأرض فانتحرت وعادت من جديد
أسفا لتحيا .. ما لها لا تنتحر
في عصرنا ؟ كم ذا تطيق من الجليد ؟ !
( 50 )
لا .. لا مفر من الخطيئة ،
(أوديب) تتبعك النبوءة ،
يا وَيْحَه قَدَرٌ تفر اليه منه !
ها قد قتلت أباك ، فاطرق باب طيبه ..
لتلوغ في أحضان أمك .
* * *
ما أتعس الانسان يَعْمَى حين يبصر !
ما أتعس الانسان يبصر حين يعمى !
يا أيها الظلام مرحبا .. يا أيها الظلام !
يا دربى الذي بلا اتجاه ،
يا أوسع الدروب للانسان .
لم تفقدوا الضياء يا عميان ..
فيها دروب المبصرين زيف !
يا طيبة الوداع ..
يا موطن الطاعون والزنا والخوف ،
يا ملعب الأصنام والكهان !
ما الزيف يا أوديب ما الحقيقة ؟
ما النصر ، ما الهزيمة ؟
ما الجبن ، ما البطولة ،
ما العهر ، ما الفضيلة ؟
ما أى شىء .. ما نقيض أى شىء ؟ !
كم تستوى الأبقار في الظلام ..
فكلها باللون كالغربان !
بنيتى - يا أختى الوفية -
خذى يدى إلى بعيد ..
إلى بعيد !
أن تكذب الدروب في الظهيرة .
فأفضل الدروب درب ليل .
يا أيها الظلام .. يا ضيائى الوحيد .
( 51 )
سيقال أفلس برجوازى صغير !
أو ربما اختلفوا فقالوا : برجوازى وسط !
وسيهرعون إلى المراجع ،
كقطيع جرذان يفر من القطط ،
ليقول لوقا : قال مرقص :
إن متى قال : يوحنا يقول :
( البرجوازى الصغير
كالبرجوازى الوسط
محض انتهازى حقير ! ) .
الكأس دارت ، جاء دورك يا ذبيح ،
فاشرب ، لكم جرعتها للآخرين !
كم كنت تلقى بالتهم ..
ذات اليمين
ذات الشمال
ما أبشع الأختام في لحم الذبائح .
قد جهزوا الخانات والأقلام والحبر الزفر !
فابصق عليهم .. ليس ثمة عنك نص ،
ما كنت يا كيخوت لص ،
بل كنت دوماً محض كلب !
ما أبغض الكلب الوفى إلى اللصوص ..
( 52 )
كما جئت بلا أكفان
لقى للشمس والغربان والذؤبان ،
خطايانا بلا غفران !
وممن نسأل الغفران
وكل يسأل الغفران ؟ !
خطايانا على أكتافنا صلبان .
ولكن فيم أذنبنا ؟
لماذا دونما ذنب تعذبنا ؟
تعذبنا .. تعذبنا .. تعذبنا ..
لأنا حين أحببنا
رأينا الناسَ والدنيا بعين الحب
فرتلنا نشيد الوجد للمحبوب :
( فداك الروح والأكباد
كنوز الأرض يا محبوب ! )
وأمنا بلا برهان ،
وصدقنا بلا منطق .
قديما قيل : أعمى القلب والعينين من يعشق .
خطايانا - ويا للعار - أنا من بنى الانسان .
الينا أيها النسيان ..
فليس لخاطئين بغير ما ذنب سوى النسيان ! .
( 53 )
بالأمس يا كيخوت خمر
واليوم يا كيخوت خمر
وغدا وبعد غد وبعد البعد خمر ..
يا عالم الزيف المزوق مثل وجه العاهرة !
ماذا تبقى للعطاش ..
غير الغرق ؟
هيا إلى الأعماق .. يا غوصا يلوح بلا نهاية !
الكأس .. حتى الكأس يا كيخوت زيف ..
مرحى .. أمن زيف لزيف ؟ !
لو تصدق الأحلام - أحلام الكئوس ،
والنوم ، والصحو الكريه -
هل كانت الأحلام دارت في الرؤوس ؟ !
يا عالم الزيف المزوق مثل وجه العاهرة !
بالأمس يا كيخوت خمر
واليوم ياكيخوت خمر
وغدا ؟ وبعد غد ؟ وبعد البعد .. خمر ؟
كيف المفر ؟ !
المسيح واللصوص !
...
- أباه !
- تصرخ في العراء على الصليب ،
والآب مشغول بعيدا لا يجيب .
عبثا تنادى ( لاحياة لمن تنادى ) ..
أنت منذ الآن وحدك ، أنت فى البلوى يتيم ،
فايأس .. أبعد الصلب ثمة من رجاء ؟ !
الكأس لم تعبر ، وكم صليت ..
يا أبتاه فلتعبر !
لماذا الآب شاء ..
ما كنت دوما لاتشاء ! ؟
لا أنت تدرى ، لا أنا أدرى ، ولا يدرى أحد .
لكنَّ شيئاً واحداً ندريه : أنت الآن شاة سمروها للخشب .
- من هم ؟ !
- وما الجدوى ؟ انحيا يا قتيل ..
لو قلت من هم قاتلوك ؟ !
- ( هذا جناه أبى على )
- والآب .. مظلوم أبوك !
لكن رويدك ، بعد لم تصلب ،
ستصلب أنت منذ الآن ألفا كل يوم !
بقلادة في صدر كاهن ،
أو رُقْيَةٍ ما بين ثديي عاهرة ،
أيقونة في بيت قواد ، كتاب أو حجاب ..
في جيب لوطنى ، ستحمل كل أوساخ البشر ،
سنصير منشفة بماخور لتمسح فيك أيدى الداخلين ،
والخارجين !
- يا للهلاك !
- أنصت وكف عن الصراخ .
- الشوك غاص إلى عظام الجمجمة !
- ستكون أوشاك تغوص إلى نخاعك كل يوم :
سيباح منذ الآن باسمك كل شىء .
سيباح قتل الأبرياء ..
باسم المسيح !
سيراق بحر من دماء ..
باسم المسيح !
ستقام أبراج ، قصور من جماجم ..
باسم المسيح !
سيكون عهر ، خسة ، زيف ، رياء ، أى شىء ..
باسم المسيح !
أنت الضحية ..
حقا ، ولكن أنت مذنب ،
القاتل المقتول أنت !
- يا للهلاك !
- أنصت وكف عن الصراخ ،
ذاك المساء ..
لما جلست إلى العَـشَـاء
كانوا جميعاً جالسين ،
حتى يهوذا كان يجلس بينهم ،
ما أكثر الأتباع حين يُوَزَّعُ الخُبْزَ المعلم !
مَدُّوا اليك أكفهم - يا
غابة الأيدى - فغطوا المائدة ،
ومضيت تعطي باليمين وبالشمال ..
خبزا (كلوا خبزى !) وراحوا يأكلون ،
كانوا جميعاً يمضغون ويبلعون ويقسمون :
( لا .. لن نخونك يا معلم ) !
والآن من منهم معك ؟
يا أيها المصلوب من منهم هنا ؟
لاذوا جميعاً بالجحور ،
واذاك وحدك والصليب .
لا .. بل هنا لصان كل دُقَّ مثلك في صليب ،
شكراً لهم .. قد ميزوك عن اللصوص بتاج شوك !
- يا للهلاك !
- مهلا .. فما هذان باللصين .. لكن اللصوص ..
يأتون باسمك ، ثم باسمك يحكمون ،
في أرضنا أرض اللصوص !
فغداً نراهم يخرجون من الجحور ..
جيشا من الكهان : ( خذ ما تستطيع ،
إصعد على جثث الجميع ،
دُسْ فوق أعناق القطيع )
باسم المسيح !
وسيحفظون - جميعهم - عن ظهر قلب ..
ما خطه الأتباع عنك .
لو جئت أنت تجادل الكهان سوف يدوخونك :
سيقول لوقا : قال مرقص :
إن متى قال : يوحنا يقول :
( في البدء كان الأمر أخرس ! )
حتما ستخرس .
- يا للهلاك !
- سيكون آلاف اللصوص ..
فوق العروش أباطرة ،
باسم المسيح !
تيجانهم ذهب ، ثيابهم حرير ،
وفراشهم ريش النعام ،
وطعامهم لحم المسيح !
- لكننى سأعود يوما ..
- هل تصدق ما تقول ؟ !
- الآب قال بأننى حتما أعود ،
ملكا على أرض البشر ،
لتسود في الناس المسرة والسلام !
- لو عدت منذا يعرفك ؟
- سأقول جئت أنا المسيح .
- سيطالبونك بالدليل ؟
- ستكون في جيبى البطاقة والجواز!
- هذا قليل ..
ما أسهل التزوير للأوراق في عصر اللصوص ،
ولديهم ( الخبراء ) سوف يؤكدون ..
أن الهوية زائفة !
- لكن عليها الخَتْمُ - خَتْمُ الأب -
- يا بئس الدليل !
سيؤكد الخبراء أن الختم برهان على زيف الهوية .
- سأريهم هذي الثقوب ..
في جبهتى - أنظر - وفي الكفين ، في الرجلين .. جئت
أنا المسيح ..
سأقول جئت أنا المسيح !
- سيقول لوقا : قال مرقص :
إن متى قال : يوحنا يقول :
" فى البدء كان الأمر اصلب ،
والآن صار الصلب أوجب !"
حتما ستصلب من جديد .
هم في انتظارك - كل أتباعك ، قطعان اللصوص -
هم في انتظارك بالصليب .
ماذا ؟ أتبكى ؟ كل شىء مضحك حتى الدموع !
العصر يضحك من دموعك ، من دموعى ، عصرنا عصر
اللصوص
بل أنت .. حتى أنت لص ،
لو لم تكن ما كان في الأرض اللصوص
حتى أنا لص .. ألم أخدع طويلاً باللصوص ؟ !
( 45 )
- سيقال يا كيخوت فيك ..
ما قاله في الخمر مالك !
أبشر .. ففى القاموس آلاف الصفات ..
- إلاَّ صفه ..
لن يذكروها الآن في حمى الشماتة ،
( 46 )
السنديانة أسقطتها عاصفة ..
يا جيش حطابين هيا بالبلط
ويل لمنكود سقط !
- تخشى الشماتة يا قتيل ؟
أى الأنوف يسيغ رائحة العدو ..
ميتا ، وما للميت أعداء ، ولا حتى لميت أصدقاء ؟
- لكن بعض الناس كلبىّ الغريزة ،
لا يستطيب سوى الجِيَف ،
- ماذا يضير الشاة سلخ بعد ذبح ؟
الكلب مات .. فمن تقاليد اللصوص ،
قتل الكلاب ..
قبل الولوج إلى الغنيمة !
( 47 )
قالوا بأن الشر مرحلة انتقال ،
فإلاَمَ كان الانتقال ؟
أَمِنَ اللصوصِ إلى لصوص ؟ !
مرحى ( أبا زيد ) كأنك ما غزوت !
( 48 )
كانت عصابات اللصوص ..
من قبل تنظيم ( الهواة ) ،
واليوم ساد ( الاحتراف ) ،
ما أبشع النهب الممنطق في مذاهب !
( 49 )
رباعيتان
...
إن كان حقا قد أتى طوفان
من قبل أن نأتى لأن العصر كان
فظا خسيسا .. أبشرى يا أرضنا
حتما سيأتى عصرنا طوفان !
* * *
قالوا : لقد مرت عصور من جليد
بالأرض فانتحرت وعادت من جديد
أسفا لتحيا .. ما لها لا تنتحر
في عصرنا ؟ كم ذا تطيق من الجليد ؟ !
( 50 )
لا .. لا مفر من الخطيئة ،
(أوديب) تتبعك النبوءة ،
يا وَيْحَه قَدَرٌ تفر اليه منه !
ها قد قتلت أباك ، فاطرق باب طيبه ..
لتلوغ في أحضان أمك .
* * *
ما أتعس الانسان يَعْمَى حين يبصر !
ما أتعس الانسان يبصر حين يعمى !
يا أيها الظلام مرحبا .. يا أيها الظلام !
يا دربى الذي بلا اتجاه ،
يا أوسع الدروب للانسان .
لم تفقدوا الضياء يا عميان ..
فيها دروب المبصرين زيف !
يا طيبة الوداع ..
يا موطن الطاعون والزنا والخوف ،
يا ملعب الأصنام والكهان !
ما الزيف يا أوديب ما الحقيقة ؟
ما النصر ، ما الهزيمة ؟
ما الجبن ، ما البطولة ،
ما العهر ، ما الفضيلة ؟
ما أى شىء .. ما نقيض أى شىء ؟ !
كم تستوى الأبقار في الظلام ..
فكلها باللون كالغربان !
بنيتى - يا أختى الوفية -
خذى يدى إلى بعيد ..
إلى بعيد !
أن تكذب الدروب في الظهيرة .
فأفضل الدروب درب ليل .
يا أيها الظلام .. يا ضيائى الوحيد .
( 51 )
سيقال أفلس برجوازى صغير !
أو ربما اختلفوا فقالوا : برجوازى وسط !
وسيهرعون إلى المراجع ،
كقطيع جرذان يفر من القطط ،
ليقول لوقا : قال مرقص :
إن متى قال : يوحنا يقول :
( البرجوازى الصغير
كالبرجوازى الوسط
محض انتهازى حقير ! ) .
الكأس دارت ، جاء دورك يا ذبيح ،
فاشرب ، لكم جرعتها للآخرين !
كم كنت تلقى بالتهم ..
ذات اليمين
ذات الشمال
ما أبشع الأختام في لحم الذبائح .
قد جهزوا الخانات والأقلام والحبر الزفر !
فابصق عليهم .. ليس ثمة عنك نص ،
ما كنت يا كيخوت لص ،
بل كنت دوماً محض كلب !
ما أبغض الكلب الوفى إلى اللصوص ..
( 52 )
كما جئت بلا أكفان
لقى للشمس والغربان والذؤبان ،
خطايانا بلا غفران !
وممن نسأل الغفران
وكل يسأل الغفران ؟ !
خطايانا على أكتافنا صلبان .
ولكن فيم أذنبنا ؟
لماذا دونما ذنب تعذبنا ؟
تعذبنا .. تعذبنا .. تعذبنا ..
لأنا حين أحببنا
رأينا الناسَ والدنيا بعين الحب
فرتلنا نشيد الوجد للمحبوب :
( فداك الروح والأكباد
كنوز الأرض يا محبوب ! )
وأمنا بلا برهان ،
وصدقنا بلا منطق .
قديما قيل : أعمى القلب والعينين من يعشق .
خطايانا - ويا للعار - أنا من بنى الانسان .
الينا أيها النسيان ..
فليس لخاطئين بغير ما ذنب سوى النسيان ! .
( 53 )
بالأمس يا كيخوت خمر
واليوم يا كيخوت خمر
وغدا وبعد غد وبعد البعد خمر ..
يا عالم الزيف المزوق مثل وجه العاهرة !
ماذا تبقى للعطاش ..
غير الغرق ؟
هيا إلى الأعماق .. يا غوصا يلوح بلا نهاية !
الكأس .. حتى الكأس يا كيخوت زيف ..
مرحى .. أمن زيف لزيف ؟ !
لو تصدق الأحلام - أحلام الكئوس ،
والنوم ، والصحو الكريه -
هل كانت الأحلام دارت في الرؤوس ؟ !
يا عالم الزيف المزوق مثل وجه العاهرة !
بالأمس يا كيخوت خمر
واليوم ياكيخوت خمر
وغدا ؟ وبعد غد ؟ وبعد البعد .. خمر ؟
كيف المفر ؟ !