" قراءات نقدية"
الأقنعة الكرنفالية في قصيدة "اعبري الفرات"
للشاعر العراقي رياض الدليمي
اعبري الفرات
لن تجدي كنعانا
أو فرعونا
ولا بغلة بالانتظار
ستشهدين معارك قابيل وهابيل
أيقني
إنها لم تنتهي بعد
وهيا كلا فخمة
شيدت على فمي
فاقت هيبة سليمان
لن تجدي كوثرا
ولا زمزما في المكان
لقد جفت ضلوعي
فتذوقي ماء أجاج
يا سلمى
وأؤدي صحف الكتمان
وأطلقي سراح الهدهد
وتجلي بمواسم الجفاء
واحتفلي بكرنفال
التطهر
وأقيمي عزاء الانتظار
فاني هناك
اسقي الحجيج
وامنح الأوطان
على انهار الأكمام
وأطلقي مهرجان الكومبا
قرب وجع الكرز
ولهفة البياض
إني اعتذر عن قداس
قيامة القتال
وسلطة قابيل
وبسالة أناملي
ودوران الوقت
يا سلمى
تلك حكايتي
فتركت جلبابي
خارج معابد الاعتصام
وجئتك بمحرمي
أشيد هيكلا للهدهد
ولن أعدك بزمزم يشفي
ولا بعبادة خارج الجدران
تتشابه الاساطير والاحلام والكرنفالية من حيث الابتعاد عن رقابة العقل الواعي والخروج عن حدود الزمان والمكان , ففي الاسطورة كما في الحلم نجد الاحداث تقع خارج قيود وحدود الزمان والمكان، والبطل في الاسطورة كما هي الحال صاحب الحلم يخضع لتحولات سحرية تمثل انعكاساً لرغبات وأمان مكبوتة تنطلق عن عقالها بعيداً عن رقابة العقل الواعي الذي يمارس دور الحارس على بوابة الشعور, حيث يمتلأ كرنفال أصواتاً تنبع من روح الشخصيات التي لا تمتلك عبودية للعقل فلا وجود للممارسات القمعية في هذا العالم الاحتفالي عالم التحدي والمشاركة الانسانية التلقائية
اعبري الفرات
لن تجدي كنعانا
او فرعونا
ولابغلة في الانتظار
ستشهدين معارك قابيل وهابيل
تتمثل التلقائية بكل ما تتحمل هذه الكلمة من صدق لرسم صورة واضحة المعالم عن ما يعانيه الفرد في هذا المجتمع المليء بالقيود والمدمج بالطبقيات التي تحاط بترسانات من الحواجز،ليتماهى المكان والزمان لخلق اللحظة الانية التي يبتغيها , فتتمازج ازمة فرعون وكنعان وقابيل وهابيل فتلد تلك اللحظة الخارجة عن اطار الزمن .
أيقني
إنها لم تنتهي بعد
وهيا كلا فخمة
شيدت على فمي
فاقت هيبة سليمان
لن تجدي كوثرا
ولا زمزما في المكان
الكرنفالية تلغي الفواصل بين شكل وآخر أو بين الشخص والشيء ليذوب الشخص في الجمهور والكون، يترتب على هذا الذوبان تجاوز الجسد الشخصي ليحل محله جسد النوع البشري التاريخي، فهنا ذاب شخص الشاعر في شخصية النبي سليمان التاريخية العظيمة, وهكذا يموت الجسد الفردي ليمنح الحياة والنمو لجسد الجماهير.
.
لقد جفت ضلوعي
فتذوقي ماء أجاج
يا سلمى
وأؤدي صحف الكتمان
وأطلقي سراح الهدهد
وتجلي بمواسم الجفاء
واحتفلي بكرنفال
التطهر
وأقيمي عزاء الانتظار
الإنسان بطبعه ميال للجمهرة والجماعات التي تهبه الثقة والمقاومة لكل اشكال الاضطهاد وتقيد الحريات , فالإنسان رغم جهده وتعبه نراه يسعى دائماً تثبيت أقدامه في الزمان والمكان فهو يحاول تثبيت وجوده وكيانه,. عبر الشاعر عن روح الكرنفال من خلال المزج بين الأضداد وقلب الأضداد والمبالغة المادية، فكيف للمرأة ان تتذوق الماء الاجاج وهل هنالك تجلي وتألق في مواسم للجفاف وكيف يكون الاحتفال باقامة عزاء وهل ان الانتظار من الممكن ان يقام له عزاء انها دعوة للتحرر من القيود من خلال طرح الاضداد والمتناقضات, وتعدد الاصوات الامر الذي يؤدي الى ضرب المركزية وتعدد المعاني وتحولات الوعي, والتفكير بصوت عال والحلم باعين مفتوحة, انها دعوة للثورة على الواقع وكسر السلاسل .
فاني هناك
اسقي الحجيج
وامنح الأوطان
على انهار الأكمام
وأطلقي مهرجان الكومبا
قرب وجع الكرز
ولهفة البياض
سقاية الحجيج من المقدسات التي حاول الشاعر زجها بين احتفالات الكومبا ليلتقي الاضداد في رسم صورة اراد الشاعر اخفائها بين طيات المقدس والاوطان , فالاوطان وانهر الاكمام دعوة لاحتضان الحبيبة بلغة اقنعة الكرنفال , فانهر الاكمام تنهمر اكفا تمسك بالحبيبة اينما كانت , متعدية حدود المكان وعابرة محطات الزمان, أن هذه الاقنعة تنتقل بالإنسان من الواقع الذي يتعايشه الى عالم الحياة الكرنفالية التي تبيح له ما يريد دون اية تكلفة, الا أن القناع الكرنفالي يختلف من حيث طبيعته ووظيفته فهو شيء يختلف عن التنكر الريفي، أنه قناع أنساني يتلاعب في المسافات التي تفصل بين الناس ويقضي على التباين بينهما فضلاً عن المناقشات التي تخلق صراعاً بين الشخصيات المتجاذبة فيما بينها لتصبح أمام المتلقي مثاراً للتساؤلات التي تمثل الصراعات الداخلية للشخصيات الناشئة من رغباتهم وأمانيهم وما يعوق تحقيقها.
إني اعتذر عن قداس
قيامة القتال
وسلطة قابيل
وبسالة أناملي
ودوران الوقت
يا سلمى
يمارس بها الفرد كل ما يحب دون أية كلفة، الا ان هذه السلوكيات التي تنتج اصواتاً مختلفة سرعان ما تنتهي ليعود الفرد الى سجيته وواقعه فيرضخ تحت ضغوطات العصر، فالحياة الكرنفالية هي الطريق الخلاص لوضع البصمة على واقع الحياة الاعتيادية على الرغم من تباين زمن قابيل وزمن الشاعر الا انه انتج وبحرفية كرنفالية سلسة صورة لدوران الوقت لتنزاح الحواجز الزمنية والمكانية فيولد الوقت الكرنفالي الذي يهب الحرية في ابداء الرأي والحركة والتغيير, حيث ينشد الشاعر ببصمته هذه زمنا جديدا حرا , الا ان هذه البصمة من الممكن ان تكون شراره التغيير والتجديد العالم , فالحب الحر للأقنعة والادوار دون المحتوى او الجوهر يمكن الاقنعة ان تمارس دورها في الخلق من حيث كونها قادره على أحداث فاعلية التغيير في الوجود.
تلك حكايتي
فتركت جلبابي
خارج معابد الاعتصام
وجئتك بمحرمي
أشيد هيكلا للهدهد
ولن أعدك بزمزم يشفي
ولا بعبادة خارج الجدران
أن ارتداء الاقنعة من الممكن أن يبتكر لنا طريقة جديدة لتنظيم العلاقات الانسانية، فهي طريقة وجهاً الى وجه ضد العلاقات التي تترجم التمايز الاجتماعي داخل الحياة الواقعية الاعتيادية، لتكون حكاية الشاعر قناعا تحرك من خلاله في ازقة الحرية في التعبير دون الخوف من سلطاته كيفما كانت ,أما الانفعال به فيقع في مكان وسط بين الحقيقة والتظاهر بها. أما الحياة الكرنفالية فهي تحرر الانسان تمامً من السلطة بأي شكل من الأشكال التي تتخذ من التمايز الطبقي والمراتب المختلفة والاعمار، فضلاً عن الملكية الخاصة أداة لأنزال الظلم بالآخرين، لتكون كل هذه الأشياء داخل الكرنفالية توفيقية، والتوفيقية عبارة عن مفهوم خاص بالموقف الكرنفالي من العالم يرتبط ارتباطاً عضوياً بمفهوم الاتصال البعيد عن الكلفة،فاتصال الشاعر بمحبوبته كان بعيدا عن الكلفة فهو لم يعدها بماء زمزم للشفاء ولا عبادة في محرابها, وعلى الرغم من كل شيء فقد خلع جلبابه ورفع كل الحواجز , وحين اتاها بمحرمه فانه في اشد حالات النقاء والعفوية التي تنشدها الكرنفالية, أن هذا المفهوم يسمح للجوانب الخفية من الطبيعة البشرية بالتكشف والظهور دون كلفة أو تردد أو حتى التفكير في عواقب الأمور.
تمكن الشاعر رياض الدليمي من الانفلات الشرعي من اليجب والمقدس والقانون في قصيدته ، ولأنها تحظى بذاكره احتفالية بما تمتلكه من طبيعة ميالة للجمهرة والفرجة والصخب، لذا فقد أتخذت من الكرنفال واقنعنه ملاذاً لها من تلك القوانين المفروضة، الا ان الاحتفال في القصيدة لم يمثل بالضرورة مظاهر الفرح، فقد قدم لنا أشكالاً متباينة ومتنافرة بل وحتى متعارضة كرنفالية تبني موقفاً فاعلاً من مظاهر الحياة المختلفة بسلبيتها وقمعها يوفر أتصالاً بعيداً عن الكلفة، الامر الذي خلق صراعاً متجدداً متوالداً لمظاهر الحياة المختلفة من خلال الهروب نحو الواقع الحلمي لإزاحة كل العوائق التي تخرس الاصوات الصادقة داخل الذات الانسانية، محركة بذلك كل ما هو ساكن،و تنشد الحركة والتغيير ورفع أصوات المطالبة بالحقوق وتجسيد الذات الانسانية.
امل الغزالي.
الأقنعة الكرنفالية في قصيدة "اعبري الفرات"
للشاعر العراقي رياض الدليمي
اعبري الفرات
لن تجدي كنعانا
أو فرعونا
ولا بغلة بالانتظار
ستشهدين معارك قابيل وهابيل
أيقني
إنها لم تنتهي بعد
وهيا كلا فخمة
شيدت على فمي
فاقت هيبة سليمان
لن تجدي كوثرا
ولا زمزما في المكان
لقد جفت ضلوعي
فتذوقي ماء أجاج
يا سلمى
وأؤدي صحف الكتمان
وأطلقي سراح الهدهد
وتجلي بمواسم الجفاء
واحتفلي بكرنفال
التطهر
وأقيمي عزاء الانتظار
فاني هناك
اسقي الحجيج
وامنح الأوطان
على انهار الأكمام
وأطلقي مهرجان الكومبا
قرب وجع الكرز
ولهفة البياض
إني اعتذر عن قداس
قيامة القتال
وسلطة قابيل
وبسالة أناملي
ودوران الوقت
يا سلمى
تلك حكايتي
فتركت جلبابي
خارج معابد الاعتصام
وجئتك بمحرمي
أشيد هيكلا للهدهد
ولن أعدك بزمزم يشفي
ولا بعبادة خارج الجدران
تتشابه الاساطير والاحلام والكرنفالية من حيث الابتعاد عن رقابة العقل الواعي والخروج عن حدود الزمان والمكان , ففي الاسطورة كما في الحلم نجد الاحداث تقع خارج قيود وحدود الزمان والمكان، والبطل في الاسطورة كما هي الحال صاحب الحلم يخضع لتحولات سحرية تمثل انعكاساً لرغبات وأمان مكبوتة تنطلق عن عقالها بعيداً عن رقابة العقل الواعي الذي يمارس دور الحارس على بوابة الشعور, حيث يمتلأ كرنفال أصواتاً تنبع من روح الشخصيات التي لا تمتلك عبودية للعقل فلا وجود للممارسات القمعية في هذا العالم الاحتفالي عالم التحدي والمشاركة الانسانية التلقائية
اعبري الفرات
لن تجدي كنعانا
او فرعونا
ولابغلة في الانتظار
ستشهدين معارك قابيل وهابيل
تتمثل التلقائية بكل ما تتحمل هذه الكلمة من صدق لرسم صورة واضحة المعالم عن ما يعانيه الفرد في هذا المجتمع المليء بالقيود والمدمج بالطبقيات التي تحاط بترسانات من الحواجز،ليتماهى المكان والزمان لخلق اللحظة الانية التي يبتغيها , فتتمازج ازمة فرعون وكنعان وقابيل وهابيل فتلد تلك اللحظة الخارجة عن اطار الزمن .
أيقني
إنها لم تنتهي بعد
وهيا كلا فخمة
شيدت على فمي
فاقت هيبة سليمان
لن تجدي كوثرا
ولا زمزما في المكان
الكرنفالية تلغي الفواصل بين شكل وآخر أو بين الشخص والشيء ليذوب الشخص في الجمهور والكون، يترتب على هذا الذوبان تجاوز الجسد الشخصي ليحل محله جسد النوع البشري التاريخي، فهنا ذاب شخص الشاعر في شخصية النبي سليمان التاريخية العظيمة, وهكذا يموت الجسد الفردي ليمنح الحياة والنمو لجسد الجماهير.
.
لقد جفت ضلوعي
فتذوقي ماء أجاج
يا سلمى
وأؤدي صحف الكتمان
وأطلقي سراح الهدهد
وتجلي بمواسم الجفاء
واحتفلي بكرنفال
التطهر
وأقيمي عزاء الانتظار
الإنسان بطبعه ميال للجمهرة والجماعات التي تهبه الثقة والمقاومة لكل اشكال الاضطهاد وتقيد الحريات , فالإنسان رغم جهده وتعبه نراه يسعى دائماً تثبيت أقدامه في الزمان والمكان فهو يحاول تثبيت وجوده وكيانه,. عبر الشاعر عن روح الكرنفال من خلال المزج بين الأضداد وقلب الأضداد والمبالغة المادية، فكيف للمرأة ان تتذوق الماء الاجاج وهل هنالك تجلي وتألق في مواسم للجفاف وكيف يكون الاحتفال باقامة عزاء وهل ان الانتظار من الممكن ان يقام له عزاء انها دعوة للتحرر من القيود من خلال طرح الاضداد والمتناقضات, وتعدد الاصوات الامر الذي يؤدي الى ضرب المركزية وتعدد المعاني وتحولات الوعي, والتفكير بصوت عال والحلم باعين مفتوحة, انها دعوة للثورة على الواقع وكسر السلاسل .
فاني هناك
اسقي الحجيج
وامنح الأوطان
على انهار الأكمام
وأطلقي مهرجان الكومبا
قرب وجع الكرز
ولهفة البياض
سقاية الحجيج من المقدسات التي حاول الشاعر زجها بين احتفالات الكومبا ليلتقي الاضداد في رسم صورة اراد الشاعر اخفائها بين طيات المقدس والاوطان , فالاوطان وانهر الاكمام دعوة لاحتضان الحبيبة بلغة اقنعة الكرنفال , فانهر الاكمام تنهمر اكفا تمسك بالحبيبة اينما كانت , متعدية حدود المكان وعابرة محطات الزمان, أن هذه الاقنعة تنتقل بالإنسان من الواقع الذي يتعايشه الى عالم الحياة الكرنفالية التي تبيح له ما يريد دون اية تكلفة, الا أن القناع الكرنفالي يختلف من حيث طبيعته ووظيفته فهو شيء يختلف عن التنكر الريفي، أنه قناع أنساني يتلاعب في المسافات التي تفصل بين الناس ويقضي على التباين بينهما فضلاً عن المناقشات التي تخلق صراعاً بين الشخصيات المتجاذبة فيما بينها لتصبح أمام المتلقي مثاراً للتساؤلات التي تمثل الصراعات الداخلية للشخصيات الناشئة من رغباتهم وأمانيهم وما يعوق تحقيقها.
إني اعتذر عن قداس
قيامة القتال
وسلطة قابيل
وبسالة أناملي
ودوران الوقت
يا سلمى
يمارس بها الفرد كل ما يحب دون أية كلفة، الا ان هذه السلوكيات التي تنتج اصواتاً مختلفة سرعان ما تنتهي ليعود الفرد الى سجيته وواقعه فيرضخ تحت ضغوطات العصر، فالحياة الكرنفالية هي الطريق الخلاص لوضع البصمة على واقع الحياة الاعتيادية على الرغم من تباين زمن قابيل وزمن الشاعر الا انه انتج وبحرفية كرنفالية سلسة صورة لدوران الوقت لتنزاح الحواجز الزمنية والمكانية فيولد الوقت الكرنفالي الذي يهب الحرية في ابداء الرأي والحركة والتغيير, حيث ينشد الشاعر ببصمته هذه زمنا جديدا حرا , الا ان هذه البصمة من الممكن ان تكون شراره التغيير والتجديد العالم , فالحب الحر للأقنعة والادوار دون المحتوى او الجوهر يمكن الاقنعة ان تمارس دورها في الخلق من حيث كونها قادره على أحداث فاعلية التغيير في الوجود.
تلك حكايتي
فتركت جلبابي
خارج معابد الاعتصام
وجئتك بمحرمي
أشيد هيكلا للهدهد
ولن أعدك بزمزم يشفي
ولا بعبادة خارج الجدران
أن ارتداء الاقنعة من الممكن أن يبتكر لنا طريقة جديدة لتنظيم العلاقات الانسانية، فهي طريقة وجهاً الى وجه ضد العلاقات التي تترجم التمايز الاجتماعي داخل الحياة الواقعية الاعتيادية، لتكون حكاية الشاعر قناعا تحرك من خلاله في ازقة الحرية في التعبير دون الخوف من سلطاته كيفما كانت ,أما الانفعال به فيقع في مكان وسط بين الحقيقة والتظاهر بها. أما الحياة الكرنفالية فهي تحرر الانسان تمامً من السلطة بأي شكل من الأشكال التي تتخذ من التمايز الطبقي والمراتب المختلفة والاعمار، فضلاً عن الملكية الخاصة أداة لأنزال الظلم بالآخرين، لتكون كل هذه الأشياء داخل الكرنفالية توفيقية، والتوفيقية عبارة عن مفهوم خاص بالموقف الكرنفالي من العالم يرتبط ارتباطاً عضوياً بمفهوم الاتصال البعيد عن الكلفة،فاتصال الشاعر بمحبوبته كان بعيدا عن الكلفة فهو لم يعدها بماء زمزم للشفاء ولا عبادة في محرابها, وعلى الرغم من كل شيء فقد خلع جلبابه ورفع كل الحواجز , وحين اتاها بمحرمه فانه في اشد حالات النقاء والعفوية التي تنشدها الكرنفالية, أن هذا المفهوم يسمح للجوانب الخفية من الطبيعة البشرية بالتكشف والظهور دون كلفة أو تردد أو حتى التفكير في عواقب الأمور.
تمكن الشاعر رياض الدليمي من الانفلات الشرعي من اليجب والمقدس والقانون في قصيدته ، ولأنها تحظى بذاكره احتفالية بما تمتلكه من طبيعة ميالة للجمهرة والفرجة والصخب، لذا فقد أتخذت من الكرنفال واقنعنه ملاذاً لها من تلك القوانين المفروضة، الا ان الاحتفال في القصيدة لم يمثل بالضرورة مظاهر الفرح، فقد قدم لنا أشكالاً متباينة ومتنافرة بل وحتى متعارضة كرنفالية تبني موقفاً فاعلاً من مظاهر الحياة المختلفة بسلبيتها وقمعها يوفر أتصالاً بعيداً عن الكلفة، الامر الذي خلق صراعاً متجدداً متوالداً لمظاهر الحياة المختلفة من خلال الهروب نحو الواقع الحلمي لإزاحة كل العوائق التي تخرس الاصوات الصادقة داخل الذات الانسانية، محركة بذلك كل ما هو ساكن،و تنشد الحركة والتغيير ورفع أصوات المطالبة بالحقوق وتجسيد الذات الانسانية.
امل الغزالي.