ليتَني ما زلتُ في الشارع أصطادُ الذُّبابْ

أنا والأعمى المُغَنِّي والكِلابْ

وطَوافي بزوايا الليلِ,

بالحاناتِ مِن بابٍ لِبابْ

أتَصدَّى لذئاب الدربِ..!

ماذا? ليتَني ما زِلتُ دربًا للذئابْ

وعلى حشرجة الأنقاض في صدري,

على الكَهْف الخَرابْ

يلهثُ الوغدُ بحمَّى رئتَيهِ

بدعابات السكارى, بالسِّبابْ

أنا والدربُ نعاني الليل وَطْئًا وسِبابْ

ليتَه ما لَمَّني من وحلة الشارعِ

ما عوَّدني دفءَ البيوتْ

ويدًا تمسحُ عاري وشحوبي

ليت ما سلَّفَني ثوبًا وقوتْ..

وَنَعِمْنا بعضَ ليْلاتٍ.. تَلاها:

هذيانٌ, سأَمٌ, رعْبٌ, سكوتْ

اَلرؤى السوداءُ, ربِّي, صَرَعتْهُ

خَلَّفَتْهُ باردًا مرًّا مقيتْ

ليت هذا البارِدَ المشلولَ

يحيا أو يموتْ

رثَّ فيه حسُّه,

أعصابُه انحلَّت شِباكًا مِن خيوط العنكبوتْ

شاعَ في البيت مُناخُ القبرِ: دلفٌ,

عَتْمةٌ, ريحٌ حبيسٌ, وسكوتْ

بِرْكةٌ سوداءُ يطفو في أَساها

وَجْهُه المُرُّ الترابيُّ الصَّموتْ,

ليْتَ هذا البارِدَ المشلولَ

يَحْيَا أو يموتْ

ليته!

يا ليت ما سلَّفني دفئًا وقوتْ