أناملَ النسيانِ مُرِّي على | قلبي مُرورَ الوَحيِ في الخافيات |
وأغمِضي فيهِ جُفون الأسى | وأوصدي فيه كوى الذكريات |
فَهوَ في نَوبةِ الخَيال | تائهُ الفكرِ عن مآل |
جائعٌ خُبزُهُ المُحال | يَشغَلُهُ الماضي عن الآتيات |
أرجُوحةُ الأوهامِ عرشُ الرُؤى | مجلسهُ في الصُبحِ أو في الظَلام |
وتحتَ رِجلَيهِ حطامُ المُنى | يلهو به في لُعبهِ كالغُلام |
والبروقُ المُكسَّرة | والشموسُ المُعفَّرة |
والأماني المُبَعثَرَة | واهاً لها تابى عليه المَنام |
كم من دفينٍ لكَ رهنَ البِلى | تُحييه يا قلبُ بذِكرِ العُهود |
أَتَبعثُ الموتى ولا ترعوي | يا أيُّها العابثُ بينَ اللُحود |
لاعبٌ أنتَ بالرِّمَم | بَيدِ الشَوقِ والأَلم |
قَدكَ يا هاتِكَ الحُرَم | تَنبُشُ بالذِكرى رَميمَ القُدود |
تَستقبِلُ الأصداء مُرتَدَّةً | عن نازِحِ العَهدِ وماضي الأوان |
وتُوصِدُ السَمعَ على صارخٍ | من حاضرٍ والطَرفَ دون المعان |
والقبورُ الدَوارسُ | لكَ فيها مُؤانسُ |
فَقَدَته المَجالس | ولم يَزَل فيك جَليسَ الجَنان |
يا نَوبةَ الأشباحِ زُولي عسى | يُطالع القلبُ مَغاني العِيان |
سَمَلتِ عَينَيه فظَنَّ الكُدى | عَرشاً وأطمار الشَجا الأرجُوان |
مَلكٌ دونَ مَقدَرة | مُلكهُ ضِمنَ مَقبَرة |
يَحسِبُ الرِيحَ عَسكَرَه | وَنَعقَةَ اليَومِ نشيدَ القِيان |
أناملَ النسيانِ مُرِّي على | أوتارِ قلبي في حَنايا الضُلوع |
فإِنَّ في لَمسِكِ تَهويدَةً | تُغري شَياطينَ الأسى بالهُجوع |
واسدُلي سِيترَ ما مَضى | وافتحي كُوَّةَ الرِضى |
واذا الذكرُ أومَضا | كُوني له تَعوِيذةً من دُموع
|