تفجّري يا عيون

بالماء , بالأشعّة الذائبه

تفجّري بالضوء , بالألوان , فوق القرية الشاحبه

في ذلك الوادي المغشّى بالدجى والسكون

تفجّري باللحون

فوق انبساط السفح بين التلال

في المنحنى حيث توج الظلال

تفجّري بالجمال

وشيّدي يوتوبيا في الجبال

يوتوبيا من شجرات القمم

ومن خرير المياه

يوتوبيا من نغم

نابضة بالحياه

تفجّري , سيلي على منحدرات الصخور

حيث يطير الفراش

في نشوة وارتعاش

تفجّري حيث تنام الطيور

في جنّة من عطور

حيث يغطّي السفح غاب كثيف

صنوبريّ الحفيف

تفجّري نقيّة فوق حصى المنحدر

في عطفة الوادي العميق المخيف

في ظلل الجوز الرقيق الوريف

تحت انبساط الشجر

تفجّري في الصباح

تفجّري جارفة كالرياح

تفجّري في الغروب

وشيّدي يوتوبيا من قلوب

من كلّ قلب لم تطأه الحقود

ولم تدنسّه أكفّ الركود

من كلّ قلب شاعريّ عميق

لم يتمرّغ بخطايا الوجود

من كلّ قلب رقيق

مستغرق في حلمه لا يفيق

إلا على حلم بعيد المدى

ليس له من حدود

حلم تحدّى الغدا

من كلّ قلب لا يطيق الجمود

ولا صرير القيود

تفجّري بيضاء فوق الصخر

لونا وضوءا يتحدى كلّ رجس البشر

تفجّري لن يسأم المنحدر

سيلي على النائمين

وأغرقي تهويمة الظالمين

فيضي على الميّتين

على قلوب لا تحسّ الحنين

على عيون لم تطهّرها أكفّ البكاء

على نفوس لا تحسّ السماء

على أكف تجهل الكبرياء

سيلي بعيدا في القرى الجائعه

حيث الحفاة العراه

وحيث لا يبلغ سمع الحياه

إلا صراخ الأنفس الضارعه

إلا عواء الذئاب

في عطفة الوادي الشقيّ الحزين

في شاهقات الهضاب

وحيث لا تبصر عين السنين

إلا أسى المتعبين

قوافل يحدو بها أشقياء

في جنّة من رخاء

قوافل الجائعين

في ذلك الوادي الخصيب التراب

قوافل الظامئين

يلتمسون السراب

والماء يجتاح انزلاق السنين

قوافل للملال

يحرمها الكدّ نقاء الجبال

قوافل مجّت رنين الفؤوس

وغيرها للكؤوس

للنوم والأحلام تحت الظلال

أنصاف موتى لا تحسّ الجمال

تفجّري يا مياه

تفجّري فوق قبور البشر

تفجّري في الصخر

وسجّلي مأساة هذي الحياه

فوق جبين القدر

ما زالت القرية منذ القدم

أقصوصة ممزوجة بالألم

قصّت أساها الرياح

على شحوب الصباح

تفجّري, سيلي وغطّي القمم

ألقي على القصّة ستر العدم

لا تذكري هذا النشيد الحزين

ما كان إلا رجع صوت وهون

أصغت إليه السنين

في لحظة, ثم مضت في سكون