لنكن أصدقاء

في متاهات هذا الوجود الكئيب

حيث يمشي الدمار ويحيا الفناء

في زوايا الليالي البطاء

حيث صوت الضحايا الرهيب

هازئا بالرجاء

لنكن أصدقاء

فعيون القضاء

جامدات الحدق

ترمق البشر المتعبين

في دروب الأسى والأنين

تحت سوط الزمان النزق

لنكن أصدقاء ,

ألأكفّ التي عرفت كيف تجبي الدماء

وتحزّ رقاب الخلّيين والأبرياء

ستحسّ اختلاج الشعور

كلّما لامست إصبعا أو يدا

والعيون التي طالما حدّقت في غرور

ترمق الموكب الأسودا

موكب الرازحين العبيد

هذه الأعين الفارغات

ستحسّ الحياة

ويعود الجمود البليد

خلفها ألف عرق جديد

والقلوب التي سمعت في انتعاش

صرخات الجياع العطاش

ستذوب لتسقي صدى الظامئين

كأسة ولتكن ملئت بالأنين

لنكن أصدقاء

نحن والحائرون

نحن والعزّل المتعبون

والذين يقال لهم "مجرمون"

نحن والأشقياء

نحن والثملون بخمر الرخاء

والذين ينامون في القفر تحت السماء

نحن والتائهون بلا مأوى

نحن والصارخون بلا جدوى

نحن والأسرى

نحن والأمم الأخرى

في بحار الثلوج

في بلاد الزنوّج

في الصحارى وفي كلّ أرض تضمّ البشر

كلّ أرض أصاخت لآلامنا

كلّ أرض تلقّت توابيت أحلامنا

ووعت صرخات الضجر

من ضحايا القدر

لنكن أصدقاء

إن صوتا وراء الدماء

في عروق الذين تساقوا كؤوس العداء

في عروق الذين يظلّون كالثملين

يطعنون الإخاء

يطعنون أعزّاءهم باسمين

في عروق المحبّين..والهاربين

من أحبّائهم , من نداء الحنين

في جميع العروق

إنّ صوتا وراء جميع العروق

هامسا في قرارة كلّ فؤاد خفوق

يجمع الأخوة النافرين

ويشدّ قلوب الشقّيين والضاحكين

ذلك الصوت , صوت الإخاء

فلنكن أصدقاء

في بعيد الديار

ووراء البحار

في الصحارى , وفي القطب , في المدن الآمنه

في القرى الساكنه

أصدقاء بشر

أصدقاء ينادون أين المفر ؟

ويصيحون في نبرة ذابله

ويموتون في وحدة قاتله

أصدقاء جياع , حفاة , عراه

لفظتهم شفاه الحياه

إنهم أشقياء

فلنكن أصدقاء

من بعيد

صوت عصف الرياح الشديد

ناقلا ألف صوت مديد

من صراخ الضحايا وراء الحدود

في بقاع الوجود

ألضحايا , ضحايا العراك

وضحايا القيود

وصدى "هياواثا " هناك

مثقلا بأنين الجياع

بأسى المصطلين لظى الحمّى

بالذين يموتون دون وداع

دون أن يعرفوا أما

دونما آباء

دونما أصدقاء