مررت بها في المساء الدجيّ

فألقيت رحلي في ظلّها

وحدّقت في خضر أوراقها,

وروحي الكئيبة في ليلها

فهاجت لقلبي دجى الذكريات

وأترعت لحني من ويلها

وصّيرت متّكأي ساقها

وطافت شجوني من حولها

تذكرت , والقلب في حزنه

وقوفي , في ظلّها الساحر

كأن لم تمرّ الليالي الطوال

على أمسي المبعد الدابر

وقفت أكفكف دمعي السخين

وأصرخ من ألمي الآسر

أقص على ظلّها قصّتي

وقصة شاعري الغادر

قصصت عليها الحديث الكئيب

وفي يدي الشوكة القاطعه

أمر بها , والأسى غالبي ,

على ساقها البرّة الوادعه

فيا ليدي جرحت ساقها

وجدت أزاهيرها اللامعه

كأني بذاك جرحت الحياة

وعاقبت أقدارها الخادعه

ومرّت عليّ السنين الطوال

وطالعني يومي الخالد

فأبصرت فيه أساي البعيد

يحس به قلبي الواجد

فقلت لقلبي : هيا نطف

بها , وليثر حزنك الهامد

سنسألها اليوم عن جرحها

ألم يشفه الزمن الآبد

وعدت إليها , كأن لم تمرّ

عليّ السنين وأقدارها

فؤادي ما زال مستأسرا

وروحي ما أطفئت نارها

يفيئّني ظلّها من جديد

وتحنو على القلب أزهارها

فيا نبلها , صفحت عن يدي

وما زال عند يدي ثارها

ودرت أسائل عن جرحها

أما دملته أكفّ القدر ؟

فلم أر إلاّ اخضرار الحياة

فليس عليها لجرح أثر

وأما جراح فؤادي الحزين

فما زلن يشكون طول الصدر

فيا عجبا للزمان المسيء

متى عن إساءته يعتذر ؟