نحن نحيا في عالم كله دم ع وعمر يفيض يأسا وحزنا
تتشفّى عناصر الزمن القا سي بآهاتنا وتسخر منا
في غموض الحياة نسرب كالأش باح بين البكاء والآهات
كلّ يوم طفل جديد وميت ودموع تبكي على المآساة
ثم ماذا ؟ في أيّ عالمنا المح زن نلقى العزاء عمّا نقاسي؟
عند وجه الطبيعة الجهم أم عن د فؤاد الزمان وهو القاسي
قد عبرنا نهر الحياة حيارى في ظلام الفصول والسنوات
وثبتنا على أسانا خريفا وربيعا فما جمال الحياة ؟
طالما مرّ بي الخريف فأصغي ت لصوت القمريّة المحزون
وأنا في سكون غرفتي الدج ياء أرنو إلى وجوم الغصون
طالما في الخريف سرت إلى الحق ل وأمعنت في وجومي وحزني
كيف لا والكآبة المرّة الخر ساء قد رفرفت على كل غصن
والحمام الجميل قد هجر الأع شاش سأمان من وجوم السهوب
وطيور الكنار آثرت الهج رة والعيش في حقول الجنوب
وغصون الشجار مصفرّة الأو راق والزهر ذابل مكفهرّ
ورياح الخريف تعبث بالأو راق والسحب في الفضاء تمرّ
طالما سرت في المساء وفي سم عي صوت الأوراق تحت خطايا
كلما سرت خطوة أنت الأو راق فاستجمعت بعيد أسايا
أرمق الحقل والجداول قد جف ت ولون الفضاء أسود غائم
وأحسّ البوم الكئيب يغنّي من بعيد بين النخيل الواجم
وأرى النهر من بعيد كسرّ غلّفته أيدي الخريف الكئيب
لا رعاة على شواطئه يز جون أغنامهم قبيل الغروب
لا اخضرار يغري الحزانى بأن يس عوا إليه ولا صفاء جميل
ليس إلا رطوبة الأرض والوح شة والصمت والربى والنخيل
فإذا رعشة تضم فؤادي وإذا الروح ضائق بأساه
ما أمرّ الخريف يا رب ما أو حش أصباحه وأقسى مساه
ثم يأتي الشتاء بالثلج والأم طار والريح في سكون الليالي
وتمرّ الأيام موحشة الخط و بطاء الصباح والآصال
وتموت الأزهار في قبضة الثل ج ويعرو الأشجار لون الزوال
وتغيب الأطيار في الموقد المه جور أو في كهف وراء الجبال
ويجيء المساء بالمطر المن هلّ يبكي على شجا الإنسان
وتظلّ الرياح تعصف بالنخ ل وترثي لكل قلب عان
آه ما أكأب الشتاء ليالي ه وأيامه وما أقساه
حين أخلو لنار موقدي الخام د والقلب مغرق في أساه
لست أصغي إلا إلى ضجة الإع صار بين النخيل والصفصاف
واصطفاق الأمواج في شاطيء النه ر ووقع الأمطار فوق الضفاف
كل شيء في الكون حولي كئيب في ليالي الشتاء ذات الرعود
كل شيء حولي سوى ساعتي الصمّ اء في صمت غرفتي المعهود
ايه يا ساعتي الكئيبة يا من صحبتني في فرحتي وشقائي
ما الذي تبعثين في نفسي الحي رى من الحزن في ليالي الشتاء
أبدا تخفقين في معصمي البا رد والليل مظلم ممدود
لحظات تمرّ في ثقل السا ع وليل معذب منكود
كم سهرت المساء أصغي إلى دق اتك الحائرات في مسمعيا
أنت يا من أحصيت ساعات أيّا مي وكنت الرسول منها إليّا
رحمة في الشتاء بي لا تعدّي ما تبقّى يا ساعتي من حياتي
واتركيني أصغي إلى نغم الأم طار فوق الحقول والربوات
اتركيني فنغمة المطر الها مر أحلى من صوتك الجّبار
يا رسول القضاء والزمن المف ني وصوت الأحداث والأقدار
اتركيني وحدي وإن كان ليلي مكفهرا تحت البروق طويلا
اتركيني أصغي غلى الرعد والأم طار يا ساعتي وكّفي العويلا
وغدا يقبل الربيع فيحلو عقرباك المحّببان لعيني
وتعود الدّقات منك نشيدا اتغنّى به ويصدح فنّي
الربيع الجميل فصل الطيور وال بيض والزهر والسنّا والعطور
عندما تكتسي العرائش بالكر م وتشدو طيورها في البكور
عندما يخرج الرعاة إلى الوا دي بأغنامهم وتزهو الضفاف
عندما يزهر البنفسج والخّب از والبرتقال والصفصاف
وتذوب الثلوج في القمم العل يا فتجري السيول في كل واد
ويعود البطّ الجميل إلى الشا طىء بين الأعشاب والأوراد
ويعود الفّلاح يخرج للحق ل طروب الفؤاد كلّ صباح
تحت شمس الربيع يسقي جذور ال تين والبرتقال والتفّاح
وتعود الطيور للوطن المه جور جذلى مفتونة بالربيع
في ثنايا الأغصان تتخذ الأع شاش تحت النور النقيّ البديع
والقماريّ تستحمّ وتلهو بين زهر الخّباز فوق الضفاف
وتغنّي للنهر أعذب ألحا ن الأماني في مسمع الصفصاف
وزهور السفوح تضحك للنح ل وتحني رؤوسها للنسيم
وقطيع الأغنام يمرح والرا عي يقضّي النهار تحت الكروم
وصبايا القرى يرحن ويغدو ن نشاوى على ضفاف السواقي
منشدات أحلامهنّ على سم ع الينابيع والورود الرقاق
وسماء الحياة تزخر بالوج ي ويصحو الشعور والأحلام
أي أدونيس آه لو عشت في الأر ض فعاش السّنا ومات الظلام
آه لو لم يكن مقامك في عا لمنا المكفهرّ حلما قصيرا
آه لو دمت يا أدونيس للأر ض وأبقيت عطرك المسحورا
يا ضياع الأحلام في مسمع المو ت وماذا تفيدنا الأحلام
ليس يبقى الربيع إلا قليلا ثم يخبو الجمال والأوهام
مثل زهر الصحراء سرعان ما تق تله الشمس والرياح الهوج
وتعود الواحات قفرا كما كا نت ويذوي العشب النضير البهيج
هكذا يرحل الربيع سريعا وتعود الحياة للأحزان
وتموت الآمال في كل قلب وتعيش النفوس للحرمان
فكأنّ الحياة لم تبتسم إلاّ لتلقي سوادها في رؤانا
وكأن الزهور لم تنشر الأش ذاء إلا لكي تثير أسانا
وكأن النضارة الحلوة الجذ لى حداء بنا لصمت القبور
وكأن الطيور ترسل لحن ال موت في سمع كلّ حيّ غرير
يا شباب الحياة ما أنت بالخا لد إلا خلود زهر الربيع
ليس تبقي على نضارتك الأق دار في حومة الأسى والدموع
أسفا يا ربيع يا ورد يا عط ر أهذا ختام كلّ جمال
أكذا يخفت الضياء ويبقى الص مت والحزن في سكون الليالي
قصّة الحب والجمال أهذا ما إليه تكون بعد صباها ؟
تتصدّى لها يد الزمن الما حي فتبلى ضياءها وصداها
هكذا يا ربيع يختتم النس يان والصمت كلّ شيء جميل
ويعيش الإنسان تعصره الذك رى ويبكي على أساه الطويل
فغذا عضّت الكآبة قلبي في أضاحي الربيع واشتدّ حزني
فعلى مصرع الفراشات أبكي وذبول الوادي الشجير الأغنّ
يا معاني الزوال والعدم الرا ئع رحماك وارفقي بصبايا
لا تطلّي عليّ من كلّ شيء في وجودي فقد سئمت أسايا
أتركيني أر الربيع طيورا ليس ينوي لها الأذى مغتال
ولتكن زهرة البنفسج في عي ني خلودا لا يعتريه زوال
ودعيني أعش مع الذكريات ال بيض في أمسي الجميل الراحل
علّ هذا يجلو أسى الصيف عن قل بي ويحيي موات حلمي الذابل
فلقد جّفت الرياض الجميلا ت فلا زهرة ولا أشذاء
وانطوت فرحة الربيع ومات ال عشب في أرضها وجفّ الماء
لم تعد في العشاش قمرّية تش ّدو وتسقي أفراخها في النهار
كيف تحيا الطيور في لهب الشم س وتلهو تحت اللظى والنار
لم يعد للنسيم قلب يحبّ الن هر والمرج في ظلام الأماسي
لم يعد للأزهار لون جميل يتجّلى لمرهفي الإحساس
كلّ شيء في الصيف ينطق بالقس وة والشمس شعلة ولهيب
تتشكّى عريشة الكرم لكن ليس يجدي توّسل ونحيب
آه ما أكأب الظهيرة في الصي ف إذا لاذ جوّها بالسكون
وتلاشى في الجوّ كلّ هتاف غير صوت الطاحونة المحزون
وبكاء الحمامة الخافت النا ئي وصوت الغراب بين الكروم
وأزيز من نحلة تملأ القل ب ملالا بصوتها المسؤوم
ثم ماذا ؟ ماذا ترى العين في الصي ف إذا اقبل المساء الداجي؟
هل سوى منظر النخيل البعيدا ت وحزن الأشجار خلف السياج
هل سوى منظر الرعاة يعودو ن باغنامهم حيارى بطاء
بعد يوم أمضوه تحت لظى الشم س ملالا وشقوة وعناء
هل سوى الصائدين في النهر الضح ل يعودون في المساء الكئيب
لم يصيدوا وصاد أرواحهم حرّ نهار مؤذ وعيش جديب
كلّ يوم يمضي النهار ولا صي د يعزّي صيّاده الطوّافا
يا لقلب المسكين قد سئم النه ر وعاف المياه والمجدافا
فهو عند الغروب يرجع بالزو رق سأمان واجم الألحان
إن تغنى فبالشكاة يزجّي ها إلى خافق الحياة الجاني
كم رأيت الصيّاد في الشارع المق فر يمشي معذّبا مصدوما
عكست مقلتاه أحزان قلب سئم العيش والوجود الأليما
لست أنت المحزون وحدك يا صيّ اد في حومة الشقاء المخيف
هو سجن الحياة قد كبّلت أق ياده السود كلّ قلب رهيف
ذاك شأن الإنسان يا اّيها الصيّ اد يا شاكيا ظلام الرزايا
في صراع مع العناصر لا يه دأ حتى يأوي لوادي المنايا
في سبيل الحياة يبدل أفرا ح صباه ويستطيب أساه
فهو يجري وراء حلم كذوب رسمته أوهامه ورؤاه
وعجيب أنّا نذوق سواد ال عيش واليأس والملال لنحيا
أيّ عمر هذا ؟ وأيّة مأسا ة بلونا سوادها الأبدّيا ؟
أبدا نحن في كفاح مع الأق دار والحادثات تبلي وتفني
يتحدّى أحلامنا الواقع المرّ ويقسو زماننا المتجنّي
ونخاف الغد الدجيّ ولا نع لم ماذا يكون فيه المصير
يا ظلام المجهول ما أرهب التف كير لا كان سرّك المستور
آه لو كان في الحياة مفرّ من شقاء الأوهام والأفكار
في شعاب الهدوء يا ليتنا نل قي بأعباء خوفنا الجبّار
تتشفّى عناصر الزمن القا سي بآهاتنا وتسخر منا
في غموض الحياة نسرب كالأش باح بين البكاء والآهات
كلّ يوم طفل جديد وميت ودموع تبكي على المآساة
ثم ماذا ؟ في أيّ عالمنا المح زن نلقى العزاء عمّا نقاسي؟
عند وجه الطبيعة الجهم أم عن د فؤاد الزمان وهو القاسي
قد عبرنا نهر الحياة حيارى في ظلام الفصول والسنوات
وثبتنا على أسانا خريفا وربيعا فما جمال الحياة ؟
طالما مرّ بي الخريف فأصغي ت لصوت القمريّة المحزون
وأنا في سكون غرفتي الدج ياء أرنو إلى وجوم الغصون
طالما في الخريف سرت إلى الحق ل وأمعنت في وجومي وحزني
كيف لا والكآبة المرّة الخر ساء قد رفرفت على كل غصن
والحمام الجميل قد هجر الأع شاش سأمان من وجوم السهوب
وطيور الكنار آثرت الهج رة والعيش في حقول الجنوب
وغصون الشجار مصفرّة الأو راق والزهر ذابل مكفهرّ
ورياح الخريف تعبث بالأو راق والسحب في الفضاء تمرّ
طالما سرت في المساء وفي سم عي صوت الأوراق تحت خطايا
كلما سرت خطوة أنت الأو راق فاستجمعت بعيد أسايا
أرمق الحقل والجداول قد جف ت ولون الفضاء أسود غائم
وأحسّ البوم الكئيب يغنّي من بعيد بين النخيل الواجم
وأرى النهر من بعيد كسرّ غلّفته أيدي الخريف الكئيب
لا رعاة على شواطئه يز جون أغنامهم قبيل الغروب
لا اخضرار يغري الحزانى بأن يس عوا إليه ولا صفاء جميل
ليس إلا رطوبة الأرض والوح شة والصمت والربى والنخيل
فإذا رعشة تضم فؤادي وإذا الروح ضائق بأساه
ما أمرّ الخريف يا رب ما أو حش أصباحه وأقسى مساه
ثم يأتي الشتاء بالثلج والأم طار والريح في سكون الليالي
وتمرّ الأيام موحشة الخط و بطاء الصباح والآصال
وتموت الأزهار في قبضة الثل ج ويعرو الأشجار لون الزوال
وتغيب الأطيار في الموقد المه جور أو في كهف وراء الجبال
ويجيء المساء بالمطر المن هلّ يبكي على شجا الإنسان
وتظلّ الرياح تعصف بالنخ ل وترثي لكل قلب عان
آه ما أكأب الشتاء ليالي ه وأيامه وما أقساه
حين أخلو لنار موقدي الخام د والقلب مغرق في أساه
لست أصغي إلا إلى ضجة الإع صار بين النخيل والصفصاف
واصطفاق الأمواج في شاطيء النه ر ووقع الأمطار فوق الضفاف
كل شيء في الكون حولي كئيب في ليالي الشتاء ذات الرعود
كل شيء حولي سوى ساعتي الصمّ اء في صمت غرفتي المعهود
ايه يا ساعتي الكئيبة يا من صحبتني في فرحتي وشقائي
ما الذي تبعثين في نفسي الحي رى من الحزن في ليالي الشتاء
أبدا تخفقين في معصمي البا رد والليل مظلم ممدود
لحظات تمرّ في ثقل السا ع وليل معذب منكود
كم سهرت المساء أصغي إلى دق اتك الحائرات في مسمعيا
أنت يا من أحصيت ساعات أيّا مي وكنت الرسول منها إليّا
رحمة في الشتاء بي لا تعدّي ما تبقّى يا ساعتي من حياتي
واتركيني أصغي إلى نغم الأم طار فوق الحقول والربوات
اتركيني فنغمة المطر الها مر أحلى من صوتك الجّبار
يا رسول القضاء والزمن المف ني وصوت الأحداث والأقدار
اتركيني وحدي وإن كان ليلي مكفهرا تحت البروق طويلا
اتركيني أصغي غلى الرعد والأم طار يا ساعتي وكّفي العويلا
وغدا يقبل الربيع فيحلو عقرباك المحّببان لعيني
وتعود الدّقات منك نشيدا اتغنّى به ويصدح فنّي
الربيع الجميل فصل الطيور وال بيض والزهر والسنّا والعطور
عندما تكتسي العرائش بالكر م وتشدو طيورها في البكور
عندما يخرج الرعاة إلى الوا دي بأغنامهم وتزهو الضفاف
عندما يزهر البنفسج والخّب از والبرتقال والصفصاف
وتذوب الثلوج في القمم العل يا فتجري السيول في كل واد
ويعود البطّ الجميل إلى الشا طىء بين الأعشاب والأوراد
ويعود الفّلاح يخرج للحق ل طروب الفؤاد كلّ صباح
تحت شمس الربيع يسقي جذور ال تين والبرتقال والتفّاح
وتعود الطيور للوطن المه جور جذلى مفتونة بالربيع
في ثنايا الأغصان تتخذ الأع شاش تحت النور النقيّ البديع
والقماريّ تستحمّ وتلهو بين زهر الخّباز فوق الضفاف
وتغنّي للنهر أعذب ألحا ن الأماني في مسمع الصفصاف
وزهور السفوح تضحك للنح ل وتحني رؤوسها للنسيم
وقطيع الأغنام يمرح والرا عي يقضّي النهار تحت الكروم
وصبايا القرى يرحن ويغدو ن نشاوى على ضفاف السواقي
منشدات أحلامهنّ على سم ع الينابيع والورود الرقاق
وسماء الحياة تزخر بالوج ي ويصحو الشعور والأحلام
أي أدونيس آه لو عشت في الأر ض فعاش السّنا ومات الظلام
آه لو لم يكن مقامك في عا لمنا المكفهرّ حلما قصيرا
آه لو دمت يا أدونيس للأر ض وأبقيت عطرك المسحورا
يا ضياع الأحلام في مسمع المو ت وماذا تفيدنا الأحلام
ليس يبقى الربيع إلا قليلا ثم يخبو الجمال والأوهام
مثل زهر الصحراء سرعان ما تق تله الشمس والرياح الهوج
وتعود الواحات قفرا كما كا نت ويذوي العشب النضير البهيج
هكذا يرحل الربيع سريعا وتعود الحياة للأحزان
وتموت الآمال في كل قلب وتعيش النفوس للحرمان
فكأنّ الحياة لم تبتسم إلاّ لتلقي سوادها في رؤانا
وكأن الزهور لم تنشر الأش ذاء إلا لكي تثير أسانا
وكأن النضارة الحلوة الجذ لى حداء بنا لصمت القبور
وكأن الطيور ترسل لحن ال موت في سمع كلّ حيّ غرير
يا شباب الحياة ما أنت بالخا لد إلا خلود زهر الربيع
ليس تبقي على نضارتك الأق دار في حومة الأسى والدموع
أسفا يا ربيع يا ورد يا عط ر أهذا ختام كلّ جمال
أكذا يخفت الضياء ويبقى الص مت والحزن في سكون الليالي
قصّة الحب والجمال أهذا ما إليه تكون بعد صباها ؟
تتصدّى لها يد الزمن الما حي فتبلى ضياءها وصداها
هكذا يا ربيع يختتم النس يان والصمت كلّ شيء جميل
ويعيش الإنسان تعصره الذك رى ويبكي على أساه الطويل
فغذا عضّت الكآبة قلبي في أضاحي الربيع واشتدّ حزني
فعلى مصرع الفراشات أبكي وذبول الوادي الشجير الأغنّ
يا معاني الزوال والعدم الرا ئع رحماك وارفقي بصبايا
لا تطلّي عليّ من كلّ شيء في وجودي فقد سئمت أسايا
أتركيني أر الربيع طيورا ليس ينوي لها الأذى مغتال
ولتكن زهرة البنفسج في عي ني خلودا لا يعتريه زوال
ودعيني أعش مع الذكريات ال بيض في أمسي الجميل الراحل
علّ هذا يجلو أسى الصيف عن قل بي ويحيي موات حلمي الذابل
فلقد جّفت الرياض الجميلا ت فلا زهرة ولا أشذاء
وانطوت فرحة الربيع ومات ال عشب في أرضها وجفّ الماء
لم تعد في العشاش قمرّية تش ّدو وتسقي أفراخها في النهار
كيف تحيا الطيور في لهب الشم س وتلهو تحت اللظى والنار
لم يعد للنسيم قلب يحبّ الن هر والمرج في ظلام الأماسي
لم يعد للأزهار لون جميل يتجّلى لمرهفي الإحساس
كلّ شيء في الصيف ينطق بالقس وة والشمس شعلة ولهيب
تتشكّى عريشة الكرم لكن ليس يجدي توّسل ونحيب
آه ما أكأب الظهيرة في الصي ف إذا لاذ جوّها بالسكون
وتلاشى في الجوّ كلّ هتاف غير صوت الطاحونة المحزون
وبكاء الحمامة الخافت النا ئي وصوت الغراب بين الكروم
وأزيز من نحلة تملأ القل ب ملالا بصوتها المسؤوم
ثم ماذا ؟ ماذا ترى العين في الصي ف إذا اقبل المساء الداجي؟
هل سوى منظر النخيل البعيدا ت وحزن الأشجار خلف السياج
هل سوى منظر الرعاة يعودو ن باغنامهم حيارى بطاء
بعد يوم أمضوه تحت لظى الشم س ملالا وشقوة وعناء
هل سوى الصائدين في النهر الضح ل يعودون في المساء الكئيب
لم يصيدوا وصاد أرواحهم حرّ نهار مؤذ وعيش جديب
كلّ يوم يمضي النهار ولا صي د يعزّي صيّاده الطوّافا
يا لقلب المسكين قد سئم النه ر وعاف المياه والمجدافا
فهو عند الغروب يرجع بالزو رق سأمان واجم الألحان
إن تغنى فبالشكاة يزجّي ها إلى خافق الحياة الجاني
كم رأيت الصيّاد في الشارع المق فر يمشي معذّبا مصدوما
عكست مقلتاه أحزان قلب سئم العيش والوجود الأليما
لست أنت المحزون وحدك يا صيّ اد في حومة الشقاء المخيف
هو سجن الحياة قد كبّلت أق ياده السود كلّ قلب رهيف
ذاك شأن الإنسان يا اّيها الصيّ اد يا شاكيا ظلام الرزايا
في صراع مع العناصر لا يه دأ حتى يأوي لوادي المنايا
في سبيل الحياة يبدل أفرا ح صباه ويستطيب أساه
فهو يجري وراء حلم كذوب رسمته أوهامه ورؤاه
وعجيب أنّا نذوق سواد ال عيش واليأس والملال لنحيا
أيّ عمر هذا ؟ وأيّة مأسا ة بلونا سوادها الأبدّيا ؟
أبدا نحن في كفاح مع الأق دار والحادثات تبلي وتفني
يتحدّى أحلامنا الواقع المرّ ويقسو زماننا المتجنّي
ونخاف الغد الدجيّ ولا نع لم ماذا يكون فيه المصير
يا ظلام المجهول ما أرهب التف كير لا كان سرّك المستور
آه لو كان في الحياة مفرّ من شقاء الأوهام والأفكار
في شعاب الهدوء يا ليتنا نل قي بأعباء خوفنا الجبّار