دعيني من أماسيكِ العِذاب فما أبقى التشردُ من شبابي
قَلبْتُ موائدي ورميتُ كأسي وشيَّعْتُ الهوى ورَتجْتُ بابي
خبَرْتُ لذائذ الدنيا فكانت أمرَّ عليَّ من سمٍّ وصاب
وجدْتُ حلاوة الإيمان أشهى وأبقى من لُماكِ ومن إهابي
إذا يبُسَ الفؤادُ فليس يُجدي ندى شفة مُطيَّبةِ الرضابِ
أنا جرحٌ يسير على دروبٍ يتوه بها المصيبُ عن الصوابِ
سُلبْتُ مسرَّتي واسْتفردتني بدار الغُرْبتينِ مدى ارتيابي
وحاصَرَتِ الكهولة بعد وهْنٍ يَدُ النكباتِ جائعة الحِرابِ
وما أبقتْ لي الأيامُ إلاّ حُثالتها بأبريقٍ خَرابِ
ترَشَّفْتُ اللظى حين اصطباحي وأكملتُ اغتباقي بالضبابِ
أُطلُّ على غدي بعيونِ أمسي فما شرَفي إذا خنْتُ انتسابي؟
تُحرِّضُني على جرحي طيوفٌ فأنْبشُهُ بسكيني ونابي
وربَّ لذاذةٍ أوْدَتْ بنفسٍ وحرمانٍ يقودُ إلى الطلاب
أظلُّ العاشقَ البدويَّ.. أهفو إلى شمسٍ وللأرضِ الرَغابِ
أنا البدويُّ لا يُغري نِياقي رُخامُ رُبىً.. وناطحةُ السحابِ
أنا البدويُّ.. لا يُغوى صُداحي سوى عزف السواني والرَّبابِ
ودلَّةُ قهوةٍ ووجاقُ جمرٍ تَحَلَّقَ حوله ليلاً صحابي
وبيْ شوقٌ إلى خبزٍ وتمر كما شوق البصيرِ إلى شِهابِ
وَلِلَبَنِ الخضيضِ وماءِ كوزٍ وظلِ حصيرةٍ في حَرِّ آبِ
فُطِرْنا قانعينَ بفقرِ حالٍ قناعةَ ثغرِ زِقٍّ بالحَبابِ
أبٌ صلَّى وصامَ وحَجَّ خمساً وأمٌ لا تقومُ عن «الكتابِ»
ألا ياأمس أين اليوم مني صباحاتٌ مُشَعْشعةُ القِبابِ؟
وفانوسٌ خجولُ الضوءِ تخبو ذؤابتُهُ فَيُسْرِجُها عتابي؟
وأين شقاوتي طفلاً عنيداً أبى إلاّ انتهالاً من سرابِ؟
أُشاكِسُ رفقتي زهْواً بريئاً ومن خَيْشٍ و«جُنْفاصٍ» ثيابي!
ألوذُ بحضنِ أمي خوفَ ذئبٍ عوى ليلاً وخوفاً من عُقابِ!
كبرتُ ولايزال الخوفُ طفلاً وقد صار «الرفاقُ» إلى ذئابِ!
تطاردُ مقلتي منهم طيوفٌ فعزَّ عليَّ ياأمي إيابي
وعزَ على يديك تَمَسُّ وجهي لتمسحَ عنه وَحْلَ الاغترابِ!
وعزَّ .. وعَزَّ.. حتى أنَّ عِزّي غدا ذُلاً فيالي من مُصابِ!
وعاقبني الزمان ـ وهل كنأيٍ بعيدٍ عن بلادي من عِقابِ؟
تقاسَمَتِ المنافي بعض صحبي وبعضٌ آثَرَتْهُ يدُ الغيابِ
ولولا خشيتي من سوءِ فهمٍ وما سيقالُ عن فقدي صَوابي
لَقلتُ: أَحِنُّ يابغداد حتى ولو لصدى طنينٍ من ذُبابِ!
لِوَحْلٍ في العراقِ وضُنْكِ عيشٍ جِوارَ أبي المُدَثَّرِ بالترابِ
جوارَ أُخيَّةٍ وأخٍ وأمٍ وأحبابٍ يُعَذِّبُهم عذابي!
أبا الحرف البليغ وهل جوابٌ كصمتي حين أعجزني جَوابي؟
بلى.. لم ألقَ مثل عرارِ نجدٍ ولا كرحابِ مكةَ من رحابِ
ولا كعشيركم أهلاً وصحباً ولا كحصونكم دِرْعاً لما بي
عشقتُ ديارَ ليلى قبل ليلى فَمِنْ رَحمِ الصِّبا وُلِدَ التصابي
ولكن شاءتِ الأيامُ مني وشاءَ جنونُ طيشي من لُبابي
ولستُ بِمُبْدلٍ كأساً بكوزٍ ولا لهواً بِعِفَّةِ «ذي نِقابِ»
أنا البَدويَّ.. في قلبي عِقالٌ و(َيَشْماغٌ)ولستُ بِمَنْ يُحابي
إذا كان العراقُ رغيفَ روحي فإنَّ عَرارَ واديكم شرابي
قَلبْتُ موائدي ورميتُ كأسي وشيَّعْتُ الهوى ورَتجْتُ بابي
خبَرْتُ لذائذ الدنيا فكانت أمرَّ عليَّ من سمٍّ وصاب
وجدْتُ حلاوة الإيمان أشهى وأبقى من لُماكِ ومن إهابي
إذا يبُسَ الفؤادُ فليس يُجدي ندى شفة مُطيَّبةِ الرضابِ
أنا جرحٌ يسير على دروبٍ يتوه بها المصيبُ عن الصوابِ
سُلبْتُ مسرَّتي واسْتفردتني بدار الغُرْبتينِ مدى ارتيابي
وحاصَرَتِ الكهولة بعد وهْنٍ يَدُ النكباتِ جائعة الحِرابِ
وما أبقتْ لي الأيامُ إلاّ حُثالتها بأبريقٍ خَرابِ
ترَشَّفْتُ اللظى حين اصطباحي وأكملتُ اغتباقي بالضبابِ
أُطلُّ على غدي بعيونِ أمسي فما شرَفي إذا خنْتُ انتسابي؟
تُحرِّضُني على جرحي طيوفٌ فأنْبشُهُ بسكيني ونابي
وربَّ لذاذةٍ أوْدَتْ بنفسٍ وحرمانٍ يقودُ إلى الطلاب
أظلُّ العاشقَ البدويَّ.. أهفو إلى شمسٍ وللأرضِ الرَغابِ
أنا البدويُّ لا يُغري نِياقي رُخامُ رُبىً.. وناطحةُ السحابِ
أنا البدويُّ.. لا يُغوى صُداحي سوى عزف السواني والرَّبابِ
ودلَّةُ قهوةٍ ووجاقُ جمرٍ تَحَلَّقَ حوله ليلاً صحابي
وبيْ شوقٌ إلى خبزٍ وتمر كما شوق البصيرِ إلى شِهابِ
وَلِلَبَنِ الخضيضِ وماءِ كوزٍ وظلِ حصيرةٍ في حَرِّ آبِ
فُطِرْنا قانعينَ بفقرِ حالٍ قناعةَ ثغرِ زِقٍّ بالحَبابِ
أبٌ صلَّى وصامَ وحَجَّ خمساً وأمٌ لا تقومُ عن «الكتابِ»
ألا ياأمس أين اليوم مني صباحاتٌ مُشَعْشعةُ القِبابِ؟
وفانوسٌ خجولُ الضوءِ تخبو ذؤابتُهُ فَيُسْرِجُها عتابي؟
وأين شقاوتي طفلاً عنيداً أبى إلاّ انتهالاً من سرابِ؟
أُشاكِسُ رفقتي زهْواً بريئاً ومن خَيْشٍ و«جُنْفاصٍ» ثيابي!
ألوذُ بحضنِ أمي خوفَ ذئبٍ عوى ليلاً وخوفاً من عُقابِ!
كبرتُ ولايزال الخوفُ طفلاً وقد صار «الرفاقُ» إلى ذئابِ!
تطاردُ مقلتي منهم طيوفٌ فعزَّ عليَّ ياأمي إيابي
وعزَ على يديك تَمَسُّ وجهي لتمسحَ عنه وَحْلَ الاغترابِ!
وعزَّ .. وعَزَّ.. حتى أنَّ عِزّي غدا ذُلاً فيالي من مُصابِ!
وعاقبني الزمان ـ وهل كنأيٍ بعيدٍ عن بلادي من عِقابِ؟
تقاسَمَتِ المنافي بعض صحبي وبعضٌ آثَرَتْهُ يدُ الغيابِ
ولولا خشيتي من سوءِ فهمٍ وما سيقالُ عن فقدي صَوابي
لَقلتُ: أَحِنُّ يابغداد حتى ولو لصدى طنينٍ من ذُبابِ!
لِوَحْلٍ في العراقِ وضُنْكِ عيشٍ جِوارَ أبي المُدَثَّرِ بالترابِ
جوارَ أُخيَّةٍ وأخٍ وأمٍ وأحبابٍ يُعَذِّبُهم عذابي!
أبا الحرف البليغ وهل جوابٌ كصمتي حين أعجزني جَوابي؟
بلى.. لم ألقَ مثل عرارِ نجدٍ ولا كرحابِ مكةَ من رحابِ
ولا كعشيركم أهلاً وصحباً ولا كحصونكم دِرْعاً لما بي
عشقتُ ديارَ ليلى قبل ليلى فَمِنْ رَحمِ الصِّبا وُلِدَ التصابي
ولكن شاءتِ الأيامُ مني وشاءَ جنونُ طيشي من لُبابي
ولستُ بِمُبْدلٍ كأساً بكوزٍ ولا لهواً بِعِفَّةِ «ذي نِقابِ»
أنا البَدويَّ.. في قلبي عِقالٌ و(َيَشْماغٌ)ولستُ بِمَنْ يُحابي
إذا كان العراقُ رغيفَ روحي فإنَّ عَرارَ واديكم شرابي