أطللت من نافذة الذكريات على رياض القدم الحالمات
و لي زمان عرضت لي به أجمل حلم أبدعته الحياة
أركض في أمحائها لاهيا مع الفراشات بمس النبات
وأسهر الليلة مع جدول مرتعش للنسم الفاترات
يا لهفي إن وراء الربى صوتا دعاني هو صوت الرعاة
و كيف آتيك جنان الهوى يوما ودوني حجب مانعات
دعا صباباتي لضفاته غدير ذكرى مائج الأمنيات
حدقت في أمواجه ساعة مستطلعا أغواره المبهمات
أرى ظلال السحب تقبيله مرت على جبهته في أناة
و السحب هل أنكرتها إنها كانت نهيرا شاعري اللهاة
ملء فروع الدوح ألحانه سكرى على قرع كؤوس الحصاو
نمنا على أعشاب ضفاته مختلسين القبل المسكرات
نحو الغدير العذب مدت يدي تلمس فيه السحب العائمات
فانفجرت منها فقاعاته في إثر أتراب لها سابقات
إني سمعت الحور في همسة مسحورة أصداؤها عاتبات
تلك عقود الحور بعثرتها فهل أتتك المتع الذاهبات
و صرخة الأطفال من غوره يا أيها القاسي فجرت الكرات
ودوحة الذكرى تسلقتها مجتذبا أغصانها المزهرات
مستقصيا ما بينها فجوة تمر منها النسم الهائمات
أبصرت منها ذكريات الصبا على نجيل المرج مستلقيات
و البحر يسعى دونها زافرا فالموج آهات حطمن الصفاة
يا مرج هل تذكرني راعيا أعبد فيك الله و الراعيات
و البحر ما كان سوى جدول ينير في الليل سبيل الرعاة
فما دهاه اليوم حتى غدا ملحا أجاجا بعد عذب فرات
أحقبة نضجر من طولها و إنها طرفة عين الحياة
قالت الدوحة لا تبتئس ستهبط المرج ففيم الشاكاة
هاك جناحين فطر وائته و استوح فيه المتع الطارئات
و قدمت بين دموع الندى فرعين من أغصانها المورقات
غنى الخريف الغاب ألحانه فانتثرت أوراقه راقصات
وقبل أن أدرك ما أبتغي ذوي جناحاي مع الذاويات