يا حاصد النار من أشلاء قتلانا منك الضحايا و إن كانوا ضحايانا
كم من ردى في حياة و انخذال ردى في ميته و انتصار جاء خذلانا
إنّ العيون التي طفّأت أنجمها عجلنّ بالشمس أن تختار دنيانا
و امتد كالنور في أعماق تربتنا عرس لنا من دم و اخضلّ موتانا
فازّلزلي يا بقايا كاد أولنا يبقي عليها من الأصنام لولانا
نحن الذين اقتلعنا من أسافلها لاة و عزّى و أعليناه أنسانا
حييت بورت سعيد من مسيل دم لولا افتداء لما يغليه ماهانا
عاناك في الليّل داج من جحافلها نورا من الله أعماها و نيرانا
ما عاد ليل قد استخفى بأقنعة من أوجه الناس لولا أنت عريانا
ليل تعيد الكعوف السود آنية فيها وفكا لموتاها و صوّانا
من بعض ما فيه من ظلماء ما عرفت باسم لها فهي قبل اسم إذا كانا
حييت من قلعة ما آد كاهلها عبء السماوات الا خفّ ايمانا
أمسكتها أن يميد الظالمون بها دينا لنا وانتصارات وعنوانا
يا مرفأ النور ما أرجعت وادعة من غير زاد ولا آويت قرصاناش
ولا تلفظت من مرساك معتديا الا مدمى ذليل الهام خزيانا


جمعت من شط صور لمح أحرفها واخترت من بابل واحتزت مروانا
والنيل ساق العذارى من عرائسه للخصب في موكب الفادين قربانا
فالويل لو كان للعادين ما قدروا لانهدّ من حاضر ماض فأخزانا
فلا ابتنى هرما بان ولالبست تيجانها في انتظار الروح موتانا
ولا تفجّر في ذي قار فتيتها ولا تنفست الصحراء قرآنا
حييت موتى وأحياء وأبنية مستشهدات أو استعصين أركانا
والنار والباذرون النار كم زرعوا من كل ثكلى لعزرائيل بستانا
من كلّ وجه لطفل فيه زنبقة تدمى وتلتم فيه الريح غربانا
الجوّ مما يلزّون الحديد به قاع الجحيم التظى وانصبّ طوفانا
سقّاك من كل غيم فيه أحرزه جوف الثرى واشتهته النار أزمانا
كأس الرّصاص التى غنى بتوأمها سقراط وابتل منها جرح وهرانا
من أيّما رئة من أي قيثثارة

تنهلّ أشعاري

من غابة النار

أم من عويل الصبايا بين أحجار

منها تتر المياه السود و اللبن المشويّ كالقار

من أي أحداق طفل فيك تغتصب

من أي خبز و ماء فيك ما صلبوا

من أيّما شرفة من أيّما دار

تنهلّ أشعاري

كالثار

كالنور في رايات ثوّار

من مائك السهران أوتاري

أم برجك الهاري

يبكي دما من جرح بحّار

أطفالك الموتى على المرفأ

يبكون في الريح الشمالية

و النور من مصباحه المطفأ

قد غار كالمديه

في صدري العاري

أطفالط الأموات عار الحديد

في عرسه الدامي و ذل الرصاص

مالوا بملك شقاء العبيد

و استترلوا أربابه للقصاص

في ساحة النار

يبكون في الريح الشمالية

أسرى على السّفن الصليبية

و الريح كالمدية

تجتثّ أظفاري

يبكون في داري

بالقشّ و الطين سدّوا كوّة القمر

و الريح في الشجر

قد كمّموا فاها

كي لا تصيح اخبئوا عن أعين الغجر

أطفالكم فهي ما ترتدّ أحداها

إلا و حال الذي تلقى إلى حجر

الريح قيثاري

قد كمّموا فاها

هاويك أعلى من الطاغوت فانتصبي ماذلّ غير الصفا للنار و الخشب
حيّيت من قلعة شقّ الفضاء بها أس لها في صدور الفتية العرب
الطين فيها دم منا و جندلها من عزمة و الحديد الصاد من غضب
أنت السماوات و الأرض التي خلقت في عشرة تحسب الأيام بالحقب
و الصخر فيك استمد الروح إذ لمست عقم الجمادات فيه إصبع اللّهب
في كل أنقاض دار من صفاه يد جبّارة تصفح العادين كالشعب
ما انهد إلا و أعلى في ضمائرنا سدّا من الثار أعيى حيلة النوب
و الماء حتى زلال الماء فيك مدى من فضة الله توهي جحفل الذهب
ما بل للجحفل المأجور غلته حتى جبى قدر ماء من دم سرب
أملى على كل شيء فيك جوهرة حلف لجيشين ذي قربى و ذي أرب
إن الحديد الذي صنت الحياة به غير الحديد الذي وافاك بالعطب
و الخير في بندقيات قذائفها حتف المغيرين و الميلاد في قضب
لكنه الشر في خبز حقائبه عون لأعدائك الجوعى و في قرب
ليت المسيح الذي داجى بشرعته من باع مثواه راء فيك عن كثب
خرس نواقيسك الثكلى و دامية فيك الأناجيل و الموتى بلا صلب
و الحابس الماء عن جرحاك حملها عبء الصليبيين من حمّى و من خشب
و استنطق الأم ثكلى أين جيرتها من فتية لاصطياد العسكر اللجب
فالتم في مقلتيها و هي تنظره كل المخاضات و التسهيد و النصب
كأنما استودعتها كل والدة آجال كل الذراري طيلة الحقب
فاختارت الموت معلوكا مراضعها معروكة في رحى تترى من الرّكب
تفدي بما يستبيح الجند من دمها و النار أعراض كل الخرد العرب
أبناء جنكيز في روح و إن بعدوا في نسبة رب قربى دون منتسب
شر اللصوص إذا عف التتار فما عفوا عن الريش و الأمال و اللّعب
فلتنفخ الصّور في أفريقيا أمم بالأمس قد أنزلوها أسفل الرّتب
و لتسمعنّ الزنوج البيض صيحتها : إنا إلى الله أدنى منك في نسب
حييت فالوحش أوهى فيك مخلبه يا غابة النار قد أثمرت بالغلب
من أي عبء على روحي و مسما

من أعين في صليب تحت أسواري

تأتيك أشعاري

حمراء خضراء من جرح و من غار

خضراء من راية حمراء من نار

خضراء كالماء في فردوسك الجاري

يا ليت أوتاري

خضراء حمراء من قلبي و من ثاري

يا ليت أبواب قلبي منك تلتهب

يا ليتها فقل ليتها خشب

أو خرب الجند قلبي فهي تنتحب

في كل إعصار

سود كما اسودّت الأموات أنهاري

فالطين فيها فم يمتصّ أسفاري

و الريح في داري

سوداء ما رفّ منها بالّلظى عصب

لا تسألي بعد عنها إنها عشب

أعواده السود غذى عجله الذهب

منها فخبأت في عينيّ قيثاري

كوني لأشعاري

وحيا و شدّي ببأس منك أوتاري

يا مرفأ النور كن مرسى لأفكاري

يا مرفأ النار

الهبت أغواري

بالثار

مزّقت عنها سود أستار

فانهلت الشمس على داري

كم من دفين كل ماء القنال

في مده العاتي و في جزره

يلقى على صدره

عبئا من الظلماء كان القتال

من أجل أن يرتاح في قبره

ما كان إلاّ من دموع الرجال

و النسوة الباكين في قعره

هذا الذي بين العبابين سال

كالليل هذا الماء فوق القبور

كالنار كالإعصار كالداء

تختضّ في ليل الخليج الصدور

و الشمس تحسو كل ماء الصدور

في عالم لم تمش فيه العصور

من ملتقى للماء بالماء

كالليل هذا الماء ند الحياة

الموت و الميلاد بوّابتاه

في قاعة الموتى قد استبدلوا

بالنبض ما يرغي به المرجل

في موقرات من سفين الغزاه

بالموت مما يصنع المعمل

حتى إذا ما رش عار العتاه

بالدمع من عينيه و النار

من قالبه المورق بالغار

أنسانك العملاق ظلّ الإله

ظل الملايين التي مقلتاه

عنها ترى ما في خيال تراه

هذا الذي أعصابها في قواه

أحيي دم الموتى فخرّ الطغاة

فليحرس الأحياء باب الحياة

غاص المغيرون عن واديك و انحسروا فالأرض تدمى بقتلاها و تزدهر
و ازدارك الموت لا ملسا ملامحه بيضا كما تهلك الأنعام و الشجر
حاشاك فالموت توري فيك حدّته طعم الدم الحيّ ما يرقى به البشر
أخفاه عنك التزام فيك و اشتباك يد في مثلها فهو حيث اجتازه البصر
حتى إذا ارتد و استبشعت صورته أدركت أي انتصار ذلك الظّفر
أدركت أن الضحايا رد كاثرها فيك الأقل المضحي أنها كثر
من سدد النار في أيديك يوردها كيد المغيرين منه الظنّ و النظر
و احتاز في قليه الأحقاب يزرعها في جانب منه و استبسالك الثمر
و استنفر الشرق حتى كاد ميته يسعى أهذا صلاح الدين أم عمر
هذا الذي حدثتنا عنه أنفسنا في كل دهياء نبلوها و ننتظر
هذا الذي كل عن سحق لبذرته بالخيل و الذابلات الروم و التتر
يا أمة تصنع الأقدار من دمها لا تيأسي أن سيف الدولة القدر
أعطى لكل انتصار فيك جدته فاخضل واخضلت الآيات و السّور
في مسجد أم مشاء بأمته فيه المصلين حتى كبّر الحجر
و استشرف الساح ناء عنه يحمله ما بين جنبيه رام فيه منتصر
عين لسيناء ترقى كل رابية فيها و عين النيل تنحدر
أو تنفض الأفق حتى ضاء من لهب حملاقها فهي ممّا راء تستعر
جاؤوك جاء الصليبيون قاصفة تنقض في أثر أخرى فاللظى مطر
في كل فانوس موتى من قذائفها نور له اختضّت الأبعاد و العصر
فالشرق عار مدى عينيه منبسط كالراحة الدور و الأكواخ و الحفر
يكاد يبصر ما أبقاه مكتدح في جبهة و اغتذى من مقلة سهر
إيماضة البرق ألا أنها حقب تطوى و مستقبل يبنى و يدّخر
المجد لله و الإنسان أن يدا تحيي و قلبا يداوي منها أثر
يا قلعة النور تدمي كل نافذة فيها و تلظى و لا تستلم الحجر
أحسست بالذل أن يلقاك دون دمي شعري و أني بما ضحّيت أنتصر
لكنها باقة أسعى أليك بها حمراء يخضل فيها من دمي زهر