بمنحى من مراقبة العيون | و منأى عن متابعة الظنون |
و في ظل النخيل حطام عش | تلفع بالأزاهر و الغصون |
ترحل طائراه فبارت خلوا | عميق الحزن متصل السكون |
يكاد نسيجه عشبا وزهرا | يبوح بما يسر من الأنين |
يحن إلى الجداول و الروابي | و ضاكة السهول و الحزون |
لقد ذهب الذي سلاه عنها | فعاد إلى التشوق و الحنين |
كأن العش حين خلا و أقوى | و متا به صدى النغم الحنون |
غدير جف غاربه و ماتت | أغاني موجه المرح المعين |
كأن قشاشة أوتار عود | مكفنة بها جثث اللحون |
و أبدل من ظعين قد تولى | بما لم يسله حب الظعين |
إذا متع النهار أوت إليه | ظلال النخل ناعسة الجفون |
و يطرقه شعاع النجم و هنا | و ضوء البدر حينا بعد حين |
طروق الذكريات فؤاد صب | كثير الشجو منقطع الوتين |
تمر به النسائم هامسات | فتنشر فيه عطر الياسمين |
و توقظ في جوانبه الأغاني | عذاب الجرس فاتنة الرنين |
و كم غمرته أنفاس الخزامى | قد امتزجت بدمع ندي هتون |
و ربة وحشة تأوي إليه | إذا أوت الطيور إلى الوكون |
ليشبهني مثل حالي | و شأن في الغرام حكى شؤون |
فقلبي لا يزال قرين شجو | متى هفت القلوب إلى قرين |
إذا الأحلام زرن عيون غيري | تزور العبرة الحرى عيوني |
يكاد العش إن هتفت صدوح | يبادلها غناء شج حزين |
و ليل نام سامره اكتئابا | أثار له الخفي من الشجون |
و أذكره ليالي ذاهبات | فغص من الكآبة بالدجون |