لك الحمد مهما استطال البلاء

ومهما استبدّ الألم،

لك الحمد، إن الرزايا عطاء

وان المصيبات بعض الكرم.

ألم تُعطني أنت هذا الظلام

وأعطيتني أنت هذا السّحر؟

فهل تشكر الأرض قطر المطر

وتغضب إن لم يجدها الغمام؟

شهور طوال وهذي الجراح

تمزّق جنبي مثل المدى

ولا يهدأ الداء عند الصباح

ولا يمسح اللّيل أو جاعه بالردى.

ولكنّ أيّوب إن صاح صاح:

«لك الحمد، ان الرزايا ندى،

وإنّ الجراح هدايا الحبيب

أضمّ إلى الصّدر باقاتها

هداياك في خافقي لا تغيب،

هداياك مقبولة. هاتها!»

أشد جراحي وأهتف

بالعائدين:

«ألا فانظروا واحسدوني،

فهذى هدايا حبيبي

وإن مسّت النار حرّ الجبين

توهّمتُها قُبلة منك مجبولة من لهيب.

جميل هو السّهدُ أرعى سماك

بعينيّ حتى تغيب النجوم

ويلمس شبّاك داري سناك.

جميل هو الليل: أصداء بوم

وأبواق سيارة من بعيد

وآهاتُ مرضى، وأم تُعيد

أساطير آبائها للوليد.

وغابات ليل السُّهاد، الغيوم

تحجّبُ وجه السماء

وتجلوه تحت القمر.

وإن صاح أيوب كان النداء:

«لك الحمد يا رامياً بالقدر

ويا كاتباً، بعد ذاك، الشّفاء!»

*

لندن 26/12/1962