كنت وما زلت أستمتع أيما استمتاع بالتسكع في شوارع مدينتي القديمة
أتهجى الخطوط على جدرانها وأتحسس التعرجات فوق أرصفتها وكم أنتشي برائحتها المعتقة بالتاريخ وبالذكريات
في أحياء اللاذقية القديمة يكون لي دوماً نصيب من العطر لا يعلمه إلا عاشق مثلي لحجارتها الرملية
وكم حملت هذا العشق معي فتنفسته في حلب القديمة ودمشق القديمة
وكم سألني أبي وأمي ومنذ كنت طفل عن سر محبتي وعشقي لتلك الأماكن وهم يراقبانني ألملم صورها وأحتفظ بقطع منها وأرسم تعرجاتها ولا يطيب لي السهر أو التنزه إلا في أرجائها ودوماً كنت أصمت وأعجز عن الإجابة
وكم مرة سمعت أبي يقول لأمي بعد أن أدخل غرفة نومي متأخراً :سيموت هذا الولد وهو يحمل هم قوس النصر في الصليبة وهم الباب الملكي برأس شمرا وهم باب شرقي بدمشق وهم قلعة حلب
طلبت مني زوجتي أن أحضر علبة حليب لنصر الله (ابني صاحب الخمس وخمسون يوماً) فقد أصبح طلبه للطعام أكثر وحليب صدرها لا يكفيه
فتجاوبت مع رغبتها وذهبت أمارس طرق الأرصفة التي أعتدتها أبحث عن الحليب في الصيدليات وطال بي البحث لاكثر من ست ساعات لم أترك صيدلية أو تاجر مواد غذائية إلا وسألته والإجابة واحدة: مقطوع -أي (غير متوفر)
لا حظت وأنا أسأل أن هناك رجلاً ينافسني في البحث وقد أنهكهه الإعياء فأحبب أن أخفف عنه وأمازحه قليلاً
لعله يرتاح من عناء البحث وذل الحاجة
وما كدت أكلمه حتى طفرت الدموع من عينيه وبحرقة قال لي :ابني الرضيع لم يأكل منذ 4ساعات وأمه لا تستطيع إرضاعه لأن صدرها جاف لاحليب فيه
قلت له: لنا الله ياصديقي فرحمته وسعت كل شيء ثم افترقنا
ولم يمض على افتراقنا إلا بضع دقائق حتى حظيت بعلبتي حليب من بائع متجول
وبدأت رحلة عذابي بالبحث عن صديقي المحتاج في شوارع مدينتي القديمة
وطال بحثي حتى وصلت قبالة مكان مقدس مابين جامع الصليبة وكنيسة مارجرجس
فرفعت يداي باتجاه السماء وابتهلت بالدعاء :اللهم بحق عيسى ومحمدوعلي فرَج عن عبادك ومد لهم يد رحمتك
ولم انتهي من دعائي إلا وصديقي يلوح من بعيد لناظري
فهرعت إليه متلهفاً :أين أنت يا صديقي
لقد حظيت بعلبتي حليب كم سأكون سعيد بقسمتهما معك
احتضنني بمحبة وسقطت دمعتان على عنقي لن أنسى حرارتهما ما حييت
ربتت على كتفه قائلاً:ادع يا أخي أن يفرج عن سورية مصيبتها بحق محمد وآله وتلك عبارة أحب أن أرددها دوماً
فعاد واحتضنني قائلاً :اللهم فرج عن سورية بحق يسوع والعذراء
وعندما عدت للبيت قصصت على أبي ما حصل
فابتسم وقال :الآن عرفت يا ولدي سر تلك المدينة القديمة وسر تلك الشوارع
سر اللاذقية وحلب ودمشق
اللهم احم سورية بحق محمد ويسوع وعلي (عليهم السلام ) أنك قدير وبالإجابة جدير
أتهجى الخطوط على جدرانها وأتحسس التعرجات فوق أرصفتها وكم أنتشي برائحتها المعتقة بالتاريخ وبالذكريات
في أحياء اللاذقية القديمة يكون لي دوماً نصيب من العطر لا يعلمه إلا عاشق مثلي لحجارتها الرملية
وكم حملت هذا العشق معي فتنفسته في حلب القديمة ودمشق القديمة
وكم سألني أبي وأمي ومنذ كنت طفل عن سر محبتي وعشقي لتلك الأماكن وهم يراقبانني ألملم صورها وأحتفظ بقطع منها وأرسم تعرجاتها ولا يطيب لي السهر أو التنزه إلا في أرجائها ودوماً كنت أصمت وأعجز عن الإجابة
وكم مرة سمعت أبي يقول لأمي بعد أن أدخل غرفة نومي متأخراً :سيموت هذا الولد وهو يحمل هم قوس النصر في الصليبة وهم الباب الملكي برأس شمرا وهم باب شرقي بدمشق وهم قلعة حلب
طلبت مني زوجتي أن أحضر علبة حليب لنصر الله (ابني صاحب الخمس وخمسون يوماً) فقد أصبح طلبه للطعام أكثر وحليب صدرها لا يكفيه
فتجاوبت مع رغبتها وذهبت أمارس طرق الأرصفة التي أعتدتها أبحث عن الحليب في الصيدليات وطال بي البحث لاكثر من ست ساعات لم أترك صيدلية أو تاجر مواد غذائية إلا وسألته والإجابة واحدة: مقطوع -أي (غير متوفر)
لا حظت وأنا أسأل أن هناك رجلاً ينافسني في البحث وقد أنهكهه الإعياء فأحبب أن أخفف عنه وأمازحه قليلاً
لعله يرتاح من عناء البحث وذل الحاجة
وما كدت أكلمه حتى طفرت الدموع من عينيه وبحرقة قال لي :ابني الرضيع لم يأكل منذ 4ساعات وأمه لا تستطيع إرضاعه لأن صدرها جاف لاحليب فيه
قلت له: لنا الله ياصديقي فرحمته وسعت كل شيء ثم افترقنا
ولم يمض على افتراقنا إلا بضع دقائق حتى حظيت بعلبتي حليب من بائع متجول
وبدأت رحلة عذابي بالبحث عن صديقي المحتاج في شوارع مدينتي القديمة
وطال بحثي حتى وصلت قبالة مكان مقدس مابين جامع الصليبة وكنيسة مارجرجس
فرفعت يداي باتجاه السماء وابتهلت بالدعاء :اللهم بحق عيسى ومحمدوعلي فرَج عن عبادك ومد لهم يد رحمتك
ولم انتهي من دعائي إلا وصديقي يلوح من بعيد لناظري
فهرعت إليه متلهفاً :أين أنت يا صديقي
لقد حظيت بعلبتي حليب كم سأكون سعيد بقسمتهما معك
احتضنني بمحبة وسقطت دمعتان على عنقي لن أنسى حرارتهما ما حييت
ربتت على كتفه قائلاً:ادع يا أخي أن يفرج عن سورية مصيبتها بحق محمد وآله وتلك عبارة أحب أن أرددها دوماً
فعاد واحتضنني قائلاً :اللهم فرج عن سورية بحق يسوع والعذراء
وعندما عدت للبيت قصصت على أبي ما حصل
فابتسم وقال :الآن عرفت يا ولدي سر تلك المدينة القديمة وسر تلك الشوارع
سر اللاذقية وحلب ودمشق
اللهم احم سورية بحق محمد ويسوع وعلي (عليهم السلام ) أنك قدير وبالإجابة جدير