كنت خارجة من المشفى بعد يوم متعب عندما سمعت مناديا من خلفي:دكتورة ريمة
استدرت على عقبي ﻷجد اثنين مسلحين يزجانني بسيارتهما ،وها انا ذا الآن استيقظت مكبلة على اﻷرض ،لا أرى شيئا سوى ظلمة لا حدود لها،لا أسمع شيئا سوى صوت أنفاسي المضطرب ، وفجأة سمعت اصوات اقدام التفت لأرى ضوءا يتهادى من بعيد يقترب اكثر فأكثر حتى رأيت حامله ،شابا يافعا ،لا أعتقد انه تجاوز الثامنة عشرة من عمره ، يحمل المصباح بيد والسلاح باليد اﻷخرى ، من الذي نزع منك حقيبة المدرسة وأعطاك السلاح بدلا منه!
بادرت بالكلام:ان كان لديكم اية جريح فسأساعدكم بالطبع
ابتسم ساخرا: لماذا تسألين ؟.... ألستي مشغولة جدا بعلاج جنود العدو؟!
جنود العدو؟ ... هكذا تسائلت بدهشة ،تذكرت بعدها أنني قمت بعلاج العديد من العسكريين من الجيش بالمدرسة ،أية قدر أسود جعل من السوريين أعداء لبعضهم
أجبت :انا طبيبة،أعالج أية مريض كان ،أيا كان أنتماءه أو ديانته ،حتى لو جاء لي الشيطان جريحا سأبذل جهدي لعلاجه
لاتزال كلمات ذاك العسكري تجتاح أسماعي بكل لحظة :"امرنا بأقتحام تلك القرية ،ان اقتحمناها سيقتلنا مسلحوها وان عدنا سيقتلنا ضباطنا، بين المون والموت ،ماذا نختار!
أتمنى أن أعود لبيتي وأنا أدرك تمام الأدراك أنني لن أعود إليها إلا مكفنا"
همست :ألق سلاحك وعد للمدرسة
اجابني:اية مدرسة؟... لقد قصفت!
استدار وجلس بالقرب مني ،أحزنتني عيناه الدامعتين دون أن أراهما،
عادت بي الذكرى الى اللحظة التي وقفت بها أمام جريح الذي ميزته منذ النظرة اﻷولى،كيف يمكنني نسيان القناص الذي قنص أخي يوما ،كنت برفقته عندما سقط أرضا فتلفت ﻷنظر بعيني قاتله مباشرة، الغريب في اﻷمر أنه لم يؤذني بالرغمىمن أنه كان يستطيع ذلك،كم من اﻷلم ملئني وأنا أجر جثة أخي من الشارع ،كم من الدموع ذرفتها وكم من الصرخات أطلقتها لتتلاشى بالهواء ،الأدوات التي يمكنها أن تعالجه هي ذاتها التي يمكنني بها قتله،كان علي أن أختار ما علي فعله سريعا ،ولكنني وجدت نفسي فجأة أقوم بعلاجه ،لا أري ان كان ما فعلته غباء ،ضعف ،أو شيئا ما بقسم الطبيب الذي أقسمته يوما لازال يؤثر بي ،ربما هذا أنا .... ولا يمكنني أن أفعل سوى ذلك
همست لذلك الشاب :أتعلم أن من تحاربهم سوريين أيضا ،لم يتم أستيراد الجيش السوري من تل أبيب مطلقا!... السلاح الذي تحمله لم يكن يوما الحل ،لطالما كان يجر الدمار فحسب ،لم يكن السلاح خيارا
أجاب :ولكنه كان خيارا بالنسبة لي ، كان خياري الوحيد، لقد مات كل شيء أحبه ،بالبداية سقط أخي ثم والداي ثم أختي وزوجها ،لم يعد هنالك من يمسح دمعي عندما أبكي ،لقد أستحالت حياتي ركام بيتي الذي تساقط أثر قذيفة ،كم من الغباء يلزمك عندما عدواً تصنع ليس لديه ما يخسره!
ناقشته بكل ما أوتيت من قوة ،لم يكن بنظري السلاح والعنف هو خلاصنا ،لم يكن الأستنجاد بمجموعة من السفلة بالخارج هو ما سيحررنا ،فقد بالنهاية أعصابه ،كان بكل لحظة يرتفع صوته أكتر ويغضب أكتر ،نحن شعوب لا نعرف واﻷصغاء ولا نجيد الفهم ،ورفع الصوت هو أفضل طريقة للأقناع!
شعوب أرتأت أن نغير الأنظمة والعالم ثم نغير من أنفسنا
ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
بالنهاية فتح الباب لتلفحني أنوار الشمس وصرح بوجهي وهو يفك بقيودي : اخرجي اغربي عن وجهي!
قبل أن أخرج التفت الى الشاب والى دموعه وتسائلت
جريمة من هذه!
عدل سابقا من قبل براءة حسين في الإثنين يوليو 01, 2013 12:53 am عدل 1 مرات
استدرت على عقبي ﻷجد اثنين مسلحين يزجانني بسيارتهما ،وها انا ذا الآن استيقظت مكبلة على اﻷرض ،لا أرى شيئا سوى ظلمة لا حدود لها،لا أسمع شيئا سوى صوت أنفاسي المضطرب ، وفجأة سمعت اصوات اقدام التفت لأرى ضوءا يتهادى من بعيد يقترب اكثر فأكثر حتى رأيت حامله ،شابا يافعا ،لا أعتقد انه تجاوز الثامنة عشرة من عمره ، يحمل المصباح بيد والسلاح باليد اﻷخرى ، من الذي نزع منك حقيبة المدرسة وأعطاك السلاح بدلا منه!
بادرت بالكلام:ان كان لديكم اية جريح فسأساعدكم بالطبع
ابتسم ساخرا: لماذا تسألين ؟.... ألستي مشغولة جدا بعلاج جنود العدو؟!
جنود العدو؟ ... هكذا تسائلت بدهشة ،تذكرت بعدها أنني قمت بعلاج العديد من العسكريين من الجيش بالمدرسة ،أية قدر أسود جعل من السوريين أعداء لبعضهم
أجبت :انا طبيبة،أعالج أية مريض كان ،أيا كان أنتماءه أو ديانته ،حتى لو جاء لي الشيطان جريحا سأبذل جهدي لعلاجه
لاتزال كلمات ذاك العسكري تجتاح أسماعي بكل لحظة :"امرنا بأقتحام تلك القرية ،ان اقتحمناها سيقتلنا مسلحوها وان عدنا سيقتلنا ضباطنا، بين المون والموت ،ماذا نختار!
أتمنى أن أعود لبيتي وأنا أدرك تمام الأدراك أنني لن أعود إليها إلا مكفنا"
همست :ألق سلاحك وعد للمدرسة
اجابني:اية مدرسة؟... لقد قصفت!
استدار وجلس بالقرب مني ،أحزنتني عيناه الدامعتين دون أن أراهما،
عادت بي الذكرى الى اللحظة التي وقفت بها أمام جريح الذي ميزته منذ النظرة اﻷولى،كيف يمكنني نسيان القناص الذي قنص أخي يوما ،كنت برفقته عندما سقط أرضا فتلفت ﻷنظر بعيني قاتله مباشرة، الغريب في اﻷمر أنه لم يؤذني بالرغمىمن أنه كان يستطيع ذلك،كم من اﻷلم ملئني وأنا أجر جثة أخي من الشارع ،كم من الدموع ذرفتها وكم من الصرخات أطلقتها لتتلاشى بالهواء ،الأدوات التي يمكنها أن تعالجه هي ذاتها التي يمكنني بها قتله،كان علي أن أختار ما علي فعله سريعا ،ولكنني وجدت نفسي فجأة أقوم بعلاجه ،لا أري ان كان ما فعلته غباء ،ضعف ،أو شيئا ما بقسم الطبيب الذي أقسمته يوما لازال يؤثر بي ،ربما هذا أنا .... ولا يمكنني أن أفعل سوى ذلك
همست لذلك الشاب :أتعلم أن من تحاربهم سوريين أيضا ،لم يتم أستيراد الجيش السوري من تل أبيب مطلقا!... السلاح الذي تحمله لم يكن يوما الحل ،لطالما كان يجر الدمار فحسب ،لم يكن السلاح خيارا
أجاب :ولكنه كان خيارا بالنسبة لي ، كان خياري الوحيد، لقد مات كل شيء أحبه ،بالبداية سقط أخي ثم والداي ثم أختي وزوجها ،لم يعد هنالك من يمسح دمعي عندما أبكي ،لقد أستحالت حياتي ركام بيتي الذي تساقط أثر قذيفة ،كم من الغباء يلزمك عندما عدواً تصنع ليس لديه ما يخسره!
ناقشته بكل ما أوتيت من قوة ،لم يكن بنظري السلاح والعنف هو خلاصنا ،لم يكن الأستنجاد بمجموعة من السفلة بالخارج هو ما سيحررنا ،فقد بالنهاية أعصابه ،كان بكل لحظة يرتفع صوته أكتر ويغضب أكتر ،نحن شعوب لا نعرف واﻷصغاء ولا نجيد الفهم ،ورفع الصوت هو أفضل طريقة للأقناع!
شعوب أرتأت أن نغير الأنظمة والعالم ثم نغير من أنفسنا
ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
بالنهاية فتح الباب لتلفحني أنوار الشمس وصرح بوجهي وهو يفك بقيودي : اخرجي اغربي عن وجهي!
قبل أن أخرج التفت الى الشاب والى دموعه وتسائلت
جريمة من هذه!
عدل سابقا من قبل براءة حسين في الإثنين يوليو 01, 2013 12:53 am عدل 1 مرات