By عہاشہقہة الہروحۓ
المرأة الوطواط.....الجزء الاول
حلّ فصل الصيف....أنا والتسوق على إتفاق...شراء ثياب بحر جديدة لموسم أتى...أتمشى داخل هذا المتجر...أتأمل الثياب الجديدة...والتنزيلات الحديثة .
لا أرى سوى ذراعين تتحرك ...صعوداً ونزولاً...رأسه غاطس داخل حوض الملابس....ينتشل اللون الأحمر...ثم يرميه ماسكاً الأصفر...والألوان تتداول بين يديه...حائر في أمره...لفت إنتباهي هذا الرجل...كم هم قليلون الرجال الذين يدخلون متاجر نسائية ...إلا لغاية شراء ملابس لنسائهم....عريض الكتفين...منكبيه تدل على إنه في مطلع الثلاثين ...متوسط البنية...شعره مختلط قليلا" باللون الأبيض.
طيبتي من الصفات النادرة...فمن يحتاجني للعون...أكون جاهزه دون طلب...إقتربت منه دون النظر إلى وجهه....كي لا يشعر بأني أقصد مساعدته... وتغلغّلت أناملي في نفس الحوض...بدأت أراقص ألوان قطع الثياب بين يديّ...فجأة توقف يتأملني...لمحته ينظر إليّ من زاوية عيني....فقد توقف عن خوض معركة الثياب...وبدأت معالم وجهي تتحرك ...جعلته يدرك بأنني محتارة في أمري..شاركته حيرته دون أن يدري..مسكت بكلتا يديّ قطعة من الملابس....وتمتمت بكلمات تدل على وقوفي عند نقطة الإختيار بقولي:" هذا أو هذا؟..مممممم....أي منهما الأنسب يا ترى؟"....بدأت أتسائل بصوت مرتفع....الى أن
قال لي ضاحكاً:"لا بد إنك محتارة مثلي..."
إلتفت إليه مبتسمةً ...رأيت وجهه بوضوح...رجل في مطلع الثلاثين كما توقعت...عيناه ترقص على بريق باللون الاخضر....أبيض البشرة...سكسوكة تحدّ ذقنه...تعطيه مواصفات رجل أعمال..... أما لهجته فهي غريبة عن هذا البلد...أجبته:" نعم يا سيدي...تحليلك في مكانه...لكن لا تقلق فأنا مميزة في إختياري....دائما ذوقي يناسب صاحب الهدية..." ورنت ضحكتي على مسمعه كي يدرك تقبلي لحواره وتزويده بأمل النقاش... كما أدرك أيضا بأن اختياري لا يمكن أن يفشل...لعبت بإحتراف على أوتار خطتي...مما جعله فرحاً بوجود منقذة له دون عناء حيث أضاف:" جيتي والله جابك...فأنا عالق في مكاني منذ نصف ساعة...هل يمكنك مساعدتي لو سمحتي...؟"
أجبته بروح مرحة:" طبعاً طالما ليس هناك ضريبة على المساعدة فهاذا ما ينقصنا...مع تكرار الابتسامة كي يرتاح أكثرويلمس تقبلي لهذا الطلب....وأضفت له:" هيا قل لي ما مواصفاتها..أهم شيء لون البشرة..."
أجاب باندفاع قوي :" حنطاوية البشرة...ليست نحيفة مقاسها وسط...لكن الالوان غلبتني فهي جميلة كلها لم أعد أميّز أيهما أختار...."ثم بدأ يتأملني من رأسي الى أسفلي وأضاف:" تشبهك تماما من حيث اللون والجسد.."
سرحت قليلاً وإنتشلت اللون البرتقالي الممزوج باللون الزهري الجريء ....أي اللون الصيفي الخاص بأجواء البحر...مما أغراني وجعلني أبحث عن قطعة أخرى لي...وقلت له:" لا تتعب نفسك أكثر هذا هو المطلوب...وأنا على يقين سيناسبها...وتذكرني عندما تنبهر عيونها بسعادة لإعجابها به...."
وأقنعته بإتمام الاكسسوارات التابعة له من مشلح وقبعة وحقيبة ومنشفة وكل لوازم البحر....وأجبرته بإتمام صفقته دون ضغط فقد كان مبتهجاً وسعيداً من مساعدتي له ...فبتّ بالنسبة له أشبه بالمرأة الوطواط المنقذة عند المصائب....
فارقته بعد أن تشكرني بكثرة...وها أنا أتأمله يقف عند المحاسب مرتبك من سعادته طالباً منه وضعه داخل كيس خاص بالهدايا...وها هو يغادر المتجر والإبتسامة تعلو وجهه كاللذي ربح صفقة تجارية....أما أنا فقد كنت سعيدة لأنني قدمت خدمة لإنسان إحتاجها في الوقت المناسب... وإستفدت أيضا بشراء ما يلزمني......
الساعة التاسعة صباحاً...أجلس بغرفتي متمددت على سريري...أنظر الى الساعة حين...وأنفخ أنفاسي بانزعاج من هذا التأخر حين آخر...فأنا أحب المواعيد الدقيقة...ولطالما كنت دقيقة مع الآخرين لأنني أكره الإنتظار ولا أحب أن أكون من المنتظرين....فشعاري هو " عامل مثلما تعامل "...لماذا دائما يخطئون بحقي....متى سيحترفون قواعدي....وإذ برنين الجرس يقطع حلقة تفكيري....فقلت:" أخيراً والحمد الله جاؤوا...
مجموعة من الصبايا تنتظر نزولي...إعتدنا المشاركة بها...فالأ....
البقية تأتي إنتظروني....
سوزان حمودي
بيروت - لبنان