البعض نحبهم
ونتمنى أن نعيش حكاية جميله معهم
ونفتعل الصدف لكي نلتقي بهم
ونختلق الأسباب كي نراهم
ونعيش في الخيال أكثر من الواقع معهم هكذا صور لنا جبران خليل جبران الحب وبمعناه الأنيق السلس
شقراء من بلاد السين ممشوقة الطول عيناها زرقاوان كزرقة البحر شاحبة الوجنة أوجدها القدر امام عازف القيثارة وجواهري العشق سحرته جلستها وهي ترتشف كأس كونياك كان يعلم بمدى اعجابها به من قبل احد الأصدقاء... ها هو الحب وجد فرصته المنتظرة ليداعب الأحساس والمشاعر فيتسلل وبكل روية حتى يطيب به المقام حيث القلب وغفلة من العقل يتملك الكيان والفؤاد
تعارفا وتعلم منها بعض المفردات الفرنسية والقليل من الأنكليزية حيث كان المامهما بها ضئيل
من كتاب ذكرياتي لجواهري الكلام الجزء الثاني تحدث عن أنيتا الشقراء امرأة كورسيكية (من مقاطعة بين ايطالية وفرنسا ) فيها بعض العادات القديمة كانت صادقة وكعادة الاوربين في ذلك الزمان تحاول الايحاء فاذا لم تستطع تلبية الموعد او الطلب تقول ربما وعليك ان تفهم انها لا ترغب في الكذب
وذكر أيضاً من أن العلاقة استمرت وانقطعت ورغم انني كنت من جانبي مستمرا في حبي الا انها بدأت تخفت تدريجيا
أستذكرت هنا طوق الحمامة لأبن حزم الأندلسي ( ولو أن الدنيا ممر ومحنة وكدر والجنة دارُ جزاء وأمان من المكاره لقُلنا إن وصل المحبوب هو الصفاء الذي لا كدر فيه ) حقاً إن وصل المحبوب هو الصفاء
هنا نصل الى المقطوعة الاولى حيث الحب في أوجه والاشواق واللهفة والأنين والحنين وبأهازيج ضحكاته وآلامه وصخبه وأنفعالاته وكأن ذلك العاشق يمسك ريشة ويرسم لوحة وكمن يلمس أجنحة وألوان فراشة يخاف عليها من التلاشي والأندثار .. دعونا وإياكم نقرأ ما عزفته قيثارة العشق من أسطورة الحب جواهري الؤلؤ والكلام
انيتا
ان وجه الدجى "انيتا" تجلى
عن صباح من مقلتيك اطلا
وغياض المروج اهدتك طلا
هناك سؤال يباغتني وعلى الدوام وكما الأقدار التي تباغتنا ولا تمنحنا فرصة او وقتاً كافياً لإتمام رحلتنا في الحياة وكما نتمناها ونشتهيا فهل القدر هو من يتحكم بنا ويرسم مذاقاً خاصاً لحياتنا ورغماً عنا ونمضي في دروب ضيقة طويلة ومجهولة
فها نحن نقترب من مقطوعة تسبق الفراق الا وهي المقطوعة الثانية الذكريات والتي عُزفت على اوتار احزن وبعد فترة القطيعة
أمس كنا هُنا هنا نتساقى
من كؤوس الهوى دهاقاً وفاقا
أمس كنا روحاً بروح نتلاقى
ويداً تحتوي يداً , فؤادا
دوماً وابداً تفاصيل ذكرياتنا مرهقة ونبحث عن فسحة صغيرة للنسيان او التناسي وإن كان كلاهما وجهان لعملة واحدة فمن سكن القلب يسكنه دوماً واندمج مع الروح فهل يعقل تناسي ارواحنا ؟؟؟فالعمر اشواق يداعبها الحنين لذاك الحب والحبيب
يؤسفني أن اصل الى مقطوعة الفراق وهي المقطوعة الثالثة
يا هنائي وشقوتي :يانعيمي
وجحيمي : يا كوثري وحميمي
ياوقائي من وافدات الهموم
جنبيني رتع الظلام البهيم
في عضامي وبالثغر منك البسيم
وأديلي من حُكم هذا الظَّلوم
بصراط من لُطفك المستقيم
سنة تمضي وأخرى تأتي ولا تزال ذكراهم وصورهم هي ذاتها والعمر يمضي ويسرع بنا نحو الغروب بعدما كان يشدنا معهم للشروق نعزف اغنية تتناغم معها ارواحنا كنا نشكل معاً حروفاً سطرناها على سطور عشق المطر وحباته وها الوداع يطرق الأبواب ويسرق الأحباب ويترك الأشواق والآهات والآلام تسكن الأرواح صراحة لا اودُّ الوصول للوداع وأنتهي بامقطوعة الرابعة والتي نظمت في شباط عام 1949 في باريس وهي القطعة الأخيرة من قصيدة أنيتا
سيعبق في خاطري ما حييت
ويُذكرني صبوتي لو نسيت
إليَّ إليَّ حبيبي أنيت
أطلي عليَّ به كالشراع
فقد لفحتني سموم العراق فألهبنَ مني جُرح الفراق
إليَّ إليَّ به للعناق
رحمة الله على روحك الزكية أبا فرات