قصـــــة قصيـــــرة......
((الشحــــــــــــــاذ..))
بقلم الكاتب العراقي/ ثامر ياسين العبيدي
سحب يده من جيبه بعد أن تحسس
كسرة خبز يابسة أطبق ذقنه على صدره وأخفى كفيه المجمدتين تحت بطنه في تكوَر حلزوني
وهو يتلوَى من البرد .. المعطف الممزق القذر يغطي كتفيه دون أن يمنحه الدفء الذي
ينشده .,, والمار بقربه في تلك الليلة المجحفة ببردها القارس يسمع له أنينا"
غريبا" كأنين كلب عجوز تحالف عليه البرد والجوع والتوحد ؟
وحين تأخذه غفوة شبيهة بالأغماء
ترن (الطاسة )* التي وضعها أمامه فتوقظه
لينظر إن كانوا قد رموا له بقطعة نقود أو حصى يسخرون بها منه , وغالبا" ماكان
يشتم المارة أكثر مايدعو لهم ..!!!
وعند صياح أول ديك يغادر رصيف
المحطة حيث تتزاحم الأقدام ويعم صخب العربات والناس . وإذ يسأله أحدهم عن سر
مغادرته المكان يبتسم وينظر الى محدثه بعينين فيهما من التسؤل والريبة الشيء
الكثير ثم يمضي في عجالة متأبطا" عكازه الملفوف بخرق بالية والكلب يتبعه عن بعد
برأسه التي تظل أبدا" قريبة من الأرض وكأنه متهيأ لأي شيء إذا ماحانت من
العجوز التفاتة اليه .
وإذا مرً أحد ممن يعرفون العجوز
ورآه وهو يحجل على عكاز والكلب خلفه فأنه يصيح عليه مشاكسا" :
_ (( هيه.. أيها الشحاذ أحذر
فقد يأكل الكلب ساقك...!))
.. كأن أنه قد أدعى أنه عندما
كان في عنفوان الشباب شارك في أحد الحروب فأتى لغم على ساقه فلم يحزن لفقدهِ الساق
بقدر حزنه إذا رأى الكلاب تنهش ساقه
المبتورة فظل يردد تلك القصة ولا أحد يصدقه لكن صوت المعارك بقيً يتردد في رأسه
ضجيجا" أقوى من صمت الليل وجوعه وبرده.
وصل الى أطراف المدينة حيث الخربة التي تأويه بمحاذاة مجمع النفايات
تحسس كسرة الخبز في جيبه وألتفت بسرعة ليغافل الكلب عله يراه واقفا" ولو لمرة
واحدة منتصبا" لكنه خيًب ظنه وأندفع
بسرعة واضعا" رأسه لصق الأرض هازا" ذيله في وهن كبندول ساعة توشك أن
تتوقف , عندها رمى بكسرة الخبز الوحيدة ومضى الى الداخل وهو يهش بيده في وجه أشباح
لاأحد يراها غيره!!.
* الطاسة: وعاء معدني أشبه
بالصحن العميق كان يستخدمها العراقيين سابقا" لشرب الماء(خاصة في فصل الصيف) كونها تمنح الماء
برودة .
((الشحــــــــــــــاذ..))
بقلم الكاتب العراقي/ ثامر ياسين العبيدي
سحب يده من جيبه بعد أن تحسس
كسرة خبز يابسة أطبق ذقنه على صدره وأخفى كفيه المجمدتين تحت بطنه في تكوَر حلزوني
وهو يتلوَى من البرد .. المعطف الممزق القذر يغطي كتفيه دون أن يمنحه الدفء الذي
ينشده .,, والمار بقربه في تلك الليلة المجحفة ببردها القارس يسمع له أنينا"
غريبا" كأنين كلب عجوز تحالف عليه البرد والجوع والتوحد ؟
وحين تأخذه غفوة شبيهة بالأغماء
ترن (الطاسة )* التي وضعها أمامه فتوقظه
لينظر إن كانوا قد رموا له بقطعة نقود أو حصى يسخرون بها منه , وغالبا" ماكان
يشتم المارة أكثر مايدعو لهم ..!!!
وعند صياح أول ديك يغادر رصيف
المحطة حيث تتزاحم الأقدام ويعم صخب العربات والناس . وإذ يسأله أحدهم عن سر
مغادرته المكان يبتسم وينظر الى محدثه بعينين فيهما من التسؤل والريبة الشيء
الكثير ثم يمضي في عجالة متأبطا" عكازه الملفوف بخرق بالية والكلب يتبعه عن بعد
برأسه التي تظل أبدا" قريبة من الأرض وكأنه متهيأ لأي شيء إذا ماحانت من
العجوز التفاتة اليه .
وإذا مرً أحد ممن يعرفون العجوز
ورآه وهو يحجل على عكاز والكلب خلفه فأنه يصيح عليه مشاكسا" :
_ (( هيه.. أيها الشحاذ أحذر
فقد يأكل الكلب ساقك...!))
.. كأن أنه قد أدعى أنه عندما
كان في عنفوان الشباب شارك في أحد الحروب فأتى لغم على ساقه فلم يحزن لفقدهِ الساق
بقدر حزنه إذا رأى الكلاب تنهش ساقه
المبتورة فظل يردد تلك القصة ولا أحد يصدقه لكن صوت المعارك بقيً يتردد في رأسه
ضجيجا" أقوى من صمت الليل وجوعه وبرده.
وصل الى أطراف المدينة حيث الخربة التي تأويه بمحاذاة مجمع النفايات
تحسس كسرة الخبز في جيبه وألتفت بسرعة ليغافل الكلب عله يراه واقفا" ولو لمرة
واحدة منتصبا" لكنه خيًب ظنه وأندفع
بسرعة واضعا" رأسه لصق الأرض هازا" ذيله في وهن كبندول ساعة توشك أن
تتوقف , عندها رمى بكسرة الخبز الوحيدة ومضى الى الداخل وهو يهش بيده في وجه أشباح
لاأحد يراها غيره!!.
* الطاسة: وعاء معدني أشبه
بالصحن العميق كان يستخدمها العراقيين سابقا" لشرب الماء(خاصة في فصل الصيف) كونها تمنح الماء
برودة .