مسرحية/ الملك لير/ هي مسرحية تتكرر في كل العصور لانها تتحدث عن علاقة الأب بولده فالمسرح التراجيدي عند شكسبير يغلب عليه الشر في النهاية لان الخاسر الوحيد هو الانسان والفائز الوحيد هو الشر الموجود في الذات الانسانية الضعيفة فشكسبير من خلال هذه المسرحيات التراجيدية
أراد ان يؤكد لنا ان الانسان ليس شريراً بطبيعته وإنما يحمل نوازع الخير ونوازع الشر ولكن الظروف هي التي تجعل منه شريراً لان الشرير بالنهاية يعترف بجريمته .
مسرحية الملك لير : تتحدث هذه المسرحية عن حياة الملك لير وهي مؤلفة من خمسة فصول ويقال بأنها عرضت أول مرة سنة 1605 .
جمع الملك لير بناته الثلاث بعد ان كبر وتقدم به العمر ليسألهن عن حقيقة حب كل واحدة منهن له فتعبر ابنتاه « جونريال ، ريغان » عن حبهما الشديد له فهو يفوق كل حب في الدنيا أما ابنته الصغيرة كورديليا فقد عبرت بصدق وواقعية عن حبها له عندما قالت إنها ستحبه كما انها ستحب زوجها وليس صحيحاً ان اختيها لا تحبان احداً سواه لانهما متزوجتان .
فلما سمع الملك لير هذا الكلام ثار غضبه فقرر حرمانها من الميراث وتوزيع الميراث بين اختيها وانه سيتخلى عن الحكم لصهريه « الدوق كورو زوج ريغان والدوق الباني زوج جونريال » وسيبقى هو محتفظاً بلقب الملك فقط تمر الايام فيتزوج ملك فرنسا ابنة الملك لير الصغيرة على الرغم من انها محرومة من الميراث ويبدأ الملك لير بحصد ما جنته يداه عندما تعمل ابنتاه على اساءة معاملته بعد ان اصبح عجوزاً وكذلك زوجاهما يسيئان معاملته ويطلبان منه ان يخفض عدد حراسه فيندم الملك على ما فعله بابنته الصغيرة والتي اكتشف فيما بعد انها الوحيدة المخلصة في حبها له لانها لم تكن تطمع بالمال والملك .
ولكن عندما سمعت ابنته الصغيرة بمعاناته اقنعت زوجها ملك فرنسا بإرسال جيش لإنقاذ ابيها ولكن الجيش الفرنسي يخسر وتقع هي وابوها في قبضة قائد الجيش الانكليزي « ادوموند » وبعد هذه الاحداث يظهر الباني زوجة الابنة الكبرى ويكشف بأن ادموند يخونه مع زوجته بالاضافة الى ان ادموند متزوج من ريغان سراً وهو متآمر فيخرج من بين الجموع أخو ادموند من ابيه فيقتل ادموند وقبل ان يموت يعترف انه امر حراسه ان يقتلوا الملك لير وابنته الصغيرة ثم يكشف لنا الكاتب بشاعة النفس الانسانية في شخصية الابنة الكبرى التي تخون زوجها وكيف انها تتآمر على قتله ثم ينكشف الامر بأن الاختين تتنافسان على الفوز بقلب ادموند فتكون النهاية بأ ن تدس جونريال السم لاختها ريغان فتموت ثم تنتحر جونريال .
نقول ان هناك صيغة اساسية في أبطال شكسبير فالملك لير اب عطوف ويحب بناته الثلاث الى درجة الجنون ولكن في الوقت ذاته أبطال شكسبير يعانون نقصاً حين اظهر الملك عاطفياً ومخطئاً في التسرع ولم يدر انه يعيش في زمن تنقصه المثالية التي يظنها موجودة .
لقد اظهر شكسبير الملك على انه انسان لديه الشهوة لأن يكون محط اعجاب الآخرين حتى عند ابنتيه فهو يرفض الحقيقة لان الانسان بطبيعته ينجرح من الحقيقة لذلك حرم ابنته الصغرى من ميراثها عندما اخبرته بأنها ستحبه وتحب زوجها بينما كافأ ابنتيه اللتين خدعتاه بالكلمات المعسولة لذلك وقع ضحية الطمع الذي كان يعشش في صدري صهريه .
لقد عالج الكاتب التناقضات الانسانية بعيوبها كلها من خلال ابنتي الملك لير اللتين تآمرتا على خلع الملك ليأخذ الصهران دورهما في الملك ، ولم يكتفِ الكاتب بهذه الصورة البشعة للنفس الانسانية الجشعة بل اظهر الفتاتين انهما خائنتان لزوجيهما فكل واحدة كانت تخون زوجها مع قائد الجيش ادموند وبالتالي هاتان الفتاتان لم تكونا على ولاء تام لزوجيهما بل على العكس كانتا تعملان على اشباع نزوتيهما مع رجل آخر وربما هذا كان تلميحاً من شكسبير على ان الظروف هي التي جعلت الفتاتين تخونان زوجيهما عندما زوجهما الملك من رجلين مقربين منه ومكروهين بالنسبة للفتاتين واظهر الجانب الانساني في الفتاة الصغيرة التي اثبتت انها مخلصة في حبها لابيها وزوجها معاً والدليل على ذلك موتها في سبيل حرية ابيها .
لقد عمل الكاتب على التأكيد على انتصار الشر بمقتل الملك وابنته وهذه هي النهاية التي اعتمدها في تراجيدياته كي تفعل فعلتها وتأثيرها في نفس المتلقي .
تقول الناقدة مردبوكين معلقة على مسرحية الملك لير :« في نظر الوالد قد يكون الولد في آن واحد هو حاميه المحبوب وهو الطاغية الظالم الذي يقف في طريقه وفي نظر الوالد قد يكون الولد ايضاً في نفس الوقت الشخص البار الذي يعول شيخوخة ابيه والمغتصب والمنافس الذي لا يعرف الرحمة » .
أما الناقد براد لي فقال عن هذه المسرحية « هذه المسرحية لا يسعها اي مسرح » اذاً لقد استطاع شكسبير ادخال اضافات كثيرة للمسرح القديم فهو يعد خير ممهد للثورة الرومانتيكية .
عن الفرات