المروءة
ولقد مررت على المروءة وهى تبكي *** فقلت علاما تنتحب الفتاة
فقالت كيف لا ابكي وأهلي *** جميعا دون خلق الله ماتوا
قال منصور الفقيه :
أعلن وهبٌ كـرمـه ***في وصله من صرمه
وعفوه عن كل من *** أسخطه أو ظلمه
وبرّه بنـفـسـه *** وماله من حرمه
فما يراه معـظـمٌ *** للحق إلاّ أعظمه
أبقى عليه اللّه ما *** أبقاه فينا نعـمـه
وزاد فيها عـنـده *** وحاطه وسلمـه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
سئل عبد الله بن عمر ، عن المروءة والكرم والنجدة. فقال : أما المروءة : فحفظ الرجل نفسه ، وإحرازه دينه ، وحسن قيامه بصنعته ، وحسن المنازعة ، وإفشاء السلام ، وأما الكرم : فالتبرع بالمعروف ، والإعطاء قبل السؤال ، والإطعام في المحل. وأما النجدة : فالذب عن الجار ، والصبر في المواطن ، والإقدام على الكريهة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
قال طلحة بن عبيد اللّه : جلوس الرجل ببابه من المروءة ، وليس من المروءة حمل الكيس في الكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ
سئل الأحنف عن المروءة ، فقال : التفقه في الدين ، وبرّ الوالدين ، والصبر على النوائب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
ويروى عن الأحنف أيضاً أنه قال : لا مروءة لكذوب ، ولا أخ لملول ، ولا سؤدد لسيئ الخلق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
سئل ابن شهاب الزّهري عن المروءة ، فقال : اجتناب الريب ، وإصلاح المال ، والقيام بحوائج الأهل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
سئل إباس بن معاوية عن المروءة ، فقال : أما حيث تعرف فالتقوى ، وأما حيث لا تعرف فاللّباس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
وقال الزهري أيضاً : الفصاحة من المروءة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
قال إبراهيم النخعى : ليس من المروءة كثرة الالتفات في الطريق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
قال غيره : من كمال المروءة أن تصون عرضك ، وتكرم إخوانك ، وتقيل في منزلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
قال منصور الفقيه :
من فارق الصبرّ والمروءة أمكن من نفسه عدوّه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
قال ربيعة بن عبد الرحمن : للسفر مروءة ، وللحضر مروءة. فالمروءة في السفر : بذل الزاد ، وقلة الخلاف على الأصحاب ، وكثرة المزاح في غير مساخط اللّه. المروءة في الحضر : إدمان الاختلاف إلى المساجد ، وتلاوة القرآن ، وكثرة الإخوان في اللّه عزّ وجلّ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
روى عن الفضيل بن عياض رحمة الله ، أنه سئل عن الرجل الكامل التام المروءة فقال : الكامل من برّ والديه ، ووصل رحمه ، وأكرم إخوانه ، وحسن خلقه ، وأحرز دينه ، وأصلح ماله ، وأنفق من فضله ، وحسن لسانه ، ولزم بيته.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
قال الشاعر :
وإذا الفتى جمع المروءة والتقـى *** وحوى مع الأدب الحياء فقد كمل
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
قال رجل من بني قريع :
إذا المرء أعيته المروءة ناشئاً *** فمطلبها كهلا علـيه شـديد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
قال أحمد بن العدل : زعموا أن الأحنف بن قيس لم يسمع له شعرٌ غير هذين البيتين ، وهما :
فلو مدّ سروى بمال كثير *** لجدت وكنت له بـاذلا
فإنّ المروءة لا تستطاع *** إذا لم يكن مالها فاضلا