رحلة إلى الصومال
هذا الجو يجعل من السفر أمرا مملا ، بدا لي ذلك وأنا استقل تلك الطائرة الضيقة التي لم اعلم لم
ركبتها ، كانت رحلة إلى مقديشو ، ربما هي أشياء لم اعد افهمها ، من نافذة الطائرة
حاولت جهدي أن اعرف اسم هذا المطار الذي سوف تدحرج عليه طائرتنا لكنني لم استطع
لان العملة النادرة (( كهرباء )) (( صارت )) في (( خبر )) (( أمسى وأختها كان )) ..
أبعدت نظري وفكرت في أن اجعل هذه الرحلة ميسورة ، فتحت حقيبتي بكل رشاقة وأخرجت جريدة (( نسيت اسمها )) ، لفت انتباهي العنوان العريض الذي تربع على عرش المقدمة (( قطع البطاقة التموينية بإجماع
مجلس الوزراء )) لم أتفاجأ كثيرا فقد باتت هذه الأمور مألوفة في بلدي ..
= (( تمتمت في قوقعتي)) : اطلب الغنى من بطون شبعت ثم جاعت ولا ....
-
انه لقرار حكيم سوف يجعل من العراق بلدا متقدما بل سيكون في مصاف أوربا
...
لوهلة خلت نفسي في
العاب البعد الخامس حيث يظهر لك وجه من النوع (( اللا الحلوف )) في ليلة يختفي
فيها المحاق عينه ... قمت من مكاني، يا الهي صوت أجش وألفاظ وعرة..
التفت إلى مصدره فإذا
به شاب أنيق طريف سمين كأنه برميل مستوي السطوح ..
ضحك عاليا بالرغم من
اللقمة التي كانت تنزلق في زردومه
-
نعم يا رفيق سفري عادة يهرع الناس عندما يسمعون تعليقاتي على الأخبار
، ولم أر في ردة فعلك الشيء الكثير لقد قفز الكثير من الطائرة دهشة بكل تعليقاتي وإعجابا
..
هدأت بعد روع وقلت
ساخرا
= هون على لقمتك
وارحم معدتك واخفض ضحكتك إن أنكر الأصوات ...
ضحك مرة أخرى وكأنه
منهوم لا يشبع من التعليقين اللقمة والضحك ولا أخفيكم فقد أغاظتني تلك الوقاحة
= اسكت أيها الأبله أما
كفاك أكلا حتى غدوت مستهترا
لم يبال وكأنني أتحدث
مع غيره لا معه وقال وزبد البحر يركض أمامه
-
إنني اضحك على غبائك لأنك لا تفهم تعليقي
صمت قليلا فقد توقفت إحدى
اللقم العظمى في بلعومه فهرع شاربا بوعاء ماءا لم أر حجما مثله وكأنه كان يملي
الوقود لسيارة شحن ثم استأنف قائلا :
-
إن قطع الحصة له فوائد كثيرة أهمها أن الشعب لن يشتكي التخمة ولن يتعب
لكي يزيل الشحوم وبالتالي سيكون رياضيا نشيطا مثل عويطه
أدرت بوجهي عنه وأنا
انظر إليه طرفا
= أكمل وجبتك سما
ضريعا
لم يبال أيضا وأكمل
تلك الوجبة التي استغرقت الرحلة بطولها التي بقيت حائرا فيها عن زيارة هذا المنهوم
إلى الصومال ، وظل الفضول يقرصني بكلتا يديه وعندما حطت الطائرة في المطار وقام من
مقعده تبعته مسرعا وعند السلم همست في أذنه
= لماذا أتيت إلى
الصومال ؟؟؟
ضحك المنهوم وحك رأسه
ونظر إلى احتى نطبقهظر إلي وقال بلهجة حادة
= سوف اجلب كتلوك ((
المجاعة )) حتى نطبقه على شعبنا العظيم
ثارت ثورتي ورفسته
على مؤخرته ولكنه لم يسقط بل سقطت أنا ومن كان خلفي وأكمل سيره حتى اختفى عن ناظري
.....................................................
بعد أيام قررت العودة
إلى بلدي حيث لم يطب لي الإقامة في بلد جل همه إشباع البعض ومص العظم من الكثير ..
دخلت المطار فوجدت شحاذا يتوسل المارة قد أكلت الأيام لحمه وعظمه ، أخرجت ورقة
نقدية وقبل أن أعطيها إليه مسك بقدمي متوسلا
- أرجوك أرجعني إلى
العراق
=وهل تعرفني يا هذا ؟
-
ألا تذكرني أنا رفيق رحلتك !
اقتربت إليه أكثر لكي
أراه بوضوح
= اانت هو ؟
فرد بصوت ضعيف
-
نعم أنا هو
= انصحك بان تبقى هنا مدى عمرك حتى تتعلم الجوع
على أصوله وتكون محترفا له كما هو حال شعبنا وبدل أن تجلب (( كتلوك )) فالمجرب أفضل
فتحسر قائلا
-
هم جاعوا فأساءوا الجوع ونحن قررنا فأسانا ....