نظرة في مرآتين
على قطعة المرأة المكسورة مرت نظراتي بسرعة , وعادت كأنها نسيت شيئا ً ما , تفرستُ في ملامح الوجه الذي بدا أمامي , بحثت فيه عن شيء جديد , لم أجد سوى شعرات بيضا ً وجدت لها مكانا في رأسي وتجاعيد صغيرة خلفتها ليال سود مضيئة بوميض الانفجارات .. لملمت أمتعتي وما تبقى من صبري وعلى الطريق الذي يأخذني إلى خارج وحدتي العسكرية –وكلعادة- سقطت مني أمنية لم أملك سوى أن أشيعها بنظرات أتعبها الانتظار .... طالت الغفوة التي احتلتني ساعة أخذت مكاني في القطار المتوجه نحو الشمال , قبل أن تحررني إقدام صغيرة لفتاة عشرينية دخلت المقصورة وجلست إمامي , رتبت بيدين ناعمتين أمتعتها وأخرجت كتابا ً , دفنت فيه وجهها الذي يحمل ملامح مدينة غير ملوثة, ثم رمته جانبا بعد إن رحلت عيناها عبر نافذة في مخيلتها ... في فضاء المقصورة تركنا لنظراتنا إن تتركا بصمات كثيرة , أحياناً كانتا تلتقيان دون قصد .. وبقصد متعمد أحياناً وهما تتأرجحان بخيط الفضول , قبل أن تعود هي لتبدو وكأنها تقرأ , تاركا لها أن تسترق النظر إلي من حين لأخر متفحصة بدقة ذلك الجندي الذي لفضته ألسنة الحروب مبكراً .
أثارت الفتاة اهتمامي , دخلتُ في رأسها وأخذت اقلب أوراقه (( أيها الجندي المسكين كل الأشياء مسافرة في حياتنا وحده هذا الحزن هو المقيم .. تبدو غريباً في ملامحكَ وحركاتكَ البسيطة التي أرى أنها تخفي أمور كثيرة ))غيرت الفتاة شكل نظراتها وراحت تذرع أجزاء جسدي – ألا عينيّ- حتى توقفت عيناها عند اثر لخاتم زواج كنت قد وضعته طويلاً قبل أن أترك محاولة تغيير الأشياء التي حولي واتوجة إلى تغيير تلك التي في داخلي .. مرة أخرى دخلت في رأسها .. ((لابد إن هذا المسكين نسي خاتمه أو ربما خبأه حين رآني‼))تراجعت عن فكرتها هذه عندما أبصرت خاتما في أصبعي الأيمن.. كان صديقي يقول لي ((أذا استشهدت، خذ هذا الخاتم وضعه في يمينكَ..!)) اختلطت ملامح الدهشة والفضول في وجه الفتاة وبدوري لم استطع منحها اهتماما بدئت – فجأة – تنتظره, شعرت لوهلة أنها ستحدثني وبينما القطار يتأهب للوقوف فارقتُ نظرات تقول ((لاتغادرني , ثمة شي في حياتك كم أود معرفته , ربما أنت من سيجيبني , ....أرجوك...أر...ج....))
*********
مرت السنوات مخلفة في راسي ذكريات أمس قريب وآخر بعيد تركتهما يتقاسمان حاضري ولم يتبق في قلبي سوى نقطة ضوء ربما تركها والديّ أو جئت بها من هنا وهناك .. نقطة ضوء تربطني بالعالم أو أنفذ من خلالها إلى الإنسان الذي أتعبني .
*********
انتهت المعارك التي سرقت صديقي إلى وقت أخر وزداد الصراع الخاص الذي نسميه لدينا ((حباً)) بين الرجل والمرآة ..! علمتني الحروب والنساء إن أكثر اللحظات حقيقة هي أكثرها وهماً وتعلمت مما تبقى من حاضري إن المرآة رواية جميلة لا تحسن أختيار قرائها.
*********
اندلعت الحرب من جديد , كانت أمتعتي محزومة بخيوط تالفة من الصبر.. حينها سمعت عويل القطار المتجه نحو الجنوب , استلقيت المقصورة وفي عينين مكسورتين لفتاة ثلاثينية حاولت إن القي نظرة عميقة لكن الوقت لم يكن كافياً لأتحسس شعرات سود بقي لها مكان في راسي !!
على قطعة المرأة المكسورة مرت نظراتي بسرعة , وعادت كأنها نسيت شيئا ً ما , تفرستُ في ملامح الوجه الذي بدا أمامي , بحثت فيه عن شيء جديد , لم أجد سوى شعرات بيضا ً وجدت لها مكانا في رأسي وتجاعيد صغيرة خلفتها ليال سود مضيئة بوميض الانفجارات .. لملمت أمتعتي وما تبقى من صبري وعلى الطريق الذي يأخذني إلى خارج وحدتي العسكرية –وكلعادة- سقطت مني أمنية لم أملك سوى أن أشيعها بنظرات أتعبها الانتظار .... طالت الغفوة التي احتلتني ساعة أخذت مكاني في القطار المتوجه نحو الشمال , قبل أن تحررني إقدام صغيرة لفتاة عشرينية دخلت المقصورة وجلست إمامي , رتبت بيدين ناعمتين أمتعتها وأخرجت كتابا ً , دفنت فيه وجهها الذي يحمل ملامح مدينة غير ملوثة, ثم رمته جانبا بعد إن رحلت عيناها عبر نافذة في مخيلتها ... في فضاء المقصورة تركنا لنظراتنا إن تتركا بصمات كثيرة , أحياناً كانتا تلتقيان دون قصد .. وبقصد متعمد أحياناً وهما تتأرجحان بخيط الفضول , قبل أن تعود هي لتبدو وكأنها تقرأ , تاركا لها أن تسترق النظر إلي من حين لأخر متفحصة بدقة ذلك الجندي الذي لفضته ألسنة الحروب مبكراً .
أثارت الفتاة اهتمامي , دخلتُ في رأسها وأخذت اقلب أوراقه (( أيها الجندي المسكين كل الأشياء مسافرة في حياتنا وحده هذا الحزن هو المقيم .. تبدو غريباً في ملامحكَ وحركاتكَ البسيطة التي أرى أنها تخفي أمور كثيرة ))غيرت الفتاة شكل نظراتها وراحت تذرع أجزاء جسدي – ألا عينيّ- حتى توقفت عيناها عند اثر لخاتم زواج كنت قد وضعته طويلاً قبل أن أترك محاولة تغيير الأشياء التي حولي واتوجة إلى تغيير تلك التي في داخلي .. مرة أخرى دخلت في رأسها .. ((لابد إن هذا المسكين نسي خاتمه أو ربما خبأه حين رآني‼))تراجعت عن فكرتها هذه عندما أبصرت خاتما في أصبعي الأيمن.. كان صديقي يقول لي ((أذا استشهدت، خذ هذا الخاتم وضعه في يمينكَ..!)) اختلطت ملامح الدهشة والفضول في وجه الفتاة وبدوري لم استطع منحها اهتماما بدئت – فجأة – تنتظره, شعرت لوهلة أنها ستحدثني وبينما القطار يتأهب للوقوف فارقتُ نظرات تقول ((لاتغادرني , ثمة شي في حياتك كم أود معرفته , ربما أنت من سيجيبني , ....أرجوك...أر...ج....))
*********
مرت السنوات مخلفة في راسي ذكريات أمس قريب وآخر بعيد تركتهما يتقاسمان حاضري ولم يتبق في قلبي سوى نقطة ضوء ربما تركها والديّ أو جئت بها من هنا وهناك .. نقطة ضوء تربطني بالعالم أو أنفذ من خلالها إلى الإنسان الذي أتعبني .
*********
انتهت المعارك التي سرقت صديقي إلى وقت أخر وزداد الصراع الخاص الذي نسميه لدينا ((حباً)) بين الرجل والمرآة ..! علمتني الحروب والنساء إن أكثر اللحظات حقيقة هي أكثرها وهماً وتعلمت مما تبقى من حاضري إن المرآة رواية جميلة لا تحسن أختيار قرائها.
*********
اندلعت الحرب من جديد , كانت أمتعتي محزومة بخيوط تالفة من الصبر.. حينها سمعت عويل القطار المتجه نحو الجنوب , استلقيت المقصورة وفي عينين مكسورتين لفتاة ثلاثينية حاولت إن القي نظرة عميقة لكن الوقت لم يكن كافياً لأتحسس شعرات سود بقي لها مكان في راسي !!