جاء قول بعض المغاربة في الخمر وكأسها، وهو:
ثقلت زجاجاتٌ أتتنا فرّغا ... حتى إذا ملئت بصرف الراح
خفّت فكادت أن تطير بما حوت ... وكذا الجسوم تخفّ بالأرواح
وهذا معنى مبتدع
هما لأبي علي إدريس اليماني، وأصل
المعنى لابن المعتز حيث قال:
وزنّا الكأس فارغةً وملأى ... فكان الوزن بينهما سواء
ولكنه زاده مبالغة، وهي أن الكؤوس استفادت
بالخمر خفة، ثم إنه أراد لذلك مثالا في الخارج فلم يجده إلا في الروح والجسم.
ومثل هذا قول الخوارزمي:
رأيتك إن أيسرت خيمت عندنا ... لزاما وإن أعسرت زرت لماما
فما أنت إلا البدر إن قلّ ضوءه ... أغبّ وإن زاد الضياء أقاما
أخذ المعنى في الأصل من قول إبراهيم بن
العباس الصولي في ابن الزيات:
يعرف الأبعد إن أثرى ولا ... يعرف الأدنى إذا ما افتقرا
ولما أراد أن يضرب لذلك مثالاُ في الخارج،
لم يجده إلا في القمر وضوئه. وهكذا حال إدريس اليماني مع ابن المعتز.
ولابن حميدس هذا المعنى بعينه، فإنه قال:
وكاس نشوان فيها الشمس بازغةٌ ... باتت تديم إلى الإصباح لثم فمه
تخفّ ملأى وتعطي الثقل فارغةً ... كالجسم عند وجود الروح أو عدمه
وقال أيضاً :
جسامٌ تجمّع شربه لذاتنا ... وعقولنا بالسكر منه تبدّد
ويخف ملآنا ويثقل فارغا ... كالجسم يعدم روحه أو يوجد
على أن ابن حمديس أتى بالمعنى كاملا في بيت
واحد، وإدريس اليماني إنما أتى به في بيتين. ولكن نظم إدريس أعلق بالقلب، وأوقع في
النفس، وأعذب في السمع.
وقريب من هذا المعنى قول أبي العلاء المعري
في اللزوميات:
لم يكن الدنّ غير نكرٍ ... سلافة الراح عرّفته
كآدمٍ صيغ من ترابٍ ... ونفخة الروح شرفته
وكلاهما تسلق على هذا المعنى، ونقله إلى
الثقل والخفة، وإلا فهو هو.
وعلى ذكر الخفة في الخمر والطيران، فما أحلى
قول أبي الحسين الفكيك:
بكرٌ خطابٌ إذا ما الماء خالطها ... أبدت لنا زبدا في سورة الغضب
كادت تطير نفارا حين واقعها ... لولا شبابيك ما صاغت من الحبب
ثقلت زجاجاتٌ أتتنا فرّغا ... حتى إذا ملئت بصرف الراح
خفّت فكادت أن تطير بما حوت ... وكذا الجسوم تخفّ بالأرواح
وهذا معنى مبتدع
هما لأبي علي إدريس اليماني، وأصل
المعنى لابن المعتز حيث قال:
وزنّا الكأس فارغةً وملأى ... فكان الوزن بينهما سواء
ولكنه زاده مبالغة، وهي أن الكؤوس استفادت
بالخمر خفة، ثم إنه أراد لذلك مثالا في الخارج فلم يجده إلا في الروح والجسم.
ومثل هذا قول الخوارزمي:
رأيتك إن أيسرت خيمت عندنا ... لزاما وإن أعسرت زرت لماما
فما أنت إلا البدر إن قلّ ضوءه ... أغبّ وإن زاد الضياء أقاما
أخذ المعنى في الأصل من قول إبراهيم بن
العباس الصولي في ابن الزيات:
يعرف الأبعد إن أثرى ولا ... يعرف الأدنى إذا ما افتقرا
ولما أراد أن يضرب لذلك مثالاُ في الخارج،
لم يجده إلا في القمر وضوئه. وهكذا حال إدريس اليماني مع ابن المعتز.
ولابن حميدس هذا المعنى بعينه، فإنه قال:
وكاس نشوان فيها الشمس بازغةٌ ... باتت تديم إلى الإصباح لثم فمه
تخفّ ملأى وتعطي الثقل فارغةً ... كالجسم عند وجود الروح أو عدمه
وقال أيضاً :
جسامٌ تجمّع شربه لذاتنا ... وعقولنا بالسكر منه تبدّد
ويخف ملآنا ويثقل فارغا ... كالجسم يعدم روحه أو يوجد
على أن ابن حمديس أتى بالمعنى كاملا في بيت
واحد، وإدريس اليماني إنما أتى به في بيتين. ولكن نظم إدريس أعلق بالقلب، وأوقع في
النفس، وأعذب في السمع.
وقريب من هذا المعنى قول أبي العلاء المعري
في اللزوميات:
لم يكن الدنّ غير نكرٍ ... سلافة الراح عرّفته
كآدمٍ صيغ من ترابٍ ... ونفخة الروح شرفته
وكلاهما تسلق على هذا المعنى، ونقله إلى
الثقل والخفة، وإلا فهو هو.
وعلى ذكر الخفة في الخمر والطيران، فما أحلى
قول أبي الحسين الفكيك:
بكرٌ خطابٌ إذا ما الماء خالطها ... أبدت لنا زبدا في سورة الغضب
كادت تطير نفارا حين واقعها ... لولا شبابيك ما صاغت من الحبب