(انفلات حلم)
نشوان محمد حسين
ثمة رجاءات طويلة تركت لي حلما صغيرا ، مشاكسا .. يستثمر التعب ليخلق الفرح ويبتكر أشياء أخرى غير انه عندما استنشقت رئتاه هواء الحديقة صار يطلق أصوات استغاثة وتأوه لأمه التي لم يستطع واقعي أن يمنحها ملامح تساعدها في النزول من مخيلتي !
"أصواته" لطالما دعت أهلي إلى طردي من البيت وسببت لي بعض الشجارات مع من حولي ..
قليلا ما كان يهدأ أو ينام ، كثيرا ما يستغل الليل لينمو بسرعة مع استمرار نوم المحيطين به .. رغم صغر سنه يضيف على أوراقي ويعبث بها لكنه لم يمزق أيا منها .. أشد ما كان يدهش الآخرين وصوله إلى أعشاب الحديقة التي يعشق التواجد فيها.
قدّم الجيران شكوى ضدي يتهمون فيها حلمي الصغير باستهواء فتياتهم وتعليمهن ابتسامات خطرة .. اقترحت
على نفسي أن أقوم بتقميطه لأقيده وأجبره مؤقتا على النوم حفاظا علينا !
لم يكن أي قماط يناسبه لذا أخذت من خطواتي احد الأسلاك الممتلئة بها وأقدمت على ذلك بمضض .. فشلت الفكرة حيث اخذ يصرخ بشدة ويغني بأصوات عالية وبكلمات غريبة ربما تهدد حياتي .
في ثورة بحثه أجده يشكل الأوراق المتساقطةـ في الحديقة ـ على هيئة امرأة يسميها "الأم" التي يعدها معبرا إلى عالم يرنوه .
بدأ أهلي يضيقون بي ذرعا ولآخرون يهددونني حتى قمت ذات مساء بلفه بالسلك جيدا ودفنه في الحديقة معاندا كل الألم .
فوجئت في صباح اليوم التالي بوجود أهلي وأغلب سكان المحلة مجتمعين حول الحديقة وفي الشارع يتطلعون إلى شجرة لا يقل ارتفاعها عن ثلاثين متر نمت فوق القبر تماما ، رغم خضرتها لم تحوي أية ثمار لكن ثمة عصافير مختبئة فيها تطلق أصواتا ليست غريبة عليَ .
مرة أخرى تقدم الآخرون بشكوى ضدي يطالبون فيها بقطع الشجرة وذلك لالتقاط فتياتهم وفتيانهم أوراقا تنفضها الأغصان كما أن العصافير بدأت تطلق غناء يعتبروه محرما .
تقدم الشيخ الملتحي برفقة مدير البلدية ومعه عمال يحملون منشارا اصغر من الذي كان في كلمات المدير وهي تستنفر الحاضرين ( إن ارتفاع هذه الشجرة يزيد على أعلى عمارة او منارة في المدينة ، لقد تجاوزوا على الفضاء كثيرا ) !
* * *
أصبح الجزء المتبقي من الشجرة أشبه بمسطبة شبه دائرية ..
ذات صباح مميز عرفتُ أن إحدى بنات الجيران تطلبني عند الباب ، فوجئت بهذه الزيارة الجريئة جدا لتلك الفتاة التي أتعبني ترددها ... حين طلبت منها الدخول سحبت نفسا عميقا ثم زفرت دونما كلمات قبل أن تنحرف نحو الحديقة وتجلس على المسطبة الجديدة .. شاركتها الجلوس بعد أن طلبت نظراتها مني ذلك .. أجبرنا صغر المسطبة على الالتصاق وشجعتنا رائحتها على دندنة أغنية طويلة قالت بعدها ( أشعر بأنني أصبحت أمَا لحلم ربما تراه قد رسم ملامح امرأة تحبها ) !!
نشوان محمد حسين
ثمة رجاءات طويلة تركت لي حلما صغيرا ، مشاكسا .. يستثمر التعب ليخلق الفرح ويبتكر أشياء أخرى غير انه عندما استنشقت رئتاه هواء الحديقة صار يطلق أصوات استغاثة وتأوه لأمه التي لم يستطع واقعي أن يمنحها ملامح تساعدها في النزول من مخيلتي !
"أصواته" لطالما دعت أهلي إلى طردي من البيت وسببت لي بعض الشجارات مع من حولي ..
قليلا ما كان يهدأ أو ينام ، كثيرا ما يستغل الليل لينمو بسرعة مع استمرار نوم المحيطين به .. رغم صغر سنه يضيف على أوراقي ويعبث بها لكنه لم يمزق أيا منها .. أشد ما كان يدهش الآخرين وصوله إلى أعشاب الحديقة التي يعشق التواجد فيها.
قدّم الجيران شكوى ضدي يتهمون فيها حلمي الصغير باستهواء فتياتهم وتعليمهن ابتسامات خطرة .. اقترحت
على نفسي أن أقوم بتقميطه لأقيده وأجبره مؤقتا على النوم حفاظا علينا !
لم يكن أي قماط يناسبه لذا أخذت من خطواتي احد الأسلاك الممتلئة بها وأقدمت على ذلك بمضض .. فشلت الفكرة حيث اخذ يصرخ بشدة ويغني بأصوات عالية وبكلمات غريبة ربما تهدد حياتي .
في ثورة بحثه أجده يشكل الأوراق المتساقطةـ في الحديقة ـ على هيئة امرأة يسميها "الأم" التي يعدها معبرا إلى عالم يرنوه .
بدأ أهلي يضيقون بي ذرعا ولآخرون يهددونني حتى قمت ذات مساء بلفه بالسلك جيدا ودفنه في الحديقة معاندا كل الألم .
فوجئت في صباح اليوم التالي بوجود أهلي وأغلب سكان المحلة مجتمعين حول الحديقة وفي الشارع يتطلعون إلى شجرة لا يقل ارتفاعها عن ثلاثين متر نمت فوق القبر تماما ، رغم خضرتها لم تحوي أية ثمار لكن ثمة عصافير مختبئة فيها تطلق أصواتا ليست غريبة عليَ .
مرة أخرى تقدم الآخرون بشكوى ضدي يطالبون فيها بقطع الشجرة وذلك لالتقاط فتياتهم وفتيانهم أوراقا تنفضها الأغصان كما أن العصافير بدأت تطلق غناء يعتبروه محرما .
تقدم الشيخ الملتحي برفقة مدير البلدية ومعه عمال يحملون منشارا اصغر من الذي كان في كلمات المدير وهي تستنفر الحاضرين ( إن ارتفاع هذه الشجرة يزيد على أعلى عمارة او منارة في المدينة ، لقد تجاوزوا على الفضاء كثيرا ) !
* * *
أصبح الجزء المتبقي من الشجرة أشبه بمسطبة شبه دائرية ..
ذات صباح مميز عرفتُ أن إحدى بنات الجيران تطلبني عند الباب ، فوجئت بهذه الزيارة الجريئة جدا لتلك الفتاة التي أتعبني ترددها ... حين طلبت منها الدخول سحبت نفسا عميقا ثم زفرت دونما كلمات قبل أن تنحرف نحو الحديقة وتجلس على المسطبة الجديدة .. شاركتها الجلوس بعد أن طلبت نظراتها مني ذلك .. أجبرنا صغر المسطبة على الالتصاق وشجعتنا رائحتها على دندنة أغنية طويلة قالت بعدها ( أشعر بأنني أصبحت أمَا لحلم ربما تراه قد رسم ملامح امرأة تحبها ) !!