((علاقة مبتكرة))
وكأن الأقدار مدت مخالبها لتنتزعنا من أحضان براءتنا وتودعنا في قبور تطفو على أرض موحلة بالظلم، نلفظ الصبر فيها بفم مطبق ونتلقى العذاب طقوسا لا قداس لها دون جلودنا.
قبورنا زنازين قست إحداها على الأخرى فكانت مربعا يمنح بعضه لباب.. الدخول منه إلى الجحيم وفي الخروج تصير الجنة خيار آخر!! تعددت أسباب إيداعنا حتى تضاربت فكنا نسيجا غريبا لايصلح أن يرتديه العقل في إي فصل من السنة المنطقية.. غير أن محتجزينا يروننا بملامح وتاريخ واحد، نستهلك أملا مستهلكا فنبصقه على عقارب الوقت التي تشدنا بينما نحن نرخي مرارا بأقسى أسئلتنا..
من فتحات القضبان الصغيرة لباب زنزانتي تهرب نظراتي بقوة جنونية بعد أن ترتّد عليّ من الجدران محدثة تحطم أحد أعمدة الأمل، تتشبث على شجرة توت كبيرة توسطت بمفردها مربع البناية، تستلقي هناك، تعلق تعبها على غصن يانع، تمنح فمي ذكرى طعم ما، تمسك أحد العصافير، ترقص معه، تسرق ريشة منه، تعود لحظات تحت أجفاني لتفيض مسامعي العطشى بزقزقة تحيي فيّ ذكرى أخرى قبل أن تعود هذه النظرات لتزحف مع ظل الشجرة وهو يطوف على الزنازين حتى يصل زنزانتي عندها أمتزج معها في جدلية من حنين أخرس ... في الليل وعندما يبرد الود بينها وبين نظراتي، أصغي إليها جيدا.. لأنفاسها وهي تسحب الأوكسجين، لهمسها الطويل عندما يداعب الهواء أغصانها، لنتوئاتها المتناغمة مع الأفق ، لأوراقها وهي تحمل النجوم ثمارا.. لكن ثمارها في الصيف تذكرني بزمان ومكان أكلت فيه التوت مع فتاة كانت حبيبتي لوقت طويل ويتردد صوت أمي بقوة(التوت يقوي الذاكرة)!
في أيلول تحتلني خضرتها الهائجة! مع زقزقة لعصافير مخبأة ونسيمات تمر بها فأشعرها تلامس قلبي وتفزز فيه حلما ميتا، أدندن لفيروز (يا حبيبي الهوى مشاوير.. قصص الهوى مثل العصافير.. مين اصدق يا حبيبي إذا طارت العصافير).
عندما ينزع الشتاء عن نظراتي لونا اخضر ويجعلها تتلاطم في بحر اصفر أمواجه أوراقها التي تملأ الباحة.. نتبادل الصبر والشكوى معا ونروض صفير الرياح بين أغصانها العارية المثقلة بعصافير تبادلني صمتا ونظرات فضولية كأنها هي الأخرى تسأل عن سبب وجودي!
يخبرني عمرها الطويل أهوال مارأت في هذا المكان.. اسأل نفسي (هل للسجناء الآخرين شراكة معها وهل هي كشراكتي!؟) السجناء الذين نادرا ما يحق لي التحدث معهم لكني اسمع تراتيل بعضهم أو صمتهم المطبق حين يرتاح بالموت احدنا!.
يتردد إلينا بين قذارة وأخرى شخص تخبرنا أكتافه اللامعة والأذناب المسلحة انه المسؤول هنا.. تقذفنا لفتاته بنظرات حجرية قبل أن يديرها نحو الشجرة ويرمقها بلهيب أحمق.
المرة الوحيدة التي دخل فيها مبتسما عندما أمر احد إذنابه بقتل الشجرة.. نعم قال (أقتل الشجرة) أو هكذا سمعته، ارتجفتُ بقوة صاحبتها ابتسامة طائشة وللحظات تعطلت نظراتي حتى أيقضني لغو السجناء مع أنفسهم ..وبعد أن جاءتهم صرخة الأمر بالصمت، غامر احدهم صارخا (هل ستموت الشجرة شنقا أم رميا بالرصاص!؟ لا.. لا فانتم إنسانيون جدا، لقد تجاوزتهم هذا تجاوزتم حتى الكرسي الكهربائي سوف تقتلونها على كرسي التحقيق أما انتم فستموتون ببطء شديد على كرسي تاريخكم(.
مع كل ضربة فأس ذرفتُ دمعة، بينما كانت هي تبذل جهدا كي تبتسم لي وتذكرني بما كان يجمعنا.. أوصتني أن أحفظ السر، وان أذيعه لمن يصغون جيدا لأنباء ألآمهم (ومعذرة فلن أخبركم السر هنا).
عندما سقطت بكى وصرخ كل السجناء ولأول مرة يصرخ جميع السجناء على موت احدهم.. في تلك اللحظات أدركت أن محتجزينا يخافون على حياتهم المريضة من أي نبض لا ينسجم ونبضهم أما نحن فحياتنا وإن كانت مقيدة أو قصيرة فأن لها نبض يربك إيقاع خطاهم في متاهة الظلم!
وكأن الأقدار مدت مخالبها لتنتزعنا من أحضان براءتنا وتودعنا في قبور تطفو على أرض موحلة بالظلم، نلفظ الصبر فيها بفم مطبق ونتلقى العذاب طقوسا لا قداس لها دون جلودنا.
قبورنا زنازين قست إحداها على الأخرى فكانت مربعا يمنح بعضه لباب.. الدخول منه إلى الجحيم وفي الخروج تصير الجنة خيار آخر!! تعددت أسباب إيداعنا حتى تضاربت فكنا نسيجا غريبا لايصلح أن يرتديه العقل في إي فصل من السنة المنطقية.. غير أن محتجزينا يروننا بملامح وتاريخ واحد، نستهلك أملا مستهلكا فنبصقه على عقارب الوقت التي تشدنا بينما نحن نرخي مرارا بأقسى أسئلتنا..
من فتحات القضبان الصغيرة لباب زنزانتي تهرب نظراتي بقوة جنونية بعد أن ترتّد عليّ من الجدران محدثة تحطم أحد أعمدة الأمل، تتشبث على شجرة توت كبيرة توسطت بمفردها مربع البناية، تستلقي هناك، تعلق تعبها على غصن يانع، تمنح فمي ذكرى طعم ما، تمسك أحد العصافير، ترقص معه، تسرق ريشة منه، تعود لحظات تحت أجفاني لتفيض مسامعي العطشى بزقزقة تحيي فيّ ذكرى أخرى قبل أن تعود هذه النظرات لتزحف مع ظل الشجرة وهو يطوف على الزنازين حتى يصل زنزانتي عندها أمتزج معها في جدلية من حنين أخرس ... في الليل وعندما يبرد الود بينها وبين نظراتي، أصغي إليها جيدا.. لأنفاسها وهي تسحب الأوكسجين، لهمسها الطويل عندما يداعب الهواء أغصانها، لنتوئاتها المتناغمة مع الأفق ، لأوراقها وهي تحمل النجوم ثمارا.. لكن ثمارها في الصيف تذكرني بزمان ومكان أكلت فيه التوت مع فتاة كانت حبيبتي لوقت طويل ويتردد صوت أمي بقوة(التوت يقوي الذاكرة)!
في أيلول تحتلني خضرتها الهائجة! مع زقزقة لعصافير مخبأة ونسيمات تمر بها فأشعرها تلامس قلبي وتفزز فيه حلما ميتا، أدندن لفيروز (يا حبيبي الهوى مشاوير.. قصص الهوى مثل العصافير.. مين اصدق يا حبيبي إذا طارت العصافير).
عندما ينزع الشتاء عن نظراتي لونا اخضر ويجعلها تتلاطم في بحر اصفر أمواجه أوراقها التي تملأ الباحة.. نتبادل الصبر والشكوى معا ونروض صفير الرياح بين أغصانها العارية المثقلة بعصافير تبادلني صمتا ونظرات فضولية كأنها هي الأخرى تسأل عن سبب وجودي!
يخبرني عمرها الطويل أهوال مارأت في هذا المكان.. اسأل نفسي (هل للسجناء الآخرين شراكة معها وهل هي كشراكتي!؟) السجناء الذين نادرا ما يحق لي التحدث معهم لكني اسمع تراتيل بعضهم أو صمتهم المطبق حين يرتاح بالموت احدنا!.
يتردد إلينا بين قذارة وأخرى شخص تخبرنا أكتافه اللامعة والأذناب المسلحة انه المسؤول هنا.. تقذفنا لفتاته بنظرات حجرية قبل أن يديرها نحو الشجرة ويرمقها بلهيب أحمق.
المرة الوحيدة التي دخل فيها مبتسما عندما أمر احد إذنابه بقتل الشجرة.. نعم قال (أقتل الشجرة) أو هكذا سمعته، ارتجفتُ بقوة صاحبتها ابتسامة طائشة وللحظات تعطلت نظراتي حتى أيقضني لغو السجناء مع أنفسهم ..وبعد أن جاءتهم صرخة الأمر بالصمت، غامر احدهم صارخا (هل ستموت الشجرة شنقا أم رميا بالرصاص!؟ لا.. لا فانتم إنسانيون جدا، لقد تجاوزتهم هذا تجاوزتم حتى الكرسي الكهربائي سوف تقتلونها على كرسي التحقيق أما انتم فستموتون ببطء شديد على كرسي تاريخكم(.
مع كل ضربة فأس ذرفتُ دمعة، بينما كانت هي تبذل جهدا كي تبتسم لي وتذكرني بما كان يجمعنا.. أوصتني أن أحفظ السر، وان أذيعه لمن يصغون جيدا لأنباء ألآمهم (ومعذرة فلن أخبركم السر هنا).
عندما سقطت بكى وصرخ كل السجناء ولأول مرة يصرخ جميع السجناء على موت احدهم.. في تلك اللحظات أدركت أن محتجزينا يخافون على حياتهم المريضة من أي نبض لا ينسجم ونبضهم أما نحن فحياتنا وإن كانت مقيدة أو قصيرة فأن لها نبض يربك إيقاع خطاهم في متاهة الظلم!