بسم الله الرحمن الرحيمكل عام و أنتم إلى الله أقرب و تقبل الله صيامكم و قيامكم و طاعاتكم و جعلنا من عتقائه من النار بفضله و رحمتهأما بعد :نتابع معا خواطرنا القرآنية و وقفتي معكم اليوم ستكون مع آية كريمة مهمة جدا وردت في سورة الأنفالبسم الله الرحمن الرحيم
( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ?33?))طبعا لست هنا في صدد تفسير هذه الآية الكريمة و سبب نزولها لكننا سنتوقف مع تأملات عميقة فيها و إبحار في معانيها بتوفيق الله و فضلهطبعا الآية موجهة من ربنا جل في علاه إلى نبينا و حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلمإخوتي الكرامعذاب الله شديد و رحمته واسعة فكيف نتقي عذاب الله عز و جل و كيف ننال رحمته و مغفرتهلاسيما و أننا غارقون في الذنوب و الأخطاء و التقصير و والله لولا رحمة الله بنا لهلكنا بذنوبنا و معاصينا و آثامنانلمح في تلك الآية طريقتين مضمونتين للنجاة من عذاب ربنا جل في علاه و ما كان الله ليعذبهم و أنت فيهمأي لن يعذب الله المسلمين المؤمنين لو كان رسوله صلوات الله و سلامه عليه فيهمو قد يفهم البعض أن المقصود بذلك زمن غير زمننا و هو أثناء حياة رسولنا الكريم بين قومه فهو فيهم و بينهم و لن يعذبيهم الله تعالى ما دام سيد الخلق بينهملكن لو تعمقنا أكثر في المعنى لوجدنا بأنها آية تصلح لكل زمان و مكانكيف يكون رسول الله صلى الله عليه و سلم فينا بعد موته فداه أبي و أمي و روحي ؟؟؟يكون رسول الله صلى الله عليه و سلم بيننا عندما نتبع سنته و نسير على خطاه و نحبه و نطيعه و ننصر سنتهنعم إخوتي فرسولنا الكريم صلوات الله و سلامه عليه بيننا باتباعنا لسنته و الاتباع ليس مجرد كلمة تقالبل هو التزام كامل بالأمر و اجتناب كامل للنهي و ابتعاد عن الابتداع و التغيير في سنته و هديه فطاعة الرسول من طاعة الله ألم يقل الله تعالى
( ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا ))ألم يأمرنا ربنا بطاعة الرسول مع طاعته جل في علاه فقال
( و أطيعوا الله و الرسول لعلكم ترحمون ))بل وضع الله تعالى لنا شرطا لازما كي يحبنا فقال
( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ?31? ))فلكي نحظى بحب الله لا بد من اتباع رسوله و حبيبه محمد صلى الله عليه و سلمو من حظي بحب الله فقد فاز و نجا و أفلح فإذاً الشرط الأول هو الاتباع الكامل لسنة رسولنا الكريم و طاعته في كل ما أمرنا به و اجتناب كل ما نهانا عنهفرسولنا صلوات الله و سلامه عليه لا ينطق عن الهوى بل كل كلامه وحي و صدقو الاتباع يعني أن لا تغير و لا تبدل في سنته كما يفعل الكثير من المبتدعين و الضالين الذين غيروا و بدلوا و ضلوا و أضلوافكما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من أحدث في ديننا ما ليس منه فهو رد أي خارج عن الجماعة و خارج عن الملة بمجرد تغييره للسنة و الشريعة وفق أهوائهو الاتباع يعني الالتزام الكامل بالأمر و النهي دون اعتراض أو تذمر قال تعالى : (( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ?65?))فلن نعتبر مؤمنين إلا إذا حكمنا شرع الله و سنة نبيه في كل حياتنا دون أي حرج أو تذمر أو اعراضو كي يكون الرسول صلى الله عليه و سلم فينا فلا بد من التخلق بأخلاقه و التأسي به في كل أعماله و أخلاقه و معاملاتهفمن كان بلا أخلاق فليس محبا للرسول صلى الله عليه و سلم الذي قال : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاقكيف لا و قد قال ربه عنه بأبي و أمي و روحي : (( و إنك لعلى خلق عظيم ))و مكارم الأخلاق لا خلاف عليها بين جميع الأمم و قد تحلى رسولنا الكريم بأحسن الأخلاق و علمنا فقال إن أحسنكم عند الله أحاسنكم أخلاقاو إن المرء ليبلغ بحسن الخلق مقام الأنبياء و الصالحين و لكي يكون رسول الله صلى الله عليه و سلم فينا فعلينا أن نتصرف في أمورنا و كأنه بيننا و نتخيل كل عمل نقوم به هل كان سيرضيه ؟هل كان سيعجبه أم سيغضبههل كان سيفخر بنا لو عملناه أم لادعونا إخوتي نجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم حاضرا بيننا و كأنه فينا باتباع سنته و السير على خطاه و التزام أخلاقياته و مبادئه الساميةأما الوسيلة الثانية التي ستنجينا من عذاب الله جل في علاهفهي الاستغفارنعم إخوتي الاستغفار منجاة و من استغفر الله نجا من عذابهمن طلب مغفرة الله فقد علم بأنه عليه قادر و فوقه قاهرمن طلب مغفرة الله فهو مقر بفضله و رحمته و منه و كرمهو كما قال الله تعالى في الحديث القدسي
(