أغيرة وجبنا!
يضرب مثلا للرجل يجتمع فيه عيبان، وأصله أن رجلا تخلف على قتال عدوه، وترك الحي يقاتلون، ثم رأى امرأته تنظر إلى القتال، فضربها، فقالت: أغيرة وجبناً! " ، فذمت هذا المرأة الغيرة، وهي من أحمد أخلاق الرجال. وقال جرير يمدح الحجاج:
أم من يغار على النساء حفيظة ... إذ لا يثقن بغيرة الأزواج
وقال أبو نواس
ومن دون عورات النساء غيور
قال إبراهيم بن المهدي في المعتصم، وقد نالت الروم طرفاً من أطراف المسلمين:
يا غيرة الله قد عاينت فانتقمي ... تلك النساء وما منهن يرتكب
فهب الرجال على أجرامها قتلت ... ما بال أطفالها بالذبح تنتحب!
وهو أول من قال: " يا غيرة الله " فخرج المعتصم من وقته إلى الروم، فكان فتح عمورية.
ورأى رجل مع امرأته رجلا فقتله، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أقتلته؟ قال: نعم. قال: أحسنت، ومن يعد فعد.
وقريب من معنى المثل قول الشاعر:
جهلا علينا وجبناً عن عدوكم ... لبئست الخلتان: الجهل والجبن
أنا تئق وصاحبي مئق، فكيف نتفق!
التئق: السريع إلى الشر، والمئق: السريع البكاء. يضرب مثلا لسوء الموافقة في الأخلاق. وقالوا: التئق: الممتلئ غضباً، يقال: أتأقت الإناء، إذا ملأته. والمئق: القليل الاحتمال، الجزوع من أدنى مكروه.
وأصله أن رجلين كانا في سفر، فساءت أخلاقهما، فقال أحدهما ذلك! والسفر يورث ضيق الأخلاق.
وقالوا: لا تعرف أخاك حتى تغضبه، أو تسافر معه. وسمي السفر سفراً، لأنه يسفر عن الأخلاق، أي يكشف عنها، وسميت المكنسة مسفرة؛ لأنها تسفر التراب عن وجه الأرض، فتنكشف، كما تسفر المرأة نقابها عن وجهها. وقالوا: الحريص والمسافر مريضان لا يعادان. وقال بعضهم يمدح رجلا:
أبلج بسام وإن طال السفر
وقال علي رضي الله عنه: السفر ميزان القوم.
أعطي العبد كراعاً فطلب ذراعاً
يضرب مثلا للرجل الشره، يعطى الشيء فيأخذه ويطلب أكثر منه. والمثل لام عمرو بن عدي جارية مالك وعقيل ندماني جذيمة، وذلك أن عمرو بن عدي، ابن أخت جذيمة فقد زماناً، ثم ظفر به مالك وعقيل، فقد ماله طعاماً فأكله واستزاد، فقالت أم عمرو: " أعطي العبد كراعاً فطلب ذراعاً " ، ثم جلس معها على شراب، فجعلت تسقيهما وتدعه، فقال عمرو:
تصد الكأس عنا أم عمرو ... وكان الكأس مجراها اليمينا
وما شر الثلاثة أم عمرو ... بصاحبك الذي لا تصبحيناً
ثم عرفاه، فقد مابه على جذيمة، فاستجلسهما فنادماه، ولم ينادمه أحد قبلهما، وكان يزعم أنه ليس في الأرض من يصلح لمنادمته؛ ذهاباً بنفسه، فكان ينادم الفرقدين، يشرب قدحاً، ويصب لكل كوكب منهما قدحاً، حتى نادمه مالك وعقيل، فقال متمم بن نويرة:
وكنا كندماني جذيمة حقبة ... من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
فلما تفرقنا كأني ومالكاً ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معاً
يعني كنا كالفرقدين لا نفترق. وقال غيره:
تقول أراه بعد عروة لاهياً ... وذلك رزء لو علمت جليل
فلا تحسبي أني تناسيت عهده ... ولكن صبري يا أميم جميل
ألم تعلمي أن قد تفرق قبلنا ... خليلا صفاء مالك وعقيل!
إنك لا تشكو إلى مصمت
يضرب مثلا لقلة اهتمام الرجل بشأن صاحبه؛ وأصله قول الشاعر. " يخاطب جمله " :
ِإنك لا تشكو إلى مصمت ... فاصبر على الحمل الثقيل أو مت
ونحوه قول الراجز:
يشكو إلى جملي طول السرى ... يا جملي ليس إلي المشتكى
الدرهمان كلفاني ما ترى ... شد الجواليق وجذباً بالبرى
صبراً قليلا فكلانا مبتلى
والمصمت: المشكي المعتب، وأصله من الصمت، وهو أنك إذا شكوته أعتبك فتصمت عن الشكاية.
عدل سابقا من قبل حميدة العسكري في الخميس يوليو 19, 2012 12:24 am عدل 1 مرات
يضرب مثلا للرجل يجتمع فيه عيبان، وأصله أن رجلا تخلف على قتال عدوه، وترك الحي يقاتلون، ثم رأى امرأته تنظر إلى القتال، فضربها، فقالت: أغيرة وجبناً! " ، فذمت هذا المرأة الغيرة، وهي من أحمد أخلاق الرجال. وقال جرير يمدح الحجاج:
أم من يغار على النساء حفيظة ... إذ لا يثقن بغيرة الأزواج
وقال أبو نواس
ومن دون عورات النساء غيور
قال إبراهيم بن المهدي في المعتصم، وقد نالت الروم طرفاً من أطراف المسلمين:
يا غيرة الله قد عاينت فانتقمي ... تلك النساء وما منهن يرتكب
فهب الرجال على أجرامها قتلت ... ما بال أطفالها بالذبح تنتحب!
وهو أول من قال: " يا غيرة الله " فخرج المعتصم من وقته إلى الروم، فكان فتح عمورية.
ورأى رجل مع امرأته رجلا فقتله، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أقتلته؟ قال: نعم. قال: أحسنت، ومن يعد فعد.
وقريب من معنى المثل قول الشاعر:
جهلا علينا وجبناً عن عدوكم ... لبئست الخلتان: الجهل والجبن
أنا تئق وصاحبي مئق، فكيف نتفق!
التئق: السريع إلى الشر، والمئق: السريع البكاء. يضرب مثلا لسوء الموافقة في الأخلاق. وقالوا: التئق: الممتلئ غضباً، يقال: أتأقت الإناء، إذا ملأته. والمئق: القليل الاحتمال، الجزوع من أدنى مكروه.
وأصله أن رجلين كانا في سفر، فساءت أخلاقهما، فقال أحدهما ذلك! والسفر يورث ضيق الأخلاق.
وقالوا: لا تعرف أخاك حتى تغضبه، أو تسافر معه. وسمي السفر سفراً، لأنه يسفر عن الأخلاق، أي يكشف عنها، وسميت المكنسة مسفرة؛ لأنها تسفر التراب عن وجه الأرض، فتنكشف، كما تسفر المرأة نقابها عن وجهها. وقالوا: الحريص والمسافر مريضان لا يعادان. وقال بعضهم يمدح رجلا:
أبلج بسام وإن طال السفر
وقال علي رضي الله عنه: السفر ميزان القوم.
أعطي العبد كراعاً فطلب ذراعاً
يضرب مثلا للرجل الشره، يعطى الشيء فيأخذه ويطلب أكثر منه. والمثل لام عمرو بن عدي جارية مالك وعقيل ندماني جذيمة، وذلك أن عمرو بن عدي، ابن أخت جذيمة فقد زماناً، ثم ظفر به مالك وعقيل، فقد ماله طعاماً فأكله واستزاد، فقالت أم عمرو: " أعطي العبد كراعاً فطلب ذراعاً " ، ثم جلس معها على شراب، فجعلت تسقيهما وتدعه، فقال عمرو:
تصد الكأس عنا أم عمرو ... وكان الكأس مجراها اليمينا
وما شر الثلاثة أم عمرو ... بصاحبك الذي لا تصبحيناً
ثم عرفاه، فقد مابه على جذيمة، فاستجلسهما فنادماه، ولم ينادمه أحد قبلهما، وكان يزعم أنه ليس في الأرض من يصلح لمنادمته؛ ذهاباً بنفسه، فكان ينادم الفرقدين، يشرب قدحاً، ويصب لكل كوكب منهما قدحاً، حتى نادمه مالك وعقيل، فقال متمم بن نويرة:
وكنا كندماني جذيمة حقبة ... من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
فلما تفرقنا كأني ومالكاً ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معاً
يعني كنا كالفرقدين لا نفترق. وقال غيره:
تقول أراه بعد عروة لاهياً ... وذلك رزء لو علمت جليل
فلا تحسبي أني تناسيت عهده ... ولكن صبري يا أميم جميل
ألم تعلمي أن قد تفرق قبلنا ... خليلا صفاء مالك وعقيل!
إنك لا تشكو إلى مصمت
يضرب مثلا لقلة اهتمام الرجل بشأن صاحبه؛ وأصله قول الشاعر. " يخاطب جمله " :
ِإنك لا تشكو إلى مصمت ... فاصبر على الحمل الثقيل أو مت
ونحوه قول الراجز:
يشكو إلى جملي طول السرى ... يا جملي ليس إلي المشتكى
الدرهمان كلفاني ما ترى ... شد الجواليق وجذباً بالبرى
صبراً قليلا فكلانا مبتلى
والمصمت: المشكي المعتب، وأصله من الصمت، وهو أنك إذا شكوته أعتبك فتصمت عن الشكاية.
عدل سابقا من قبل حميدة العسكري في الخميس يوليو 19, 2012 12:24 am عدل 1 مرات