السلام عليكم .تنتمي اللسانيات الى حقل العلوم الانسانية ,بل انها استطاعت ان تصير علما قائما عندما حددت مادتها وموضوعها .فمادة اللسانيات عامة هي اللغة وموضوعها هو دراسة هذه اللغة من ذاتها ولذاتها.ولا بد من ابراز الفرق بين اللغة والكلام واللسان .فاللغة هي البنية التي ينبثق منها الكلام.والكلام هو الاستعمال الفعلي للغة ,اما اللسان فهو البنية التي تنتظم في اطارها كل اللغات الطبيعية .وعمل اللغوي (او اللساني) هو وصف هذا اللسان ومطابقته قدر الامكان للواقع.غير ان اللغوي لا يستطيع الاحاطة بموضوع اللسان .فالحقائق التي يصل اليها ليست ثابتة وتختلف باختلاف النظريات اللغوية.
ان النظريات اللغوية ليست كلها واحدة,اذ هناك تصورات عديدة نذكر منها التصور التقليدي .التصور البنيوي(بمختلف مدارسه)والتصور الفرضي...فالتصور البنيوي مثلا يعتمد على المنهج الاستقرائي الذي اعتمده الانتربولوجيون في دراسة القبائل البدائية.وقد اطلق عليه لاحقا =التصور التصنيفي=للسانيات لانه يعتمد على جمع الملاحظات حول الظاهرةموضوع الدرس,ويصنفها ويرتبها قصد الوصول الى نظام او نسق معينيضبط هذه المعطيات...انه نشاط تحليلي تركيبي. اما التصور الفرضي(الاستنباطي)فهو الذي نجده طاغيا في العلوم الحقة كالفيزياء والكيمياء مثلا.فهذه العلوم لم تعد تنطلق من الملاحظة والتجربةوانما من افتراضات نظرية محضة قصد الوصول الى بناء نظرية شاملة وواضحة .واجمالا يمكن القول ان الاتجاه الافتراضي هو الذي تبنته النظرية التوليدية التحويلية التى اسسها العالم اللغوي الامريكي (نوام تشومسكي).وترى هذه النظرية ان موضوع اللسانيات هو المتكلم-المستمع المثالي الذي توجد عنده اللغة موضوع البحث و الوصف.(اي وصف القدرة اللغوية عند هذا المتكلم...)لماذا وصف القدرة؟؟لان ما يطبع النشاط اللغوي (الكلامي) عند الانسان هو عدم التجانس الذي تحدث عنه سوسير ... هذا مدخل لبناء مفهوم عن ماهية اللسانيات.ارجو ان اكون قد قدمت لمحة كافية للتعرف على هذا العلم.