أشْعاَرُ عُلَيَّةَ بِنْتِ الَمْهِديّ
وَأخْبَارُهَا
كانت علية من أكمل النساء عقلا، وأحسنهن دينا وصيانة. ونزاهة، وكانت أكثر أيام طهرها مشغولة بالصلاة، ودرس القرآن، ولزوم المحراب، فإذا لم تصل اشتغلت بلهوها.
وكان الرشيد يعظمها، ويجلسها معه على سريره، وكانت تأبى ذلك وتوفيه حقه، وكان إبراهيم بن المهدي يأخذ الغناء عنها.
حدثني عون بن محمد الكندي قال سمعت عبد الله بن العباس بن الفضل بن الربيع يقول: ما اجتمع في الإسلام قط أخ وأخت أحسن غناء من إبراهيم بن المهدي وأخته علية، وكانت تقدم عليه.
حدثني أحمد بن محمد بن إسحاق، قال حدثني عبيد الله بن محمد بن عبد الملك قال حدثني مسرور الخادم قال خرج الجلساء والمغنون من عند الرشيد، فقال لي قد تشوقت أختي علية فامض فجئني بها، وقل لها بحياتي عليك إلا طيبت عيشي بحضورك، فجاءت فأومأ إليها أن تجلس على السرير معه، فأبت وحلفت ثم ثنت طرف نخٍّ كان بين يديه، وجلست على ظهره، فقال لها لم فعل هذا يا حياتي؟ وكان كثيراً ما يدعوها بذلك، فقالت يا أمير المؤمنين: إنها مجالس آنفا، فلم أحب أن أقعد مقعدهم.
حدثنا الحسين بن فهم قال حدثنا حماد بن إسحاق قال سمعت إبراهيم بن إسماعيل الكاتب يقول قالت علية بنت المهدي ما حرم الله شيئاً إلا وقد جعل فيما حلل عوضا منه، فبأي شيء يحتج عاصيه، والمنتهك لحرماته.
حدثنا محمد بن موسى مولى بني هاشم بالبصرة سنة ثمان وسعين ومائتين، قال سمعت أبا أحمد بن الرشيد يقول كانت عمتي علية تقول اللهم لا تغفر لي حراما أتيته، ولا عزما على حرام إن كنت عزمته، وما استغرقني لهو قط إلا ذكرت سببى من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصرت عنه، وإن الله ليعلم أني ما كذبت قط، ولا وعدت وعدا فأخلفته.
أخْبارُ عُلَيَّةَ بِنْتِ الَمْهِديِّ مَعَ أخِيها الرَّشيِد
حدثنا عون بن محمد، قال حدثنا سعيد بن هزيم، قال: كانت علية تحب أن تراسل بالأشعار من تخصه، فاختصت خادما يقال له طَلٌّ من خدم الرشيد تراسله بالشعر، فلم تره أياما، فمشت على ميزاب حتى رأته وحدثته، فقالت في ذلك:
قَدْ كانَ ما كلُفِّتْهُ زَمَناً ... يا طَلُّ مِنْ وَجْدٍ بِهِمْ يَكْفِي
حَتَّى أَتِيْتُكَ زائِراً عَجِلاً ... أَمْشِي عَلَى حَتْفِي إلىَ حتَفْيِ
فخلف عليها الرشيد ألا تكلم طلا الخادم، ولا تسمى باسمه، فضمِنت له ذلك، فاستمع عليها يوماً وهي تدرس آخر سورة البقرة، حتى بلغت إلى قوله عز وجل " أَصابَهَا وَابلٌ، فَأتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصبْها وَابِلٌ " وأرادت أن تقول فَطَلٌّ، فلم تلفظ بهذا فقالت فالذي نهانا عنه أمير المؤمنين وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصيِرٌ فدخل فقبل رأسها وقال قد وهبت لك طلا، ولا منعتك بعد هذا من شيء تريدينه.
حدثنا عون قال حدثنا سعيد بن هريم، قال قالت علية للرشيد بعد إيقاعه بالبرامكة: ما رأيت لك يوم سرور تاما منذ قتلت جعفرا فلأي شيء قتلته؟ فقال: يا حياتي لو علمت أن قميصي يعلم السبب الذي قتلت له جعفرا لأحرقته! حدثنا أحمد بن يزيد المهبلي، قال حدثنا حماد بن إسحاق قال كانت علية ابنت المهدي أعف الناس، إذا طهرت لزمت المحراب، وإذا لم تصل غنت، وكانت قليلة الشغف بالشراب.
وكانت تكاتب بالأشعار خادمين يقال لأحدهما رشأ، وتكنى عنه بزينت. وطل وتكنى عنه بظل. فمن شعرها في طل، وكنايتها بطل على أنها جارية.
يا رَبِّ إنِّي قَدْ حَرَضْتُ بِهْجِرها ... فَإلَيْكَ أَشْكوُ ذاكَ يا رَبَّاهُ
مَوْلاةُ سَوْءٍ تَسْتَهينُ بِعَبْدِها ... نِعْمَ الْغُلامُ وبَئِسَتِ المَوْلاه
ظلٌّ وَلَكنِّي حُرِمْتُ نَعيِمَهُ ... وَهَواهُ إنْ لَمْ يُغثْنِي اللهُ
حدثنا أحمد بن يزيد المهلبي، قال حدثنا حماد بن إسحاق قال زار الرشيد علية فقال لها: بالله يا أختي غني، فقالت والله لأعملن فيك شعراً، وأعمل فيه لحنا، فقالت من وقتها:
تَفْدِيكُ أُخْتُكَ قَدْ حَييتُ بِنِعْمَةٍ ... لسَنْا نَعُدُّ لهَا الزَّمانُ عَديلاَ
إلاَّ الخُلوُدَ وَذاك قُرْبُكَ سَيِّدِي ... لاَزالَ قُرْبُكَ وَالبَقاءُ طَوِيلاَ
وَحَمِدْتُ رَبيِّ فِي إجابَةِ دَعْوَتي ... وَرَأَيْتُ حَمْدِي عنْدَ ذاكَ قَلِيلاَ
وعملت فيه لحنا من وقتها، في طريقة الثقيل الثاني
من شعرها في الرشيد وقد جفاها
مالَكِ رقِّي أَنْتَ مَسْرُورُ ... وَبِالَّذِي تَهْواهُ مَحْبُورُ
أَوْحَشْتَنِي يا نُورَ عَيِني فَمَنْ ... يُؤنُسِنِي غَيْرُكَ يا نُورُ
أَنْتَ عَلىَ اْلأَعْداءِ يَا سَيِّدِي ... مُظَفَّرُ الآْراءِ مَنْصُورُ
وقالت للرشيد وقد طلب أختيها ولم يطلبها
مالي نُسِيتُ وَقَدْ نُوِدي بِأَصْحابِي ... وَكُنْتُ وَالذِّكْرُ عنْدِي رِائحٌ غادِي
أَنا الذَّيِ لا أُطيِقُ الدَّهْرَ فُرْقَتَكُمْ ... فَرِقَّ لِي بأَبيِ مِنْ طُوِل إبعادِي
وغنت لحنا في طريقة الثقيل الثاني حدثني عون بن محمد، قال حدثني زرزر الكبير غلام جعفر ابن موسى الهادي أن علية حجت في أيام الرشيد، فلما انصرفت أقامت بِطيِزنَابَاَذ أياما فانتهى ذلك إلى الرشيد فغضب فقالت:
أَيُّ ذَنْبٍ أَذْنْبَتُهُ أَيُّ ذَنْبٍ ... أَيُّ ذَنبٍ لَوْلاَ مَخَافَةُ رَبيِّ
بِمُقِامي بِطَيزناباذَ يَوْماً ... بَعْدَهُ لَيْلَةٌ عَلىَ غَيْرِ شُرْبِ
من أخبار لعلية متفرقة
وجدت في كتاب أبي الفضل ميمون بن هارون حدثني أحمد ابن سيف أبو الجهم، قال كان لعلية وكيل يقال له سباع، فوقفت على خيانته فصرفته وحبسته، فاجتمع جيرانه إليها، فعرفوها جميل مذهبه وكثرة صدقته، وكتبوا بذلك رقعة فوقعت فيها:
أَلاَ أَيُّهذَاَ الرَّاكِبُ الْعِيسَ بَلغاًسِباعاً وَقُلْ إنْ ضَمَّ دَارَكُمُ السَّفْرُ
أَتَسَلُبُنِي مالِي وَلَوْ جَاءَ سَائلٌ ... رَقَقْتَ لَهُ إنْ حَطَّهُ نَحْوَكَ الْفَقُرُ
كَشَافِيِة اْلَمْرضَى بِفَائِدِة الزِّنَا ... تُؤَمِّلُ أَجْراً حَيْثُ لَيْسَ لهَا أَجْرُ
أشعار علية التي غنت فيها في طريقه الثقيل الأول
أَوْقَعْتِ فِي قلِبْي الْهَوىَ ... وَنَجَوْتِ منْهُ سَالَمِهْ
وَبَدَأْتِني بِالْوَصْلِ ثُمْ ... مَّ قَطَعْتِ وَصْلِى ظالمَهْ
تُوِبى فَإنَّكِ عالِمَهْ ... أَوْ لاَ فَإِنِّي آثِمَهْ
وقالت
لاَ حُزْنَ إلاَّ دُونَ حُزْنٍ نالنَيِ ... يَوْمَ الْفِراقِ وَقَدْ غَدَوْتُ مُوَدِّعا
فَإِذا الأحِبَّةُ قَدْ تَوَلَّتْ عِيرُهُمْ ... وَبَقِيتُ فَرْداً وَالِهاً مُتَوَجِّعا
وقالت
كَمْ تَجَنَّى ذَنْباً عَلَىَّ بِلاَ ذَنْ ... بٍ وَما إنْ أَمَرْتَنِي فَعَصَيْتُ
إنْ تَكُنْ قَدْ صَدَدْتَ عَنِّيَ لَمَّا ... أَنْ تَمَلَّكْتَنِي فَصَدُّكَ مَوْتُ
وقالت
أَرَى جَسَدي يَبْلَى وَسُقْميَ باطِنٌ ... وَفِي كَبِدي دَاءٌ وَقَلْبِي سالُمِ
فَما السُّقْمُ إلاَّ دُونَ سُقْمٍ أَصابَنِي ... وَلا الَجْهُد إلاَّ وَالذَّي بِي أَعْظَمُ
لها فيه لحن ثقيل أول، ولغيرها لحن ثقيل ثاني وقالت
ما أَقَصَرَ اسْمَ الُحِّب يا وَيْحَ ذَا الُحبِّوَأَطْولَ بَلَوْاه عَلىَ الْعاشِقِ الصَّبِّ
يَمُرُّ بِهِ لَفْظُ اللِّسانِ مُسَهَّلاً ... وَيَرْمى بِمَنْ قاساهُ فِي هائِرٍ صَعْبٍ
وقالت
فَرِّجُوا كَرْبِي قَليِلاً فَلَقَدْ صِرْتُ نَحِيلاً
افْعَلُوا فِي أَمْرِ مَشْعُوفٍ بِكُمْ فِعْلاً جَمِيلاً
وقالت:
كَتَمْتُ اسْمَ الْحَبِيِب مِنَ الْعِباِد ... وَرَدَّدْتُ الصَّبابَةَ في فُؤَادِي
فَوا شَوْقِي إلَى بَلَدٍ خَلّىٍ ... لَعَلِّى بِاسْم مَنْ أَهْوَى أُنادِي
وقالت:
ما صَنَعَ الهِجْرانُ لا كاَنَا ... هاجَ عَلَيَّ الْهَجْرُ أَحْزاناً
وَنَمَّ طَرْفِي بِدَخِيلِ الْهَوىَ ... فَصارَ ما أَسْرَرْتُ إعْلاناً
وقالت:
لَيْسَ خَطْبُ الْهَوَى بِخَطْب يَسيرِ ... لاَ يُنَبِّئْكَ عَنْهُ مثْلُ خَبِيِر
لَيْسَ خَطْبُ الْهَوَى يُدَبَّرُ بالرَّأْيِ وَلا بِالْقِياسِ وَالتَّقْدِيرِ
وقالت:
باحَ بالْوَجْدِ قَلْبُكَ الْمُسْتَهامُ ... وَجَرَتْ فِي عِظامِكَ اْلأَسْقامُ
المصدر
ابو بكر محمد بن يحيى الصولي
اشعار اولاد الخلفاءواخبارهم /
وَأخْبَارُهَا
كانت علية من أكمل النساء عقلا، وأحسنهن دينا وصيانة. ونزاهة، وكانت أكثر أيام طهرها مشغولة بالصلاة، ودرس القرآن، ولزوم المحراب، فإذا لم تصل اشتغلت بلهوها.
وكان الرشيد يعظمها، ويجلسها معه على سريره، وكانت تأبى ذلك وتوفيه حقه، وكان إبراهيم بن المهدي يأخذ الغناء عنها.
حدثني عون بن محمد الكندي قال سمعت عبد الله بن العباس بن الفضل بن الربيع يقول: ما اجتمع في الإسلام قط أخ وأخت أحسن غناء من إبراهيم بن المهدي وأخته علية، وكانت تقدم عليه.
حدثني أحمد بن محمد بن إسحاق، قال حدثني عبيد الله بن محمد بن عبد الملك قال حدثني مسرور الخادم قال خرج الجلساء والمغنون من عند الرشيد، فقال لي قد تشوقت أختي علية فامض فجئني بها، وقل لها بحياتي عليك إلا طيبت عيشي بحضورك، فجاءت فأومأ إليها أن تجلس على السرير معه، فأبت وحلفت ثم ثنت طرف نخٍّ كان بين يديه، وجلست على ظهره، فقال لها لم فعل هذا يا حياتي؟ وكان كثيراً ما يدعوها بذلك، فقالت يا أمير المؤمنين: إنها مجالس آنفا، فلم أحب أن أقعد مقعدهم.
حدثنا الحسين بن فهم قال حدثنا حماد بن إسحاق قال سمعت إبراهيم بن إسماعيل الكاتب يقول قالت علية بنت المهدي ما حرم الله شيئاً إلا وقد جعل فيما حلل عوضا منه، فبأي شيء يحتج عاصيه، والمنتهك لحرماته.
حدثنا محمد بن موسى مولى بني هاشم بالبصرة سنة ثمان وسعين ومائتين، قال سمعت أبا أحمد بن الرشيد يقول كانت عمتي علية تقول اللهم لا تغفر لي حراما أتيته، ولا عزما على حرام إن كنت عزمته، وما استغرقني لهو قط إلا ذكرت سببى من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصرت عنه، وإن الله ليعلم أني ما كذبت قط، ولا وعدت وعدا فأخلفته.
أخْبارُ عُلَيَّةَ بِنْتِ الَمْهِديِّ مَعَ أخِيها الرَّشيِد
حدثنا عون بن محمد، قال حدثنا سعيد بن هزيم، قال: كانت علية تحب أن تراسل بالأشعار من تخصه، فاختصت خادما يقال له طَلٌّ من خدم الرشيد تراسله بالشعر، فلم تره أياما، فمشت على ميزاب حتى رأته وحدثته، فقالت في ذلك:
قَدْ كانَ ما كلُفِّتْهُ زَمَناً ... يا طَلُّ مِنْ وَجْدٍ بِهِمْ يَكْفِي
حَتَّى أَتِيْتُكَ زائِراً عَجِلاً ... أَمْشِي عَلَى حَتْفِي إلىَ حتَفْيِ
فخلف عليها الرشيد ألا تكلم طلا الخادم، ولا تسمى باسمه، فضمِنت له ذلك، فاستمع عليها يوماً وهي تدرس آخر سورة البقرة، حتى بلغت إلى قوله عز وجل " أَصابَهَا وَابلٌ، فَأتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصبْها وَابِلٌ " وأرادت أن تقول فَطَلٌّ، فلم تلفظ بهذا فقالت فالذي نهانا عنه أمير المؤمنين وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصيِرٌ فدخل فقبل رأسها وقال قد وهبت لك طلا، ولا منعتك بعد هذا من شيء تريدينه.
حدثنا عون قال حدثنا سعيد بن هريم، قال قالت علية للرشيد بعد إيقاعه بالبرامكة: ما رأيت لك يوم سرور تاما منذ قتلت جعفرا فلأي شيء قتلته؟ فقال: يا حياتي لو علمت أن قميصي يعلم السبب الذي قتلت له جعفرا لأحرقته! حدثنا أحمد بن يزيد المهبلي، قال حدثنا حماد بن إسحاق قال كانت علية ابنت المهدي أعف الناس، إذا طهرت لزمت المحراب، وإذا لم تصل غنت، وكانت قليلة الشغف بالشراب.
وكانت تكاتب بالأشعار خادمين يقال لأحدهما رشأ، وتكنى عنه بزينت. وطل وتكنى عنه بظل. فمن شعرها في طل، وكنايتها بطل على أنها جارية.
يا رَبِّ إنِّي قَدْ حَرَضْتُ بِهْجِرها ... فَإلَيْكَ أَشْكوُ ذاكَ يا رَبَّاهُ
مَوْلاةُ سَوْءٍ تَسْتَهينُ بِعَبْدِها ... نِعْمَ الْغُلامُ وبَئِسَتِ المَوْلاه
ظلٌّ وَلَكنِّي حُرِمْتُ نَعيِمَهُ ... وَهَواهُ إنْ لَمْ يُغثْنِي اللهُ
حدثنا أحمد بن يزيد المهلبي، قال حدثنا حماد بن إسحاق قال زار الرشيد علية فقال لها: بالله يا أختي غني، فقالت والله لأعملن فيك شعراً، وأعمل فيه لحنا، فقالت من وقتها:
تَفْدِيكُ أُخْتُكَ قَدْ حَييتُ بِنِعْمَةٍ ... لسَنْا نَعُدُّ لهَا الزَّمانُ عَديلاَ
إلاَّ الخُلوُدَ وَذاك قُرْبُكَ سَيِّدِي ... لاَزالَ قُرْبُكَ وَالبَقاءُ طَوِيلاَ
وَحَمِدْتُ رَبيِّ فِي إجابَةِ دَعْوَتي ... وَرَأَيْتُ حَمْدِي عنْدَ ذاكَ قَلِيلاَ
وعملت فيه لحنا من وقتها، في طريقة الثقيل الثاني
من شعرها في الرشيد وقد جفاها
مالَكِ رقِّي أَنْتَ مَسْرُورُ ... وَبِالَّذِي تَهْواهُ مَحْبُورُ
أَوْحَشْتَنِي يا نُورَ عَيِني فَمَنْ ... يُؤنُسِنِي غَيْرُكَ يا نُورُ
أَنْتَ عَلىَ اْلأَعْداءِ يَا سَيِّدِي ... مُظَفَّرُ الآْراءِ مَنْصُورُ
وقالت للرشيد وقد طلب أختيها ولم يطلبها
مالي نُسِيتُ وَقَدْ نُوِدي بِأَصْحابِي ... وَكُنْتُ وَالذِّكْرُ عنْدِي رِائحٌ غادِي
أَنا الذَّيِ لا أُطيِقُ الدَّهْرَ فُرْقَتَكُمْ ... فَرِقَّ لِي بأَبيِ مِنْ طُوِل إبعادِي
وغنت لحنا في طريقة الثقيل الثاني حدثني عون بن محمد، قال حدثني زرزر الكبير غلام جعفر ابن موسى الهادي أن علية حجت في أيام الرشيد، فلما انصرفت أقامت بِطيِزنَابَاَذ أياما فانتهى ذلك إلى الرشيد فغضب فقالت:
أَيُّ ذَنْبٍ أَذْنْبَتُهُ أَيُّ ذَنْبٍ ... أَيُّ ذَنبٍ لَوْلاَ مَخَافَةُ رَبيِّ
بِمُقِامي بِطَيزناباذَ يَوْماً ... بَعْدَهُ لَيْلَةٌ عَلىَ غَيْرِ شُرْبِ
من أخبار لعلية متفرقة
وجدت في كتاب أبي الفضل ميمون بن هارون حدثني أحمد ابن سيف أبو الجهم، قال كان لعلية وكيل يقال له سباع، فوقفت على خيانته فصرفته وحبسته، فاجتمع جيرانه إليها، فعرفوها جميل مذهبه وكثرة صدقته، وكتبوا بذلك رقعة فوقعت فيها:
أَلاَ أَيُّهذَاَ الرَّاكِبُ الْعِيسَ بَلغاًسِباعاً وَقُلْ إنْ ضَمَّ دَارَكُمُ السَّفْرُ
أَتَسَلُبُنِي مالِي وَلَوْ جَاءَ سَائلٌ ... رَقَقْتَ لَهُ إنْ حَطَّهُ نَحْوَكَ الْفَقُرُ
كَشَافِيِة اْلَمْرضَى بِفَائِدِة الزِّنَا ... تُؤَمِّلُ أَجْراً حَيْثُ لَيْسَ لهَا أَجْرُ
أشعار علية التي غنت فيها في طريقه الثقيل الأول
أَوْقَعْتِ فِي قلِبْي الْهَوىَ ... وَنَجَوْتِ منْهُ سَالَمِهْ
وَبَدَأْتِني بِالْوَصْلِ ثُمْ ... مَّ قَطَعْتِ وَصْلِى ظالمَهْ
تُوِبى فَإنَّكِ عالِمَهْ ... أَوْ لاَ فَإِنِّي آثِمَهْ
وقالت
لاَ حُزْنَ إلاَّ دُونَ حُزْنٍ نالنَيِ ... يَوْمَ الْفِراقِ وَقَدْ غَدَوْتُ مُوَدِّعا
فَإِذا الأحِبَّةُ قَدْ تَوَلَّتْ عِيرُهُمْ ... وَبَقِيتُ فَرْداً وَالِهاً مُتَوَجِّعا
وقالت
كَمْ تَجَنَّى ذَنْباً عَلَىَّ بِلاَ ذَنْ ... بٍ وَما إنْ أَمَرْتَنِي فَعَصَيْتُ
إنْ تَكُنْ قَدْ صَدَدْتَ عَنِّيَ لَمَّا ... أَنْ تَمَلَّكْتَنِي فَصَدُّكَ مَوْتُ
وقالت
أَرَى جَسَدي يَبْلَى وَسُقْميَ باطِنٌ ... وَفِي كَبِدي دَاءٌ وَقَلْبِي سالُمِ
فَما السُّقْمُ إلاَّ دُونَ سُقْمٍ أَصابَنِي ... وَلا الَجْهُد إلاَّ وَالذَّي بِي أَعْظَمُ
لها فيه لحن ثقيل أول، ولغيرها لحن ثقيل ثاني وقالت
ما أَقَصَرَ اسْمَ الُحِّب يا وَيْحَ ذَا الُحبِّوَأَطْولَ بَلَوْاه عَلىَ الْعاشِقِ الصَّبِّ
يَمُرُّ بِهِ لَفْظُ اللِّسانِ مُسَهَّلاً ... وَيَرْمى بِمَنْ قاساهُ فِي هائِرٍ صَعْبٍ
وقالت
فَرِّجُوا كَرْبِي قَليِلاً فَلَقَدْ صِرْتُ نَحِيلاً
افْعَلُوا فِي أَمْرِ مَشْعُوفٍ بِكُمْ فِعْلاً جَمِيلاً
وقالت:
كَتَمْتُ اسْمَ الْحَبِيِب مِنَ الْعِباِد ... وَرَدَّدْتُ الصَّبابَةَ في فُؤَادِي
فَوا شَوْقِي إلَى بَلَدٍ خَلّىٍ ... لَعَلِّى بِاسْم مَنْ أَهْوَى أُنادِي
وقالت:
ما صَنَعَ الهِجْرانُ لا كاَنَا ... هاجَ عَلَيَّ الْهَجْرُ أَحْزاناً
وَنَمَّ طَرْفِي بِدَخِيلِ الْهَوىَ ... فَصارَ ما أَسْرَرْتُ إعْلاناً
وقالت:
لَيْسَ خَطْبُ الْهَوَى بِخَطْب يَسيرِ ... لاَ يُنَبِّئْكَ عَنْهُ مثْلُ خَبِيِر
لَيْسَ خَطْبُ الْهَوَى يُدَبَّرُ بالرَّأْيِ وَلا بِالْقِياسِ وَالتَّقْدِيرِ
وقالت:
باحَ بالْوَجْدِ قَلْبُكَ الْمُسْتَهامُ ... وَجَرَتْ فِي عِظامِكَ اْلأَسْقامُ
المصدر
ابو بكر محمد بن يحيى الصولي
اشعار اولاد الخلفاءواخبارهم /