أبو عَبْد الله
مُحَمَّدُ بن أبي العَبَّاس السَّفَّاح
له شعر قليل، وكان المنصور ولاه إمارة البصرة في أول خلافته وأمه أم سلمة
بنت يعقوب بن سلمة بن عبد الله بن الوليد بن المغيرة المخزومي.
حدّثنا الحسن بن عُليَل العنزي قال حدثني إسحاق بن عبد الله الحمراني، قال
ولي المنصور محمد بن أبي العباس البصرة فقدمها ومعه حماد بن عمر المعروف
بعجرد مولى بني عقيل.
وكان كثير الطيب يملأ لحيته بالغاية إذا ركب، فلقبوه بأبي الدِّبس وفيه يقول بعض أهل البصرة يهجوه:
صِرنا مِنَ الرِّبح إلَى وَكْسِ ... إذْ وَلِيَ المصْرَ أَبو الدِّبْسِ
ما شِئْتَ مِنْ لَوْمٍ عَلَى نَفْسِهِ ... وَجِنْسُهُ مِنْ أَكْرَمِ الجِنْسِ
حدثنا أبو خلفية الفضل بن الحباب، قال حدثنا التوجي قال: مر أعرابي بحماد
عجرد، وهو يلعب مع الصبيان في يوم شديد البرد وهو عريان، فقال تعجردت يا
غلام، قسمى عجردا قال أبو حليفة والمتعجرد المتعري والعجرد أيضا الذهب
حدثني يحيى بن علي قال حدثني أبي عن إسحاق الموصلي قال: كان حماد
عجرد في ناحية محمد بن أبي العباس أمير المؤمنين وهو أدبَّه وكان محمد
يهوي زينب بنت سليمان بن على لما قدم البصرة أميرا عليها من قبل عمه أبي
جعفر المنصور، فخطبها فلم يزوجوه لشيء كان في عقله، وكان حماد عجرد،
وحكم الوادي المغنى ينادمانه، فقال محمد لحماد قل فيها شعرا، فقال حماد
على لسان محمد، وغنى فيه حكم الوادي في طريقه خفيف الثقيل ليس عن
يحيى الطريقة
زَيْنَبُ ماذَنْبِي ومَاذا الذَّي ... غَضِبْتُمْ فيِه وَلَمْ تُغْضَبُوا
وَاللهِ ما أَعْرِفُ لِي عِنْدَكُمْ ... ذَنْباً فَفِيمَ الهَجْرُ يا زَيْنَبُ
فجعل أهل البصرة يغنون فيه، فلما مات محمد بن أبي العباس طلب محمد بن سليمان أخو زينب بنت سليمان حماداً ليقتله، فهرب منه واستجار بقبر سليمان بن علي، وكتب إلى محمد.
مِنْ مُقِرّ بِالذَّنْبِ لَم يُوجِبِ اللهُ ... عَلَيْهِ بِسَىِّءٍ إقرارَا
يا ابْنَ بِنْتِ النَّبِيِّ إنِّيَ لاَ أَجْعَلُ إلاَّ إلَيْك مِنْكَ الْفِرارَا
وهي أبيات كثيرة، فلم يؤمنه فرجع إلى جعفر بن أبي جعفر المنصور فأجاره
وقال لا أرضى أو تهجو محمد بن سليمان فهجاه فقال:
قُلْ لِوَجْه اَلخِصيِّ ذِي اْلعارِ إنِّي ... سَوْفَ أُهْدي لزَيْنَبَ الأْشْعارا
وهي أبيات، وسنحكم هذا في أخبار حماد عجرد إذا ذكرناه إن شاء الله.
حدثنا الحسن بن يحيى الكاتب قال سمعت عمرو بن بانة يقول من شعر محمد بن أبي العباس في زينب بنت سليمان:
قُولاَ لِزَيْنَبَ أَوْ رَأَيْتِ تَشَوُّقِي لَكِ وَاشْتِرافِي
وَتَلُّفتِي خَوْفَ الْوُشا ... ةِ وَكانَ حُبُّكِ غَيْرَ خاِف
قال وفيه لحكم الوادي لحن فيه في طريقة الثقيل الأول، ومن أشعار محمد
فيها:
أَحْبَبْتُ مَنْ لاَ ُينْصفُ ... وَرَجَوْتُ مَنْ لاُ يُسْعِفُ
نَسَبٌ تَلِيدٌ بَيْنَنَا ... ووَدِادُنا مُسْتَطْرَفُ
بِاللهِ أَحلِفُ جاهداً ... وَمُصَدَّقٌ مَنْ يَحْلِفُ
إنِّي لأَكْتُمُ حُبَّها ... جَهْدي لَمِا أَتَخَوَّفُ
وَالْحُبُّ يَنْطِقُ إنْ سَكَتُّ ... بِما أُجِنُّ وَيُعْرَفُ
فأما قوله المشهور فيها وقد روى لحماد عجرد مما يرويه أكثر الناس له أنشدنيه
أبو ذكوان وأبو حليفة والغلابي لمحمد بن العباس.
يا قَمَرَ الُمِربَد قَدْ هِجْتَ لِي ... شَوْقاً فَما أَنْفَكُّ بِالُمرَبِد
أُراِقُد الفْرَقْدَ منْ حُبِّكُمْ ... كأَنَّني وكُلِّتُ بِالفْرَقْدِ
أَهيمُ لَيْلِي وَنَهارِي بِكُمْ ... كَأَننَّيِ مِنْكُمْ عَلَى مَوْعِدِ
عُلِّقْتُها رِيَّ الشَّوَى طِفْلةً ... قَرِيبةَ اَلْموَلْدِ مِنْ موَلْدِي
جَدِّي إذا ما نُسِبَتْ جَدُّها ... فِي الْحَسَبِ الثَّاقِبِ وَالُمَحْتِدِ
سَوْفَ أُوافِي حُفْرَتِي عاجِلاً ... يامُنْيِتي إنْ أَنْتِ لَمْ تُسعِدي
وَاللهِ لا أَنْساكِ فيِ خَلْوةٍ ... يا نُورَ عَيِني وَلا مَشهَدِ
حدثني أحمد بن علي قال لما قال عمرو بن سندي مولى ثقيف في حماد عجرد، ويعرض بمحمد بن أبي العباس
ما امْرُؤٌ يَصْطَفِيكَ يا عُقْدَةَ الْكَلْبِ لاِ يداعِ سِرِّه بِبَصيِر
لا وَلا مَجْلْسٌ أَجَنَّكَ للِذَّا ... تِ يا عَجْرَدَ الْخَنا بِسَتيِر
قال المنصور لمحمد بن أبي العباس ما لي ولعجرد يدخل عليك حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال حدثنا المدائني قال كان محمد بن أبي العباس نهاية في الشدة، فعاتبه المهدي فغمز محمد بركابه حتى انضغطت رجل المهدي في الركاب، فلم يخرج حتى رد محمد الركاب بيده فأخرجها، وولاه عمه المنصور إمارة البصرة سنة سبع وأربعين ومائة، فخطب زينب بنت سليمان فلم يزوجوه إياها ولم ترده، فكان يعمل فيها الأشعار فمن شعره فيها:
قُولاَ لِزيَنْبَ لَوْ رَأَيْ ... تِ تَشَوُّقي لَكِ وَاشْترافيِ
وَتَلَذُّذِي كَيْما أَراِك ... وَكانَ شَخْصُكِ غَيْرَ خافِ
وَوَجَدْتُ رِيحَكِ ساطِعاً ... كَالْبيْتِ جُمِّرَ للطَّوافِ
وَتَرَكْتِنِي وَكَأَنَّما ... قَلْبِي يُغَرَّزُ بِالأْشافِي
حدثنا الغلابي قال حدثنا عبد الله بن الضحاك عن هشام ابن محمد قال دخل دحمان المغنى بني مخزوم ويعرف بالأشقر على محمد بن أبي العباس وعنده حكم الوادي ونسب إلى ذلك لأنه من وادى فأحضر محمد عشرة آلاف درهم وقال من سبق منكما إلى صوت يطربني فهذه له فابتدأ دهمان فغنى شعر قيس بن الحطيم في طريقة الثقيل الأول:
حواء ممكورة منعمة ... كالماء شق وجهها نزف
فلم يهش له مغنى حكم الوادي في شعر لمحمد قوله في زينب في لحن خفيف:
زَيْنَبُ مالِي عَنْكِ مِنْ صَبْرِ ... وَلَيْسَ لِي مِنْكِ سِوَى الهَجْرِ
وَجْهُكِ وَاللهِ وَإنْ شَفَّنِي ... أَحْسَنُ مِنْ شَمْسٍ وَمِنْ بَدْرِ
لَوْ أَبْصَرَ الْعاِذلُ مِنْكِ الَّذِي ... أَبْصَرْتُهُ أَسْرَعَ باْلعُذْرِ
فطرب وضرب برجله وقال خذها، وأمر لدحمان بخمسة آلاف درهم، وفي غير هذا الخبر: أنه سمي حكم الوادي لكثرة غنائه.
حدثنا أبو ذكوان قال حدثنا العتبي قال كان محمد بن أبي العباس جواداً قوياً وكان يلوي العمود ويلقيه إلى أخته ريطة فترده، قال وكان ممدحا، وفيه يقول حماد عجرد:
أَرْجُوكَ بَعْدَ أَبِي اْلَعَّبِاس إْذ بانَا ... يا أَكْرَمَ النَّاسِ أعْراقاً وَعِيدَانا
فَأَنْتَ أَكْرَمُ مَنْ يَمشِي عَلَىَ قَدمٍوَأَنْضَرُ النَّاسِ عِنْدَ الَمْحِل أَغْصانا
لَوْ مَجَّ عُودٌ عَلَى قَوْمٍ غَضارَتَهُ ... لَمَجَّ عُودُكَ فِينا المِسْكَ والَبْانَا
ومما يغنى فيه من شعر محمد وهو عندي من ملح كلامه أنشدنيه أبو موسى
محمد بن موسى مولى بني هاشم بالبصرة سنة أربع وسبعين ومائتين:
أَسْعِدِ الصَّبَّ يا حَكَمْ ... وَأَعنْهُ عَلَى الأْلَمْ
وَأَدِرْ فِي غِناِئِه ... نَغَماً تُشْبِهُ النَّعَمْ
أَجَمِيلٌ بِأَنْ تُرَى ... نائِماً وَهْوَ لَمْ يَنمْ
لائِمي فِي هَوَى زَيْنَبَ أَنْصِفْ وَلا تَلُمْ
لَبِسَ الجِسْمُ حُلَّةً ... فِي هَواها مِنَ السَّقَمْ
ومن شعره
بِنَفْسيَ مَنْ مَنَعَتْ نَفْعَها الْمُحِبَّ ومَا مَنَعَتْ ضَيْرَها
لَها صَفْوُ وُدِّي وَلِكنَّنِي ... حُرِمْتُ عَلىَ وُدِّها خَيْرَها
سَقَتْني عَنْ غَيْرِها سَلْوَةً ... فَلَسْتُ أَرَى حَسَناً غَيْرَها
مُحَمَّدُ بن أبي العَبَّاس السَّفَّاح
له شعر قليل، وكان المنصور ولاه إمارة البصرة في أول خلافته وأمه أم سلمة
بنت يعقوب بن سلمة بن عبد الله بن الوليد بن المغيرة المخزومي.
حدّثنا الحسن بن عُليَل العنزي قال حدثني إسحاق بن عبد الله الحمراني، قال
ولي المنصور محمد بن أبي العباس البصرة فقدمها ومعه حماد بن عمر المعروف
بعجرد مولى بني عقيل.
وكان كثير الطيب يملأ لحيته بالغاية إذا ركب، فلقبوه بأبي الدِّبس وفيه يقول بعض أهل البصرة يهجوه:
صِرنا مِنَ الرِّبح إلَى وَكْسِ ... إذْ وَلِيَ المصْرَ أَبو الدِّبْسِ
ما شِئْتَ مِنْ لَوْمٍ عَلَى نَفْسِهِ ... وَجِنْسُهُ مِنْ أَكْرَمِ الجِنْسِ
حدثنا أبو خلفية الفضل بن الحباب، قال حدثنا التوجي قال: مر أعرابي بحماد
عجرد، وهو يلعب مع الصبيان في يوم شديد البرد وهو عريان، فقال تعجردت يا
غلام، قسمى عجردا قال أبو حليفة والمتعجرد المتعري والعجرد أيضا الذهب
حدثني يحيى بن علي قال حدثني أبي عن إسحاق الموصلي قال: كان حماد
عجرد في ناحية محمد بن أبي العباس أمير المؤمنين وهو أدبَّه وكان محمد
يهوي زينب بنت سليمان بن على لما قدم البصرة أميرا عليها من قبل عمه أبي
جعفر المنصور، فخطبها فلم يزوجوه لشيء كان في عقله، وكان حماد عجرد،
وحكم الوادي المغنى ينادمانه، فقال محمد لحماد قل فيها شعرا، فقال حماد
على لسان محمد، وغنى فيه حكم الوادي في طريقه خفيف الثقيل ليس عن
يحيى الطريقة
زَيْنَبُ ماذَنْبِي ومَاذا الذَّي ... غَضِبْتُمْ فيِه وَلَمْ تُغْضَبُوا
وَاللهِ ما أَعْرِفُ لِي عِنْدَكُمْ ... ذَنْباً فَفِيمَ الهَجْرُ يا زَيْنَبُ
فجعل أهل البصرة يغنون فيه، فلما مات محمد بن أبي العباس طلب محمد بن سليمان أخو زينب بنت سليمان حماداً ليقتله، فهرب منه واستجار بقبر سليمان بن علي، وكتب إلى محمد.
مِنْ مُقِرّ بِالذَّنْبِ لَم يُوجِبِ اللهُ ... عَلَيْهِ بِسَىِّءٍ إقرارَا
يا ابْنَ بِنْتِ النَّبِيِّ إنِّيَ لاَ أَجْعَلُ إلاَّ إلَيْك مِنْكَ الْفِرارَا
وهي أبيات كثيرة، فلم يؤمنه فرجع إلى جعفر بن أبي جعفر المنصور فأجاره
وقال لا أرضى أو تهجو محمد بن سليمان فهجاه فقال:
قُلْ لِوَجْه اَلخِصيِّ ذِي اْلعارِ إنِّي ... سَوْفَ أُهْدي لزَيْنَبَ الأْشْعارا
وهي أبيات، وسنحكم هذا في أخبار حماد عجرد إذا ذكرناه إن شاء الله.
حدثنا الحسن بن يحيى الكاتب قال سمعت عمرو بن بانة يقول من شعر محمد بن أبي العباس في زينب بنت سليمان:
قُولاَ لِزَيْنَبَ أَوْ رَأَيْتِ تَشَوُّقِي لَكِ وَاشْتِرافِي
وَتَلُّفتِي خَوْفَ الْوُشا ... ةِ وَكانَ حُبُّكِ غَيْرَ خاِف
قال وفيه لحكم الوادي لحن فيه في طريقة الثقيل الأول، ومن أشعار محمد
فيها:
أَحْبَبْتُ مَنْ لاَ ُينْصفُ ... وَرَجَوْتُ مَنْ لاُ يُسْعِفُ
نَسَبٌ تَلِيدٌ بَيْنَنَا ... ووَدِادُنا مُسْتَطْرَفُ
بِاللهِ أَحلِفُ جاهداً ... وَمُصَدَّقٌ مَنْ يَحْلِفُ
إنِّي لأَكْتُمُ حُبَّها ... جَهْدي لَمِا أَتَخَوَّفُ
وَالْحُبُّ يَنْطِقُ إنْ سَكَتُّ ... بِما أُجِنُّ وَيُعْرَفُ
فأما قوله المشهور فيها وقد روى لحماد عجرد مما يرويه أكثر الناس له أنشدنيه
أبو ذكوان وأبو حليفة والغلابي لمحمد بن العباس.
يا قَمَرَ الُمِربَد قَدْ هِجْتَ لِي ... شَوْقاً فَما أَنْفَكُّ بِالُمرَبِد
أُراِقُد الفْرَقْدَ منْ حُبِّكُمْ ... كأَنَّني وكُلِّتُ بِالفْرَقْدِ
أَهيمُ لَيْلِي وَنَهارِي بِكُمْ ... كَأَننَّيِ مِنْكُمْ عَلَى مَوْعِدِ
عُلِّقْتُها رِيَّ الشَّوَى طِفْلةً ... قَرِيبةَ اَلْموَلْدِ مِنْ موَلْدِي
جَدِّي إذا ما نُسِبَتْ جَدُّها ... فِي الْحَسَبِ الثَّاقِبِ وَالُمَحْتِدِ
سَوْفَ أُوافِي حُفْرَتِي عاجِلاً ... يامُنْيِتي إنْ أَنْتِ لَمْ تُسعِدي
وَاللهِ لا أَنْساكِ فيِ خَلْوةٍ ... يا نُورَ عَيِني وَلا مَشهَدِ
حدثني أحمد بن علي قال لما قال عمرو بن سندي مولى ثقيف في حماد عجرد، ويعرض بمحمد بن أبي العباس
ما امْرُؤٌ يَصْطَفِيكَ يا عُقْدَةَ الْكَلْبِ لاِ يداعِ سِرِّه بِبَصيِر
لا وَلا مَجْلْسٌ أَجَنَّكَ للِذَّا ... تِ يا عَجْرَدَ الْخَنا بِسَتيِر
قال المنصور لمحمد بن أبي العباس ما لي ولعجرد يدخل عليك حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال حدثنا المدائني قال كان محمد بن أبي العباس نهاية في الشدة، فعاتبه المهدي فغمز محمد بركابه حتى انضغطت رجل المهدي في الركاب، فلم يخرج حتى رد محمد الركاب بيده فأخرجها، وولاه عمه المنصور إمارة البصرة سنة سبع وأربعين ومائة، فخطب زينب بنت سليمان فلم يزوجوه إياها ولم ترده، فكان يعمل فيها الأشعار فمن شعره فيها:
قُولاَ لِزيَنْبَ لَوْ رَأَيْ ... تِ تَشَوُّقي لَكِ وَاشْترافيِ
وَتَلَذُّذِي كَيْما أَراِك ... وَكانَ شَخْصُكِ غَيْرَ خافِ
وَوَجَدْتُ رِيحَكِ ساطِعاً ... كَالْبيْتِ جُمِّرَ للطَّوافِ
وَتَرَكْتِنِي وَكَأَنَّما ... قَلْبِي يُغَرَّزُ بِالأْشافِي
حدثنا الغلابي قال حدثنا عبد الله بن الضحاك عن هشام ابن محمد قال دخل دحمان المغنى بني مخزوم ويعرف بالأشقر على محمد بن أبي العباس وعنده حكم الوادي ونسب إلى ذلك لأنه من وادى فأحضر محمد عشرة آلاف درهم وقال من سبق منكما إلى صوت يطربني فهذه له فابتدأ دهمان فغنى شعر قيس بن الحطيم في طريقة الثقيل الأول:
حواء ممكورة منعمة ... كالماء شق وجهها نزف
فلم يهش له مغنى حكم الوادي في شعر لمحمد قوله في زينب في لحن خفيف:
زَيْنَبُ مالِي عَنْكِ مِنْ صَبْرِ ... وَلَيْسَ لِي مِنْكِ سِوَى الهَجْرِ
وَجْهُكِ وَاللهِ وَإنْ شَفَّنِي ... أَحْسَنُ مِنْ شَمْسٍ وَمِنْ بَدْرِ
لَوْ أَبْصَرَ الْعاِذلُ مِنْكِ الَّذِي ... أَبْصَرْتُهُ أَسْرَعَ باْلعُذْرِ
فطرب وضرب برجله وقال خذها، وأمر لدحمان بخمسة آلاف درهم، وفي غير هذا الخبر: أنه سمي حكم الوادي لكثرة غنائه.
حدثنا أبو ذكوان قال حدثنا العتبي قال كان محمد بن أبي العباس جواداً قوياً وكان يلوي العمود ويلقيه إلى أخته ريطة فترده، قال وكان ممدحا، وفيه يقول حماد عجرد:
أَرْجُوكَ بَعْدَ أَبِي اْلَعَّبِاس إْذ بانَا ... يا أَكْرَمَ النَّاسِ أعْراقاً وَعِيدَانا
فَأَنْتَ أَكْرَمُ مَنْ يَمشِي عَلَىَ قَدمٍوَأَنْضَرُ النَّاسِ عِنْدَ الَمْحِل أَغْصانا
لَوْ مَجَّ عُودٌ عَلَى قَوْمٍ غَضارَتَهُ ... لَمَجَّ عُودُكَ فِينا المِسْكَ والَبْانَا
ومما يغنى فيه من شعر محمد وهو عندي من ملح كلامه أنشدنيه أبو موسى
محمد بن موسى مولى بني هاشم بالبصرة سنة أربع وسبعين ومائتين:
أَسْعِدِ الصَّبَّ يا حَكَمْ ... وَأَعنْهُ عَلَى الأْلَمْ
وَأَدِرْ فِي غِناِئِه ... نَغَماً تُشْبِهُ النَّعَمْ
أَجَمِيلٌ بِأَنْ تُرَى ... نائِماً وَهْوَ لَمْ يَنمْ
لائِمي فِي هَوَى زَيْنَبَ أَنْصِفْ وَلا تَلُمْ
لَبِسَ الجِسْمُ حُلَّةً ... فِي هَواها مِنَ السَّقَمْ
ومن شعره
بِنَفْسيَ مَنْ مَنَعَتْ نَفْعَها الْمُحِبَّ ومَا مَنَعَتْ ضَيْرَها
لَها صَفْوُ وُدِّي وَلِكنَّنِي ... حُرِمْتُ عَلىَ وُدِّها خَيْرَها
سَقَتْني عَنْ غَيْرِها سَلْوَةً ... فَلَسْتُ أَرَى حَسَناً غَيْرَها