لقد سرقوا الفريسة
بقلم : صلاح فلاح أحمد
قال سهيل بن حكيم لابنه غربال :
مرّ على نبع قرب إحدى الغابات غزال ، وقبل أن
يشرب ويرتوي ويمد فيه ، خطر موال على باله فأخذ يغنّيه ،
ولم يدر أن هذا هو مواله الأخير ، إذ كان يسكن
قرب النبع نمر خطير فسمعه النمر وغمرته السعادة ، فقفز
عليه واصطاده ، فانتزع جلده وغسل لحمه وتبّله
بالبهارات وحبّ الهال ،وغنى له عشرين موّال ،
وحفر حفرة عميقة ، ولم يضيع ولو دقيقة ،إذ ملأ
الحفرة بالخشب ، وأشعل النار وعلا اللهب ،
ووضع الغزال فيها ،
وغطّاها وارتقب ، لكنه شعر بنوع من التعب ، فغفا
وشخر، وهمهم في غفوته وصفر ، وراح في سكة سفر
وأفاق في الصباح ، بعد أن بزغ الفجر ولاح ، فوجد
الحفرة خالية ، وعظام الغزال بالية .
قال غربال وقد أخذه العجب : من أكل الفريسة بعد كل هذا العناء ؟
قال سهيل : كان يراقب النمر ضبع وابن آوى ،
وراقبا النمر من كل الزوايا ، ولما غفا ،
استوليا على الفريسة دون تعب . قال غربال : وماذا
حصل للنمر بعد ضياع الغزال ؟
قال سهيل : حزن النمر وانتحب ، وملأه الغيظ
وتملكه الغضب ،
وكأنك ضربته بشاكوش وبلطة ، فأصابته في الدماغ جلطة .
فلا بكته نائحة ، ولا رثته مانحة ، فاقرأ عليه الفاتحة