أنا وحزيران
في نفس
الوقت من حزيران
أعيد تهجئة التاريخ
ويعيد تلوّث الهواء لعناته في
رئتي
يقتلني الصمت تحت أقدام الكلام
فيصبح لون شفاهي أزرق
..
كرجفة البرد الموجوع الولادة
بيدكَ شربة دفء
أسري بروحي لأنساني فيك
كـــ مسافرة
والطوفان ٌ يلعق الطريق
في الخطوة هدير الموت
وبقايا صدأ بحنجرة باب
يترك مدائني خاوية
..
أرفض الخذلان فيك
وأحرث سطوح الكون
..
لترقد أيامي تحت شمسكَ
أَزْرَعُني كغرسة عنيدة
رغم تيارات الأسود
لأتذوق من قلبك َ قطعة نور
فأطعمني حزيران جديد بلا ذكريات
أديبة
نثرت عطر الحرف في روابي الأدب فنهل من
أنامل مدادها شلالات إبداع متنوع الخطى بصورها الفنية وتراكيبها اللغوية جعلت من
كل نص أيقونة شمسية تفاخر بها مجرة كونية وهنا في نصها أنا وحزيران ترسم
الأديبة فاتن أحمد
آمالا
نبضية مختلفة الهمس فجدلت حزيران برمزيتها
المعتادة لترسمه جمالا أخاذا في مساكب
حرفها
عنو ان النص نص بحد ذاته فهاهي ترسم أناها في
كفوف حزيران وحزيران هنا موسم حصاد أفراحها وفصل نغماتها التي غردت بألحان انتظارها
بعد مواسم من صمت عتيد فها هو
حزيران في نصها يشي بالموعد المنتظر لتشبع
حواسها من دفء ربيعي وتنتشي روحها بالحياة بعد موت قسري يعذب فيها شرايين وجودها
أنا
وحزيران
في نفس
الوقت من حزيران
أعيد تهجئة التاريخ
ويعيد تلوّث الهواء لعناته في
رئتي
يقتلني الصمت تحت أقدام الكلام
فيصبح لون شفاهي أزرق
..
كرجفة البرد الموجوع الولادة
في هذا
المقطع تجود الأديبة برسم صورة تعلق في الذهن
لتوحي للمتلقي ببدء دورة حياتية جديدة في كل حزيران
وكأن
حزيران موسم الوجود لديها وموسم الحياة من بعد موت
متشبهة بالإله تموز
الذي قاسى ألام الحب والوفاء وكان
النتيجة نصف حياة ونصف موت مشيرة
إلى تفرد الآلام في روحها كلعنات
صماء في رئة الوجود فتخنقها أكثر فأكثر
على مدى مساحاتها الخاوية من كل شيء إلا أمالها بحزيران
يقتلني الصمت تحت أقدام الكلام
فيصبح لون شفاهي أزرق
..
من أجمل
الصور التي عبرت عن قوة الاحتمال بتركيبها الذي
فاق تخوم السماء فهاهي الآن تصارع
صمتا أليما تواجه به قوافل الكلمات التي تعبر على شفاهها فتعصرها رفضا
لتكاد تموت صمتا فالشفاه الزرقاء رمز الاختناق العميق حيث لا مجال للتنفس
كما حال الشاعرة هنا فالكلمات مخنوق ة على أمداء الحديث ولا مجال للهروب من قيد الصمت
المهيب كمن يعارك البرد الزمهرير ومفردة البرد هنا تعني الحاجه الملحة والعوز النفسي الشديد للدفء
الذي عبرت عنه الشاعرة بتمكن أدبي لا
يضاهى
بيدكَ
شربة دفء
أسري بروحي لأنساني فيك
كـــ مسافرة
والطوفان ٌ يلعق الطريق
في الخطوة هدير الموت
وبقايا صدأ بحنجرة باب
يترك مدائني خاوية
ليأتي
هذا المقطع حاملا معه بلسم
الشفاء بتركيب (( بيدك شربة الدفء))
فهنا كاف الخطاب تشير بقوة إلى
مخاطب تلوذ إليه الشاعرة كملجأ
من زمهرير الحاجة النفسية التي
حرمتها من مواسم حزيران
مشيرة
إلى الرغبة القوية في التوحد فيه وكأنها
على الطرف الأخر من الكرة الأرضية ويدها
ممدودة لتلامس المطر في روحه لتقيدها في
غربة نفسية مقيتة مجبرة على الحياة فيها
((كرجفة البرد )) / (( بيدك شربة الدفء ))
هنا
التنقل بين البرد والدفء تتوجه بوصلة الحرف نحو الصراع النفسي الذي
تكابده الشاعرة من تلك الحاجة النفسية
للقرب والمعنوية للحنان والشعور
بالأمان فهنا تشير بقوة إلى حاجتها لوجود
كاف الخطاب حاضرة بقوة في نصها
كـــ
مسافرة
والطوفان ٌ يلعق الطريق
في الخطوة هدير الموت
وبقايا صدأ بحنجرة باب
يترك مدائني خاوية
السفر
هنا لا يعني التنقل بقدر ما يشير إلى الغربة والبعد عن الوطن والوطن هو ذاك الصدر
الحنون الذي تنتمي إليه روحا ومعنى بحيث تشير إلى انتمائها بشكل غير مباشر ولكن
حتمي
( بيدكَ /
فيك ) كاف
الخطاب هنا دليل معنوي قوي لتعكس للمتلقي
توجه الحروف وقِبلة النص فهنا حركة اللفظ للكاف تشير إلى التأكيد على الذات
المقابلة التي تتمحور حولها جميع المتناقضات بأسبابها ونتائجها
طريق
وخطوة دليل سفر دائم وابتعاد مستمر يجعل الروح تهجو الحياة لتنسكب صدأ على ملامح الباب الذي ملّ الغياب
فهنا الصدأ رمزية قوية للدليل على
الهجر المتواصل والخواء المتواصل اليباب
دون لحظات مشرقة اللقاء
أرفض
الخذلان فيك
وأحرث سطوح الكون
..
لترقد أيامي تحت شمسكَ
أَزْرَعُني كغرسة عنيدة
رغم تيارات الأسود
لأتذوق من قلبك َ قطعة نور
فأطعمني حزيران جديد بلا ذكريات
رغم كل
ما ذكر سابقا تأتي بقرار الرفض الاستمرار
والذي يدل على الأمل الداخلي المعشوشب في روحها فهنا دليل للتشبث به أكثر
ليأتي
الفعل (( أرزعني ))
والزراعة لا تأتي إلا بالخير الوفير فكيف إن كانت غرسة
عنيدة في هبوب الأسود فهاهي الأن تشير
بمنطق القوة إلى التشبث أكثر رغم كل الظروف القاهرة
فتشابك
صفة عنيدة مع اللون الأسود هي بمثابة
معركة حقيقة لاثبات الوجود وعدم الرغبة في الانهيار ولا حتى الانكسار
((
لأتذوق )) تأتي هنا لازم التعليل التي تحمل موسم اللحصاد كما هو حزيران تماما ولكن حزيران هنا بطمعة مختلفة جدا هي طعمة قلبه
المليء بالنور والحنان والدفء والأمان
فعند لقاء حزيران سيدمر الأسود من
لوحتها وتجعهل روحها موسم خير وفير بلا أسى ولا ألم ولا حتى ذكريات صدئة على جدران الفكر
في
النهاية لا يسعني أن أقول إلا شكرا كبيرة
لفاتن أحمد العاصفة الأدبية المزلزلة للضاد بكل حالاتها
لمزيد من
الرقي والتقدم