شعر بناته
(1)
مرتبكٌ ..
ليلته الأخيرة مؤجلة
عشقه الأول ..
قصّ الوشاة اجنحته
أرضه الوسطى
أقصته عن قلبها
السائرون ..
خلف عيونه
شطبو آثار خطواته
الأصدقاء الذين ..
صفقوا لجنونه
لم يحضروا تشييع قصيدته
واكتفوا بالانزواء
(2)
الواقف ..
قبل أمنيتين ونيف
لم يدوّن اخطاء الساسة
لم يحلم ثانية ..
بالانثى السمراء الشاحبة
لم يرفع عينيه ..
باتجاه الخلفيات المرتجّة
لم يدفع كوعه ..
ليلامس نهدا ..
خبأته صاحبته خلف حديقه
لم يضاجع الجدار ...
الذي تتكيء عليه القصيدة
(3)
كم سلة مهملات يحتاج ..
لينظف عقله من الشعر ؟
كم من أرض يوقظها ..
حين يريد الاستلقاء ؟
كم منزل لم يألفه ..
قادر على احتواء اسئلته ؟
كم من وطن غادره..
يستطيع اقناع قلبه
انه الحبيب الأخير
للناصرية ..؟
(4 )
في سفر هذيانه
كتب القلم المحمرّ عشقا
ان الطفلة الخبيثة
سرقت ديوانه السري
ووشت للآلهة ..
باسماء اللواتي مررن بشفاهه
ووزعت على البنات
شَعرُ بناته .. *
وبنات أفكار قصائده
قبل الدعوة السرية
* شعر البنات : حلوى عراقية تذوب بسرعة في الفم
=======================================
شاعر اعتنق رموز الضاد بحرفه فجاء شعره انسيابيا محلقا نحو الأعماق الباطنية ليستحضر منها سحر الصور والتركيب ليرسم نصا شعر بنات يهمس بأجمل أفق
في عنوان النص شعر بناته .. رمزية عميقة اختزلت بمهارة باطن الأفكار التي تنوعت وجدانيا وعاطفيا بطريقة الألوان السبعة فكل طيف يكمل الأخر ليخلق ملامح انسان بكل بواطن فكره دون تنميق فهنا العنوان صورة مكثفة جدا لكل ماله وجهين يتلون حسب الظرف والوقت والمال تتقاذفه المصالح واللحظة الآنية دون أي حسابات تشفع للإنسانية بإيماءة فطرية تخلق بطريقة عفوية
شعر بناته أشار الشاعر أنها حلوى والحلوى هي ما يطيب مذاقه ويعسّل لبه الجوف وما يستلذ به اللسان وفعل يذوب يدل على الفناء الكامل لكل ما سبق ذكره فهنا المعادلة بنتيجة واضحة تماما كل شيء إلى فناء فلا جمال ولا راحة ولا صديق يدوم في سلسلة حياة تجيد فن الحرب على الفناء فتكون هي الخاسرة كل مرة لأنه نهاية كل شيء ومرآتها مكسورة بهشيم الضوء الذي يعكس ماورائياتها
مرتبكٌ ..
ليلته الأخيرة مؤجلة
عشقه الأول ..
قصّ الوشاة اجنحته
أرضه الوسطى
أقصته عن قلبها
السائرون ..
خلف عيونه
شطبو آثار خطواته
الأصدقاء الذين ..
صفقوا لجنونه
لم يحضروا تشييع قصيدته
واكتفوا بالانزواء
في هذا المقطع صور متزاحمة وكل ما فيها متوتر يشي بالفناء والاعتراف بالضعف
أمام انانية الغير التي تعطي دروسا رائعة ونادرة لاقتناء الحكمة
(( ليلته الأخيرة المؤجلة)) تركيب صريح للنهاية المحتومة الغير وراد موعدها كما الساعة حين تقترب دون إدراك زلزلتها إنما بشروطها قائمة فهنا ليلة أخيرة لشيء مجهول وبعلامة استفهام كبيرة تثير لدي المتلقي من هو ذاك ذو الليلة المؤجلة بتركيب سريالي عميق يداعب أوتار الباطن فيستخرج منه الدرر بعفوية طفل للتو تعلم لغة الشفاه
لتستقيم الإجابة في كلمة عشق أول التي تسبح في محيط وجداني عميق بسبب المصالح التي تضارب وقصت أجنحة الاستمرار فكانت النتيجة ليلة مؤجلة وإنذار بالفناء
في أرض وسطى تلك التي منطقة اللارجوع فقد حتمت النتيجة بالإقصاء حيث بدا الفناء راسما ملامحه في كل خطوة رغم تعب الذكريات التي خطها السائرون ذوي الضحكات الهستيرية التي كانت في صميم قصور ابتهاجه ذات يوم خلف عيونه رمزية قوية على الامس والحاضر المفروض الآن فقد انتهى كل شيء وكل شيء أصبح في القاع بعد ان مارسوا الانزواء والابتعاد والتقصى عن جميع ما مر به وكأن شيئا لم يكن ولم يحضروا رفات أحلام ولا تأبين صداقته ولا حتى عظموه اجره في علاقته معهم فقد فرض الفناء نفسه من جديد كنظرية قدرية لا مفر منها
2
الواقف ..
قبل أمنيتين ونيف
لم يدوّن اخطاء الساسة
لم يحلم ثانية ..
بالانثى السمراء الشاحبة
لم يرفع عينيه ..
باتجاه الخلفيات المرتجّة
لم يدفع كوعه ..
ليلامس نهدا ..
خبأته صاحبته خلف حديقه
لم يضاجع الجدار ...
الذي تتكيء عليه القصيدة
لغة أعمق يتابع الشاعر هذيان حرفه ليصل إلى نقاء الروح وارده ردة فعل تمارس سطوتها على الفعل ترسم بتراكيب السريالية تفكيره الباطني بكل ما مرّ به من أحلام كادت تخفيه عن سطح المنطق هنا شعور اللوم النفسي واضح باستخدام كلمة (( لم )) ذات الأسلوب الخبري الذي يجسد طريقة تفكيره الباطنية والتي أودت به لكل ما مر في المقطع الأول فكان الأول نتيجة والثاني نتيجة
طاهر السريرة محب لأرضه وفي الروح كل ذاك لم يشفع له من ارتكابهم لنظرية الجرم المشهود
في حق الطعن وإراقة المشاعر على أرصفة التسكع
(3)
كم سلة مهملات يحتاج ..
لينظف عقله من الشعر ؟
كم من أرض يوقظها ..
حين يريد الاستلقاء ؟
كم منزل لم يألفه ..
قادر على احتواء اسئلته ؟
كم من وطن غادره..
يستطيع اقناع قلبه
انه الحبيب الأخير
للناصرية ..؟
ليصل هنا في هذا المقطع إلى طريقة مُثلى يكتب بها بحروف النسيان فكم يحتاج ليقتل الظل القابع خلف الذكرى وكيف يقتل الشعر المحلق في رحلات أحلامه الذي بات شاهدا ناطقا بكل لغاته
فكم مرّ به من أسى وألم يجسد حياة انسان بات الضياع حليفة الأوحد ودليله الأول والأخير في غربة روح في وطن بلا وطن وأهل بدون انتماء وأصدقاء خلف أقنعة
هل يمكن له بعد هذه التجارب والمطبات أن يقتنع بأن هنا ما يستحق البقاء في ظروف لها أن تمل زمام أموره وتكتب بقلمها القدري نصرة زمنه على الألم
4))
في سفر هذيانه
كتب القلم المحمرّ عشقا
ان الطفلة الخبيثة
سرقت ديوانه السري
ووشت للآلهة ..
بأسماء اللواتي مررن بشفاهه
ووزعت على البنات
شَعرُ بناته .. *
وبنات أفكار قصائده
قبل الدعوة السرية
في هذا المقطع بالذات لوم عميق بتراكيبه الرائعة وصوره الساحرة بجمالها
يجدد طعنات روحه مرة اخرى مؤكدا على أن لا ثقة توهب
فالسرقة اسم يدل على الاخذ عنوة من المغدور وفاءا ومفردة السري هي الشيء الغالي والخاص للغاية فهنا كلمة سرقة للديوان السري هو عين الحدث وقمة الخيانة بطريقة استنزافية لكل معاني الصبر
طفلة خبيثة في الطفولة ندرك البراءة وبما انها خبيثة فهنا مدلول آخر على ارتداء قناع البراءة للوصول إلى المراد فالعنصر النسائي هنا حاضر بقوة في أغلب التراكيب المتراصة بكل تمكن من ادوات الشعر
وشت للآلهة واستخدام الفعل الماضي دليل على أن العمل حدث وانتهى والنتيجة حاضرة في المقطع الأول وكأننا وصلنا بذلك إلى سرد دائري بدء بنقطه لينتهي إليها
والآلهة هنا رمز يدل على عنصر القوة والمقدرة على تغيير الامور بكل أريحية وبدون أي ازعاج يذكر لها فهنا الوشاية للآلهة ذروة الخط البياني الذي ارتقى صعودا حتى وصل إلى تلك النقطة من الألم والأسى دون التفكير حتى بنقطه رجوع تغفر ما سبق
استخدام الفعل الماضي (( سرقت / وشت / وزعت / ) باستخدام الماضي المرتبط بتاء التأنيث الساكنة امر يدل على الانتهاء من الحدث بأيد نسائية محضة
في النهاية لا يسعني إلا أن أشكر الراقي عدنان الفضلي على هذه التركيبة الشعرية الرائعة
للرقي صعودا بالضاد
تقديري الكبير
عدل سابقا من قبل شيرين كامل في الثلاثاء يونيو 26, 2012 3:25 pm عدل 1 مرات