رميت قلمي جانبا ومزقت أوراقي ،هذه المرة اﻷلف التي أحاول أن أكتب بها هذا الشهر وأفشل ،لقد حاولت أيضا باﻷشهر الفائتة ولكنني لم أستطع ،كيف حدث ذلك ؟؟!وانا منذ بداية اﻷزمة لم يتوقف قلمي عن السير بين سطوري للحظة ولكنه توقف فجأة ،ماذا حدث لي اﻵن ؟.. أليس الوجع يزداد يوما بعد يوم ،أليست الكارثة تكبر يوما بعد يوم ،لماذا توقفت عن الكتابة فجأة وتجمد قلمي بمحله ،أحقا بعد كل هذا الكم الهائل من الدم ماتت قلوبنا ،ولم تعد أدنى المشاعر قادرة على الحياة هنا ،بين رائحة الدم والبارود....
تركت منضدتي وفنجان قهوة لم أكمل نصفه حتى ،وقفت على نافذتي المطلة على ذلك الشارع من دمشق ،أبحث عن قصة أكتبها بوجوه المارة ،كان أبو محمود كعادته يتجادل مع أحد زبائنه على اﻷسعار التي لا تتوقف عن اﻷرتفاع والزبون كما كل الزبائن لا يفهم ما علاقة البندورة المزروعة محليا بالدولار!!،أبو محمود كان كأبيه تماما ،تفوح منه رائحة النصب واﻷستغلال ،ولكنه ذات يوم ترك الدكان وبيته وأمواله التي جمعها ومضى وحيدا لقبره !....لا معنى لمال تجمعه باﻷحتيال والسرقة وخاصة بأزمة قد تأخذك لقبرك بأية لحظة ،ثم ألتفت إلى جارتي الشابة "لينا"التي خرجت من بيتها بأبهى طلتها وكامل أناقتها ورائحة عطرها التي يمكن ﻷية أنف أن تستنشقها على بعد ميل ،بالطبع خرجت من بيتها اﻵن متجهة لرؤية حبيبب بمكان ما ،لا لن أكتب عن قصة حب ستنتهي بنهاية هذا اﻷسبوع ،"الحب اﻷول واﻷخير والوحيد"ليس بقاموس شباب اليوم ..
أخذني للحظة "موال"يدندنه جندي مستلقي على ظهر الدبابة بالحاجز العسكري القريب من بيتي ،موال من تلك القرية التي يشتاقها حد اﻷختناق ،مضت أيام دون أشتباك ،لا شيء كان يواجه الجندي بكل ليلة سوى ذلك الحنين القاتل لبيت وقرية وعائلة يشتاقون عودته أيضا ...
وبالنهاية طلت قصتي من باب المبنى المقابل ،أنه جاري الشاب "هاشم"،كان يحمل بملامحه عبارات من الوجع لا يمكنه أخفائها ،كان طالب جامعة عالي الثقافة،ولا يبدو أنه ذاهب لجامعته لم يحمل معه أية كتاب وأية قلم ،سوى وجه مرهق، قررت أن أتبع قصتي حتى النهاية ،كان ذاهب للمشفى ، كان يسير بأروقتها على غير هدى ،يحمل صورة بيده ويشهرها بوجه كل من يراه ،كان يبحث عن احدهم ،يسأل كل طبيب ويبحث بكل اﻷسرة دون جدوى ،بالنهاية أقتربت منه فأشهر صورة شاب بوجهي وقال أرأيته ؟؟
أجبته :لا لم أره... هاشم ،أهو شقيقك؟
كان متعبا ،رمى بنفسه على مقاعد اﻷنتظار بممر المشفى وهو يقول :صديق
أكمل بعدها :خرج ذات صباح للجامعة ولم يعد ،لا أحد يعرف عنه شيء ... ومنذ ذلك اليوم وأنا أبحث عنه ،يدفعني لذلك صداقته ودموع والدته التي لا تنفك عن الهطول
تنهدت :هذا مؤسف !
رد علي :كل شيء أصبح في وطني مؤسفا
قلت :الوطن يبقى جميلا رغم كل حماقات أبناءه ، هاشم ،منذ بداية اﻷزمة ومقولة لوثر كينغ تتردد برأسي "يجب أن نتعلم كيف نعيش معا كأخوة أو سنهلك كالحمقى " ،الوطن مشاركة ،الكثيرين فهموا هذه الجملة بعد عقود من الحرب الطائفية ببلدانهم ،تمنيت لو أن أبناء بلدي يفهموا ذلك أيضا دون حرب ودم ودمار ،نحن فقط نعلم أبنائنا التاريخ ليتجاوزوا أمتحاناتهم المدرسية فقط لا ليتعلموا منه!..
أومأ برأسه :نعم كل شي يتدمر ،كل شيء ينهار .
حاولت أن أواجه كآبته قليلا فقلت :ولكن رغم كل شيء ،تجد الليل الحالك والنهار بمكان واحد هنا ،اﻷمل هنا كزهرة تشق طريقها بصخرة صلبة ولكنها أخيرا تخترقها وتتفتح خارجا لتعانق وريقاتها الشمس ،اﻷمل موجود هنا كما الناس التي ترفض المغادرة ،بالطبع لسبب واحد ،ﻷن قلوبهم لا تنبض سوى هنا
قال مقتبسا عن محمود درويش :"عام يذهب وآخر يأتي وكل شيء فيك يزداد سوءا يا وطني !!"
قلت :لا يا هاشم ،عندما أخرج كل صباح أسمع وأرى ضحكات أطفال لم يتركوا ألعابهم بالطرقات ،لازلت أرى وأصغي إلى ضحكات أناس يؤمنون بأن الله لم ينسهم
فرد بكلمات فولتير :"لا تنخدع بضحكاتهم أنهم لا يضحكون ابتهاجا وأنما تفاديا لﻷنتحار !!"
سألته :ألا تؤمن بالله؟؟
أجاب :بلى أؤمن ، ولكنني كافر بالبشر وذلك الشيطان الذي يسكنهم
قلت : الله لا ينسى روحا خلقها
تساءل :أتعتقد أن هنالك امل ؟
أجبت بحماسة : بالطبع ،بكل نبض قلب هنالك أمل ، ثق بالله ولن يخذلك ...
فقال بصوت هادئ : انت محق ،علي أن أثق بالله فهو لن يخذلنا كما فعل البشر ...
بعد برهة من الزمن رن هاتفه ،نهض مسرعا وأجاب عليه وهو يبتعد عني ،بعد لحظات عاد لي سعيدا وقال :لقد وجدوه !!.. كان مصابا بأحدى المشافي الميدانية ولم يستطع الكلام حتى هذا الصباح ....
ودعني سريعا وغادر يحمل معه أمل جديد وأنا غادرت أحمل معي قصة جديدة ..
تركت منضدتي وفنجان قهوة لم أكمل نصفه حتى ،وقفت على نافذتي المطلة على ذلك الشارع من دمشق ،أبحث عن قصة أكتبها بوجوه المارة ،كان أبو محمود كعادته يتجادل مع أحد زبائنه على اﻷسعار التي لا تتوقف عن اﻷرتفاع والزبون كما كل الزبائن لا يفهم ما علاقة البندورة المزروعة محليا بالدولار!!،أبو محمود كان كأبيه تماما ،تفوح منه رائحة النصب واﻷستغلال ،ولكنه ذات يوم ترك الدكان وبيته وأمواله التي جمعها ومضى وحيدا لقبره !....لا معنى لمال تجمعه باﻷحتيال والسرقة وخاصة بأزمة قد تأخذك لقبرك بأية لحظة ،ثم ألتفت إلى جارتي الشابة "لينا"التي خرجت من بيتها بأبهى طلتها وكامل أناقتها ورائحة عطرها التي يمكن ﻷية أنف أن تستنشقها على بعد ميل ،بالطبع خرجت من بيتها اﻵن متجهة لرؤية حبيبب بمكان ما ،لا لن أكتب عن قصة حب ستنتهي بنهاية هذا اﻷسبوع ،"الحب اﻷول واﻷخير والوحيد"ليس بقاموس شباب اليوم ..
أخذني للحظة "موال"يدندنه جندي مستلقي على ظهر الدبابة بالحاجز العسكري القريب من بيتي ،موال من تلك القرية التي يشتاقها حد اﻷختناق ،مضت أيام دون أشتباك ،لا شيء كان يواجه الجندي بكل ليلة سوى ذلك الحنين القاتل لبيت وقرية وعائلة يشتاقون عودته أيضا ...
وبالنهاية طلت قصتي من باب المبنى المقابل ،أنه جاري الشاب "هاشم"،كان يحمل بملامحه عبارات من الوجع لا يمكنه أخفائها ،كان طالب جامعة عالي الثقافة،ولا يبدو أنه ذاهب لجامعته لم يحمل معه أية كتاب وأية قلم ،سوى وجه مرهق، قررت أن أتبع قصتي حتى النهاية ،كان ذاهب للمشفى ، كان يسير بأروقتها على غير هدى ،يحمل صورة بيده ويشهرها بوجه كل من يراه ،كان يبحث عن احدهم ،يسأل كل طبيب ويبحث بكل اﻷسرة دون جدوى ،بالنهاية أقتربت منه فأشهر صورة شاب بوجهي وقال أرأيته ؟؟
أجبته :لا لم أره... هاشم ،أهو شقيقك؟
كان متعبا ،رمى بنفسه على مقاعد اﻷنتظار بممر المشفى وهو يقول :صديق
أكمل بعدها :خرج ذات صباح للجامعة ولم يعد ،لا أحد يعرف عنه شيء ... ومنذ ذلك اليوم وأنا أبحث عنه ،يدفعني لذلك صداقته ودموع والدته التي لا تنفك عن الهطول
تنهدت :هذا مؤسف !
رد علي :كل شيء أصبح في وطني مؤسفا
قلت :الوطن يبقى جميلا رغم كل حماقات أبناءه ، هاشم ،منذ بداية اﻷزمة ومقولة لوثر كينغ تتردد برأسي "يجب أن نتعلم كيف نعيش معا كأخوة أو سنهلك كالحمقى " ،الوطن مشاركة ،الكثيرين فهموا هذه الجملة بعد عقود من الحرب الطائفية ببلدانهم ،تمنيت لو أن أبناء بلدي يفهموا ذلك أيضا دون حرب ودم ودمار ،نحن فقط نعلم أبنائنا التاريخ ليتجاوزوا أمتحاناتهم المدرسية فقط لا ليتعلموا منه!..
أومأ برأسه :نعم كل شي يتدمر ،كل شيء ينهار .
حاولت أن أواجه كآبته قليلا فقلت :ولكن رغم كل شيء ،تجد الليل الحالك والنهار بمكان واحد هنا ،اﻷمل هنا كزهرة تشق طريقها بصخرة صلبة ولكنها أخيرا تخترقها وتتفتح خارجا لتعانق وريقاتها الشمس ،اﻷمل موجود هنا كما الناس التي ترفض المغادرة ،بالطبع لسبب واحد ،ﻷن قلوبهم لا تنبض سوى هنا
قال مقتبسا عن محمود درويش :"عام يذهب وآخر يأتي وكل شيء فيك يزداد سوءا يا وطني !!"
قلت :لا يا هاشم ،عندما أخرج كل صباح أسمع وأرى ضحكات أطفال لم يتركوا ألعابهم بالطرقات ،لازلت أرى وأصغي إلى ضحكات أناس يؤمنون بأن الله لم ينسهم
فرد بكلمات فولتير :"لا تنخدع بضحكاتهم أنهم لا يضحكون ابتهاجا وأنما تفاديا لﻷنتحار !!"
سألته :ألا تؤمن بالله؟؟
أجاب :بلى أؤمن ، ولكنني كافر بالبشر وذلك الشيطان الذي يسكنهم
قلت : الله لا ينسى روحا خلقها
تساءل :أتعتقد أن هنالك امل ؟
أجبت بحماسة : بالطبع ،بكل نبض قلب هنالك أمل ، ثق بالله ولن يخذلك ...
فقال بصوت هادئ : انت محق ،علي أن أثق بالله فهو لن يخذلنا كما فعل البشر ...
بعد برهة من الزمن رن هاتفه ،نهض مسرعا وأجاب عليه وهو يبتعد عني ،بعد لحظات عاد لي سعيدا وقال :لقد وجدوه !!.. كان مصابا بأحدى المشافي الميدانية ولم يستطع الكلام حتى هذا الصباح ....
ودعني سريعا وغادر يحمل معه أمل جديد وأنا غادرت أحمل معي قصة جديدة ..