برق الضاد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

برق الضاددخول

منتدى ادبي شامل يعني بفروع الادب العربي


description" لعبة المناديل الملونة "  ( الجزء الثالث  ) بقلم  سليم عوض عيشان ( علاونة ) Empty" لعبة المناديل الملونة " ( الجزء الثالث ) بقلم سليم عوض عيشان ( علاونة )

more_horiz

" لعبة المناديل الملونة "
( الجزء الثالث - الأخير - )
بقلم / سليم عوض عيشان ( علاونة )
==================
تنويه :
شخوص وأحداث النص حدثت على أرض الواقع .. في بلد ما ... من وطننا العربي الكبير .
ولم تحدث في عصور ما قبل التاريخ .. أو عصر الجاهلية الأولى ... ولا في القرون الوسطى .. بل حدثت قبل عدة أيام قليلة خلت .
وليس من فضل للكاتب على النص .. اللهم سوى الصياغة الأدبية فحسب .
( الكاتب )
------------------------------
مقدمة لا بد منها :
أنصح أصحاب المشاعر والأحاسيس المرهفة .. بعدم قراءة النص .
( الكاتب )
-------------------------------------------------------

" لعبة المناديل الملونة "
(الجزء الثالث - الأخير - )

.. الوحوش الآدمية تحيط بي من كل جانب .. تهاجمني من كل ناحية .. وجوهها مطموسة المعالم .. كأنها وجوه الوحوش المفترسة .

أحس بأن الأرض تميد بي ... غشاوة كثيفة تحجب الرؤيا عن ناظريّ .. أحاول قدر جهدي أن أتماسك .. أن لا أقع على الأرض .. أحاول أن أزيل الغشاوة الكثيفة عن عينيّ .. أحاول أن أصرخ .. ولكني لا أستطيع أن أفعل شيئاً من هذا أو ذاك ..

الوجوه الوحشية المطموسة تقترب مني ... تدنو مني أكثر .. تحاصرني .. تسلط لهيب عيونها الوحشية إلى وجهي .. إلى عينيّ ... تخيفني .. تفزعني .. تزلزلني .. تقتلني ...

الرؤيا تحجب عني تماماً .. لم أعد أقوى َعلى الوقوف أكثر .. لم أعد أستطيع التماسك أكثر .. أحس بأن قوايّ تنهار .. وأن عزيمتي تتلاشى .. أحس بالغثيان .. الغثيان الرهيب .. بالدوار المقيت .. وقبل أن أقع إلى الأرض مغشياً عليّ .. كانت تتناهي إلى مسامعي الأصوات الوحشية الكريهة مدوية :
- " لقد وقع الصيد ... لقد وقع الصيد " ؟؟؟!!!

* * *

بعد أن فتحت عينيّ بصعوبة من جديد .. كانت نفس الوجوه المتوحشة .. تحيط بي ... ونفس العيون الشيطانية تحدق بي .. من كل حدب وصوب .

حاولت أن أستطلع المكان .. حاولت أن أدور بعينيّ .. أن أتحرك .. أن أحرك أطرافي .. .. أن أحرك جسدي .. ولكني لم أستطع أن أفعل شيئا من هذا أو ذاك .

تناهي إلى مسامعي صوت أحد الوحوش الآدمية المخيفة وهو ينظر نحوي بسخرية ... يهتف :
- " لقد قمنا بتخديرها حتى لا تستطيع المقاومة أبدا ؟؟!! "

العبارة الغريبة تدور في مخيلتي المجهدة .. وفكري المكدود .. بصخب وضجيج مدوىٍ ...فعن أي شيء يتحدث ذلك الوحش الآدمي ؟؟!! .

راحت آلاف علامات الاستفهام الضخمة تطاردني بقسوة :
" .. لماذا أتوا بي إلى هنا ؟؟!! .. من هم ؟؟!! .. ماذا يريدون مني ؟؟!! .. لماذا يلقون بي في هذا المكان الغريب ؟؟!! .. لماذا ؟؟؟؟؟ "

.. بالكاد .. استطعت أن أوجه بصري المجهد نحو صدري .. هالني الأمر ... جزعت .. اضطربت .. كدت أن أصرخ بأعلى صوتي .. ولكن الصوت انحبس وتيبس في مكانه .. هالني الأمر الجلل.. هتفت في سري وأنا ارتجف رعباً :
" .. لماذا خلعوا ملابسي عن الجزء العلوي من جسدي هكذا .. ؟؟!! .. لماذا أصبح صدري عاريا هكذا ؟؟!! .. ماذا يريدون مني ؟؟!! " .

أشحت بوجهي بعيدًا بعض الشيء لكي لا أرى صدري العاري ... وقع بصري على كومة الملابس المبعثرة الملقاة هنا وهناك .. بعيدًا عني .. لم تكن الملابس الخارجية فحسب .. ؟؟؟ فلقد كان إلى جانبها الملابس الداخلية كلها أيضاً ؟؟!! أصابني رعب شديد .. وخوف قاتل .. وقشعريرة رهيبة ..

.. بالكاد .. استطعت أن أحرك يدي .. راحتي ... رحت أتحسس جسدي كي أتأكد من الأمر .. وبعد لحظات قليلة .. وبعد أن تأكدت من ذلك بالفعل .. وقبل أن يغشى عليّ من جديد .. كان يتناهى إلى مسامعي صوت أحد الوحوش الآدمية الكريهة كفحيح الأفعى .. بينما كان ينظر ناحية الباب الجانبي ... :
" تفضل سيدي الضابط ... فالوليمة قد أصبحت جاهزة ... جاهزة تماما ؟؟؟!!! " .
* * *

عندما فتحت عينيّ المجهدتين من جديد .. بعد وقت لم أدري كم هو طال ... كان شبح وحش آدمي آخر يتراءى لي عن بعد .. كان عاري الجسد تماما .. كان يبتعد عني شيئا فشيئا .. ينحني على ملابسه المبعثرة .. يلتقطها .. يرتديها .. ثم يغادر المكان .

حاولت جاهدة النهوض من رقدتي .. حاولت مرة أخرى ... ثم أخرى .. ولكني شعرت بأنني لا أقوى على الحركة .. وكأن جبال العالم قاطبة قد أطبقت على صدري وجسدي .. .

أغمضت عينيّ .. حاولت أن أصرخ .. أن أبكي .. أن أتحرك .. ولكني لم أفلح بأي أمر من هذا كله .

.. حاولت أن أستجمع قواي .. كل ما تبقي لي من قوة .. اتكأت على يديّ المرتجفتين وأنا أحاول النهوض .. فشلت في الأمر عدة مرات .. ولكني كنت أعيد المحاولة من جديد .. المرة تلو المرة .

رحت أمسح العرق والدموع والدماء المنهمرة كالمطر عن وجهي .. رحت أبكي بأنين غريب .. أتألم ... وبعد عدة محاولات فاشلة .. استطعت في النهاية أن أنهض من المكان بصعوبة بالغة ..

سرت مترنحة أتمايل متطوحة ذات اليمين وذات الشمال .. نحو ملابسي المبعثرة هنا وهناك ... حانت مني التفاتة إلى جسدي العاري .. شاهدت آثاراً وحشية تشوه جسدي في كل الأرجاء .. وكل الأنحاء ... هالني الأمر كثيرا .. ولكن أكثر ما هالني .. ما أرهبني .. أفزعني .. وهزني بعنف ... مشهد تلك الدماء التي كانت تنساب بغزارة من أسفل بطني ؟؟!! .

لطمت خدودي بجنون .. شددت شعري بعنف ... ترنحت .. تمايلت ... سقطت على الأرض بقوة .. ولم أعد أقوى على السير .. أو النهوض لمتابعة السير .

رحت أحاول الزحف بضعف ووهن .. وأنا أحاول جاهدة الوصول لملابسي الممزقة المبعثرة في كل الأنحاء ...

وفي النهاية .. وبعد لأي شديد .. كنت أصل الملابس .. رحت أتناولها قطعة قطعة .. أبكي بأنين المكلوم ... رحت أرتديها بصعوبة ... وفي اللحظات التالية .. كانت الأيدي الغليظة للوحوش الآدمية تقبض على معصميّ بعنف وقوة ووحشية .. تحملني بصلف .. ثم تلقي بي بعيدًا عن المكان .. عن مسرح الجريمة النكراء ... لكي تلقي بي في مكان قريب من منزلي ...

* * *

عندما فتحت عينيّ في المرة ألأخيرة .. وبعد أن ألقت بي الوحوش الآدمية بعنف وصلف وعنجهية .. قريبا من منزلي .. كانت الغمامة الكثيفة .. والدماء الغزيرة .. والعرق المدرار .. لا تزال تغطي عينيّ .

ما إن رأيت شبح أبي عن بعد بصعوبة .. حتى كنت أحاول النهوض من مكاني ... وأنا أترنح وأتمايل يمينا وشمالا ... ولكني لم ألبث أن وقعت على الأرض مرة أخرى .. رحت أزحف بكل ما أوتيت من قوة .. .. حتى وصلت إلى المكان الذي كان يقف فيه والدي ... تشبثت بقدميه .. بللتها بالدموع .. العرق .. الدم ... رحت أقبل قدميه باكية شاكية متألمة متضرعة ... يقتلني الشجن والأنين .. رحت أجهش بالبكاء المر الأليم ..

رحت أتمسح بقدميه .. أتشبث بهما .. أحاول الوقوف .. رحت أتمتم بصوت متحشرج من بين الدموع والدماء الكثيفة :

- " أدركني يا أبي .. أرجوك .. أدركني .. أقتل تلك الوحوش الآدمية .. أقتلها يا أبتي .. اذهب إليهم ... هناك .. في وكرهم ... اقتلهم .. اقتلهم جميعا .. لقد مزقوا ملابسي بعنف .. لقد هتكوا عرضي بوحشية .. .. لقد ....

" لماذا تنظر نحوي يا أبتي هكذا ؟؟!! لماذا أرى عيونك تقدح شررا مستطيرا ً ؟؟؟... هم الجناة يا أبتي .. وأنا المجني عليها .. أنا الضحية .. لماذا تزيحني بقدمك هكذا بغلظة وجفاء يا أبي ؟؟!!... لماذا لم تضمني لصدرك .. ؟؟!! لماذا لم تحملني بين ذراعيك ؟؟!! .. لماذا لم تقبلني ؟؟!! .. لماذا لم تواسيني ؟؟؟ .. لماذا تشيح بوجهك عني هكذا ؟؟!!..

أبي .. أبي .. أبي ... أبييييييييييييييييي ......

" .. يا لها من لعبة مسلية حقا .. جميلة حقا ... رائعة حقاً .. هذه اللعبة المكررة .. التي تلعبها دوما معي يا أبي الحبيب .

كم أنا أحبك يا أبي .. وكم أحب ألعابك الرائعة معي ... وخاصة هذه اللعبة الجميلة .. " لعبة المناديل الملونة " ..

كدأبك دوماً .. كنت تعرف بأنني أعشق تلك المناديل الملونة الزاهية الجميلة .. والتي تخلو دوما من اللون الأحمر .. لأنك تعرف جيدا بأنني لا أحب هذا اللون ... أمقته .. وكنت تهديها لي في كل مناسبة .. وبدون مناسبة ...

أرجوك يا أبي .. أرجوك .. خذ بيدي ... ساعدني على التماسك .. على الوقوف .. على التحامل .. فأنا لم أعد أقوى على الوقوف .. فها هي يدي أمدها إليك .. لكي تساعدني .. لكي تأخذ بيدي ..

لماذا أراك تشيح بوجهك عني هكذا ؟؟!!
لماذا تعرض عني ؟؟!! .. لماذا تبتعد عني ؟؟!!

أبي .. أبي ... كم أحبك يا أبي .. كم أحبك يا أبي .. وكم أحب هذه اللعبة المسلية .. ولكن يبدو يا أبي .. بأنك قد نسيت أصول اللعبة .. ؟؟!! ... فأنا أعذرك .. أعذرك كثيرا يا أبي .
أرجوك .. أرجوك خذ بيدي .. ساعدني .. لا تدعني .. لا تتركني .. أرجوك يا أبي .. فأنا أختنق .. أموت .. أموت ...

((( انتهى النص ... ولم تنته " لعبة المناديل الملونة " ؟؟؟!!! )))

( الكاتب )

description" لعبة المناديل الملونة "  ( الجزء الثالث  ) بقلم  سليم عوض عيشان ( علاونة ) Emptyرد: " لعبة المناديل الملونة " ( الجزء الثالث ) بقلم سليم عوض عيشان ( علاونة )

more_horiz
البرق اللامع
علاونه

لن يفي تعليقا تلك الرائعة التعبيرية

ابدعت بل واكثر

محبتي

description" لعبة المناديل الملونة "  ( الجزء الثالث  ) بقلم  سليم عوض عيشان ( علاونة ) Emptyرد: " لعبة المناديل الملونة " ( الجزء الثالث ) بقلم سليم عوض عيشان ( علاونة )

more_horiz
قصة عابقة رائعة وفيها من الجمال والعمق الكثير

رائعة بل اكثر من سامق




privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى